|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
صفوان بيضون
الطفلة والعلبة الفارغة (قصة قصيرة)
بتاريخ : 26-Mar-2011 الساعة : 07:14 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الطفلة والعلبة الفارغة
تنتظر الطفلة ذات الأعوام الأربع عودة والدها بفارغ الصبر ، وقد أعدت له هدية جميلة جداً ، علبة صغيرة ، زركشتها بألوانها ، ولفتها بلفة جميلة .
جلست تنتظره عند الباب ، لتقدم له هديتها وهو العائد من عمله متعباً علها بهديتها تمسح عنه عناءه اليومي .
دخل الوالد واستقبلته ابنته ببشاشة كبيرة ، وقدمت له هديتها العظيمة .
فتح الوالد العلبة ، فوجدها فارغة تماماً ، غضب من طفلته ، ورمى العلبة ، وانتهر البنت الصغيرة ، لائماً إياها على دعابتها السخيفة .
حملت البنت الصغيرة علبتها منكسرة الخاطر ، وذهبت إلى غرفتها لتجهش بالبكاء .
أيام والطفلة منزوية في غرفتها تسامر الحزن والغصة في صدرها .
وبعد مدة أراد الوالد تسلية البنت ، ومسح غلالة الحزن عن وجنتيها ، جاء إلى غرفتها ، طالباً منها تبرير الموقف ، معاتباً كيف تقدم له علبة خاوية .
فما كان من البنت والدمعة تحرق عينيها إلا وصاحت : بابا العلبة ليست فارغة ، لقد ملأتها لك بالقبل الكثيرة .
صدمته الحقيقة ووقف عاجزاً عن تبرير موقفه .
ومرت الأيام ، وأصاب البنت مرض عضال ، عانت منه معاناة شديدة ، وفارقت الحياة على إثرها ، والأب مذهول من هول المصيبة .
لم يبق من تلك البنت الحنون إلا ذكريات عاشتها مع والديها في سنواتها القصيرة .
ومرة من المرات تذكر الوالد قصة العلبة الفارغة فانهمر بالبكاء ، وسأل زوجته عن تلك العلبة ، فقالت أنها ما زالت تحتفظ بها في مجموعة حاجيات بنتها الصغيرة .
طلب الوالد منها إحضارها ، فاستغربت الوالدة من ذلك الطلب ، وقامت مسرعة بإحضارها .
فما كان من الوالد المفجوع إلا فتحها ، وبدأ يخرج من تلك العلبة قبلات ابنته الميتة ، ماسحاً وجنتيه بما فيها من آثار ابنته الفقيدة ، والدموع تملأ وجهه وعينيه .
صفوان لبيب بيضون
دمشق - 26 آذار 2011
|
|
|
|
|