عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 28-Sep-2012 الساعة : 06:51 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الشريعة
بعد الفراغ من الحديث عن شؤون العقيدة , رأيت ان أتحدث عن أمور الشريعة استكمالا للبحث .
ماهي الشريعة :
الشريعة هي نفس الاحكام التي شرعها الله وقررها لعباده وكلّفهم بها في علاقاتهم بالله وعلاقاتهم بالناس بعضهم مع بعض , وفي علاقاتهم بالكون , قررها وجعلها على لسان نبيه الكريم (ص) وفي القران العزيز.
قال تعالى ( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون )
وقال تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما )
وفي الحديث الشريف ( حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة )( بصائر الدرجات ,محمد بن الحسن الصفار168/4, ب3 في أمر الكتب ح7)
فالحكم تشريع الهي مقرر وموضوع من قبل الله سبحانه , ولايمكن تغييره ولاتبديله مهما كانت الظروف إطلاقا ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ( ولن تجد لسنة الله تحويلا )
فالشيعة يعتقدون بأن لله في كل واقعة حكما , أي ان اعمال الانسان وحركاته وسكناته واقواله , وجميع تصرفاته , على أختلافها حتى خواطره ونواياه, في السر والعلن , في الظاهر والباطن , الكبير والصغير منها , الخطير والحقير منها , في الاموال والانفس والاعراض , وفي كل شيء من شؤونه لاتخلو من حكم الهي .
وقد قسمت هذه الاحكام الى قسمين : تكليفية , ووضعية .
التكليفية خمسة : الوجوب - الاستحباب - التحريم - الكراهة - الاباحة .
الوضعية وهي عدية منها : الصحيح - الفاسد - المانع - السبب - وغيرها
وأحكام الشريعة الاسلامية احكام وضعها الله , وانزلها سبحانه على نبيه محمد (ص) عن طريق الوحي , وبلّغها النبي (ص) امته , إبتداءا أو حسب الحوادث التي تجري أو المناسبات الخاصة أو العامة التي تكون , فهو (ص) لاينطق عن الهوى ( إن هو الا وحي يوحى )
ولذلك كان من الواجب على كل فرد أن يلتزم بهذه الاحكام , وينظر في أفعاله وأقواله وسائر تصرفاته , وأنها موافقة لما جعله الله من الحكم أم لا , حتى لا يكون مجانبا للحق وبعيدا عن الهدى ومعرضا عن حكم الله سبحانه .
ومن هنا يمكننا القول : بأن هدف الشريعة من الاحكام التي يقررها الله سبحانه ويلزم الانسان بالتقيد بها والانصياع لها :
(1) تجسيد الايمان المطلق بالله سبحانه , بالامتثال لأوامره والالتزام بها , والتأكيد على أن الدين هو الاساس والمنطلق والحاكم في شؤون العباد .
(2) تنظيم حياة الناس بما يتناسب ويحكي الواقع الانساني بشكل يستوعب جميع احتياجاتهم وشؤونهم وفي كل مراحل حياتهم الخاصة والعامة , وحتى في دقائق الامور , بنحو لايشعر بالحاجة الى شيء في حياته , ولايشعر بنقصان شيء في حياته , بل أكثر من هذا أنه يتعامل حتى مع خواطره وأفكاره وأحاسيسه ومشاعره ويضعها في الاطار المناسب , بل كل مايتجدد في حياته وشؤونه يحتويه الاسلام وينظمه بالتشريع الملائم .
(3) تصحيح السلوك الانساني في كل أفعاله وتحركاته , بنحو تكون هذه الافعال والتحركات - التي يقوم بها ويملك القدرة والارادة الكاملة على الاتيان بها مع كامل الاختيار , واحتواء للنوازع الموجودة والكامنة في داخله - , هذه الافعال والاقوال وغيرها تتبنى الشريعة أن تجعلها سليمة وواضحة في مردوداتها وعطائها , لتكون ثمارها طيبة ومثمرة للخير , وتكون بعيدة عن الفساد والشر من خلال الطاعة والانقياد , وهنا يكمن السر في عظمة الاسلام , والسر في خلوده واستمراريته .
المصلحة والمفسدة في الاحكام
ثم ان الاحكام الشرعية التي جعلها الله سبحانه منهاجا ودستورا لعباده في حياتهم , هذه الاحكام في واقعها تنطلق من مبدء معين يسمى بالمصلحة والمفسدة , أي ان التشريع الالهي يكون دائما وابدا وفق المصلحة في الاشياء أو المفسدة فيها , فما من حكم من الاحكام في الشريعة , أمرا كان أو نهيا , مستحبا كان أو مكروها , إلا وفيه المصلحة أو المفسدة - وقد تكون المصلحة في الامر أو النهي - .
وتسمى هذه في الاصطلاح العلمي (( علل الاحكام )) أو (( ملاكات الاحكام )) .
وذلك لان الله تعالى حكيم , والحكيم لايمكن أن يفعل شيئا أو يأمر بشيء أو ينهى عن شيء اعتباطا, ومن دون ان يكون فيما أمر به المصلحة التي تعود على العباد , أو يكون فيما نهى عنه المفسدة التي تبعد العباد عن خالقهم وتكون سببا في اضطراب أوضاعهم ,وإلا خرج عن كونه حكيما عادلا - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - ولأنا أيضا نستقبح من البشر العاديين صدور عمل بلا هدف وبلا غاية , فكيف بالله الحكيم العليم الغني , كيف لاتكون احكامه صادرة عن حكمة وعلّة !
ومن هنا كانت المصالح والمفاسد من الامور البديهية في الاحكام وفي تشريعها .
فالشريعة, لاتريد ابدا ,ولاتنظر الى إرهاق المكلف والتضييق عليه بالامر والنهي , وإنما تراعي في الامر والنهي وطبيعة الحكم : المصلحة أو المفسدة , وتراعي كون المكلف مرتاحا الى تكليفه وشريعته ومستفيدا منها الاستفادة الكاملة التي تعود عليه بالخير في حياته .
إن واقع المصالح والمفاسد الموجودة في الاحكام والتي على اساسها شرّع الحكم و أمرا كان أو نهيا , استحبابا أو كراهة , وحتى الاباحة , من أهم الامور التي تربط بين الانسان والحياة والموجودات و ومن أهم الامور والعوامل في انتظام العلاقة بينهما , ومن أهم الامور ايضا التي تجعل الانسان يشخّص الموجودات ويميز بينهما , بين الخبيث والطيب , بين الصالح والطالح , بين الحسن والقبيح , وبين الخير والشر
المصالح والمفاسد ليست أدلة
|