![]() |
القصيدة التترية وقصتها
أرسل ابن منير إلى الشريف المرتضى الموسوي بهدية مع عبد أسود له . فكتب إليه الشريف: أما بعد فلو علمت عددا أقل من الواحد أو لونا شرا من السواد بعثت به إلينا والسلام. فحلف ابن منير : أن لا يرسل إلى الشريف هدية إلا مع أعز الناس عليه ، فجهز هدايا نفيسة مع مملوك له يسمى ( تتر ) وكان يهواه جدا ويحبه كثيرا ، ولا يرضى بفراقه ، حتى أنه متى اشتد غمه أو عرضت عليه محنة نظر إليه فيزول ما به فلما وصل : المملوك إلى الشريف ، توهم انه من جملة هداياه تعويضا من العبد الأسود ، فأمسكه وعزت الحالة على ابن منير ، فلم ير حيلة في خلاص مملوكه من يد الشريف إلا إظهار النزوع عن التشيع إن لم يرجعه إليه ، وإنكار ما هو المتسالم عليه من قصة الغدير وغيرها ، فكتب إليه بهذه القصيدة : عَذَّبْتَ طرْفِي بالسهَرْ = وأذَبْتَ قلبيَ بالفِكَرْ وجفوت صفو مودتي = مِنْ بَعدِ بُعدِكَ بالكَدَرْ ومنحت جثماني الضنا = وكحَلت جفني بالسهر وجفوت صبًّا ما له = عن حسن وجهك مصطبر يا قلب ويحك كم تخا = دَعُ بالغرور وكم تُغَرّ وإلام تكْلفُ بالأغنِّ = من الظباء وبالأغر ريمٌ يُفوِّقُ أنْ رما = ك بسهم ناظره النظر تركتك أعين تركها = من بأسهنّ على خطر ورَمَتْ فأصمت عن قِسِيٍّ = لا يناط بها وتر جرحَتْكَ جرحا لا يخيّـ = ـطُ بالخيوط ولا الإبر تلهو وتلعب بالعقو = لِ عيونُ أبناءِ الخزر فكأنهنّ صوالجٌ = وكأنهنّ لها أكَر تُخفي الهوى وتُسره = وخَفِيُّ سرِّك قد ظهر أفَهلْ لوجْدِكَ مِن مَدى = يُقضى إليه فينتظر نفسي الفداء لشادنٍ = أنا مِن هواه على خطر رشأٌ تحاوله الخوا = طر إن تثنّى أو خطر عَذَلَ العذولُ وما رآ = ه فحين عاينه عَذر قمرٌ يُزَيِّنُ ضوءُ صـ = ـبحِ جبينِه ليلَ الشعر تدمي اللواحظ خده = فيُرى لها فيه أثر هو كالهلال ملثمًا = والبدر حسنًا إن سفر وَيْلَاه ما أحلاه في = قلبي الشقيّ وما أمر يومي المحرمُ بعده = وربيعُ لَذَّاتي صَفَر بالمَشْعَرَيْنِ وبالصفا = والبيتِ أُقسِمُ والحجر وبمن سعى فيه وطا = ف به ولبّى واعتمر إن الشريفَ الموسويَّ = ابنَ الشريفِ أبي مضر أبدى الجحودَ ولم يردَّ = إليَّ ملوكي تتر واليتُ آل أميةَ الـ = ـطُّهرَ الميامينَ الغُرَر وجحدتُ بيعةَ حيدرٍ = وعدلتُ عنه إلى عمر وإذا جرى ذكر الصحا = بة بين قومٍ واشتهر قلتُ المقدَّمُ شيخُ تَيْـ = ـمٍ ثم صاحبُه عُمَرْ ما سلَّ قطُّ ظُبًا على = آلِ النبيِّ ولا شَهَر كلاّ ولا صدّ البتو = ل عن التراب ولا زجر وأثابها الحسنى وما = شقّ الكتاب ولا بقر وبكيتُ عثمانَ الشهيـ = ـدَ بكاءَ نسوانِ الحضر وشرحتُ حُسْنَ صَلاته = جنحَ الظلام المعتكر وقرأت من أوراق مصـ = ـحفِه البراءةَ والزُّمر ورثيتُ طلحة والزبيـ = ـرَ بكل شِعْرٍ مُبْتَكَر وأزورُ قبرَهما وأز = جرُ مَن لحاني أو زجر وأقول أمُّ المؤمنـ = ـين عقوقُها إحدى الكُبَرْ رَكِبَتْ على جَمَلٍ لِتُصْـ = ـبِحَ مِن بَنيها في زُمَر وأتت لتصلح بين جيـ = ـش المسلمين على غرر فأتى أبو حسنٍ وسـ = ـلَّ حسامه وسطا وكرّ وأذاق إخوته الردى = وبعير أُمّهم عقر ما ضرّه لو كان كفّ = وعفّ عنهم إذ قدر وأقول إنّ إمامكم = ولّى بصفينٍ وفرّ هذا ولم يغدر معا = ويةٌ فما أخطا القدر هذا ولم يغدر معا = ويةٌ ولا عمرٌو مَكَرْ بَطلٌ بسوأته يقا = تل لا بصارمه الذكر وجنيت من ثمر النوا = صب ما تتمّر واختمر وأقول ذنب الخارجـ = ـين على عليٍّ مُغْتَفَرْ لا ثائرٌ لقتالهم = في النهروان ولا أثر والأشعريّ بما يَؤُ = ل إليه أمرهما شعر قال انصبوا لي منبرًا = فأنا البريءُ من الخطر فعلًا وقال خلعت صا = حبكم وأوجز واختصر وأقول إنّ يزيد ما = شرب الخمور ولا فجر والشمر ما قتل الحسين = ولا ابن سعدٍ ما غدر وحلقت في عشر المحـ = ـرم ما استطال من الشعر ونويت صوم نهاره = وصيام أيامٍ أخر ولبست فيه أجلّ ثو = بٍ للملابس يدّخر وسهرت في طبخ الحبو = ب من العشاء إلى السحر وغدوت مكتحلًا أصا = فح من لقيت من البشر ووقفت في وسط الطريـ = ـق أقصّ شارب من عبر وأكلت جرجير البقو = ل بلحم جوني الجفر وجعلتها خير المآ = كل والفواكه والخضر وغسلت رجلي كلّها = ومسحت خفّي في السفر وأمين أجهر في الصلاة = كمن بها قبلي جهر وأسنّ تسليم القبو = ر لكلّ قبرٍ يحتفر وإذا جرى ذِكْرُ الغديـ = ـر أقول ما صحّ الخبر ولبست فيه من الملا = بس ما اضمحل وما دثر وسكنت جلّق واقتديـ = ـت بهم وإن كانوا بقر وأقول مثل مقالهم = بالفاشر يا قد فشر مصطيحتي مكسورة = وفطيرتي فيها قصر بقرٌ ترى برئيسهم = طيش الظليم إذا نفر وخفيفهم مستثقلٌ = وصوابُ قولهِمُ هذر وطباعهم كجبالهم = طُبِعَت وقدّت من حجر ما يدرك التشبيب تغـ = ـريد البلابل في السحَرْ وأقول في يومٍ تحا = ر له البصيرة والبصر والصحْف ينشر طيُّها = والنارُ ترمي بالشرر هذا الشريف أضلّني = بعد الهداية والنظر مالي مضلٌّ في الورى = إلاّ الشريف أبو مضر فيقال خذ بيد الشريـ = ـف فمستقرُّكُما سَقر لَوَّاحةٌ تسطو فما = تبقي عليه ولا تذر واللهُ يَغفر للمسي = ء إذا تنصل واعتذر فاخشَ الإلهَ بسوء فعـ = ـلك واحتذر كل الحذر وإليكها بدويةٌ = رقّت لرقتها الحضر شاميةٌ لو شامها = قسُّ الفصاحة لافتخر ودرى وأيقن أنني = بحرٌ وألفاظي دُرر حبَّرتها فغدت كزهـ = ـر الروض باكَرَهُ المطر وإلى الشريف بعثتها = لما قراها فانبهر رَدَّ الغلام وما استمرَّ = على الجحود ولا أصر وأثابني وجزيتُه = شكرًا وقال لقد صبر |
الساعة الآن »12:15 PM. |