وقد ورد في أحاديث كثيرة تبعاً للآيات المباركات مدح التواضع، خصوصاً من الكبار فإن تواضع الصغير طبيعي، أما إذا كان الإنسان كبيراً فتواضعه يكون أعلى وأرفع.
ففي الآية الكريمة: (ولا تصعّر خدك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً) (لقمان: 18).
وعن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (
) قال: (إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن تكبر وضعاه)(1).
وعن أبي المقدام، عن أبي عبدالله (
) قال: (فيما أوحى الله عز وجل إلى داود: يا داود كما إن أقرب الناس من الله المتواضعون كذلك أبعد الناس من الله المتكبرون)(2).
وعن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (
) قال: (التواضع أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه)(3).
وفي وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى علي (
) قال: (يا علي والله لو أن الوضيع في قعر البئر لبعث الله عز وجل إليه ريحاً ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار)(4).
وفي رواية الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا (
) قلت له: جعلت فداك ما حد التوكل؟ فقال لي: (أن لا تخاف مع الله أحداً).
قال: قلت: جعلت فداك فما حد التواضع؟
فقال: (أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله).
قلت: جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟
فقال: (انظر كيف أنا عندك)(5).
وعن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه (
) قال: (إن من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلم على من تلقى، وأن تترك المراء وإن كنت محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى)(6).
وعن العسكري (
) قال: أعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاءً لها أعظمهم عند الله شأناً ومن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من الصديقين)(7).
وفي حديث عن أمير المؤمنين (
) أنه قال: (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتواضع من غير منقصة، وجالس أهل الفقر والرحمة، وخالط أهل الذل والمسكنة، وأنفق مالاً جمعه في غير معصية)(8).
وعن الصادق (
) قال: (كمال العقل في ثلاث: التواضع لله، وحسن اليقين، والصمت إلا من خير)(9).
وفي وصية الإمام أمير المؤمنين (
) (كما في نهج البلاغة) عند موته قال: (عليك بالتواضع فإنه من أعظم العبادة)(10).
وقال (
): (بالتواضع تتم النعمة)(11).
وقال (
): (ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء إتكالاً على الله)(12).
وروي: أن محمد بن مسلم كان رجلاً شريفاً مؤسراً، فقال له أبو جعفر (
): (تواضع يا محمد) فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة من تمر مع الميزان وجلس على باب المسجد الجامع وصار ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا له: فضحتنا، فقال: إن مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ولن أبرح حتى أفرغ من بيع ما في هذه القوصرة فقال له قومه: (إذا أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين) فهيأ رحى وجملاً وجعل يطحن(13).
وعن أمير المؤمنين (
) قال: (التواضع يكسبك السلامة)(14).
وقال (
): (زينة الشريف التواضع)(15).
وعن هشام، عن الكاظم (
) أنه قال: (طوبى للمتراحمين أولئك هم المرحومون يوم القيامة ـ إلى أن قال ـ: طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة).
وقال (
): (يا هشام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا، وكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لأن الله تعالى جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبر آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجّه ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه؟ فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، ومن تواضع لله رفعه الله ـ إلى أن قال (
) ـ: واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده)(16).
وعن عبد الله بن جندب، عن الصادق (
) أنه قال في حديث: (فإن أفضل العمل العبادة والتواضع)(17).
وعن أمير المؤمنين (
) في الأشعار المنسوبة إليه:
واجعل فؤادك للتواضع منزلاً***إن التواضع بالشريف جميل
وفي رواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن من التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون شرف المجلس، وأن يسلم على من لقي، وأن يترك المراء وإن كان محقاً، وأن لا يحب أن يحمد على البر والتقوى)(18).
وعن الجعفري، عن الصادق (
) أنه قال في حديث: (ورأس الحزم التواضع)(19).
وروى لب الألباب، عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: (طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق من مال جمعه من غير معصية)(20).
وعن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (
) يقول: (اطلبوا العلم، وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم)(21).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص215.
2 ـ المصدر السابق: ص216.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ المصدر السابق: ص217.
5 ـ المصدر السابق.
6 ـ المصدر السابق.
7 ـ مستدرك الوسائل: ج11، ص295.
8 ـ المصدر السابق.
9 ـ المصدر السابق: ص296.
10 ـ المصدر السابق.
11 ـ المصدر السابق.
12 ـ المصدر السابق.
13 ـ بحار الأنوار: ج68، ص122.
14 ـ مستدرك الوسائل: ج11، ص298.
15 ـ المصدر السابق.
16 ـ ـ المصدر السابق: ص299.
17 ـ المصدر السابق.
18 ـ المصدر السابق.
19 ـ المصدر السابق.
20 ـ المصدر السابق.
21 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص219.