اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
من وصايا الشيخ العلامة عبد الله المامقاني لإبنه
قال في التوكّل
فكن بُنيّ ـ وفقك الله تعالى لخير الدارين ـ في جميع أمورك متوكّلاً على الله تعالى واثقاً به، لأنّ مجاري الأمور جميعها بيده، وتحت قضائه وتقديره.
فبالتوكّل عليه تستريح من الهموم وتعب السعي. فإنّ بين السعي والوصول عموماً من وجهٍ، فإن وافق القضاءُ السعيَ اجتمعا، وإن خالفه افترقا، ففي افتراقهما وعدم النيل تتألم، وفي اتّفاقهما تنال تعباً ، بخلاف ما إذا توكّلت على الله تعالى، فإنّه إنْ اقتضى التقدير حصول مرادك نِلتَه بغير تعب، وإن اقتضى عدمه لم تكن متعَباً بالطلب والسعي حتّى تتحسّر على التخلّف، وقد فُسّر قولُه عزّ مِن قائل: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ
في أخبار أهل البيت عليهم السّلام بالنظر إلى الأسباب.
فتوكّل بُنيّ في أمورك على اللطيف الخبير، صاحب القضاء والتقدير، واترك الأسباب والاعتماد على غير الله سبحانه، وافرض مَن سواه تعالى أعجزَ من البعوضة.
ولا يخدعنّك ما يستند إليه القاصرون من أنّ الله تعالى أبى أن يُجري الأمور إلاّ بأسبابها، فإنّ ذلك ناشئ من عدم نَيل المراد بذلك، فإنَّ المراد به أنّ الأمور لا تحصل بغير الأسباب، وأين ذلك من اعتبار تسبيب العبد بنفسه الأسباب ؟! كيف، والأدعية مشحونة بأنّ الله تعالى مسبّب الأسباب من غير سبب. فالّذي أبى جريان الأمور بغير أسبابها هو الذي يُسبّب الأسباب على مقتضى تقديره من غير تسبيب العبد.
ولا يَغُرّنك ورود الأوامر الأكيدة ـ في غير طالب العلم ـ بطلب الرزق، فإنّ ذلك لإقامة نظم العالم المطلوب لربّ العالَمين جلّ شأنه، ولذا ترى ورود الأوامر الأكيدة بالاقتصاد فيه وعدم الإفراط .
فكن بُنيّ في جميع أمور دنياك ـ من الرزق والعزّ.. ونحوهما ـ معتمداً على الله سبحانه، واثقاً به، مُعرِضاً عن الأسباب، موكّلاً الأمور إلى مسبّبها كما قال الشاعر الناصح:
كُن عن أمورك مُعرِضـا وكِلِ الأُمورَ إلى القضـا فلربّما اتّـسعَ المضـيق وربّمـا ضـاق الفضـا ولـرُبَّ أمـرٍ مُـتعِـبٍ لك في عواقبـه رضـا الله يـفعـلُ ما يـشـاء فـلا تـكن متـعرّضـا ألله عـوّدكَ الجـمـيـل فَقِسْ على ما قد مضـى
نعم، إن لم تكن طالب عِلمٍ، فعليك بالكسب بمقدار رفع حاجتك مقتصداً فيه أيضاً، بل المستفاد من الأخبار والتجربة الأكيدة، أنّ تارك الأسباب المتوكّل على الله أحسن حالاً من مرتّبها، وإنّ تسبيبها ـ سيّما ممّن يحبّه عزّوجلّ ـ يوجب إعراض الله تعالى عنه، وإيكاله إلى نفسه، بل منع الأسباب من أن تؤثّر.
وكفاك بُنيّ في ذلك ما ورد من أنّ يوسف عليه السّلام لو لم يقل: اِجْعَلْنِي عَلَى خَزائِنِ الأَرْضِ لَوَلاَّه من ساعته، ولكنّه لمّا سعى في حقّ نفسه، أخّر الله تعالى ذلك سنة .
وأنّ اعتماده على أحد صاحبيه في السجن، بقوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ أخّر نجاته سبع سنين، وعاتبه الله تعالى بأنه كيف استعنتَ بغيري ولم تستعن بي، ولم تسألني أن أُخرجك من السجن واستعنت وأمّلت عبداً من عبادي، ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي، ولم تفزع إليّ ؟! إلْبَث في السجن بضع سنين بإرسالك عبداً إلى عبد ، ولم ينجُ بعد ذلك إلاّ بالتوكل حيث أتاه جبرئيل عليه السّلام وسأله عن حبّ النجاة، فأوكل ذلك إلى مشيئة الله تعالى فعلّمه جبرئيل عليه السّلام دعاء التوسّل، فدعاء به فنجا .
وكذلك يعقوب عليه السّلام عاتبه الله تعالى في شكايته مصائبَه إلى عزيز مصر، وعدم استغاثته بالله تعالى، ولم يَنْجُ إلاّ بعد الاستغفار والإنابة .
فلا ترفع بُنيّ حاجتك إلى غير الله سبحانه وتعالى، ولا تَشكُ مصائبك إلاّ إليه، فإنه الجواد الكريم، وقد أعطى الله تعالى إبراهيم عليه السّلام منصب الخلّة لأنّه لم يسأل أحداً شيئاً قط .
وقد رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: « رأيت الخير كُلّه قد اجتمع في قَطْع الطمع عمّا في أيدي الناس » .
وعن الصادق عليه السّلام أنّه قال: « إذا أراد أحدكم أنْ لا يسألَ ربَّه شيئاً إلاّ أعطاه، فلْيَيأس من الناس كلّهم، ولا يكون له رجاء إلاّ من عند الله، فإذا عَلِم الله ذلك مِن قلبه، لم يسأله شيئاً إلاّ أعطاه » .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الاخت منتظرة المهدي بارك الله بكم وجاكم الله خير الجزاء واود القول
ان التوكل شئ مهم وجميل ولكن كيف نكون من المتوكلين وهي الاسباب التي تؤدي بنا ان نكون من المتوكلين فاذا استطعتم ان تذكروا لنا بعض النقاط
ناصرحيدر