أصول العقيدة (4) في الإمامة - الصفحة 2 - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع زائر الأربعين مشاركات 10 الزيارات 6167 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

زائر الأربعين
عضو مجتهد

رقم العضوية : 8240
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 186
المستوى : زائر الأربعين is on a distinguished road

زائر الأربعين غير متواجد حالياً عرض البوم صور زائر الأربعين



  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : زائر الأربعين المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-Apr-2013 الساعة : 10:07 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الإشارة إلى بعض المُؤيِّدَات

كما أنه سبق مِنّا في ذِكْرِ جِهاتِ إعجازِ القرآنِ الكريم وشواهدِ صِدْقِ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يُنَاسِب كَوْنَ الأئمةِ (صلوات الله عليهم) امْتِدَاداً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علْمِه وإعجازه، حيث يَصْلُح ذلك شاهِداً على تميُّزهم بنحْوٍ يُنَاسِب خِلافتَهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقِيَامَهم مَقَامَه في أمّته، وحِفْظَهم لدينه وشريعته، وهو مِن جُمْلة القرائن العاضدة لوجوه الاستدلال المذكورة.
وهناك قرائن أُخَر ذكر بعضها علماؤنا الأبرار، وقد أفضنا الكلام فيها في الجزء الثالث من كتابنا (في رحاب العقيدة) بنحوٍ يغني عن ذكرها هنا.
هذا وربما تُثَار مِن قِبَل المخالفين بعض التساؤلات حوْل النص يظهر الجواب عن كثير منها بمراجعة الكتاب المذكور. ويأتي الكلام في بعضها في خاتمة هذا البحث.
والله سبحانه وتعالى مِن وراء القصد ومنه نستمد العون والتوفيق والتسديد والتأييد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

-[ 389 ]-


بقي الكلام في أمرين:



الأمر الأول


في عِصْمَة الأئمة (عليهم السلام)



وحيث سبق أنّ الإمامة امتدادٌ للنبوة، وأنّ الإمام يؤدّي دَوْرَ النبي في حَمْل الدين وحفظه والتبليغ به، وحَمْل الناس على تطبيقه، ووجوب طاعة الناس له، تَعَيَّنَ عصمتُه كالنبي، لأنّ الوجه المتقدم في الاستدلال على عصمة النبي لا يقتضي عصمتَه مِن أجل النبوة بذاتها، بل مِن أجل الوظائف المُوكَلَة للنبي، فإذا ثبَتَت تلك الوظائف للإمام تَعَيَّن لزومُ عصمته مثله.


هذا مضافاً إلى ما استفاض عن الأئمة (عليهم السلام) أنفسهم وتسَالَم عليه شيعتُهم - تَبَعاً لذلك - مِن لُزُوم عصمة الإمام، حيث يجب قبولُه منهم بمقتضى إمامتهم في الدين، التي سبق الاستدلال عليها.


وإنما أكد علماؤنا على الدليل العقلي مِن أجل الاحتجاج على المخالفين الذين لا يُذْعِنُون بإمامة أئمة أهل البيت في الدين، والذين يُكَذِّبُون الشيعة فيما ينقلونه عن أئمتهم.


أما بعد ثبوت إمامتهم (عليهم السلام) في الدِّين، وأنّ الفرقة المحقة هي شيعتهم الذين أذعنوا لهم بذلك، فاللازِمُ القبول منهم (عليهم السلام) وتصديق شيعتهم عليهم فيما حفظوه مِن تراثهم الثقافي الرفيع، لأنهم العارفون به المأمونون عليه، كما يظهر مما سبق.


-[ 390 ]-


ويؤكد ذلك أو يعضده أمران:


الأول: أنّ في نصوص إمامتهم (عليهم السلام) في الدين ونصوص إمامتهم في الدنيا ما يشهد بعصمتهم ولو في الجملة، كآية التطهير، وحديث الثقلين، وما تضمَّن أنّ طاعتهم طاعة الله تعالى ومعصيتهم معصية له سبحانه، ومفارقتهم مفارقة له عزوجل، وأنهم لا يُخْرِجُوا الأمّةَ مِن باب هدى ولا يُدْخِلوها في باب ضلالة... إلى غير ذلك مما يظهر بالرجوع إليه.


الثاني: أنّ الله سبحانه وتعالى شرَّع دين الإسلام العظيم ليحكم الأرض بالحق والعدل مادامت الدنيا باقية، لعموم دعوته، وكوْنه خاتم الأديان، وذلك يستلزم أن يبتني تشريعه على آلِيَّات تَصْلح لذلك وتقوى على النهوض به،ومِن الظاهر أنّ الإمامة هي الدعامة التي يبتني عليها حكْمُ الإسلام في الأرض، ويقوم بها كيانه، وعليها يبتني تفعيل أحكامه وإقامة حدوده، وإدارة أمور أمّته، والدفاع عن بيضته وحوزته، ونشره في بقاع الأرض، ولذا أجمع المسلمون على وجوب الإمامة.


كما أنّ قِوَام الإمامة وفاعليتها إنما يكونان بطاعة الأمة للإمام وانصياعها له، في تدبير أمرها، وإدارة شؤونها، وتطبيق أحكام الإسلام وإقامة حدوده فيها، وحفظ حوزتها والدفاع عنها... إلى غير ذلك من شؤون الحكم والدولة.


إلا أنّ مِن البديهيات أنّ طاعة الإمام إنما تكون في الحق، وفيما


-[ 391 ]-


يُرضي اللهَ تعالى، إذ لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق، فإذا لم يكن الإمام معصومًا، أو كان معصوماً إلا أنّ الأمّة لم تعترف بعصمته، ولم يتركّز ذلك في نفوسها، بل كان الإمام عندها كأحدها، مُعَرَّضاً للخطأ في حكم الله تعالى وفي تطبيقه، وللاندفاعات العاطفية، فمِن الطبيعي أنْ لا يلزمهم اتباعه مع ظهور خطئه لهم في الحكم الشرعي، أو في تطبيقه.


وحينئذٍ لا تُضْمَن طاعته مِن قِبَل أهل الدين والتقوى مِن الإمة، فضلاً عن غيرهم، لوضوح أنه قد يختلف بعضهم مع الإمام في تحديد الحكم الشرعي، أو في تشخيص مقتضى المصلحة التي يجب العمل عليها، أو في سلامة الدواعي التي يتخذ المواقف مِن أجلها. بل حتى مع احتمال خطئه لا يجب متابعته إلا في حَقِّ مَن يجب عليه تقليده، دُون غيره ممّن هو مجتهد مثله، فضلاً عما إذا لم يكن الإمام مجتهدًا، كما حصل في الواقع الإسلامي.


وإذا فتحت الباب للتخلُّف عن طاعة الحاكم سَهُلَ استغلال المنحرفين والمَصْلحييّن لذلك، باختلاق الأعذار والمبرّرات للتخلّف عن طاعته وزرْع الأشواك في طريقه، وبذلك تفْقُد الإمامةُ أهميتَها وفاعليتها في حفظ دولة الإسلام وكيانه ورعاية حدوده وأحكامه.


ولنا في الواقع الإسلامي أعظم العبر، إذ لا ريب في أنّ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قد بلغ القمَّة في العلم والعدل، ولكن حيث لم يَبْتَنِ تَوَلِّيه الخلافة على النَّصِّ والعصمة بنَظَرِ كثيرٍ مِن الأمة، فقد تعرَّضَ (عليه السلام) نتيجةَ اجتهادِ بعضِ رعيَّتِه والمحيطين به، واختلافهم معه في الرأي، لأَزَمات


-[ 392 ]-


ومشاكل أَضْعَفَت موْقفَه.


وهو صلوات الله عليه وإن استطاع احْتواءَ بعض تلك الأزمات، والخروج منها بسلام، مثل ضغْط بعض أصحابه عليه في تَوْلِيَة أبي موسى الأشعري للكوفة لتخيُّلهم أمانتَه وكفاءتَه (1)، وطلب بعضهم منه أن يسبي أهل البصرة بعد حرب الجمل، بدعوى: أنه كيف يحلّ لنا قتلهم ولا يحل لنا استرقاقهم؟! (2)، وتردّد بعض أصحابه في المشاركة في حرب صفين؛ لاسْتِعْظامه سَفْكَ دماء المسلمين، حتى أقنع بعضهم كأبي زبيب (3)، ورَضِيَ مِن بعضهم أنْ يَخْرُج معه مِن دُون أنْ يُقاتِل حتى يتضح له الباغي، كعبيدة السلماني وجماعته (4)، واستجاب لطلب بعضهم أنْ يُوَلِّيه قتالَ الكفار في المشرق بدلاً مِن قتال المسلمين، كربيع بن خيثم وجماعته (5)... إلى غير ذلك.


إلا أنه (عليه السلام) عجز عن احتواء بعضها، كإكراههم إيّاه على قبول التحكيم الذي حال بينه وبين أنْ يجني ثمرةَ تلك الحرب الضروس، وما لاح في الأفق بسببها مِن نصْرٍ محقق، والذي هَدّ مِن معنويات جيشه، وفرَّق كلمة أصحابه، وكان مِن نتائجه انفجار فتنة الخوارج، وما سبَّبته مِن تداعيات ومضاعفات. وانتهى الأمر أخيراً إلى القضاء على مشروع أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونجاح معاوية في مشروعه الإجرامي، واستمرار دولة


ـــــــــــــــــــــــ


(1) الكامل في التاريخ 3: 227، ذكر مسير علي إلى البصرة والوقعة.


(2) شرح نهج البلاغة 1: 250.


(3) وقعة صفين: 100.


(4) وقعة صفين: 115.


(5) وقعة صفين: 115.


-[ 393 ]-


الجور إلى يومنا هذا.


وإذا كان الموقف هكذا مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فهو مع غيره - ممَّن لا ريْب في عدم عصمته، أو في جهله، أو في إجرامه - أشدّ.


وليس ما حدث في أمر عثمان مِن فَتْح باب الفتنة وظهور الانشقاق في الكيان الإسلامي، إلا نتيجة طبيعية لعدم عصمة الحاكم واختلاف الأمّة معه في الاجتهاد ووجهة النظر.


ومِن ثمَّ كان وجوب طاعة الإمام غير المعصوم مُرَاعًى بالتزامه بالحق وجَرْيِه على حكم الله تعالى أمْراً غيْرَ عَمَلِيٍّ، ولا قابلاً للتطبيق، لِيُمْكن تشريعه مِن أجل الحفاظ على كيان الإسلام وقيام دولته به.


وانتهى الأمر إلى أنْ صارت طاعة الحاكم لا تُؤْخَذ مِن الناس على أنها واجبٌ ديني مقرِّب إلى الله عزوجل، وفي حدود مصلحة الإسلام، بل تُؤْخَذ - غالباً - بالترغيب والترهيب والاستعانة بفقهاء السلطان، وصارت وسيلة يستغلها الحكام لتثبيت سلطانهم، وقضاء مآربهم، مما يؤدي إلى تشويه صورة الدين، وحدوث ردود الفعل ضده، وانْجِفَال الناس عنه، كما حصل فعلاً.


وهذا هو الذي حَدَا ببعض الناس - على اختلاف دَوَاعِيهم - إلى طلب تقييد سلطة الحاكم بالدستور، وجعْل المشرف على تطبيقه هيئة تُنْتَخب مِن قبل الأمة، وهو ما يُسمَّى بالشورى.


لكن سبق منَّا عند الحديث عن الشورى ما يتضح به عدم جدوى


-[ 394 ]-


ذلك في حفظ الدين وأحكامه.


مضافاً إلى أمرين:


الأول: أنّ مشكلة اختلاف الاجتهادات ووجهات النظر ما زالت قائمة، إذ لا يُحتمَل عصمة نظام الشورى.


الثاني: أنّ ذلك خُرُوجٌ عن واقع الإمامة المجعول شَرْعًا، فإنّ الإمام إنما جُعِل إماماً ليَحْكُم الأمّةَ ويُطَاع - كما يظهر بأدنى ملاحظة لأدلتها - وبذلك تَفْقِد الشورى شرعيَّتَها الدينية وقدسيتها في نفوس الأمة.


والحاصل: أنّ أمْرَ الإمامة يَنْحَصِر بوجوه ثلاثة لا رابع لها..


1ـ وجوب الطاعة على الإطلاق لغير المعصوم.


2ـ وجوب طاعة غير المعصوم، مُرَاعىً بِجَرْيِه على طبْق الميزان الشرعي، وعدم خروجه عنه.


3ـ وجوب الطاعة بوَجْهٍ مطلق للمعصوم.


ولا رَيْب في بطلان الأول. وقد ظهر مِن حديثنا هذا بطلان الثاني. فيتعيَّن الثالث، وهو ما يُصِرُّ عليه الإمامية ويستوضحونه.


وقد ورد عن بعضهم أنه قد ضَرَب المثلَ الأعلى للطاعة والتسليم للإمام نتيجةَ عصمتِه بنحْوٍ يُثير العجبَ، ويستحقّ به الإجلال والإكبار..


1ـ فهذا مالك الأشتر ذو البأس والنجدة الذي اضطر بعد رفع المصاحف في حرب صفين أن يترك القتال بعد أن كان على قاب قوسين من النصر والفتح العظيم، وكان في وضع يُرثى له من الانفعال والإحباط،


-[ 395 ]-


ووقع بينه وبين مَن أصرّ على التحكيم مشادة عنيفة،


وقد دُعِي لأنْ يثبت اسمه في صحيفة التحكيم فقال: "لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال إنْ كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة. أولستُ على بيّنة مِن ربي ويقين مِن ضلالة عدوي؟! أولستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور؟!... ولكن قد رضيتُ بما صنع علي أمير المؤمنين ودخلت فيما دخل فيه وخرجت مما خرج منه، فإنه لا يدخل إلا في هدى وصواب" (1).


وقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) لَمّا كتبت الصحيفة: إن الأشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة، ولا يرى إلا قتال القوم.


فقال (عليه السلام) : "بلى، إنّ الأشتر ليرضى إذا رضيتُ. وقد رضيتُ ورضيتم... وأما الذي ذكرتم مِن ترْكه أمري وما أنا عليه فليس مِن أولئك... وليتَ فيكم مثله اثنين، بل ليت فيكم مثله واحداً يرى في عدوّه مثل رأيه، إذاً لخفَّت عليَّ مؤنتكم، ورجوتُ أن يستقيم لي بعض أوَدِكم..." (2).


2ـ وعبد الله بن أبي يعفور الذي هو مِن أجلاء أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) يروى عنه أنه قال: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : لو فلقتَ رمانة بنصفين، فقلتَ: هذا حرام وهذا حلال، لشهدتُ أنّ الذي قلتَ حلال حلال، وأن الذي قلت حرام حرام. فقال: رحمك الله رحمك الله" (3).


ـــــــــــــــــــــــ


(1) وقعة صفين ص:512.


(2) وقعة صفين ص:512 واللفظ له / الكامل في التاريخ 3: 321، 322.


(3) معجم رجال الحديث 10: 103، في ترجمة عبدالله بن أبي يعفور.


-[ 396 ]-


3 ـ 4 وأحمد بن متيل وابنه جعفر كانا مختصين بالنائب الثاني للإمام الحجة المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) بحيث كان مشائخ الطائفة لا يشكّون في أنّ أحدهما سيكون هو القائم مقامه في النيابة عن الإمام.


لكن لَمّا فُوجِئا بأنه (صلوات الله عليه) قد اختار الحسين بن روح خَلَفاً لمحمد بن عثمان سلّما له، وكانا بين يديه تابعين له كما كانا مع محمد بن عثمان.


وعن جعفر بن أحمد بن متيل قال: "لَمّا حضَرَت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) الوفاةُ كنتُ جالساً عند رأسه وأخذتُ أسأله وأحدثه، وأبو القاسم الحسين بن روح عند رجليه، فالتَفَتَ إليّ ثم قال: أُمِرْتُ أنْ أُوصِي إلى أبي القاسم الحسين بن روح. قال: فقُمْتُ مِن عند رأسه وأخذتُ بيد أبي القاسم وأجلستُه في مكاني، وتحوّلتُ إلى عند رجليه" (1)... إلى غير ذلك.


ولو أنّ الأمّة تثقّفت على ذلك وتسالمت عليه لانْسَدّ الطريق على الانتهازيّين والنفعيّين الذين يحاولون إيجادَ المبرِّرات للعصيان والخروج عن جماعة الحق، ولبقي للإمام المعصوم الحرية المطلقة في اختيار الموقف المناسب والقدرة على تنفيذه، ولنعمت الأمة بخيرات التسديد الإلهي لها، تبعاً لتسديده تعالى لإمامها المعصوم وقائدها الذي اختاره لها.


و ((الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ)) (2).


ـــــــــــــــــــــــ


(1) معجم رجال الحديث 4:52 في ترجمة جعفر بن أحمد بن متيل.


(2) سورة الأعراف آية: 43.


-[ 397 ]-



الأمر الثاني


في وجوب معرفة الإمام



سبق في آخر الكلام في التمهيد أنّ الحقائق الدينية على قسمين:


الأول: ما يجب الفحص عنه مِن أجْل العلْم به والإذْعَان بثُبُوته.


الثاني: ما يَكْفي الإذعان به على تَقْدِير ثُبُوته مِن دُون أنْ يجب الفحْص عن ثُبُوته، غايَة الأَمْر أنه لا يَجُوز إنْكَاره.


والإمامة مِن القسم الأول. ولذا صارت مِن أُصُول الدِّين، فيجب معرفة الإمام بشَخْصِه وعدم الاكتفاء بالاعتقاد الإجمالي بوُجُود أئمةٍ مِن دُون فَحْصٍ عنهم وتَعْيِينٍ لهم تَفْصِيلاً، فَضْلاً عن الاكْتِفَاء بإيكَال أَمْرِ الإمامة لله تعالى مِن دُون فحْصٍ عن ثُبُوتها.


والوجه في ذلك النصوص الكثيرة الواردة عن النبي والأئمة أنفسهم (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).


وقد أشرنا سابقاً لِمَا اسْتَفَاض مِن روايات الفريقين مِن أنّ مَن مات بغير إمام أو بغير بيعة، أو مِن دُون أنْ يعرف إمام زمانه- أو نحْو ذلك- مات ميتة جاهلية (1).


ـــــــــــــــــــــــ


(1) تقدمت مصادره في هامش رقم (1ـ 5) ص: 226.


-[ 398 ]-


وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : "وإنّما الأئمة قُوّامُ الله على خَلْقِه وعُرَفاؤه على عباده، لا يَدْخُل الجَنةَ إلا مَن عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النارَ إلا مَن أنكرهم وأنكروه" (1).


وفي حديث أبي حمزة: "قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنما يَعْبُد اللهَ مَن يَعْرِف اللهَ، فأمّا مَن لا يَعْرِف اللهَ فإنّما يَعْبُدُه هكذا ضَلالاً.


قلت: جعلتُ فداك فما معرفة الله؟


قال: تَصْدِيق الله عزّ وجلّ وتصديق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وموالاة عليٍّ (عليه السلام) والائتمام به وبأئمة الهدى، والبراءة إلى الله عزّ وجلّ مِن عدوّهم. هكذا يُعْرَف الله عزّ وجلّ" (2).


وفي حديث جابر: "سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنما يَعْرِف اللهَ عزّ وجلّ ويَعْبُدُه مَن عَرَف اللهَ وعَرَف إمامَه مِنّا أهلَ البيت، ومَن لا يَعْرِف اللهَ عزّ وجلّ و[لا] يَعْرِف الإمامَ مِنّا أهلَ البيت فإنّما يَعْرِف ويَعْبُد غيْرَ الله، هكذا واللهِ ضَلالاً" (3).


والنصوص بذلك مستفيضة عنهم (صلوات الله عليهم) (4).


هذا مضافاً إلى أنّ الإمام حيث كان مَرْجِعاً في الدين فيجب عقلاً معرفته مِن أجل أَخْذ الدِّين منه والائتمام به فيه، ومع الجهْل به والشَّكّ فيه لا يُعْلَم بالخروج عن تبعة أحكام الدين والبراءة منها، لاحْتِمَال وُجُودِ شيْءٍ


ـــــــــــــــــــــــ


(1) نهج البلاغة 2: 40.


(2) الكافي 1: 180.


(3) الكافي 1: 181.


(4) راجع الكافي 1: 180ـ190، 371، 372، 374ـ377، 378ـ380 / وبحار الأنوار 5: 76ـ98 وغيره.


-[ 399 ]-


منها عنده ولم يَخْرُج المكلفُ عنه.


نعم مقتضى هذا الوجه الاكتفاء بالاحتياط بمُتابعة الأحكام الصادرة عن كلِّ مَن يُحتمَل إمامته - لو أمكن - وإنْ لم يَعْلَم بإمامته، بخلاف الوجه الأول، فإنه يقتضي وجوبَ معرفة الإمام على كلّ حال، وإنْ لم يَصْدُر عنه أحكام عملية، أو كانت الأحكام الصادرة عنه موافقة للأحكام الصادرة عمَّن يعلم بإمامته.


كما أنّ مقتضى الوجه الأول أنّ معرفة الإمام كمعرفة الله تعالى مِن أصول الدين، التي يلزم مِن التقصير فيها الضلالُ والخروج عن الإيمان، وهو المُدَّعى في المقام.


وهذا بخلاف الوجه الثاني، فإنه لا يقتضي إلا وجوبه عَقْلاً مِن أجْل الخروج عن تَبِعَة الأحكام، كوجوب معرفة المجتهد الذي يجب تقليده، وهو خارج عن محل الكلام. ومِن ثمّ كان المهم في المقام هو الوجه الأول.


والحمد لله رب العالمين.


إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc