اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
طاقة فائضة
اخذ الجهد منه كل مأخذ، ولم يصل مع رؤسائه لحل يرضي طموحه، ويحافظ على ما بقي من جذوة نشاطه المتقدة. فلديه طاقة فائضة يريد استثمارها كمدير، كما هو مكتوب في عقد عمله، أو كما خيل إليه. لكن مهام عمله لم تعطى له، وبقية مبعثرة ومشتتة بين الأقسام الأخرى، كما يتشتت ويتفرق قطيع ماشية بغياب صاحبه عنه.
كل ما يريده هو وضع طاقته وخبرته تحت تصرفهم، يستغلونها كيف ما شاءوا. فلم يرضهم توسع مهام عمله، ولم يستطع تحديد سبب ترددهم، هل هو التوسع والزيادة في راتبه! أو الخوف من خبرته الطويلة ومستواه العلمي العالي!
ورغم الجلسات والاجتماعات المطولة التي عقدها معهم، والتي كانت أشبه بجلسات الأمم المتحدة، لمناقشة أزمة عالمية مزمنة، لم يصل معهم لبر الأمان، بل لطريق مسدود لا يمكن تفاديه ولا اقتحامه.
هاجت روحه وضاقت نفسه، كقط وحشي حشر في زاوية ضيقة. فتوجه للبحث عن مخرج يتجاوز به محنته النفسية وأزمته المستعصية، فلم يكن أمامه إلا البحث عن وظيفة في مكان آخر. فلم يعد يستطع إقناع نفسه أو إسكات طموحه، وجعلهما يقبلان الأمر الواقع.
جد واجتهد لإعادة كيانه المسلوب ووجوده الملغى، فلم يترك إعلان في جريدة يومية، أو دعوة للتوظيف على الشبكة العنكبوتية، أو خبر تتناقله الأفواه، إلا وجرى نحوه جري أسد نحو فريسته. ولم يتردد في الذهاب خارج منطقته مهما بعدت المسافة، على أمل أن يجد بغيته.
خاب أمله حينما أتت الرياح بما لا تشتهي سفنه، حيث تركزت الردود بين كبر العمر ووسع الخبرات. كان عمره حينها لا يتجاوز الخمسين، ومع ذلك تأتيه بعض الأجوبة جافة كأيام السموم الحارقة: العمر المطلوب حول التاسعة والأربعين. وردود أخرى بعد طول انتظار وترقب كمن ينتظر نتيجة اختبار الشهادة، وبعد معاودة الاتصال: خبراتك اكبر من احتياجنا.
تعجب مغاضبا محدثا نفسه وقد ضاقت به الدنيا: هل يتوجب علي دفن نفسي لمجرد وصولي الخمسين، أم أتنكر لخبرتي الطويلة وأنساها، أم أمزق شهادتي الجامعية؟! فيصر قائلا: أرجو إعادة النظر في أمري، وأنا موافق على الراتب الذي تحددون دون شروط. ولكن دون فائدة.
ازدادت شعلة نار قلبه اتقادا، وتوهج بياض جليد شعره نصاعة. عندها كان لزاما عليه البحث عن حل آخر.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الاخ حسين نوح مشامع بارك الله بكم للقصص الجميلة والتي نستفيد منها بالقول حياتنا الانسانية بين الواقع والطموح ولاتنس اخي العزيز نتمنى منكم المزيد
ناصرحيدر