منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان قضايا الساعة (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=224)
-   -   هكذا واجه قهوجي صدمة الاختراق الإسرائيلي (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=17943)

خادم الزهراء 06-Jun-2009 09:57 PM

هكذا واجه قهوجي صدمة الاختراق الإسرائيلي
 
هكـذا واجـه قهوجـي صدمـة الاختـراق الإسـرائيلي
http://www.wa3ad.org/media/pics/1241734351.jpg

المؤسسـة العسـكرية تتجـاوز الاختبـار الأصعـب


لعل التهاوي المتسارع لشبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان يتجاوز من حيث أهميته وأبعاده الجانب الامني المحض ليعكس دلالات واستتاجات سياسية تشكل «بيت القصيد» في كل ما يجري.

عادة، يصنَّف اعتقال الجواسيس في أي بلد آخر ضمن خانة العمل الاستخباراتي المجرد، لكنه في لبنان يصبح أكثر من ذلك، بالنظر الى التعقيدات السياسية والطائفية التي تتداخل مع كل شيء، بدءا من تعيين حاجب وصولا الى مكافحة التجسس، وليس أدل على ذلك من بعض الظواهر الشاذة التي رافقت توقيف أحد العملاء من «كبار القوم».

وربما يجب التوقف مليا ـ بعد إنجاز جراحة استئصال شبكات العملاء ـ عند مغزى ومعنى هذا التمدد الواسع لـ«بقعة زيت» العمالة في المجتمع اللبناني، حيث ان عدد الذين أوقفوا حتى الآن ـ والحبل على الجرار ـ هو عدد كبير ومعبر قياسا الى بلد صغير كلبنان، ما يستدعي دراسة هذه الظاهرة والتمعن فيها لاستخلاص الدروس منها، علما بأن اول ما يخطر على البال هو ان مفهوم العداء لاسرائيل لدى البعض قد تفسخ الى هذا الحد او ذاك، لصالح نمو مشاعر مذهبية وطائفية أعادت صياغة هوية العدو، واعطتها تعريفا جديدا.

بهذا المعنى، فإن من أبرز عائدات الضربة القوية التي تلقتها شبكات التجسس، انها أحدثت نوعاً من «الصدمة» في الوجدان الجماعي اللبناني، أعادت تنبيه الذين أصابهم «الشرود» الى ان اسرائيل تبقى مصدر الخطر الحقيقي، استنادا الى شهادة العين المجردة التي قد لا يقنعها الخطاب النظري، لكنها لا تستطيع ان تتجاهل الحقائق المنظورة.

والاهم في هذا السياق، ان المؤسسة الامنية والعسكرية اللبنانية قد استعادت المبادرة وتحررت من أحكام «الافكار المسبقة»، بعدما ظل جزء منها يتحرك خلال السنوات الماضية التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري على إيقاع الانفعال او الافتعال الذي همش دور العامل الاسرائيلي في تخريب الوضع الداخلي، مقابل التركيز على الفرضية السورية حصرا، ما أعطى الموساد هامشا واسعا من حرية الحركة، مستفيدا من غبار الاتهام السياسي الموجه الى دمشق بالوقوق خلف عمليات الاغتيال والتفجير، ليعزز نشاطه الاستخباراتي وينثر خلاياه في الساحة اللبنانية، من دون ان يشعر بانه يخضع لمراقبة فعلية، باعتبار ان الانظار مسلطة على... العدو المستجد.

ولا تستبعد مصادر عسكرية واسعة الاطلاع ان يكون الاسرائيليون قد كثفوا خلال الفترة الزمنية ذاتها (منذ 2005) حضورهم المخابراتي في سوريا وإيران، المصنفتين مع لبنان، ساحة «معادية» واحدة، كما ظهر جليا من خلال المناورات الضخمة الاخيرة لجيش الاحتلال، التي حاكت هجوما فتراضيا مشتركا من كل الجهات.

وتوصلت هذه المصادر ـ المطلعة على تفاصيل ملف شبكات التجسس ـ الى خلاصة مفادها ان العدو الاسرائيلي كان يعد العدة لتأمين «الشروط الامنية» المؤاتية لشن حرب جديدة على لبنان، متى توافرت اللحظة السياسية المناسبة، مدركا ان أي حرب من هذ القبيل لا يخوضها جيش أعمى أو أصم، بل تحتاج الى عيون وآذان تمهد الطريق امامها، وخصوصا ان الغاية منها هي استرداد الهيبة التي فقدت في حرب تموز وأدت الى أزمة ثقة عميقة، على مستوى الكيان الاسرائيلي.

ويبدو واضحا ان العدو استفاد حتى الحدود القصوى من الازمة الداخلية وتداعياتها على الخيارات الاستراتيجية لبعض القوى السياسية والاجهزة الامنية، من أجل تنشيط شبكاته وتجميع أكبر كمية ممكنة من المعلومات والاحداثيات للتعويض عن الشح في بنك الاهداف الذي جرى استهلاك رصيده خلال حرب تموز، الى ان حصلت «الصحوة» الامنية في لحظة مراجعة الحسابات، بما رد الاعتبار الى اولوية مواجهة الخطر الاسرائيلي واتاح بتر العديد من اصابعه.

وكان لافتا للانتباه في خضم هذه المعركة البيان غير المسبوق الذي صدر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش قبل أيام، والذي تضمن إشارات سياسية بليغة من نوع القول بان المناخ السياسي غير المستقر الذي عرفه لبنان في فترة من الفترات شكل بيئة صالحة أمام العدو للنفاذ الى الداخل.. وان النصر يصنعه كبار النفوس لا صغارها.. وان القوة العسكرية الاسرائيلية التي فشلت في تحقيق أي هدف خلال مواجهة بلد صغير كلبنان لن تستطيع تعويض هذا الفشل بأساليبها الدنيئة.. وأن المؤسسة العسكرية قوية بثوابتها العسكرية والوطنية، والكل يعرف أن الجسم القوي قادر على لفظ كل طارئ دخيل.

يروي العارفون بما دار في كواليس المؤسسة العسكرية بعد توقيف عقيد في الجيش بتهمة التعامل مع إسرائيل، ان أحد كبار الضباط دخل الى مكتب قائد الجيش العماد جان قهوجي، متأبطا ملف العقيد المتهم، وكان متجهم الوجه ومشدود الاعصاب لمعرفته بحساسية الامر وفداحته. وضع الضابط الكبير الملف على الطاولة امام قهوجي، وسأله: حضرة الجنرال.. ماذا تريدنا ان نفعل.. هذا ملف محكم وموثق بالوقائع يدين العقيد بالتجسس لصالح العدو الاسرائيلي.

لم يتأخر رد قهوجي الذي صمت لبرهة ثم نظر الى الضابط وقال له: يجب القاء القبض عليه فورا، ومن دون أي تردد. تصرف كما تتصرف عادة عــندما تكتــشف وجود أي عميل آخر.. لا مجال للمداراة عندما تتعلق المســألة بالعمالة لاسرائيل.

ويقول المطلعون على أجواء المؤسسة العسكرية ان الجيش ربما يكون قد تجاوز بنجاح الاختبار الاصعب في تاريخه، إذ ليس سهلا ان يتبين، بفارق زمني قصير، ان هناك ضابطين في صفوفه يتجسسان لصالح العدو الاسرائيلي، وخصوصا ان ثقافة الجيش وعقيدته القتالية قامتا منذ سنوات طويلة على ثابتة العداء لاسرائيل، وبالتالي فلم يكن منتظرا ان ينجح الموساد في اختراقه على هذا المستوى.

لكن ما سهّل احتواء الصدمة هو القرار السريع والجريء للعماد قهوجي بالتعاطي مع الامر بشفافية وحزم وعدم التكتم عليه او مواجهته بسرية، لئلا يبدو ان هناك أي مراعاة للمتعامل مع العدو، حتى لو كان ينتمي الى المؤسسة العسكرية، ورغبة في إبراز قدرة الجيش على المعالجة الفورية لأي «خلل داخلي»، تحت سقف المحاسبة الذاتية ـ قبل القضائية ـ بما يتيح تلقائيا تعزيز القدرة على محاسبة الآخرين متى أخطأوا.

وبموازاة قرار قهوجي ببتر العضو الفاسد في المؤسسة سارع الى طلب إصدار بيان يؤكد سلامة الجسم العسكري وحصانته، لحصر الضرر في إطاره الموضعي والحؤول دون تأثر معنويات العسكريين بالحالات الخاصة المنحرفة، في رسالة واضحة يراد منها تأكيد التزام الجيش بالخيار الاستراتيجي المتمثل في ان العدو هو إسرائيل حصرا، واعتبار من يغرد خارج هذا السرب مجرد استثناء لقاعدة ثابتة.


الساعة الآن »02:43 AM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc