مبيت الإمام علي عليه السلام في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بتاريخ : 27-Feb-2009 الساعة : 11:42 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مبيت الإمام علي في فراش النبي وسلم
في الليلة التي عزم فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الهجرة إلى المدينة ، حيث أخبره ربه بمكيدة قريش لقتله ، وأمره أن يأمر عليا بالمبيت في فراشه ، فما كان من علي غير أن سأله : أو تسلم بمبيتي هناك يانبي الله ؟ قال واشتمل ببرده الحضرمي ، فخرج .
وجعل المشركون يرمون علياً بالحجارة ، وهم يحسبونه رسول الله ، وعلي يتضور- أي يتلوى ويتقلب – وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، فهجموا عليه ، فلما بصرهم علي قد انتضوا السيوف ، وأقبلوا عليه وثب في وجوههم فأجوا أمامه ، وتبصروه فإذا علي ، فقالوا : علي أنا علي ، قالوا فما فعل صاحبك فقال : وهل جعلتموني عليه حارساً . (خاص بمواقع الميزان)
وقد ورد فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين نبيي محمد ، فبات على فراشه يحرسه ، يفديه ، بنفسه ويؤثره بالحياة ، إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه ، فنزلا ، فكان جبريل عند رأس علي ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا ابن أبي طالب ، يباهي الله عز وجل به الملائكة ، فأنزل الله عز وجل على رسوله ، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد }
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليهما السلام : أن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ، علي بن أبي طالب ، وقال علي ، عند مبيته على فراش رسول الله وسلم :
وقت نفسي خير من وطأ الحصى ومن طاف البيت العتيق والحجر
رسول إله خاف أن يمكروا به فنجاه ذو الطول الإله من المكر
وبات رسول الله في الغار آمنا موقى وفي حفظ الإله وفي ستر
وبت أراعيهم ولم يتهمونني وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
قد أنكر ابن تيمية نزول هذه الآية في مبيت علي في فراش النبي ، فقال على مانقله عنه الحلبي في سيرته .
إنه قد حصلت له الطمأنينة بقوله الصادق ( لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ) فلم يكن فيه فداء النفس ، ولا إثار بالحياة ، والآية المذكورة في سورة البقرة ، وهي مدنية بالاتفاق ، وقيل إنها نزلت في صهيب لما هاجر .
ورد عليه على قوله الكثير من الأعلام وخلاصته :
أولا : ما ذكره من قول النبي حين مبيته : ( لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ) ، غير موجود في الرواية ، فقد علق على ذلك الحلبي بقوله : ( لكنه في الإمتاع لم يذكر أنه قال لعلي ما ذكر ، أي لن يصل .. ، وعليه فيكون فداؤه للنبي بنفسه واضحاً ، نعم ذكر النبي ذلك له بعد ما خرج وصاحبه من غار ثور باتجاه المدينة وأمر علياً أن يعود إلى مكة ليؤدي الأمانة إلى أهلها ويأتيه بالفواطم ) .
ثانيا : إن سورة البقرة وإن كانت مدنية ، ولكن هذه الآية باعتراف الجميع مكية ، ومجرد كون هذه الآية مكية لا يخرج سورة البقرة عن كونها مدنية ، لأالحكم يكون للغالب .
ثالثا: أما نزولها في صهيب كبير ، لأن الحادثة التي يرونها فيه ، وفي نزول الآية فيه عارية عن الصحة ، للاختلاف الكبير في نقلها ومضمونها ، ومن أراد الوقوف على المزيد من فليراجع (الإصابة في ترجمة صهيب ، و السيرة الحلبية ) .
همسات الفداء :
ولفداء علي بنفسه معطيات كثيرة ينبغي الالتفات إليها :
أولا : إن الدين والإسلام يستحق أبلغ التضحيات ، وأعظم وأثمن ما عند الإنسان وهي حياته ، وأولاده وكل غال ونفيس ، ولذا ورد قوله تعال : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } .
ثانيا : أن موقف الأمير في فدائه بحياته ووجوده يعطي تحرر من قيود الدنيا وعبوديتها ‘ فإن المانع الذي يحول دون التضحية بالنفس حب الدنيا والتعلق بها ، وقد أعطى بمبادرته للمبيت في فراشه أنه متحرر من كباح الدنيا ومفتنها .(خاص بمواقع الميزان)
ثالثاً : أن على المؤمن أن يكون على استعداد دائم للقاء الله تعالى ، إذ لعله في أي لحظة يدعي للقائه ، فلا بد وأن يكون مستعداً للوفادة عليه .