منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=128)
-   -   ذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ ضُلالا (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=18832)

سيد جلال الحسيني 03-Jul-2010 09:53 PM

ذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ ضُلالا
 
ذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ ضُلالا

انقل لكم هذه الخطبة المباركة التي تسلط الضوء الكاشف لحقيقة لابد من المرور عليها وهي لحظات الاحتضار والسوق للاخرة فتجهزوا يرحمكم الله

نهج‏البلاغة ص : 338

و من كلام له عليه السلام قاله بعد تلاوته

(( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ))

يَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ وَ زَوْراً مَا أَغْفَلَهُ وَ خَطَراً مَا أَفْظَعَهُ
لَقَدِ اسْتَخْلَوْا مِنْهُمْ أَيَّ مُدَّكِرٍ وَ تَنَاوَشُوهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
أَفَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ يَفْخَرُونَ أَمْ بِعَدِيدِ الْهَلْكَى يَتَكَاثَرُونَ يَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ وَ حَرَكَاتٍ سَكَنَتْ وَ لَأَنْ يَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مُفْتَخَراً وَ لَأَنْ يَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ أَحْجَى مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ لَقَدْ نَظَرُوا إِلَيْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَةِ وَ ضَرَبُوا مِنْهُمْ فِي غَمْرَةِ جَهَالَةٍ وَ لَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْكَ الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ وَ الرُّبُوعِ الْخَالِيَةِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ ضُلَّالًا وَ ذَهَبْتُمْ فِي أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا تَطَئُونَ فِي هَامِهِمْ وَ تَسْتَنْبِتُونَ فِي أَجْسَادِهِمْ وَ تَرْتَعُونَ فِيمَا لَفَظُوا وَ تَسْكُنُونَ فِيمَا خَرَّبُوا وَ إِنَّمَا الْأَيَّامُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ بَوَاكٍ وَ نَوَائِحُ عَلَيْكُمْ أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَايَتِكُمْ وَ فُرَّاطُ مَنَاهِلِكُمْ الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ الْعِزِّ وَ حَلَبَاتُ الْفَخْرِ مُلُوكاً وَ سُوَقاً سَلَكُوا فِي بُطُونِ الْبَرْزَخِ سَبِيلًا سُلِّطَتِ الْأَرْضُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَ شَرِبَتْ مِنْ دِمَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِي فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا يَنْمُونَ وَ ضِمَاراً لَا يُوجَدُونَ لَا يُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الْأَهْوَالِ وَ لَا يَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ الْأَحْوَالِ وَ لَا يَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ وَ لَا يَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ غُيَّباً لَا يُنْتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لَا يَحْضُرُونَ وَ إِنَّمَا كَانُوا جَمِيعاً فَتَشَتَّتُوا وَ آلَافاً فَافْتَرَقُوا وَ مَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ وَ لَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ عَمِيَتْ أَخْبَارُهُمْ وَ صَمَّتْ دِيَارُهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً وَ بِالسَّمْعِ صَمَماً وَ بِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً فَكَأَنَّهُمْ فِي ارْتِجَالِ الصِّفَةِ صَرْعَى سُبَاتٍ جِيرَانٌ لَا يَتَأَنَّسُونَ وَ أَحِبَّاءُ لَا يَتَزَاوَرُونَ بَلِيَتْ بَيْنَهُمْ عُرَا التَّعَارُفِ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الْإِخَاءِ فَكُلُّهُمْ وَحِيدٌ وَ هُمْ جَمِيعٌ وَ بِجَانِبِ الْهَجْرِ وَ هُمْ أَخِلَّاءُ لَا يَتَعَارَفُونَ لِلَيْلٍ صَبَاحاً وَ لَا لِنَهَارٍ مَسَاءً أَيُّ الْجَدِيدَيْنِ ظَعَنُوا فِيهِ كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَداً شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا وَ رَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا فَكِلْتَا الْغَايَتَيْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَى مَبَاءَةٍ فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِهَا لَعَيُّوا بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَايَنُوا وَ لَئِنْ عَمِيَتْ آثَارُهُمْ وَ انْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ وَ سَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ وَ تَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ فَقَالُوا كَلَحَتِ الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ وَ خَوَتِ الْأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ وَ لَبِسْنَا أَهْدَامَ الْبِلَى وَ تَكَاءَدَنَا ضِيقُ الْمَضْجَعِ وَ تَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ وَ تَهَكَّمَتْ عَلَيْنَا الرُّبُوعُ الصُّمُوتُ فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وَ تَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَتْ فِي مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا وَ لَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً وَ لَا مِنْ ضِيقٍ مُتَّسَعاً فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِكَ أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ وَ قَدِ ارْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَكَّتْ وَ اكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَاب فَخَسَفَتْ وَ تَقَطَّعَتِ الْأَلْسِنَةُ فِي أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا وَ هَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِي صُدُورِهِمْ بَعْدَ يَقَظَتِهَا وَ عَاثَ فِي كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِيدُ بِلًى سَمَّجَهَا وَ سَهَّلَ طُرُقَ الْآفَةِ إِلَيْهَا مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَيْدٍ تَدْفَعُ وَ لَا قُلُوبٌ تَجْزَعُ لَرَأَيْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقْذَاءَ عُيُونٍ لَهُمْ فِي كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ وَ غَمْرَةٌ لَا تَنْجَلِي فَكَمْ أَكَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَدٍ وَ أَنِيقِ لَوْنٍ كَانَ فِي الدُّنْيَا غَذِيَّ تَرَفٍ وَ رَبِيبَ شَرَفٍ يَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِي سَاعَةِ حُزْنِهِ وَ يَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَةِ إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَيْشِهِ‏ وَ شَحَاحَةً بِلَهْوِهِ وَ لَعِبِهِ فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى الدُّنْيَا وَ تَضْحَكُ إِلَيْهِ فِي ظِلِّ عَيْشٍ غَفُولٍ إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِهِ حَسَكَهُ وَ نَقَضَتِ الْأَيَّامُ قُوَاهُ وَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ الْحُتُوفُ مِنْ كَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثٌّ لَا يَعْرِفُهُ وَ نَجِيُّ هَمٍّ مَا كَانَ يَجِدُهُ وَ تَوَلَّدَتْ فِيهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِهِ فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِينِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ وَ تَحْرِيكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ يُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا ثَوَّرَ حَرَارَةً وَ لَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَيَّجَ بُرُودَةً وَ لَا اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَ تَعَايَا أَهْلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّاِئِلينَ عَنْهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَهُ فَقَائِلٌ يَقُولُ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنٍّ لَهُمْ إِيَابَ عَافِيَتِهِ وَ مُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِهِ يُذَكِّرُهُمْ أُسَى الْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا وَ تَرْكِ الْأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ وَ يَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَيَّ عَنْ رَدِّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُهُ وَ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْيَا .

سيد جلال الحسيني 05-Jul-2010 07:50 PM

الفصل الثاني


الشرح

شرح‏ نهج‏البلاغة ج : 11 ص : 148

يرتجعون منهم أجسادا أي يذكرون آباءهم فكأنهم ردوهم إلى الدنيا و ارتجعوهم من القبور
و خوت خلت.
قال :
و هؤلاء الموتى أحق بأن يكونوا عبرة و عظة من أن يكونوا فخرا و شرفا
و المفتخرون بهم أولى بالهبوط إلى جانب الذلة منهم بالقيام مقام العز. و تقول هذا أحجى من فلان أي أولى و أجدر و الجناب الفناء.
ثم قال :
لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة أي لم ينظروا النظر المفضي إلى الرؤية لأن أبصارهم ذات عشوة و هو مرض في العين ينقص به الأبصار و في عين فلان عشاء و عشوة بمعنى و منه قيل لكل أمر ملتبس يركبه الراكب على غير بيان أمر عشوة و منه أوطأتني عشوة و يجوز بالضم و الفتح.
قال و ضربوا بهم في غمرة جهالة أي و ضربوا من ذكر هؤلاء الموتى في بحر جهل و الضرب ها هنا استعارة أو يكون من الضرب بمعنى السير كقوله تعالى :
وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
أي خاضوا و سبحوا من ذكرهم في غمرة جهالة و كل هذا يرجع إلى معنى واحد و هو تسفيه رأي المفتخرين بالموتى و القاطعين الوقت بالتكاثر بهم إعراضا عما يجب إنفاقه من العمر في الطاعة و العبادة.
ثم قال :
لو سألوا عنهم ديارهم التي خلت منهم و يمكن أن يريد بالديار و الربوع القبور لقالت:
ذهبوا في الأرض ضلالا أي هالكين و منه قوله تعالى :
وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
و ذهبتم في أعقابهم أي بعدهم جهالا لغفلتكم و غروركم.
قوله ع تطئون في هامهم أخذ هذا المعنى أبو العلاء المعري فقال


خفف الوطء ما أظن أديم ***الأرض إلا من هذه الأجساد
رب لحد قد صار لحدا مرارا***ضاحك من تزاحم الأضداد
و دفين على بقايا دفين*** من عهود الآباء و الأجداد
صاح هذي قبورنا تملأ الأرض***فأين القبور من عهد عاد
سر إن اسطعت في الهواء رويدا*** لا اختيالا على رفات العباد


الساعة الآن »05:21 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc