كتاب معتقدات الشيعة - الصفحة 4 - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الـمـيـزان الـعـلـمـي :. ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية عقائد - فقه - تحقيق - أبحاث - قصص - ثقافة - علوم - متفرقات

إضافة رد
كاتب الموضوع ناصر حيدر مشاركات 113 الزيارات 22766 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 31  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 01:47 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


العدل
يؤمن الشيعةايمانا جازما قاطعا بالعدل الالهي , ويعتقدون به عقيدة راسخة ثابتة, وانه من صفات الله سبحانه.
قال تعالى( ان الله لايظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما)
وقال تعالى(ان الله لايظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون)
وقال امير المؤمنين ( التوحيد ان لاتتوهمه, والعدل ان لاتتهمه)( نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده 4/108 رقم 470)
وقد ورد في حديث مرفوع الى الامام الصادق انه سأله رجل فقال له ( ان اساس الدين التوحيد والعدل , وعلمه كثير, ولابد من للعاقل منه, فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه؟ فقال اما التوحيد فأن لاتجوز على ربك ماجاز عليك, واما العدل فأن لاتنسب الى خالقك مالامك عليه) ( بحار الانوار المجلسي 4/ 264)
معنى العدل
ومعنى العدل ان الله سبحانه لايفعل القبيح اطلاقا, ولايظلم احدا ابدا,وذلك لعموم القدرة على ذلك وغناه عنه.
توضيح ذلك ان القادر على كل شئ لايمكن ان يظلم احدا, والغني غير محتاج الى الظلم, وقد قال الامام زين العابدين في بعض ادعيته( وقد علمت انه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة, وانما يعجل من يخاف الفوت, وانما يحتاج الى الظلم الضعيف, وقد تعاليت ياالهي عن ذلك علوا كبيرا) ( الصحيفة السجادية الكاملة ص-284-285, من دعائه يوم الاضحى ويوم الجمعة).
فالذي يخاف فوت الفرصة يسارع لاغتنامها ويعمل على استيفائها, ومن يخش الموت يستبق الامور, والذي يفتقر الى غيره هو الناقص, والذي يحتاج الى الظلم هو الضعيف, والله تعالى منزه عن ذلك كله, فهو القوي القادر القاهر, وبيده الامور والاسباب, غني عن كل احد , فكيف يظلم؟.
لايفعل القبيح مع قدرته عليه
ثم ان ماذكرناه من انه لايفعل القبيح اطلاقا, ليس معناه انه غير قادر عليه وممتنع عليه ذاتا, وانما هو قادر عليه ولكن لايفعله
( اولا) لانه غني عن القبيح, ولعدم احتياجه اليه, ولكماله المطلق
(ثانيا) لان مقتضى العدل ان تكون افعاله كلها وفق الحكمة ووفق الاغراض والمصالح السامية التي فيها صلاح البشر وكمالهم, ولا حكمة في القبيح, وكذلك لاحكمة في الافعال الخالية من الاغراض الخالية من الاغراض السامية والمصالح للعباد , ولاجل ذلك لايامر الله الا بما هو حسن , ولاينهى الا عما هو قبيح , ولايصدر منه العبث وما لافائدة فيه, لانه حكيم ولا يفعل شيئا الا لغرض ومصلحة, ولكن الغرض وتلك المصلحة تعود على العباد, ولاتعود عليه لانه تعالى غني عن كل شئ.
الحاصل ان من موجبات العدل ان تكون افعاله تعالى اختيارية لانها واقعة وفق الحكمة والمصلحة للعباد.
فاتضح لنا ان العدل هو تنزيه الله تعالى عن كل نقص وقبيح, ولذلك لايظلم ربك احدا, ولايظلم مثقال ذرة في الارض ولا في السماء.
اهمية العدل وما يترتب عليه
ثم ان العدل اساس واصل مستقل من اصول الدين عند الشيعة, وانما اعتبر كذلك لتوقف امور عديدة عليه
منها النبوة والامامة والمعاد.
فان هذه الامور مما يقتضيها العدل الالهي , فان حفظ البشر في كافة شؤونهم والسير بهم الى مافيه الصلاح والسداد في الدنيا, وما فيه الخير والسعادة لهم في الاخرة, وايصال التكاليف المتعلقة بذلك يتوقف على هذه الامور, وهذه الامور وجدت بالعدل , وبه اثبتت, لتكون لله سبحانه الحجة البالغة, ولاهمية هذه الامور عقدنا لها فصولا مستقلة.
ويترتب على القول بالعدل والاعتقاد به امور اخرى مهمة ايضا
منها التكليف باحكام الشريعة, لان فيه صلاح الناس وسعادتهم وانتظام امورهم.
ومنها كون افعال العباد اختيارية غير مجبرين عليها ولامفوضين فيها, وانما هم يتصرفون ويوجدون اعمالهم وافعالهم بمحض ارادتهم واختيارهم, وان كان تمكينهم منها بقوة الله ومشيئته.
وغير ذلك كالبداء والقضاء والقدر
ونشرع الان بالحديث عن بعض مقتضيات العدل بشئ من التفصيل
بعض مقتضيات العدل الالهي
(1)
مايقتضيه العدل في التكليف
نعتقد ان ( تكليف الناس) لطف من الله تعالى, وانه من مقتضيات العدل الالهي والحكمة البالغة لله سبحانه , وذلك لانه يقبح على الله تعالى ان يترك العباد هملا بلا تكليف ولا تعليم كالبهائم مع مامنحهم من العقل والاختيار, ولتكون لله الحجة البالغة على عباده.
التكليف ضرورة
ففي التكليف صلاح الناس وسعادتهم وانتظام امورهم, لتجنيبهم ارتكاب القبائح والوقوع في المفاسد, وبه ايضا تحقيق الغاية السامية التي من اجلها وجدوا, الا وهي عبادة الله والخضوع له, قال تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون).
فالتكليف ضرورة لازمة , لان صلاح العباد وسعادتهم وانتظام امورهم وشؤونهم لايتم الا به, وذلك لان الانسان - الذي هو اشرف المخلوقات والذي يدرك انه لم يخلق عبثا, ولم يوجد بلا غاية- يسعى بطبيعته الى التكامل في وجوده, ولايمكنه الوصول الى الكمال والى تحقيق الهدف والغاية التي من اجلها كان ايجاده , لقصور عقله عن ادراك مافيه خيره وصلاحه وسعادته, ولعجزه عن الوصول الى الغاية السامية بذاته, ولو كان في عقله الغنى والقدرة على ادراك الصلاح والفساد لما وقع الخلاف والاختلاف بين الناس , ولذلك كان لابد من وضع القوانين والتشريعات له, وان يكلف بما يحقق له الخير والصلاح ويمنعه عن الشر والفساد من طريق الوحي والرسالات السماوية.
ومن هنا كان التكليف ضرورة, وكان لطفا ورحمة للعباد, فحاجة الانسان للتكليف كحاجة النبات الى الماء , فبدون التكليف لايمكن ان يصل الانسان الى الكمال, ولايمكن ان يحقق آماله وطموحاته في الدنيا والاخرة, وحتى تكون الكلمة التامة والحجة البالغة لله سبحانه على العباد, كان التكليف.
لابد في التكليف من اقامة الحجة
ثم ان لابد في التكليف الذي تلزم طاعته وينهى عن تركه ومخالفته, ان يكون ضمن شروط
احدها ان لايكون التكليف الا بعد اقامة الحجة والحجة قائمة وهم الانبياء والرسل والاوصياء والعقل.
ثانيهما ان يكون التكليف متقدما على الفعل زمانا كي يتمكن المكلف من ايقاعه فيه
ثالثهما ان لايكون التكليف فوق الجهد والطاقة, فما لايطيقونه لم يكلفهم به الله ( لايكلف الله نفسا الا وسعها) ويقبح تكليف العاجز عقلا.
رابعها ان يكون التكليف واصلا الى المكلف وعلوما ومعروفا لديه, والا فلا تكليف.
خامسها ان تتوفر شرائط التكليف لدى المكلف , وهي البلوغ والعقل والقدرة , فلا يكلف الصبي , ولايكلف المجنون, ولايكلف العاجز
(2)
مايقتضيه العدل في افعال العباد


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 32  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 03:20 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


(2)
مايقتضيه العدل في افعال العباد
لاجبر ولاتفويض
من مقتضيات العدل الالهي ان تكون افعال العباد اختيارية لهم غير مجبرين عليها , ولا فوض الله اليهم امرها , بل كما ورد عن اهل البيت في شان هذه المسألة التي شغلت بال الفلاسفة والمتكلمين من المسلمين ردحا طويلا من الزمن ( لاجبر ولاتفويض , ولكن امر بين امرين)( بحار الانوار المجلسي 5/17 ب 1 من ابواب العدل ح 27 , الكليني 1/ 160 باب الجبر والقدر والامر بين الامرين ح 13)
هذه الحقيقة التي بينها الائمة الطاهرون هي وسط بين القولين .
نظرية الامر بين الامرين
وحاصل هذه الحقيقة ان الافعال التي تصدر عن العبد هي فعل له , وصادرة منه , ومقصودة له , وتحت ارادته واختياره وقدرته,ولذلك ينسب الفعل له فيقال ( ضرب وقتل فلان فلانا) ( اكل فلان) وهكذا...
والله سبحانه وتعالى هو الذي ملكنا ومكننا من هذه القوة والقدرة والارادة والاختيار, لان الوجود والايجاد منه تعالى, ومنه تفيض كل القوى المودعة في الانسان, وهذا امر طبيعي وواضح في وجود الانسان وافعاله وضوح الشمس.
وبعبارة اخرى ان قانون العلية والمعلولية قائم حتى في هذا الامر , فان افعال العباد لابد في وجودها من علة تستند اليها , وتلك العلة هي ارادة العبد واختياره, فان للانسان وصفاته الذاتية واخلاقيلته وارادته واختياره اثرا في ذلك.
وهكذا اراد الله سبحانه بان يخلق الانسان فاعلا مختارا وله الحرية في اعماله.
بطلان القول بالجبر
الا ان هذا الاقدار والاختيار من الله للعبد لم يجعل الله جابرا للعباد على افعالهم, والا لما صح بيانه وامره لما يريد , ومعه ونهيه عما لايريد, ولابد من الامر والنهي منه تعالى, لتكون الحجة البالغة لله على العباد , وليتحرك العبد في اطار مايصلحه ويسعده.
وايضا لو لم يكن العمل فعل العبد ومنسوبا له لما صح لله تعالى ان يثيبه على الطاعة وان يعاقبه على المعصية, بل يستحيل على الله ذلك اذا كانت الطاعة والمعصية فعله سبحانه, وكان العبد مجبرا عليهما ولادخل له فيهما ابدا, لانه خلاف العدل.
ولقد فسر الشيخ المفيد ( الامر بين الامرين) بقوله
( ان الله تعالى اقدر الخلق على افعالهم, ومكنهم من اعمالهم , وحد لهم الحدود في ذلك, ورسم لهم الرسوم ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف, والوعد والوعيد, فلم يكن بتمكينهم من الاعمال مجبرا لهم عليها, ولم يفوض اليهم الاعمال , لمنعهم من اكثرها) ( تصحيح اعتقادات الامامية الشيخ المفيد ص 47)
وخلاصة القول اما ان نقول بان العبد مختار في افعاله ومنسوب اليه الفعل - اي هو الذي فعل- فلا بد من مدحه على الطاعة وذمه على المعصية, لان الفعل فعله والعمل عمله, ولاجبر من المولى ابداو وهذا هو العدل.
واما ان نقول بان الفعل هو فعل الله , وان العبد مثله مثل الالة الصماء , وحينئذ فلا معنى للثواب له على الطاعة ولامعنى للعقاب له على المعصية , وهذا هو الجبر , سبحانه اعز واكرم وارفع من ان يجبر العبد على الفعل ثم يعاقبه عليه.
بل القول بالجبر فيه ظلم لله سبحانه, لانه عبارة عن نسبة ماهو باطل اليه, تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فانه سبحانه منزه عن كل ماهو قبيح وباطل.
بطلان القول بالتفويض
واما التفويض , فلا يعقل قبحا عن القول بالجبر , فان من ادعى- كما قال اليهود- انه تعالى فوض افعال العباد اليهم يتصرفون حسب مايريدون , ورفع قضاءه وتقديره وقدرته عن هذه الافعال , فقد ادعى باطلا, ونسب اليه العجز والنقص , وابطل امر الله ونهيه.
واوجه في بطلان هذا القول
اولا انه يلزم خروج الله عن سلطانه وتنازله عن ملكه
وثانيا يلزم ان يكون لله شركاء في الخلق والحكم, وهو ظلم كبير ( ان الشرك لظلم عظيم) تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الاحاديث الواردة في بطلان التفويض والجبر
وقد اوضح الائمة الاطهار هذه المسألة بشكل يزيل الشك والشبهة عن النفوس والعقول ويجعلها تعيش حقيقة الواقع الذي اراده الله لنا.
وهذه جملة من الاحاديث الشريفة التي تؤكد هذا المعنى
فعن الامام الرضا انه قال ( خرج ابو حنيفة ذات يوم من عند الامام الصادق فاستقبله موسى بن جعفر فقال له ياغلام ممن المعصية؟
قال لاتخلو من ثلاثة,اما ان تكون من الله وليست منه - اي من العبد- فلا ينبغي للكريم ان يعذب عبد بما لم يكتسبه.
واما ان تكون من الله عز وجل ومن العبد , فلا ينبغي للشريك القوي ان يظلم الشريك الضعيف.
واما ان تكون من العبد , وهي منه, فان عاقبه الله فبذنبه, وان عفا عنه, فبكرمه وجوده) (بحار الانوار المجلسي 5/4 ب 1 من ابواب العدل ح2)
وفي حديث اخر , ان ابا جعفر الباقر قال للحسن البصري ( اياك ان تقول بالتفويض , فان الله عزوجل لم يفوض الامر الى خلقه وهنا منه وضعفا, ولا اجبرهم على معاصيه ظلما) ( بحار الانوار 5/17 الباب السابق ح 26 )
وعن المفضل , عن ابي عبد الله الصادق قال
( لاجبر ولا تفويض , ولكن الامر بين امرين. قال قلت ما امر بين امرين ؟ قال مثل ذلك مثل رجل رايته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته, ففعل تلك المعصية, فليس حيث لم يقبل منك فتركته, كنت انت الذي امرته بالمعصية) ( المصدر السابق ح 27 الكافي الكليني 1/ 160 باب الجبر والقدر والامر بين امرين ح 13)
توضيحات
الجبر والتفويض يستلزمان نسبة الظلم والعجز الى الله
من يقول بالجبر بمعنى ان الله تعالى امرنا بالمعصية وعاقبنا عليها, فقد ظلم الله بذلك, حيث جعل المعصية منه تعالىو والله يقول ( ولايظلم ربك احدا) ( ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام للعبيد) ( ان الله لايظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون)
والله يكذب من يقول بالجبر, حيث يقول ( بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) ( ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما )
ومن قال بالتفويض فقد نسب الى الله العجز, واوجب على الله قبول كل ما عملوا من خير أو شر, وابطل امر الله تعالى ونهيه بذلك, وكانوا شركاء لله في ذلك , للاهمال الذي وقع منه , تعالى الله عن ذلك كله علوا كبيرا.
بل الله سبحانه له الامر والقوة والقدرة والتدبير, والسلطان المطلق في كل شيء , خلق الخلق فامرهم بطاعته , ونهاهم عن معصيته, واحتج عليهم برسله , وقطع عذرهم بكتبه, ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون , ويستوجبون بطاعتهم الثواب , وبمعصيتهم العقاب .
فالعبد هو الذي يفعل العمل الصالح الذي امره الله به, ويرتكب العمل السيء الذي نهاه عنه , بالقدرة والاختيار يعمل الخير الذي امر الله به, ويعمل الشر الذي نهاه عنه.
والله سبحانه ماامره بسيء الا وهو يعلم انه يستطيع فعله , وما نهاه عن شيء الا وهو يعلم انه يستطيع تركه , لانه ليس من صفته تعالى الظلم والجور, ولا العبث وتكليف العباد بما لايطيقون .
هذه حقيقة افعال العباد
الله سبحانه لايفعل القبيح
اتضح مما سبق بطلان مايقال من انه يجوز على الله سبحانه فعل القبيح , أو ان الله سبحانه مريدا لما يجري في هذا الوجود من ظلم وجور واعتداء وقتل, وسلب ونهب , وتشريد ومعاصي, وشرور ومفاسد, وغير ذلك من القبائح والمفاسد والشرور, او ان الكفر انما فعله الكافر بارادة الله سبحانه.
هذه الاقوال ليست باطلة فحسب, بل هي كفر ايضا, اذ يلزم منها ان يكون العاصي مطيعا لله في عصيانه, والظالم مطيعا لله في ظلمه, والكافر مطيع له بكفره, وهكذا...
فيكون الله تعالى اسمه- حيث نهى عن الظلم والمعصية- قد نهى عما يريد واراد مانهى عنه, وهذا الامر لايمكن ان يصدر من البشر العاديين , فكيف يصدر عن الله تعالى, الخالق العليم, القدير الحكيم.
واي رب يفعل هذا القول ان تكون له الايات الواردة في القران الكريم التي تدل على تنزيه الله سبحانه عما هو قبيح وظلم , والتي قرأت بعضها في اول البحث, كلها على خلاف الواقع, ان هذا لظلم عظيم لله , نبرأ منه ويبرأ منه كل مسلم, ولا يقول به الا كل افاك مهين
الخلاصة
ان افعال العباد اختيارية غير مجبرين عليها ولا مفوضين فيها, وانما هم يتصرفون وبوجدون اعمالهم وافعالهم بمحض اختيارهم بقوة الله ومشيئته, الا ان الاقدار منه تعالى لايستدعي الجبر , لانه اثابهم واعقبهم الحسنى والاجرعليها, ولامعنى للثواب والعقاب مع الجبر.
وكذلك لم يفوض الله سبحانه لهم الامور , لانه تعالى منعهم عما هو شر وفاسد, وعاقبهم على مايتصرفونه على خلاف مراده وامره, ولامعنى للعقاب ولا للامر اذا كان التفويض موجودا , وهذا معنى ماورد عن اهل البيت ( لاجبر ولا تفويض , ولكن الامر بين امرين)
(3)
مايقتضيه العدل في القضاء والقدر


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 33  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 06:45 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


(3)
مايقتضيه العدل في القضاء والقدر
ومن خلال ماعرفناه في افعال العباد , وانها امر بين الامرين, نعرف ان القضاء داخل في هذا الامر ايضا, وليس فيه جبر ولاتفويض.
وعلينا ان لانخوض في هذه المسألة بأكثر من حدود ادراك الانسان وما قرره الائمة في ذلك, لان المسألة من اخطر المسائل وادقها, فالمتكلمون والفلاسفة وغيرهم خبطوا فيها خبط عشواء , وليس ادق مما ذكره الائمة الاطهار في تحديدها , وهو (( الامر بين الامرين)).
الاحاديث الشريفة
سأ ل رجل امير المؤمنين بعد انصرافه من صفين فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين؟
قال ( الامر بالطاعة, والنهي عن المعصية, والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية, والمعونة على القربة اليه, والخذلان لمن عصاه , والوعد والوعيد والترغيب والترهيب, كل ذلك بقضاء الله في افعالنا وقدره لاعمالنا) ( بحار الانوار المجلسي 5/96 ب 3 القضاء والقدر ح 20 , الارشاد المفيد 1/ 226)
وفي كلام آخر له لما سأله , أكان مسيرنا الى الشام بقضاء الله وقدره ؟ قال
( ويحك لعلك ظننت قضاءا لازما وقدرا حاتما, لو كان ذلك كذلك, لبطل الثواب والعقاب, وسقط الوعد والوعيد , ان الله سبحانه امر عباده تخييرا, ونهاهم تحذيرا, وكلف يسيرا, ولم يكلف عسيرا, واعطى على القليل كثيرا, ولم يعص مغلوبا, ولم يطع مكرها, ولم يرسل الانبياء لعبا, ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا, ولا خلق السماوات والارض وما بينهما باطلا ( ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )
(4)
مايقتضيه العدل في البداء
عقيدة الشيعة بالبداء ومواجهتهم بذلك
يعتقد الشيعة بالبداء في التكوينيات بمعنى الاظهار بعد الاخفاء , لابمعنى الظهور بعد الخفاء.
وهذه المسألة من المسائل المهمة التي وقع الكلام فيها بيننا وبين السنة, فانهم ذهبوا الى استحالة البداء على الله سبحانه لاستلزامه الجهل على الحكيم, ولكنهم نسبوا الى الشيعة القول به بمعناه الممتنع, فأدعوا اننا نجوز على الله الجهل , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ونحن نبرأ من هذا القول المفترى علينا براءة الذئب من دم يوسف, ونقول ان اخواننا السنة لم يفهموا مانريده من البداء, ولك يطلعوا على حقيقة قولنا ورأينا في هذه المسألة, مما ولد الفجوة الكبيرة بيننا وبينهم, وسبب ذلك انهم ينسبون لنا اشياء غير موجودة عندنا ولا نقول بها ابدا, من دون ان يطلعوا على راينا او يعرفوا واقع عقائدنا, مع انها في كتناول اليد , حيث اننا لانخفي شيئا مما نعتقد, ولانقول الا بما هو واضح وصريح بما نؤمن .
ولبيان الحقيقة في هذه المسألة سأوضح النقاط التالية
ماهو البداء؟
البداء في اللغة مشتق من بدا بمعنى ظهر
يقولون بدا الشيء يبدو بداءا, وبدا له بداء اي نشأ له راي اخر ( لسان العرب ابن منظور 14/65 مادة بدا) وظهر له استصواب شيء غير الاول, وفلان ذو بداوة اي لايزال يبدو له راي جديد ( مجمع البحرين الطريحي 1/ 167 مادة بدو) .
فمعنى البداء لغة التبدل في الرأي الى راي آخر لم يكن محتسبا سابقا, ويترتب على ذلك تبدل عزمه من حيث العمل نتيجة حدوث ماغير رايه, ومن الواضح انه يكون نتيجة الجهل وناشئا عنه
اقسامه
البداء
البداء عند المتكلمين ذو معنيين
الاول بمعنى( الظهور بعد الخفاء)
الثاني بمعنى ( الاظهار بعد الاخفاء)
البداء الممتنع
البداء بالمعنى الاول ( الظهور بعد الخفاء) ممكن في حق الانسان , اما بالنسبة الى الله سبحانه فهو ممتنع عقلا , لانه يستلزم الجهل اليه وهو منزه عنه, والشيعة لاقول بالبداء بهذا المعنى.
البداء الممكن هو اظهار وابداء
واما بالمعنى الثاني ( الاظهار بعد الاخفاء) فهو ممكن بالنسبة الى الله تعالى ولا قبح فيه , بل فيه فوائد يأتي الاشارة لها, وتسمية هذا النوع بداء ليس على وجه الحقيقة , بل هو من ضروب المجاز.
فالبداء الذي ننسبه الى الله تعالى انما هو بهذا المعنى , اي ان الله تعالى يظهر لمن يشاء من خلقه ماكان قد اخفاه عنهم وعلى خلاف مايحسبون , وهذا ما يقتضيه العقل ويسمى اظهارا وابداء.
علمه سبحانه تعلق بكل شيء من الازل
ان الله سبحانه عالم , وعلمه ازلي ( وقد احاط بكل شيء علما)
( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين).
وفي رواية منصور بن حازم قال ( سألت أبا عبد الله هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالامس ؟ فقال لا , من قال هذا فأخزاه الله . قلت أرأيت ماكان وما هو كائن الى يوم القيامة, أليس في علم الله عزوجل؟ قال بلى , قبل ان يخلق الخلق) ( الكافي الكليني 1/ 148 باب البداء ح 9-11)
فالله سبحانه قدر جميع الممكنات على اختلافها واشكالها قبل ان توجد وتخلق, وكتبها بمشيئته وارادته في اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب.
فكل شيء في هذا اللوح له تعين في علمه الازلي, وهذا مايسمى ب (( قضاء الله))
ولكن مع ذلك , فوجود ماتعلق به قضاؤه مرتبط بارادة الله ومشيئته, فكل ما تعلق به القضاء والتقدير لابد في وجوده من الارادة الالهية حسب اقتضاء الحكمة والمصلحة.
فيكون معنى تقدير الله للاشياء وقضاؤه فيها , ان وجودها مشروط بأن تتعلق مشيئته بها, حسب ماتقتضيه المصلحة والحكمة التي تختلف باختلاف الظروف, والتي يحيط بها سبحانه , فعلمه سبحانه انما تعلق به منوطا بمشيئته شاء اوجده وان لم يشاء لم يوجده.
مابدا لله كان في علمه وبارادته
حيث ان علمه سبحانه تعلق بكل شيء, فهو سبحانه يعلم في الازل كل شيء, ومن ذلك علمه سبحانه بما يبدو له وما لا يبدو له , فان مايبدو لله سبحانه , لايبدو له عن جهل ابدا كما اشرنا ويأتي مفصلا .
وفي الحديث عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله قال ( مابدا لله في شيء الا كان في علمه قبل ان يبدو له)
قضاء الله على اقسام
دلت الاخبار على ان القضاء محتوم وغير محتوم
والقضاء المحتوم هو الذي يكون التقدير الالهي فيه مبرما, وقضاؤه قطعي لايرد ولايبدل ولايتغير , اقتضت حكمته وسنته ذلك منذ الازل , كخلق الخلق واعطاء الاختيار للانسان ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وانتقال الانسان الى النشأة الاخرى ونحو ذلك.
وهذا النوع من القضاء قسمان قسم اطلع عليه ملائكته وانبياءه واخبرهم به, وقسم استأثر به سبحانه لنفسه.
واما القضاء غير المحتوم , فهو القضاء والتقدير الالهي الذي علقه سبحانه على شيء, كأن يقضي ويقدر لانسان عمرا معينا ولكنه يكون معلقا على عدم بره بوالديه أو عدم صلته لرحمه, فأن فعل ذلك تبدل قضاؤه فيه
يتضح مما سبق ان قضاء الله سبحانه على اقسام
العلم المخزون


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 34  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 09:59 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


العلم المخزون
القسم الاول القضاء والتقدير الذي لم يطلع عليه احد من خلقه حتى الانبياء وحتى نبينا محمد (ص) الذي هو اشرف الموجودات والمخلوقات.
ويسمى هذا النوع بالعلم المخزون الذي استأثر به تعالى لنفسه, ويعبر عنه باللوح المحفوظ وبأم الكتاب.
ومن الواضح ان هذا العلم وهذا القضاء لابداء فيه ابدا, بل يستحيل فيه ذلك, وانما ينشأ منه البداء بمعنى انه يكون سببا له, فان علمه المخزون هذا يبديه سبحانه ويظهره ان شاء.
روى الصدوق باسناده عن ابي بصير وسماعة, عن ابي عبد الله انه قال ( من زعم ان الله يبدو له في شيء اليوم لم يعلمه امس فأبرؤوا منه) ( كمال الدين وتمام النعمة الصدوق ص 170 بحار الانوار المجلسي 4/111)
وروى العياشي عن ابن سنان عن ابي عبد الله يقول ( ان الله يقدم ما يشاء , ويؤخر ما يشاء , ويمحو ما يشاء , ويثبت ما يشاء , وعنده ام الكتاب, وقال , فكل امر يريده الله فهو في علمه قبل ان يصنعه , ليس شيء يبدو له الا وقد كان في علمه, ان الله لايبدو له من جهل) ( بحار الانوار 4/121)
القسم الثاني القضاء الحتمي الذي اطلع واخبر به سبحانه الانبياء والرسل وملائكته.
فالخلاصة ان القضاء الحتمي , المعبر عنه باللوح المحفوظ , وبأم الكتاب , والعلم المخزون , عند الله يستحيل ان يقع فيه البداء , وكيف يتصور فيه البداء والله سبحانه عالم بجميع الاشياء منذ الازل( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين).
لوح المحو والاثبات
القسم الثالث القضاء غير المحتوم , وهو الذي يخبر الله به انبياءه ورسله وملائكته بوقوعه, ولكن لا بنحو الحتم والجزم, بل مشروطا ومعلقا على ان لا تتعلق مشيئته على خلافه, اي يكون وجود ذلك الشيء او رفعه مشروطا بشرط معين.
مثال ذلك
مارواه العياشي عن الحسين بن زيد بن علي عن الامام الصادق عن ابيه الباقر انه قال ( قال رسول الله (ص) ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاث سنين فيمدها الله الى ثلاث وثلاثين سنة, وان المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيقصرها الله الى ثلاث سنين او ادنى) ( المجلسي بحار الانوار 4/121)
فلو ان الله تعالى قدر عمر انسان ب ( خمسين عاما ) مشروطا ومعلقا , بمعنى انه سبحانه يزيد في عمره الى ( المائة) اذا بر والديه مثلا, أو وصل أرحامه, أو لم يقصر في اداء الفرائض والواجبات , او لم يتوان في اعطاء الصدقات للفقراء والمساكين, حسب مااقتضته حكمته سبحانه بالنسبة لذلك الانسان.
فتقدير العمر بالخمسين المثبت في لوح المحو والاثبات يسمى بالاجل المخروم.
فلو ان الله تعالى اطلع ملائكته أو انبيائه على العمر الاول لرجل من غير اعلامهم بالشرط, ثم لم يمت ذلك الرجل على الخمسين , فلأنه كان معلقا على عدم اتيانه ببعض ضروب البر مثلا وقد اتى بها, فيقولون بدا لله فيه.
فهنا لم يحصل اي تغيير او تبديل في علم الله ابدا حين وقع الشرط بل الموت والحياة وكل شيء من امور الانسان باق تحت سلطانه تعالى وقدرته وعلمه لم يتغير ولم يتبدل اطلاقا , لانه يعرف حال الانسان ويعرف كيف سيتصرف, وارادته تعالى ومشيئته نافذة في الحياة والموت.
فاذا لم يحدث الموت في الوقت المخروم , فلأن الله تعالى كتبه عليه وقدره في أم الكتاب مشروطا ومعلقا على احد الامور السابقة التي ذكرناها, وكما قال تعالى( يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب )
فأين نسبة الجهل الى الله تعالى , واين النقص الذي حدث له تعالى , فانه لا بداء اطلاقا , وانما هو ابداء واظهار للواقع الذي سيكون عليه الانسان مع القيود والاعتبارات والشروط.
البداء سبب لتمجيد الله والالتجاء اليه
حيث ان كل شيء تحت سلطان الله تعالى وتقديره وتدبيره وقدرته , حتى قلم المحو والاثبات , يمكننا ان نقول ان في البداء تمجيدا وتعظيما لله سبحانه, فانه لما كان الله سبحانه وتعالى يمحو ما يشاء ويثبت , كان ذلك سببا لان يتوسل اليه العبد ويدعوه بفنون الدعوات, ويتقرب اليه بالاعمال والمستحبات والصدقات وانواع البر والطاعات, ليكون مشمولا لرعاية الله سبحانه ولطفه ورحمته, فلعل الله بكرمه يمحوه من ديوان الاشقياء , ويكتبه في السعداء كما ورد في الادعية المأثورة عنهم ولعله سبحانه يرفع عنه الفقر او المرض ونحو ذلك من بلاءات الدنيا ويصلح امره.
كل ذلك بسبب البداء الذي يقع منه سبحانه( يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب)
وقد ورد في الاخبار الشريفة المعتبرة مايؤكد هذا الواقع, ففي رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله قال ( ما عظم الله عزوجل بمثل البداء) ( الكافي الكليني 1/146 باب البداء ح1)
وعن مالك الجهني قال سمعت ابا عبد الله يقول ( لو علم الناس مافي القول بالبداء من الاجر مافتروا عن الكلام فيه) ( المصدر السابق ح 12 بحار الانوار المجلسي 4/ 107-108)
والايات الكريمة تؤكد هذا الواقع ايضا وما اكثرها قال تعالى( وما يعمر من معمر ولاينقص من عمره الا في كتاب)
( ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض)
(فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا)
وغيرها مما يظهر ويؤكد ماذكرناه في معنى البداء وحقيقته, وانه يكون فيما كان مشروطا في التقدير والقضاء, وليس فيما هو في العلم المخزون.
(5)
مايقتضيه العدل في احكام الدين
تشريع الاحكام لمصلحة العباد , ونابع من علة وسبب
ومن مقتضيات العدل الالهي , ان احكام الشريعة باجمعها انما هي لمصلحة العباد ولضمان واقعهم وانتظام امورهم بما يحقق لهم الخير والسعادة.
وهذه الاحكام ايضا منطلقة من مبدأ المصلحة والمفسدة , بمعنى ان مافيه المصلحة امر به المولى , وان مافيه المفسدة نهى عنه .
وتسمى هذه المصالح والمفاسد ب (( العلة)) و (( الملاك)) وفائدتها ونفعها تعود الى المكلف , ولايعود شيء منها الى الله تعالى لانه غني غنى مطلقا , فلا حاجة لان يامر بشيء لمصلحته ومنفعته.
وعلة الحكم انما تأكيد لحكمته تعالى, وانه لم يكلف عبثا, ولاحكم لغوا, ولااراد شططا, فانا نستقبح من البشر العاديين ان تصدر اعمالهم بلا غاية ولاهدف, فكيف بالله الحكيم العليم الغني القوي ان تكون احكامه غير صادرة عن حكمة وعلة , ومن هنا كانت المصالح امورا بديهية في تشريع الاحكام.
لله في كل واقعة حكما
كما نؤمن بان لله تعالى في كل واقعة حكما , بمعنى انه ما من قضية تكون موردا يتعامل معه الانسان أو فعل من افعاله أو شأن من الشؤون بشكل عام يتعلق بالانسان وبهذا الوجود الا وله حكم معين - من الوجوب او الحرمة او الاستحباب او الكراهة او الاباحة , أو غيرها من الاحكام الاخرى الوضعية, كالصحة والفساد والطهارة والنجاسة ونحو ذلك- .
كل ذلك حفاظا على الحياة الانسانية وحماية لها من الفوضى والخلل, وحفاظا على المسؤوليات والحقوق والمصالح من الضياع والتهاون, وكذلك يربي في نفس المكلف روح المسؤولية والانضباط والالتزام والانقياد لله في كل شيء, بحيث يشعر بان الاحكام هي الحياة.
وهذا الامر مصدره القرآن الكريم والسنة الشريفة
قال تعالى( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)
وعن ابي عبد الله الصادق ( مامن شيء الا وفيه كتاب او سنة) ( الكافي الكليني 1/59 باب انه ما من شيء الا وفيه كتاب وسنة ح 2-4 وغيرهما)
فكل شيء موجود في الكتاب والسنة, نأخذه منهما ونستدل عليه بهما.
الفصل الخامس
النبوة


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 35  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Mar-2012 الساعة : 02:13 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الخامس
النبوة
النبوة لطف
يعتقد الشيعة ويؤمنون بانه يجب على الله تعالى- من باب اللطف- ان يرسل للبشر انبياء , يعلمونهم الكتاب والحكمة , ويبلغونهم اوامر الله تعالى ونواهيه , ويرشدونهم الى طريق الخير والحق والصلاح والفلاح, لانه من القبيح ان يخلق الله الناس ويتركهم هملا, وخلاف الحكمة ان يدعهم لانفسهم.
هذا مع ان الله سبحانه قد اودع في البشر قوى ترشدهم الى الحق والخير, وتردعهم عن الشر والباطل , كالعقل والضمير والفطرة , ولذلك ورد ان لله نعالى حجتين ظاهرة وباطنة .( ففي وصية الامام الكاظم لهشام وصفته للعقل ( ياهشام ان لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة, فأما الظاهرة فالرسول والانبياء والائمة , واما الباطنة فالعقول) انظر بحار الانوار المجلسي 75/301.
الا ان قوى الخير هذه لاتكفي وحدها لتمييز الحق من الباطل والخير من الشر , لان في الشر ايضا من العواطف والميول والغرائز مايحركهم نحو الاهواء والشهوات ومحبة الدنيا والمال.
فأذن يوجد عند الانسان نوازع الخير والشر والصلاح والفساد والهدى والضلال, كلها موجودة فيهم, ولكن ليس في قدرتهم تمييز ذلك بأنفسهم لجهلهم بهذه الامور وعدم احاطتهم بالواقع.
فرب خير قد يراه الانسان شرا, ورب شر قد يراه الانسان خيرا, حسب ادراكاته وحسب ماتزينه له نفسه الامارة بالسوء, وتقوده اليه ميوله وعواطفه.
وقد يعرف الخير والحق , ولكن تغلبه الاهواء والنفس الامارة تلبس له الحق بالباطل , فيعمل خلاف الحق جاهلا بما يحيق به من ضرر وخطر نتيجة ذلك.
فعوامل الصراع بين العقل والعاطفة والغرائز دائما محتدمة في نفس الانسان , فحتى تقوى عوامل وجنود العقل عند الانسان , وحتى يستطيع ان يتحكم في مواقفه في حالة الصراع هذه , احتاج الى من يقوي في نفسه العزيمة ويرشده الى الطريق السوي, ليحقق ماتهفو اليه نفسه ويعيش الحق والصدق والخير والصلاح, ويتجنب اسباب الشر والفساد والباطل والسوء.
الله تعالى يختار الرسل
واختيار النبي وتعيينه دائما يكون من قبل الله تعالى, وذلك لان النبي سفير الله ويبلغ عن الله, ويعمل بأوامره وينهى عن نواهيه, فلا يتم اختيار الرسل والانبياء الا من قبله تعالى, وليس للبشر حق الاختيار في ذلك , فهو تعالى يعلم حيث يضع رسالته.
معنى وجوب ارسال الانبياء
قلنا انه يجب على الله سبحانه ارسال الانبياء, ولكن ليس معنى ذلك ان احدا يأمره بذلك أو ان العقل يلزمه به , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا, فأنه سبحانه حاكم غير محكوم.
بل بمعنى ان كمال الله المطلق وغناه المطلق وعدله المطلق يكون بارسال الرسل والانبياء الى البشر لطفا بالعباد, لحاجتهم الى ذلك ولانه سبب خيرهموصلاحهم وانتظام وجودهم , فان اللطف مناسب لكماله المطلق.
المعجزات
ويعتقد الشيعة انه لابد لكل نبي مرسل من قبل الله تعالى من معجزة قاهرة تقترن بدعوى النبوة, وتكون دليلا على نبوته وحجة بين يديه على دعوته, وملزمة للعباد في تصديقه.
وتكون تلك المعجزة بحيث يعجز البشر عن الاتيان بمثلها, وتكون فوق مقدورهم مهما بلغوا من العلم والمعرفة والقدرة في كل الازمان والادوار, وتستوجب تصديقه, لانه يعلم من خلالها ووجودها ان صاحبها فوق مستوى البشر في صلته بالله سبحانه وفي دعوته الى الله عزوجل , وان الله سبحانه اراد ذلك ,فأنه يستحيل عليه تعالى تأييد الكاذب .
ولقد ظهرت المعجزات الكثيرة على ايدي الانبياء والمرسلين الذين ارسلهم الله سبحانه الى البشر , وكانت كل معجزة تتناسب مع عصر ذلك النبي وحالة مجتمعه والمعارف الموجودة عندهم والعلوم التي لديهم
معجزة موسى
كما في معجزة موسى التي كانت العصا , والتي تلقفت كل ما يأفكون , حيث كان السحر شائعا وفنا رائجا وقوة قاهرة في ذلك الوقت , فأبطل ماكانوا يصنعونه من السحر بعصاه التي تلقفت حبالهم وعصيهم , وبطل كل ماكانوا يعملون ويأفكون , وعلى اعين الناس وبمسمع ومراى منهم.
ولم تكن العصا المعجزة الوحيدة, بل كانت له معاجز اخرى جرت على يديه وقهرت عدوه, مثل الايات التي جاء بها والتي ذكرها القران الكريم ( وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء ) وقوله تعالى( واوحينا الى موسى اذ استسقاه قومه ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشر عينا ) .
فعرف السحرة ان ماجاء به موسى ماكان سحرا , وانما هو معجزة قاهرة باهرة, عجزوا ويعجز غيرهم عن الاتيان بمثلها , ولذلك آمنوا وانصاعوا واذعنوا للحق.
معجزة عيسى .
ومثل معجزة عيسى التي كانت في ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى, حيث كان الطب شائعا ومزدهرا بين الناس , وكان ابرز مايعرف به ذلك الزمان, فعجز الطب بكل نشاطاته واتساع معارفه وعلومه ومواضيعه ان يقف امام ما جاء به عيسى , أو يجاريه في شيء مما جاء به.
معاجز نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم
القران الكريم
ومثل معجزة النبي محمد (ص) التي هي القران الكريم , الذي جاء باسمى ومنتهى الفصاحة والبلاغة , حيث كانت البلاغة فنا متأصلا ومعروفا, وكانت الفصاحة اسلوبا متميزا مألوفا, وكان الفصحاء والبلغاء هم السادة والقادة للناس بحسن بيانهم ومنتهى فصاحتهم, فجاء القران باسلوبه السهل الممتنع بفصاحته وبلاغته , فأذهل الناس بفصاحته وبلاغته وعجزوا عن مجاراته, وقد تحداهم على ان يأتوا بمثله او بسورة من مثله , فلم يتمكنوا , قال تعالى( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القران لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)( وهذه الاية الكريمة تخاطب اهل ذلك الزمان , بل وغيره من الازمنة التي يمكن ان تأتي ويفكر اهلها بمعارضة القران الكريم , ويسمى هذا التحدي بالتحدي الكبير , ثم يأتي التحدي الاوسط , وهو ان يأتوا بعشر سور مثله, حيث قال تعالى( ام يقولون افتراء قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين ) , ثم يأتي التحدي الثالث وهو تحد ابسط من سابقيه وذلك بان ياتوا بسورة واحدة من مثله, قال تعالى( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين) وينتهي التحدي باظهار واقع المتحدي , وانه عاجز عن ان ياتي باقل من سورة.
وذلك لان القضية ليست قضية الفاظ يسطرها الانسان , ولا قضية معان تحكيها أو تحكي عمقها الالفاظ بتراكيبها الجميلة, وانما الامر اكبر من ذلك , فان القران في قضاياه ابعد من حدود الانسان وطاقاته, وضعت اياته في ضمن هذه الالفاظ والتراكيب التي يتصور انها تعني شكلا متشابها لما يأتيه الانسان , ولكنها في حقيقتها تدل على ان كل حرف منه له حركة وبعد في احتواء قضايا هذا الكون , وعطاء غير محدود في حركة الانسان والحياة, وهذا سر الاعجاز في القران الذي فيه تبيان كل شيء( أفلا يتدبرون القران أم على قلوب اقفالها).
القران معجزة من جميع الجهات
هذا وان اعجاز القران الكريم ليس في اللغة والبيان والفصاحة والبلاغة فحسب- وان كفى ذلك في الاعجاز- وانما اعجازه ابعد من ذلك لمن تدبر في اياته وما تضمنها مما كان او يكون الى يوم القيامة مما يحتاج اليه البشرز
فأعجازه ليس لزمان دون زمان , ولا لجيل دون جيل , بل للاجيال كلها , فكل جيل يقرؤه ويعيشه, يقر بأن القران جاء لعصره ومشمول بآياته ومطالبه, ويعجز عن الاتيان بمثله.
ويشهد بذلك المعارف والعلوم التي تحدث عنها القران واكدتها التطورات العلمية الهائلة والتقنية الدقيقة والانجازات والاكتشافات الواسعة في عصرنا الحاضر - حيث لم تكن موجودة في عصر نزول القران , ومع ذلك تحدث عنها القران-, فهذا دليل مهم وكبير على الاعجاز الباهر الصادق , وان القران هو المعجزة الخالدة.
الشريعة


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 36  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Mar-2012 الساعة : 01:28 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الشريعة
والشريعة من اهم المعاجز التي جاء بها النبي (ص) فقد احتوت هذه الشريعة على كل مايحتاج اليه البشر الى يوم القيامة, من احكام مختلفة, من عبادات ومعاملات, واخلاق واجتماع, واقتصاد , وصحة, وادارة, وسلوك وروحانيات وقضاء وجزاء , وحدود وقصاص وغير ذلك.
وهي تتلائم مع كل عصر وجيل, وتستوعب كل التطورات والمستجدات الهائلة التي تشهدها البشرية في كل مجالاتها وتتعايش معها, ولم تنس الاخرة وعوالمها , فان الاخرة هي دار القرار.
ومن المؤسف جدا ان المجتمع الانساني لم يدرك هذه الحقيقة, لان الناس لم يعيشوا الاسلام ولم يعرفوا احكامه, فلم تطبق شريعة الاسلام, عمليا كي يعرف أثرها وواقعها في الحياة الانسانية.
بل يمكننا ان نقول ان المسلمينأنفسهم- وان عرفوا شريعة النبي (ص) - الا انهم لم يعيشوها عمليا, وخاصة في اخلاقياتها, وبذلك لم يكونوا دعاة الى الاسلام , ولم يؤكدوا للاخرين ان دينهم هو افضل الاديان.
معاجز اخرى للنبي صلى الله عليه واله وسلم
وهناك معاجز اخرى كثيرة للنبي محمد (ص) تحدث عنها المؤرخون واهل السير, وذكرت في مجاميع خاصة( راجع مثلا بحار الانوار المجلسي فانه عقد لمعجزاته (ص) ابوابا كثيرة , ابتداء من الجزء 17 من ص 159 الى الجزء 18 ص 144).
عصمة الانبياء
ويعتقد الشيعة بان الانبياء باسرهم واوصياؤهم معصومون عن ارتكاب السيئات والمعاصي, الصغيرة والكبيرة, بل هم معصومون في كل احوالهم واوضاعهم عن الخطأ والنسيان, بل هم منزهون عن كل مايتنافى مع المروءة والتبذل بين الناس, وكل مايستهجن فعله عند عامة الناس وان لم تكن معصية.
معنى العصمة
العصمة هي قوة قدسية ونورانية يتلطف بها المولى الحكيم على المعصوم, ويجعلها في قلبه, تحجبه وتمنعه من الوقوع في المعاصي والقبائح والموبقات , وهي نوع من العلم يؤثر هذا التأثير بنحو لايتنافى مع الاختيار.
فهذه القوة القدسية النورانية وهذا العلم القدسي, هبة من الله سبحانه للمعصوم, كما وهب وخلق غيرها من الصفات والقوى في الانسان, كالقوة والقدرة والعقل والارادة والاختيار.
وهذا العلم الذي عنده سبحانه علم قطعي لايتغير ولا يتبدل ولايغلب اطلاقا, فان حقائق الامور بهذا العلم تكون مكشوفة لديه.
وقد دلت على ذلك الاية الكريمة( وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ) فقسمت الاية العلم الى قسمين
1- ( كتاب ) و ( حكمة) وهذا متعلق بشؤون المكلفين ونظامهم.
2- و( علم خاص بالمعصوم ) ( وعلمك ما لم تكن تعلم) , فأن اثره ومتعلقه انصراف المعصوم عما يضاد هذا العلم , بشكل قطعي للقوة الموجودة فيه والرادعة له.
وهذا العلم لايتنافى مع الاختيار, لان الانسان فاعل بالعلم والارادة والاختيار, ومثله مثل الذي يعلم بالسم وخطر السم, فانه يمتنع عنه وعن شربه باختياره وارادته, لعلمه بخطره وضرره, وهكذا امتناع المعصوم عن المعاصي والموبقات بالاختيار لا بالجبر والالجاء , والا لم يكن علم ولا ارادة ولا اختيار ولا تكليف.
الادلة على العصمة
دليلنا على العصمة العقل والنقل
الدليل العقلي على ضرورة العصمة
العصمة في النبي امر ضروري يتلائم ومنطق العقل والرسالة السماوية التي جاء بها النبي من عند الله تعالى, لان النبي سفير الله في الارض للعباد, يبلغ احكام الله ويدبر شؤون العباد بما فيه خيرهم وصلاحهم وانتظام امورهم بأحسن وجه واكمل حال.
فالعقل يرى - من خلال ادراكه لمقام النبي ووظيفته- ان النبي ليس كسائر الناس في عقله وكمالاته وملكاته وفي كل اوضاعه, وانه ينبغي ان يكون في قمة الكمال والفضائل , لايدانيه في ذلك احد, وان يكون بعيدا عن النقائص والرذائل والمعائب في الخلق والخلق والعقل والروح والنفس, وعن التصرفات المبغوضة التي تؤثر في اوضاعه ومنصبه كنبي وسفير من قبل الله تعالى.
لذلك يجزم العقل بضرورة كون النبي معصوما عن كل مايخل بذلك لكي يطمئن الناس الى واقع مايبلغهم اياه وينقله اليهم من قبل الله سبحانه وتعالى, ولكي يتحقق الهدف الاسمى الذي اراده الله لعباده , اذ لاطريق لذلك سوى العصمة التي تفضل بها المولى عليه, والتي امتاز بها عن سائر الخلق.
والا لكان ارسال من لاعصمة له خلاف الحكمة الالهية من ارسال الانبياء, وكان ايضا نقصا في المرسل , وخلاف علمه سبحانه بما يحيط بالرسالات السماوية من ظروف قد تعيق تحقيق اهدافها , تعالى الله عن ذلك كله , فانهسبحانه قادر على تزويد رسله بما يحفظ الرسالات ويحقق الاهداف منها
العصمة ضرورية مطلقا في التبليغ وغيره والادلة على ذلك
هنا سؤال وهو ان العقل حين يحكم بضرورة العصمة هل يحكم بضرورتها في بعض الشؤون - كالتبليغ فقط مثلا كما يدعيه البعض-؟
او انه يحكم بضرورتها في كل الشؤون في التبليغ وغيره, وحتى بالنسبة للخطأ والنسيان وكل ما ينافي المروءة وغير ذلك؟
والصحيح الذي يعتقد به الشيعة هو ان العقل حين يحكم بضرورة العصمة انما يحكم بها بشكل مطلق وفي كل الشؤون , في التبليغ وغيره, عن الخطأ والنسيان, بل عن كل ماينافي المروءة والكمال وغير ذلك.
فما يقال بان النبي معصوم في التشريع والتبليغ فقط , فهو قول خاطئ وباطل , عقلا ونقلا كما سيتضح ان شاء الله تعالى.
الدليل الاول
ان العقل -كما ذكرنا سابقا- لايحكم الا بعد ان يتحقق موضوعه ويستوفي تمام شروطه وما يعتبر فيه بحيث لايكون هناك ادنى شك فيه, وحينئذ يكون حكمه حكما قطعيا جازما, لانه يكون قد ادرك الحقيقة كالشمس الطالعة.
وذكرنا هنا ان العقل يحكم بضرورة عصمة النبي والرسول والوصي , لانه اذا لم يكن معصوما لايمكن ان يتحقق الهدف الاسمى الذي اراده الله للعباد, وان الرسالات السماوية- التي جعلها الله المنطلق والدستور- لايمكن ان تصل الى تحقيق الاهداف السامية بشكلها الصحيح الا بعصمة مبلغيها, وكذلك لايمكن ان يتعامل البشر مع رسول لايتميز عنهم بشيء من الخصائص والكمالات والفضائل القدسية التي توجب الثقة والاطمئنان به, وهذا يعني انه لابد ان يكون معصوما في كل احواله واوضاعه.
فالنتيجة انه لابد من ان يكون النبي والوصي معصومين في كل الاوضاع والاحوال, لان حكم العقل بضرورتها غير قابل للتخصيص والتجزئة والتبعيض مادام انه لايجوز بنظره ان تصدر منه المعصية او الخطأ, فحين يحكم بضرورة العصمة يحكم بها بشكل مطلق وفي كل الشؤون , في التبليغ وغيره, وعن الخطأ والنسيان , وكل ما ينافي المروءة.
الدليل الثاني
ان العصمة من الامور البسيطة غير المركبة , فهي اما ان تكون موجودة او غير موجودة.
وعليه فاذا امكن في حقه الخطأ والنسيان , كان معنى ذلك امكان وقوع الخطأ والنسيان في كل شيء يفعله حتى التبليغ, لان امكانية الخطأ عندما تكون موجودة , يكون وجودها ممكنا في كل شيء.
مع ان مجرد احتمال وقوع الخطأ والمعصية منه يكفي في عدم وجوب اتباعه, وفي التشكيك بما يبلغه, وعلى هذا يصبح شأنه شأن بقية الناس لا قيمة لكلامه, ولا اهمية لتبليغه, ولاوزن لفعله, ولاطاعة لاوامرهو ولاانزجار عن نواهيه, مع انه غير ذلك قطعا , لانه معصوم مطلقا وفي كل شيء كما اسلفنا.
الدليل الثالث
ان النبي لو كان يفعل المعصية ويصدر منه الخطأ والنسيان , فأما ان نقول بوجوب اتباعه في هذا الحال , أو بعدم وجوب اتباعه؟
( فان قلنا ) بوجوب اتباعه حتى لو كان يفعل المعصية او يخطئ وينسى
فمعناه قد انه قد اجيز اتباع من يخطئ برخصة من الله سبحانه, بل معناه انه قد اجيزت المعصية نفسها وانه لامانع منها ومن فعلها ومن فعلها برخصة من الله سبحانه وتعالى.
وهذا باطل بالضرورة والعقل .... لانه من القبيح, ومن غير المعقول ان يكلفنا المولى باتباع من فعل المعصية, وباتباع من يخطئ وينسى في امور الدين والشريعة , بل في كل الامور.
( وان قلنا) بانه لايجب اتباعه في هذا الحال , اي حال المعصية وحال الخطأ والنسيان.
فهذا يعني انه ليس بنبي , وبذلك تنتفي فائدة البعثة والنبوة, وذلك لانه في حالة ارتكابه للمعصية تنتفي الثقة في افعاله , ولايحصل التصديق في اقواله, لاحتمال الخطأ والمعصية عندئذ, ومعه تضيع الاحكام وتختل الموازين العقلية والعرفية.
من هنا نقول بشكل قاطع جازم ان النبي معصوم ومطيع دائما وابدا, ولايخطئ ولاينسى في كل الاوضاع والاحوال.
حياة المعصوم كلها تبليغ
فظهر ان العصمة مطلقة وليس خاصة بالتبليغ, ومن يدعي غير ذلك فهو لايعرف مقام النبوة , ولايعرف ان حياة النبي والوصي كلها تبليغ, وان كل شيء يفعله ويقوله ويقرره ويتحرك معه منطلق من الشريعة واحكامها وواقعها, ومن طاعة الله المطلقة, ومنطلق من القران وموافق لايات الله البينات التي لايأتيها الباطل ابدا
الدليل النقلي على عصمة الانبياء
استدل على العصمة للانبياء والاوصياء من القران الكريم بآيات بينات , ومن السنة بروايات
( فمن الايات) قوله تعالى( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)
ودلالة الاية على العصمة واضحة وجلية لمن تأمل فيها , فان المقصود من الرجس , الذنوب والقبائح والموبقات التي تخل بمقام النبي والامام , والحصر ب ( انما) تأكيد على الطهارة من الرجس والمعاصي واقعة حتما , كقوله سبحانه( انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون)
ولايمكن في هذا المقام ان يتخلف مراده عن ارادته, فان ارادته تعالى هي العلة التامة بالنسبة لمخلوقاته, وتخلف المعلول عن علته مستحيل, وهذا من المسلمات ان لم يكن من البديهيات.
ولما كان الله سبحانه وتعالى يعلم ماذا سيختار العبد في افعاله قبل ان يوجد العبد, وقد علم الله سبحانه من اهل البيت انهم لايختارون الا الطاعة ورضى الله سبحانه , فاراد لهم العصمة, فارادته تعالى لهم العصمة لانهم هم يريدون الطاعة واختاروها, فارادته تعالى مشروطة بعلمه, فلا تخلف في مراده عن ارادته.
فالاية تدل على ان العصمة بالاختيار وليست بالجبر والالجاء
( ومنها) قوله تعالى( واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين)
فقد تضمنت الاية الكريمة سؤال ابراهيم ربه ان يجعل الامامة في ذريته, لمكانة هذا المنصب وشرفه وعظمته.
فأجابه المولى عزوجل ان ( عهدي) وهو الامامة لايناله ظالم, وليس من المعقول ولا المتصور ان يسأل ابراهيم هذا المنصب لظالم أو لعاص مهما كان ظلمه , لنفسه أو لغيره, وسواء كان الظلم دائما ومستمرا منه, أو كان لحظة من الزمن, فمن كان يجري عليه اسم الظالم لايمكن ان ينال عهد الله وهو الامامة.
فالاية تدل على ضرورة العصمة في النبي , وكذلك في الوصي.
الامامة منصب الهي
والذي يستفاد من الاية ايضا ان مقام الامامة مجعول من الله سبحانه وان الامامة ليست بالاختيار والانتخاب, لقوله سبحانه( اني جاعلك للناس اماما) ولقوله ( قال لاينال عهدي الظالمين)ولقوله تعالى( وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا)
( ومن الروايات ) قول ابي عبد الله للزنديق عندما سأله من اين اثبت الانبياء والرسل ( ... وهم الانبياء وصفوته من خلقه , حكماء مؤدبين بالحكمة, مبعوثين بها, غير مشاركين للناس, على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب , في شيء من احوالهم , مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة ....) ( الكافي الكليني كتاب الحجة 1/168 ح1)
صفات النبي
ويعتقد الشيعة ان النبي يجب ان يكون متصفا بافضل الصفات ومتميزا في قواه العقلية والايمانية والجسدية والنفسية , ويكون في قمة الكمالات والفضائل والمميزات التي تتناسب مع مقامه الذي يمثله بين الله وبين عباده.
فيجب ان يكون - مضافا الى العصمة التي تحدثنا عنها- افضل الناس في جميع الجهات , بحيث لايكون احد افضل منه ايمانا وعقلا , وعلما وتقوى, وشجاعة وعفة, وعدالة وحكمة, وزهدا واخلاقا, وامانة وصدقا, وتدبيرا وسياسة, وغير ذلك.
وكذلك يجب ان يكون النبي سليما معافى في بدنه من العاهات والافات, كالعمى والعرج والزمانة- اي العاهة- والبرص والجذامة وغيرها من المعائب الجسدية.
كما يجب ان يكون طاهر المولد , ولايكون في آبائه من تولد من زنى.
كل ذلك لكي تطمئن القلوب والنفوس اليه, وترتاح القلوب والعقول لكلامه وما يلقيه, وتتوجه اليه بكل ثقة وقناعة, وانه اهل لهذا المقام والمنصب الخطير.
وكذلك يلزم ان يكون جميع آبائه مؤمنين بالله سبحانه, لان لوثة الكفر تؤثر كما تؤثر كما يؤثر الزنا في النسب , فلا ترتاح اليه النفوس ولاتطمئن اليه القلوب.
اما العلم , فعلمه يكون من الله سبحانه( وما ينطق عن الهوى* ان هو الا وحي يوحى) ولذلك اذا سئل لايقول ( لا اعلم) , لانه- كما ذكرنا- علمه من الله وليس بالتكسب , فهو يمد دائما بما هو الحق والواقع من الله
آباء الانبياء والاوصياء كلهم مؤمنون


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 37  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Mar-2012 الساعة : 04:28 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


آباء الانبياء والاوصياء كلهم مؤمنون
يعتقد الشيعة اعتقادا جازما بان جميع آباء النبي والائمة وكذلك الانبياء والاوصياء السابقين , كلهم على الايمان والتوحيد, والعفة والنزاهة وطهارة المولد, من لدن آدم اليهم , هذه السلسلة التي حملتهم , بأجمعها على الايمان والعفة والطهارة , لم تدنسهم الجاهلية بانجاسها , ولم تلبسهم من مدلهمات ثيلبها( هكذا ورد في زيارة الامام الحسين , والمدلهم مبالغة من ادلهم , يقال ادلهم الظلام اي كثف واسود)
ويستدل على ذلك بالعقل والنقل
أما حكم العقل بايمان
آباء الانبياء
فلأن العقل يرى ان عدم وجود هذه الصفات في المولد- الايمان والتوحيد والنزاهة والطهارة- وهو بحكم العقل نقص, والنبي منزه عنه لان له الكمال المطلق بعد الله, والوصي ايضا له الكمال المطلق بعد النبي , فان لهم الكمال من جميع الجهات حتى في هذه الناحية, والا فقد الافضلية.
وايضا النطفة تتأثر بالمحضن والجو الذي تعيش وتكبر فيه, وقد ورد في الاخبار الشريفة في كتاب النكاح ما يؤكد هذا الواقع, مثل قولهم ( اختاروا لنطفكم فان الخال احد الضجيعين) ( وسائل الشيعة ( آل البيت) 20/48 باب 13 من ابواب مقدمات النكاح ح 2) ومثل قوله (ص) ( اياكم وخضراء الدمن , قيل يارسول الله وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء في منبت السوء) ( الكافي الكليني 5/332 وقريب منه كنز العمال 16/ 496)
بل ان المؤثرات الخارجية مثل الاكل والشرب تؤثر في النطفة ايضا, وقد ورد ان ولد الانسان من رزقه و وعليه فان اي لوثة من الشرك وغيره تؤثر في النطفة.
هذه المعاني تأكيدات لمنطق العقل , وان عالم النبوة والامامة لما كان يمتاز بانه طهر ونزاهة وقدسية وواقعية, فيجب ان يكون كذلك في جميع مراحل حياته من بدايتها حتى نهايتها.
واما السنة الشريفة
فالاخبار كثيرة جدا في هذا الموضوع
ورد في الحديث ان رسول الله (ص) قال (... حتى اذا اراد الله عزوجل ان يخلق صورنا , صيرنا في عمود نور , ثم قذفنا في صلب آدم , ثم اخرجنا الى اصلاب الاباء وارحام الامهات, ولايصيبنا نجس الشرك ولاسفاح الكفر , يسعد بنا قوم , ويشقى بنا آخرون , فلما صيرنا الى صلب عبد المطلب اخرج ذلك النور فشقه نصفين ..... الحديث) ( علل الشرائع الصدوق 1/209 حديث 11 , وعنه بحار الانوار المجلسي 35/34 ح 32)
وقال النبي (ص)( ياعلي كانت الطينة في صلب آدم ونوري ونورك بين عينيه , فما زال ذلك النور ينتقل بين اعين النبيين والمنتجبين حتى وصل النور والطينة الى صلب عبد المطلب فافترق نصفين... الحديث)( بحار الانوار 25/3 ح 5)
وقال (ص) ( ياعلي انت زوج سيدة النساء فاطمة ابنتي, وابو سبطي الحسن والحسين , ياعلي ان الله تبارك وتعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه , وجعل ذريتي من صلبك, ياعلي من احبك ووالاك احببته وواليته, ومن ابغضك وعاداك ابغضته وعاديته, لانك مني وانا منك, ياعلي ان الله طهرنا واصطفانا ولم يلتق لنا ابوان على سفاح قط , من لدن آدم ..... الحديث)( امالي الصدوق ص 450 وعنه بحار الانوار 38/ 103)
والاخبار في هذا المعنى مروية من السنة والشيعة ( كنز العمال المتقي الهندي 11/428 و 12/ 427 وتاريخ دمشق ابن عساكر 3/ 408 , البداية والنهاية ابن كثير 2/ 318 وغيرها)
وقوله (ص) في الرواية المتقدمة ( فما زال ذلك النور ينتقل بين اعين النبيين والمنتجبين) تأكيد على الايمان والطهارة.
ويوضح هذه الحقيقة صراحة الحديث المروي عن ابن عباس في قوله تعالى( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) قال
( خلق الله نطفة بيضاء مكنونة, فجعلها في آدم ثم نقلها من صلب آدم الى صلب شيث, ومن صلب شيث الى صلب أنوش, ومن صلب أنوش الى صلب قينان , حتى توارثتها كرام الاصلاب من مطهرات الارحام , حتى جعلها الله في صلب عبد المطلب , ثم قسمها نصفين , فالقى نصفها الى صلب عبد الله , ونصفها الى صلب ابي طالب, وهي سلالة - اي خلاصة- , فولد من عبد الله محمدا ومن ابي طالب عليا.... الحديث) ( تفسير فرات الكوفي ص292 وعنه بحار الانوار 43/145)
وحين نتتبع مابين ايدينا من تاريخ الانبياء والاوصياء نجد انهم كما ذكر الحديث الشريف , سلسلة كرام ومؤمنين وموحدين ومنزهين وطاهرين لايشوبهم شيء ابدا من دنس الشرك والجاهلية.
ايمان آباء الانبياء في القران الكريم
اما القران فهو يؤكد هذه الحقيقة ايضا
قال تعالى( واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين)
فالمستفاد من الاية الكريمة ان ذرية ابراهيم منهم ظالم ومنهم غير ظالم , ولكنالعهد الالهي لايناله الظالم منهم ابدا.
ويؤكد هذا التقسيم- اي تقسيم الناس الى ظالم وغير ظالم- قوله تعالى( وباركنا عليه وعلى اسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين)
فالمحسن وغير الظالم لنفسه هو الذي تكون فيه النبوة والامامة , وتستمر على عهد الله وميثاقه, لانها ذرية مؤمنة.
وهذا المعنى تفسره الاية الكريمة, قال تعالى( ولقد ارسلنا نوحا وابراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) فالنبوة مجعولة في ذريتهما , الا انه لاينالها الظالم منهم ابدا , لان آية( واذ ابتلى ابراهيم...) تكون مخصصة لها , لان العهد الالهي من المستحيل ان يحمله ظالم ابدا, بل الذي يحمله هو خصوص المحسن , والذي له صفات الهدى والايمان )
ويوضح هذه الحقيقة قوله ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) فان من آيات وعلائم النبوة استجابة الدعاء , وقد طلب ابراهيم ان يكون هو ومن ذريته من يقيمون الصلاة , وهذا تأكيد على ان من يكون من الذرية حاملا للنبوة يجب ان يستمر على الهدى والصلاة , واما غيره فلا.
وكما قال تعالى ( فمن تبعني فأنه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم) وقال تعالى مخاطبا نوحا ( قال يانوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح ) وقال تعالى ( ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه)
فقد اخرج تعالى العصاة والسفهاء والظالمين وغير المهتدين من ذرية ابراهيم حكما, فهؤلاء لايمكن ان يحملوا النبوة والامامة ويمونوا سببا وواسطة فيها ابدا, لانه خلاف العهد والميثاق الالهي في النبوة والامامة , وخلاف الطلب الذي طلبه ابراهيم ان يكون مقيم الصلاة ومن ذريته, وان يكون مستمرا عليها.
وكذلك في قوله تعالى ( واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم* ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم )
فانه تاكيد على ان تكون الذرية منهما عليهما السلام مسلمة ومستمرة في ايمانها واسلامها وفي اقامتها الصلاةو وهذا ماكان في ذريتهو وهم آباء النبي (ص) وامهاته , والائمة وامهاتهم.
كما اكدته السنة الشريفة التي وقفت على ماورد فيها , فهذه كلها تؤكد ايمانهم ودليل عليهو وخاصة قوله (ص) في الروايات المتقدمة ( ياعلي ... ولم يلتق لنا ابوان على سفاح قط من لدن آدم ).
وكذلك استغفار نوح لوالديه واستغفار ابراهيم لوالديه ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات) حيث لايصح الاستغفار لغير المؤمن ابدا.
وكذلك قوله تعالى( وتقلبك في الساجدين) اي تنقلك في اصلاب الساجدين وارحام الساجدات, فان الالف واللام في ( الساجدين) للاستغراق, اي كل الساجدين , الاباء والامهات.
ومهما يكن من امر , فان القول بطهارة وايمان آباء الانبياء من اهم الامور و وليس لدى الشيعة ادنى شك في ايمانهم ابدا, ولم ينكر ذلك الا من كان في قلبه مرض او قصر باعه في التحقيق والتدقيق في هذا الامر

ايمان ابي طالب


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 38  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-Mar-2012 الساعة : 05:10 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ايمان ابي طالب
وبالمناسبة اود ان اذكر بالخصوص ايمان ابي طالب , الذي لعبت السياسة الاموية دورا كبيرا في تشويه صورته الايمانية, وانه مات على الشرك.
ولاشك ان هذا المعتى كان مقصودا بحيث سخرت له الاقلام , وبذلت من اجله الاموال الطائلة , ولم يكن عداء ابي طالب بمقدار ما كان القصد منه النيل من الامام علي والعداوة له , ومع ذلك لم يفلح الامويون في تأكيد ذلك, لان ماوقعوا فيه من الخطأ, ومن ارتداد التكفير عليهم, اكبر من تكفيرهم لابي طالب , فأرتد مكرهم عليهم, فقد وقعوا في تكذيب النبي (ص) في هذا الموضوع كما ستعرف من خلال الكلام على تأكيد ايمان ابي طالب.
واختصر موضوع ايمان ابي طالب في عدة نقاط تدل وتؤكد ايمانه- واما البحث المفصل فله محل آخر-.
1- ترحم النبي (ص) عليه واستغفاره له بعد موته
لو كان ابو طالب كافرا لما صح للنبي (ص) ان يستغفر له , قال تعالى ( ماكان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا الوي قربى من بعد ماتبين لهم انهم اصحاب الجحيم) , واستغفار النبي (ص) له ثابت في الروايات( قال العلامة المجلسي في بحار الانوار 35/163 ( قالوا وقد جاءت الرواية ان ابا طالب لما مات داء علي الى رسول الله(ص) فآذنه بموته , فتوجع عظيما وحزن شديدا ثم قال امض فتولى غسله, فاذا رفعته على سريره فأعلمني , ففعل, فأعترضه رسول الله (ص) وهو محمول على رؤوس الرجال فقال له وصلتك رحم ياعم, وجزيت خيرا, فلقد ربيت وكفلت صغيرا, ونصرت وآزرت كبيرا, ثم تبعه الى حفرته فوق عليه وقال أما والله لاستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان) وقال ايضا ص167 ( وورد في السيرة والمغازي ان عتبة بن بيعة - او شيبة - لما قطع رجل عبيدة ابن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر أشبل عليه علي وحمزة -اي عطفا عليه- فأستنقذاه منه وخبطا عتبة بسيفهما حتى قتلاه, واحتملا صاحبهما من المعركة العريش فألقياه بين يدي رسول الله (ص) وان مخ ساقه ليسيل فقال يارسول الله لو كان ابو طالب حيا لعلم انه قد صدق في قوله
كذبتم وبيت الله نخلي محمدا ولما نطاعن دونه ونناضل
وننصره حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل
فقام رسول الله (ص) واستغفر له ولابي طالب يومئذ.
2-دعاء النبي (ص) له
لما توفي ابو طالب دعا له النبي (ص) وقال ( وصلتك رحم ياعم , وجزيت خيرا)( نفس المصدر السابق) ولو كان ابو طالب مشركا لما صح من النبي (ص) ان يدعو له , ولما صح له ان يطلب له الخير.
3- حزنه عليه
من المعلوم ان ابا طالب لما توفي وتوفيت معه خديجة في عام واحد , سمى النبي (ص) ذلك العام عام الحزن (راجع مناقب آل ابي طالب , ابن شهر آشوب 1/150 بحار الانوار المجلسي 19/15 وغيرهما) ولو كان ابو طالب مشركا لما صح ان يحزن عليه ابدا
4- اشعاره
اشعار ابي طالب التي طبقت الخافقين, لهي اكبر دليل على ايمانه وتوحيده منها قوله رضوان الله عليه
ألم تعلموا انا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في اول الكتب( بحار الانوار 35/92)
وقوله ايضا
والله لن يصلوا اليك بجمعهم حتى اوسد في التراب دفينا
فأصدع بأمرك ماعليك غضاضة وابشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني وذكرت انك ناصحي ولقد نصحت وكنت قبل امينا
وذكرت دينا قد علمت بأنه من خير اديان البرية دينا
( الغدير الاميني 7/351 بحار الانوار 35/124 وروي من مصادر اخرى باختلاف يسير , راجع مثلا مناقب آل ابي طالب ابن شهر آشوب 1/53 بحار الانوار 35/147 تاريخ اليعقوبي 2/31)
وقوله
وايده رب العباد بنصره واظهر دينا حقه غير باطل
بحار الانوار 35/166 وهي القصيدة المشهورة التي يقول فيها
وابيض يستسقى الغمام بوجهه****** ثمال اليتامى عصمة للارامل
وشعره كثير جدا , ويثبت ايمانه الصادق ويقينه الواضح
5- ابقاء فاطمة بنت اسد عنده
وفاطمة بنت اسد رضي الله عنها من السابقات الى الاسلام, وهي ثاني امراة آمنت برسول الله (ص) ولو كان ابو طالب كافرا لما صح للنبي (ص) ان يبقيها عنده( روي ان الامام علي بن الحسين سئل عن ايمان ابي طالب فقال , واعجبا ان الله تعالى نهى رسوله ان يقر مسلمة على نكاح كافر , وقد كانت فاطمة بنت اسد من السابقات الى الاسلام ولم تزل تحت ابي طالب حتى مات ) بحار الانوار 35/157
6- وصيته رضوان الله عليه
فقد ذكر اصحاب السير ان ابا طالب لما حضرته الوفاة, اجتمع اليه اهله, فأنشأ يقول
أوصي بنصر نبي الخير مشهده عليا ابني وشيخ القوم عباسا
وحمزة الاسد الحامي حفيفته وجعفرا ان يذودوا دونه الناسا
كونوا فدى لكم امي وما ولدت في نصر احمد دون الناس اتراسا( بحار الانوار 35/175)
فقد اقر بنبوته, ومن قبل اقر بالرسالة عندما نزلت هذه الاية( وانذر عشيرتك الاقربين) تقول الرواية الواردة عن ابن عباس عن علي في تفسير هذه الاية( فلما كان من الغد قال لي (ص) ياعلي اصلح لي مثل ذلك الطعام والشراب قال فأصلحته ومضيت اليهم برسالته قال فأقبلوا اليه فلما اكلوا وشربوا قام رسول الله ليتكلم , فأعترضه ابو لهب لعنه الله قال فقال له ابو طالب رضي الله عنه اسكت يااعور ما انت وهذا؟ قال ثم قال ابو طالب رضي الله عنه لايقومن احد قال فجلسوا ثم قال للنبي (ص) قم ياسيدي فتكلم بما تحب, وبلغ رسالة ربك فانك الصادق المصدق)( الطرائف ابن طاووس الحسني ص300 بحار الانوار 35/145)
7-شهادة الائمة بايمانه
ويكفي شهادتهم بايمانه وانزالهم اياه منزلة اهل الكهف , ومنزلة حزقيل مؤمن آل فرعون , لان اهل البيت ادرى واعرف بابي طالب وبحاله من غيرهم.
فقد ورد عن العباس بن عبد المطلب انه سأل النبي (ص) قال قلت يارسول الله ماترجو لابي طالب ؟ قال (ص) كل الخير ارجو من ربي عزوجل ( الغدير الاميني 7/386 بحار الانوار 35/109 تاريخ مدينة دمشق ابن عساكر 66/336 وقريب منه شرح نهج البلاغة 14/68)
وروي ان رجلا من الشيعة كتب الى الامام الرضا ( جعلت فداك اني شككت في اسلام ابي طالب فكتب اليه ( ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) انك ان لم تقر بايمان ابي طالب مصيرك الى النار) ( شرح نهج البلاغة 14/68 بحار الانوار المجلسي 35/156)ز
افتراءات على ابي طالب


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 39  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-Mar-2012 الساعة : 06:20 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


افتراءات على ابي طالب
قولهم في ضحضاح من نار (روت السنة ان النبي (ص) ذكر عنده عمه ابو طالب فقال ( لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبه يغلي منه دماغه) وتناقلت مضمون هذا الخبر كثير من كتبهم
راجع على سبيل المثال لا الحصر مسند احمد بن حنبل 3/9 صحيح البخاري 4/247 صحيح مسلم النيسابوري 1/135 وتاريخ دمشق ابن عساكر 66/ 340)
وورد عن الامام الباقر انه سئل عما يقوله الناس ان ابا طالب في ضحضاح من نار فقال ( لو وضع ايمان ابي طالب في كفة ميزان , وايمان هذا الخلق في الكفة الاخرى , لرجح ايمانه .... الحديث) ( بحار الانوار المجلسي 35/ 156 وشرح النهج ابن ابي الحديد 14/68, وعنه الغدير الاميني 7/381)
وخبر الضحضاح المشار له خبر موضوع يرويه المغيرة بن شعبة , والمغيرة معروف بعداوته لبني هاشم ولعلي خاصة .
( في شرح النهج ابن ابي الحديد بعدما نقل الحديث ذكر ان الامامية قالوا ان حديث الضحضاح انما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد , وهو المغيرة بن شعبة, وبغضه لبني هاشم وعلى الخصوص لعلي مشهور وعلوم , وقصته وفسقه أمر غير خاف).
( وقريب منه ماذكره العلامة المجلسي في بحار الانوار 35/112 حيث قال واحاديث الضحضاح جميعها تستند الى المغيرة بن شعبة وهو رجل ضنين في حق بني هاشم لانه معروف بعداوته)
والضحضاح في اللغة, الماء القليل, يقال ضحضاح من ماء , ولا يقال ضحضاح من نار ؟ ولكنهم مع ذلك ذكروا انه استعير للنار في الحديث المشار له
انك لاتهدي من احببت
واما ماورد في قوله تعالى ( انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) وانه انزل في ابي طالب ( فان العامة روت انه حين حضرته الوفاة قال له النبي (ص) ( قل لااله الا الله اشفع لك يوم القيامة قال يا ابن اخي لولا ان تعيرني قريش لاقررت عينك بها فنزلت ( انك لاتهدي.... الاية)
وروي بهذا اللفظ او بمضمونه في , السنن الكبرى النسائي 1/655 ومسند ابي يعلى 11/39 والمعجم الكبير الطبراني 20/349 وغيرهم)
فهو غلط فاحش فان الاية مدنية , وابو طالب توفي في مكة قبل نزولها.
والاية عند التدقيق-لو سلمنا كل الايرادات- تكون مدحا لابي طالب , لانها دالة على ايمانه لا على كفره, وذلك لان ايمان ابي طالب كانت من الله تعالى, فيكون معنى الاية ان ابا طالب الذي تحبه يامحمد ذلك الحب الشديد, هدايته من الله سبحانه.
ثم انا نجد ان الناس في هذا الامر قد تحدثوا كثيرا واطنبوا مما يشعر بما ذكرناه من انهم اتبعوا في كلامهم العداوة, وحملهم على ذلك مافي نفوسهم لعلي من الشحناء والبغضاء.
مع اننا نجد من يدعي الاسلام بالقول ولم يؤمن قلبه ولاصدر منه مايحكي الاسلام والايمان , يصدق ولايكذب, كأبي سفيان ومروان واعلام النفاق والكفران , أليس هذا من اعجب الاعاجيب.
واخيرا وليس آخرا ,ان ابا طالب كتم ايمانه ليتمكن من نصرة النبي (ص) ومن نشر الاسلام بين العرب, ولو اظهر اسلامه وايمانه لما تمكن من ذلك, ولذلك ورد في الحديث المعتبر عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله الصادق ( ان مثل ابي طالب مثل اصحاب الكهف , اسروا الايمان واظهروا الشرك, فآتاهم الله اجرهم مرتين) ( الكافي الكليني 1/448 حديث 28 , ابو طالب حامي الرسول , نجم الدين العسكري ص205 بحار الانوار 35/78 وسائل الشيعة آل البيت الحر العاملي 16/225 باب جواز التقية في اظهار الكفر حديث 1)
وفي حديث آخر عن ابي عبد الله ( ان جبرئيل نزل على رسول الله (ص) فقال يامحمد ان ربك يقرؤك السلام ويقول لك , ان اصحاب الكهف اسروا الايمان واظهروا الشرك فآتاهم الله اجرهم مرتين , وان ابا طالب اسر الايمان واظهر الشرك , فآتاه الله اجره مرتين , وما خرج من الدنيا حتى اتته البشارة بالجنة)(وسائل الشيعة الحر العاملي 16/231 باب جواز التقية في اظهار الكفر حديث 17)
وقول النبي (ص) ( انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) انما عنى به ابا طالب (بحار الانوار 35/117 حديث 58 , شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد 14/69 تفسير ابن كثير 4/544 المصنف الصنعاني 11/229)
هذا ابو طالب كان ويبقى منارة الهدى والعلم , للحق والدين , والمؤمن الذي نصر الله ونصر دينه , فسبقت له من الله الحسنى, وتمت له الكلمة الخالدة بالخير والايمانو وما قول المترين الافاكين الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله وتسلطوا على دين الله بالباطل الا كما قال تعالى ( فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث)
كلمة ختامية
والنتيجة انه لاشك عندنا في ايمان آباء الانبياء وامهاتهم , وكذلك آباء الائمة وامهاتهم اجمع و وهذا ما نعتقده عقيدة جازمة لاشك فيها ولا ارتياب .
وان ابا طالب يتردد ذكره بذكر مولانا امير المؤمنين في الافاق وعند مطلع كل شمس ومغيبها, وعلى مر الدهور والايام و بل وكلما ترددت كلمة ( اشهد ان لا اله الا الله , واشهد ان محمدا رسول الله ) على المآذن وفي كل مكان وافق, بمواقفه الفذة التي وقفها في وجه الشرك والكفر , ومكن النبي (ص) من ان يدعو الى الله بكل قوة.
انها النعمة الكبرى التي انعم الله سبحانه بها على ابي طالب , ان يكون من اركان الدعوة الى هذا الدين , حتى قيل , لم يقم الاسلام الا بثلاث , نصرة ابي طالب ومال خديجة و وسيف علي .
تلك كانت عظمة الاسلام وعظمة النبي (ص) ان يبذل الناس انفسهم ودماؤهم في سبيل الله , والحمد لله رب العالمين
عقيدتنا بالنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 40  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Apr-2012 الساعة : 09:09 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


عقيدتنا بالنبي محمد صلى الله عليه واله
يعتقد الشيعة ان محمد بن عبد الله (ص) هو النبي الذي ختم الله به الانبياء , وان رسالته كانت خاتمة الرسالات السماوية, وانه سيد الانبياء والمرسلين , بل هو سيد البشر اجمع من الاولين والاخرين, وهو افضلهم فلا يوجد على وجه الارض افضل منه في شأن من الشؤون اطلاقا, وله الكمال المطلق بعد الله سبحانه وتعالى في كل ادوار حياته , قبل البعثة وبعدها.
ولذلك كان معروفا قبل البعثة بين قومه بأنه افضل قومه حسبا ونسبا ومروءة, واحسنهم اخلاقا, واكرمهم مخالطة, واعظمهم حلما وامانة, واصدقهم حديثا, وابعدهم عن الفحش والاذى , ولقد سماه قومه بالصادق الامين.
واعظم مايعتمد عليه في هذا المقام وفي بيان فضله وعظم شأنه ورفيع صفاته- مضافا الى مايستفاد من القران الكريم- هو ماورد عن امير المؤمنين حيث يقول ( حتى افضت كرامة الله سبحانه الى محمد صلى الله عليه , فأخرجه من افضل المعادن منبتا, واعز الارومات مغرسا ومن الشجرة التي صدع منها انبياءه, وانتخب منها أمناءه....).
الى ان يقول( فهو امام من اتقى , وبصيرة من اهتدى, سراج لمع ضوؤه, وشهاب سطع نوره, وزند برق لمعه, سيرته القصد, وسنته الرشد, وكلامه الفصل, وحكمه العدل) ( شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد 7/62 بحار الانوار 16/379)
مما ادب الله به نبيه وتخلق به
ولقد مدحه الله تعالى في كتابه المجيد بقوله ( وانك لعلى خلق عظيم) فكانت اخلاقه القران, وادابه القران , فمما ادب الله به نبيه
قوله تعالى( خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين)
وقوله تعالى( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)
وقوله تعالى( ادفع بالتي هي احسن السيئة)
وقوله تعالى( بالمؤمنين رؤوف رحيم)
وقوله نعالى( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)
وقوله تعالى( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم)
وغير ذلك من الايات الكريمة التي تضمنت الاخلاق والاداب القرانية التي تأدب بها النبي الاكرم (ص) وتخلق بها ومااكثرها
عصمته (ص)
وكان (ص) معصوما , وعصمته واجبة مطلقة في كل شؤونه واموره, حتى بالنسبة الى الخطأ والنسيان , ومعصوم في جميع ادوار حياته, قال تعالى ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقد اشرنا الى لزوم عصمة النبي (ص) والى دلالة الاية على عصمته (ص) وعصمة اله .
علمه (ص)
وان علمه من الله سبحانه وتعالى, وعلمه القران الذي فيه تبيان كل شيء , فهو لم يأخذ من غيره شيئا من العلم وغيره, والا لما كان أفضل من غيره.
النبي الامي
وكان (ص) اميا لايقرأ ولا يكتب, وفي هذا حكمة بالغة لسد ابواب الشبهات والافتراءات بأنه قرأ كتب الاوائل أو انه اخذ من الاديان الاخرى, فكل مااطلق كن هذه الاقاويل والافتراءات هو اباطيل واكاذيب محضة, لايقصد بها الا زرع الشبهات في نفوس افكار البسطاء والضعفاء.
ولو تأملوا في ( القران الكريم) معجزة النبي (ص) وما فيه من علوم وغرائب , لادركوا كذب هذه الدعاوى, بل ان في تطابق مااكتشفه العلم اليوم ويعيشه من غرائب العلوم والتطور العلمي, مع ماتحدث عنه القران قبل الف واربعمائة عام , يؤكد ان الذي يقوله المرجفون زخرف من القول وزور, والنبي محمد (ص) اسمى من ان يأخذ من احد شيئا, علما او غيره, والله مؤيده ومعلمه وهاديه ومعطيه وناصره.
وعلى ماذكرناه من افضلية النبي (ص) على غيره في كل شيء , يكون الذي جاء به من عند الله افضل الاديان السماوية قاطبة, ويتضح هذا من بشارة الانبياء السابقين , من كل الاديان, فقد بشروا به (ص) وبرسالته, واكدوا على أمههم على لزوم الايمان به , واتباعه ونصرته ان ادركوه.
وقد صرح القران الكريم على بعض تلك البشارات , كقوله تعالى(الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل)
وقوله تعالى( واذ قال عيسى بن مريم يابني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد ) وغيرها من الايات.
عدد الانبياء
يعتقد الانبياء بان الله سبحانه وتعالى ارسل الى البشر انبياء كثيرون توالوا في مجيئهم اليهم, لتعليمهم شرائع الله واحكامه وما فيه خيرهم وصلاحهم, وسعادتهم في الدارين الدنيا والاخرة, وقد توالت هذه المسيرة المباركة من لدن آدم حتى نبينا محمد (ص) وقد بلغ عدد الانبياء الذين توافدوا الى البشرية على ماروي مائة واربع وعشرين الف نبي, أولهم آدم وآخرهم محمد (ص) وذكر اكثر من هذا العدد ( بحار الانوار ج 11 ص32 وما بعدها) وقد اشار القران الكريم الى ذلك ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك).
وقد اشار القران الكريم الى عدد من الانبياء , وذكرهم بأسمائهم, وهم خمسة وعشرون نبيا.
قال تعالى ( انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعفوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا* ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما)
وقال تعالى ( ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين* واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين)
وقال تعالى( والى عاد اخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره أفلا تتقون)
وقال تعالى( والى ثمود اخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره )
وقال تعالى ( والى مدين اخاهم شعيبا)
وقال تعالى ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين* ذرية بعضها من بعض)
وقال تعالى( واذكر في الكتاب ادريس انه كان صديقا نبيا)
وقال تعالى ( واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين)
وقال تعالى ( وما كان محمدا ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين )
وهناك من لم يذكره القران ولم يقصصه على النبي (ص) قال تعالى( اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة)
اولو العزم
والانبياء على قسمين
( القسم الاول) من كانت نبوته عامة شاملة لجميع البشر , ويسمى هؤلاء بأولي العزم , وهم خمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) , وهؤلاء كانت رسالاتهم عامة لجميع البشر.
فكل واحد في زمانه لابد للبشر جميعا من ان يأخذوا بشريعته ويعملوا بها الى وقت النبي الاخر الذي ياتي بعده, فينتهي العمل بالرسالة الاولى ويؤخذ بالرسالة الجديدة .
ففي زمان نوح ,عمل برسالته الى ان بعث ابراهيم , فانتهى العمل برسالة نوح , وعمل برسالة ابراهيم .
وهكذا الى جاء النبي محمد (ص) , فانتهت كل الرسالات بأجمعها واصبح العمل برسالته (ص), وبه ختم الله النبوة, وختم الاديان, ولذلك قال تعالى ( ان الدين عند الله الاسلام) وقال تعالى( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه)
الروايات في اقسام الانبياء
وقد اشار الامام زين العابدين الى اقسام الانبياء حيث قال (.... منهم خمسة, اولو العزم من الرسل , قلنا من هم؟ قال نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) , قلنا له مامعنى اولو العزم؟ قال بعثوا الى شرق الارض وغربها , جنها وأنسها) ( بحار الانوار المجلسي 11/33)
وفي رواية الامام الرضا ( انما سمي اولو العزم أولي العزم, لانهم كانوا اصحاب العزائم والشرائع, وذلك ان كل نبي كان بعد نوح كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه, الى زمن ابراهيم الخليل , وكل نبي في ايام ابراهيم وبعده كان على شريعة ابراهيم ومنهاجه وتابعا لكتابه, الى زمن موسى , وكل نبي كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه, الى ايام عيسى , وكل نبي كان في ايام عيسى وبعده كان على شريعة عيسى ومنهاجه وتابعا لكتابه , الى زمن نبينا محمد (ص) فهؤلاء الخمسة اولو العزم , وهم افضل الانبياء والرسل)( بحار الانوار المجلسي 11/33)
قال تعالى ( فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل )
( القسم الثاني) من كان دوره محدودا في اطار الرسالات الاربع السابقة على الاسلام, فمن وجد من الانبياء في عهد نوح كان يعمل برسالة نوح , وكذا من كان في عهد ابراهيم من الانبياء, عليه ان يعمل برسالة ابراهيم و وكذلك من كان في عهد موسى وعيسى عليهما السلام .
وهؤلاء الانبياء على اقسام فمنهم من كان نبيا الى مدينة , ومنهم من ارسل الى قوم , ومنهم من ارسل الى عشيرة , وهكذا.
التفاضل بين الانبياء
ويظهر ان مراتبهم مختلفة , والتفاضل بينهم موجود, وقد اشار القران الكريم الى ذلك , قال تعالى( وربك اعلم بمن في السمماوات والارض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا)
لكنهم كلهم رسل الله وانبياؤه, يوحي اليهم, ويعملون بامره سبحانه.
وحدة الرسالات السماوية
هدف الرسالات السماوية الالهية هو توجيه الانسان الى الحق والخير , لان الانسان هو المخلوق المنظور من بين المخلوقات الذي يمتاز بالعقل والادراك, والذي توجد فيه نوازع الخير والشر , والذي انتخب لخلافة الارض وعمارتها, قال تعالى ( اني جاعل في الارض خليفة ).
ولكي يتسامى الانسان مع الهدف الرفيع, ويتكامل مع الغاية السامية, ويرتقي الى الحياة الاكمل والاكمل في رحلة الوجود, ولكي ينال الزلفة والعاقبة الحسنة عند الله تعالى في الاخرة... كان لابد ان يوجه الانسان الى الخير ويعلم ويرشد الى مافيه صلاحه, ليحقق غايته وهدفه, ولذلك كانت الرسالات السماوية سنة الهية في حياة الانسان, وتوالت عليه امة بعد امة , وجيلا بعد جيل, وكلها تستهدف هدفا واحدا , وهو اقامة الدين, قال تعالى( شرع لكم من الدين ماوصى به نوحا والذي اوحينا اليك ماوصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه).
فالرسالات السماوية واحدة في العقيدة , وواحدة في الهدف والغاية.
أما في الشريعة , فهي وان اختلفت احكامها حسب الظروف والازمنة والامكنة والاستعدادات البشرية, الا انها جاءت لتنظيم شؤون الانسان والمحافظة على علاقته وصلته بالله سبحانه من خلال الطاعة له في الاحكام , والمحافظة على دوره في الحياة الدنيا والاخرة , من خلال الالتزام بما يريده , لان احكامه كلها فيها الحياة الكاملة في الدنيا والاخرة.
يقول تعالى( ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون)
الفصل السادس
الامامة

إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc