![]() |
البرزخ
البـــــــــــرزخ
البرزخ في اللغة هو الحاجز بين الشيئين كما في مجمع البحرين . وكلّ فصل بين شيئين برزخ كما في مجمع البيان . وأفاد في المفردات : « البرزخ هو الحاجز والحدّ بين الشيئين ، قيل أصل برزخ : برزه ، ومنه قوله تعالى : ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ ) » . هذا لغةً ، وعالم البرزخ في الإصطلاح هو ما بين العالَمَين الدنيا والآخرة كما أفاده في مرآة الأنوار . ويلزم الإعتقاد بعالم البرزخ الذي هو ما بين الموت لكلّ إنسان والقيامة وما فيه من الاُمور ، كما أفاده السيّد الشبّر . وقد ثبت هذا العالم بدليل الكتاب والسنّة : أمّا الكتاب : فمثل قوله تعالى : ( .. وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) . وأمّا السنّة : فالأحاديث العديدة الواردة في كتب الأخبار مثل الأحاديث التالية : 1 ـ ما في تفسير القمّي : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) إلى قوله : ( إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) فإنّها نزلت في مانع الزكاة ، قوله : ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) قال : البرزخ هو أمر بين أمرين ، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة ، وهو ردّ على من أنكر عذاب القبر والثواب والعقاب قبل يوم القيامة ، وهو قول الصادق (عليه السلام) : « والله ما أخاف عليكم إلاّ البرزخ ، فأمّا إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم » . وقال علي بن الحسين (عليهما السلام) : « إنّ القبر روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران » . 2 ـ حديث أبي ولاّد الحنّاط ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : جعلت فداك ! يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش ، فقال : « لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، لكن في أبدان كأبدانهم » فبموت الإنسان يبدأ هذا العالم الأوسط ، ويجري فيه الجزاء بالثواب أو العقاب ; فإنّه وإن مات البدن إلاّ أنّ الروح حي باق حسّاس مشعر يحسّ اللذّات والآلام . والمعتقد الصحيح هو بقاء الأرواح كما صرّح به شيخ المحدّثين الصدوق (قدس سره) . بل المستظهر من الأدلّة كالآيات الكثيرة والأخبار المستفيضة والبراهين القطعيّة هو أنّ النفس باقية بعد الموت في عالم البرزخ .. إمّا معذّبة كمن مُحض الكفر ، أو منعمة كمن محض الإيمان ، أو يلهى عنها كمن كان من المستضعفين ، وقد يذوق شيئاً من الجهد إن كان من العاصين . ويدلّ على بقاء الروح ، الكتاب والسنّة بالبيان التالي : 1 ـ دليل الكتاب على بقاء الروح : 1 ـ قوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (. 2 ـ قوله تعالى : ( وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ ) ـ قوله تعالى : ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) حيث فسّر بجنّة الدنيا بدليل قوله عزّ إسمه « بكرةً وعشيّاً » فالبُكرة والعشي لا تكونان في الآخرة في جنان الخُلد بل هما في الدنيا . فيستفاد من هذه الآيات الشريفة الحياة بعد الشهادة والموت لصراحة صفات الأحياء . 3 ـ دليل السنّة على بقاء الروح : مثل أحاديث أحوال البرزخ نظير ما يلي : 1 ـ حديث الفضل بن شاذان من كتاب صحائف الأبرار : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) اضطجع في نجف الكوفة على الحصى فقال قنبر : يا مولاي ! ألا أفرش لك ثوبي تحتك ؟ فقال : « لا إن هي إلاّ تربة مؤمن ، أو مزاحمته في مجلسه . فقال الأصبغ بن نباتة : أمّا تربة مؤمن فقد علمنا أنّها كانت أو ستكون ، فما معنى مزاحمته في مجلسه ؟ فقال : يا بن نباتة ! إنّ في هذا الظهر أرواح كلّ مؤمن ومؤمنة في قوالب من نور على منابر من نور » . 2 ـ حديث قيس مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : « إنّ عليّاً أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قريباً من الجبل بصفّين ، فحضرت صلاة المغرب فأمعن بعيداً ، ثمّ أذّن ، فلمّا فرغ عن أذانه إذا رجل مقبل نحو الجبل ، أبيض الرأس واللحية والوجه ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، مرحباً بوصيّ خاتم النبيّين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، والأعزّ المأمون ، والفاضل الفائز بثواب الصدّيقين ، وسيّد الوصيّين ; فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : عليك السلام ، كيف حالك ؟ فقال : بخير أنا منتظر روح القدس ، ولا أعلم أحداً أعظم في الله عزّ وجلّ اسمه بلاءاً ولا أحسن ثواباً منك ، ولا أرفع عند الله مكاناً ، اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتّى تلقى الحبيب ، فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالأمس من بني إسرائيل ، نشروهم بالمناشير ، وحملوهم على الخشب ، ولو تعلم هذه الوجوه التَرِبَة الشائهة ـ وأومأ بيده إلى أهل الشام ـ ما اُعدّ لهم في قتالك من عذاب وسوء نكال لأقصروا ، ولو تعلم هذه الوجوه المبيضّة ـ وأومأ بيده إلى أهل العراق ـ ماذا لهم من الثواب في طاعتك لودّت أنّها قرضت بالمقاريض ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . ثمّ غاب من موضعه ، فقام عمّار بن ياسر ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وعبادة بن الصامت ، وخزيمة بن ثابت ، وهاشم المرقال في جماعة من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وقد كانوا سمعوا كلام الرجل ـ فقالوا : يا أمير المؤمنين ! من هذا الرجل ؟ فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) : هذا شمعون وصي عيسى (عليه السلام) ، بعثه الله يصبّرني على قتال أعدائه ، فقالوا له : فداك آباؤنا واُمّهاتنا ، والله لننصرنّك نصرنا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولا يتخلّف عنك من المهاجرين والأنصار إلاّ شقي ; فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) معروفاً » 3 ـ حديث زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « إنّ أرواح المؤمنين يرون آل محمّد (عليهم السلام) في جبال رضوى فتأكل من طعامهم ، وتشرب من شرابهم ، وتحدّث معهم في مجالسهم حتّى يقوم قائمنا أهل البيت (عليهم السلام) فإذا قام قائمنا بعثهم الله وأقبلوا معه يلبّون زمراً فزمراً ، فعند ذلك يرتاب المبطلون ، ويضمحلّ المنتحلون ، وينجو المقرّبون » كتاب العقائد الحقة |
بارك الله بكم جعلنا الله واياكم ممن يحيون حياة محمد وال محمد ويموتون مماة محمد وال محمد عليهم صلوات ربي
|
الساعة الآن »09:07 PM. |