فهل ستنكسر غربتنا و نعود إلى الوطن يوماً ما
أتمنى ذلك .
الغربــة .. كلمة طعمها مر ، مرارة العلقم أو أشدّ
هل معنى الغربة أن تترك بلدك وتستقر في بلد غيره ؟!
لا... ليس هذا هو المعنى الحقيقي
فالغربة ليست غربة الوطن فحسب ...
تُرى ما هي الغربة ؟
غربة الزمان ؟ أم غربة المكان ؟ أم غربة الأهل ؟ أم غربة الوطن ؟ غربة الروح ؟ أم غربة الفكر ؟ أم تراها غربة المبادئ والقيم ؟ أم هي ذلك كله جميعا ؟؟
فأحيان كثيرة تكون داخل وطنك لكنك غريب عمن حولك
فكم من شخص يعيش في بلده ويعيش أقسى أنواع الغربة
وكم من واحد يعيش مع أهله ووسط عائلته ومع ذلك يعيش في غربة قاسية قاتلة
فلا حوار مشترك يجمعه بهم .. كل منهم يعيش بنفسه ولنفسه فقط ...
وأحيانآ يعيش الأنسان غريبآ عن نفسه فقط تنتابه أفكار غريبه عليه ليست من شخصيته في شئ ويقول في نفسه .. ماالذي جعل هذه الأفكار الغريبة ترد على خاطري..
غربة الروح ؟!
غربة الوطن من السهل جدا أن تعود منها
لكن غربة الروح كيف تعود منها ؟
غربت المشاعر كيف تتخطاها ؟
أحيانآ ينظرالشخص في المرآه فيحس أنه يرى صورتة لأول مرة .. يشاهد ملامح غريبه عليه قد ترك الزمان عليها علاماته المميزه..
و لسان حاله يقول .. كم تغير شكلي !! كأني لست أنا....!
وآه وألف آه من غربة الروح..
لماذا يغتالنا الشعور بالغربة ونحن بين أهلنا وأحبائنا ، على أرضنا وفي أوطاننا ؟
لماذا يجتاح ذلك التصحر الرهيب أعماقنا ويغتال أجمل ما في دواخلنا ؟ والقلق الصامت الذي يدفعنا للبحث عن شيء لا ندري ما هو؟
لماذا تهفو النفس الى شيء لا تجده ؟
ويرنو البصر نحو أفق لا نهاية له ؟
الغربة ، هي بعض ذلك أو كله وزيادة عليه، هي جزء من تكويننا الروحي والنفسي ، تقطن في دواخلنا، تغيب وتظهر ، وتنمو وتضمر بقدر وعينا وحجم إدراكنا ، ومدى قدرتنا على التلائم مع الواقع حولنا ، أو انفصالنا عنه .
في نفس كل منا لها معناها الخاص , وفق وعيه ، إدراكه ومصداقيته مع نفسه ومع من حوله ، فكل منا يحمل بذور غربته في داخله ويعيشها بأسلوبه
تزيد بقدر محاولتنا ان نسمو بذواتنا ، ونعلو بقيمنا ومبادئنا .
ونمارس إنسانيتنا ، إسلامنا حقا , معنى ومبنى , في عالم أخلد الى الأرض وانغمس في مادته ومصالحه ، أهدافه وتطلعاته اللاهثة أبدا خلف السراب.
الغربة ، أن نتحدث بلغة لا يفهمها أحب الخلق لنا ، ونتكلم بصوت لا يسمعه أقرب الناس منا .
الغربة ، أن نعيش يومنا دون حلم ننتظره ، أو أمل نترقبه ، بعدما تبخرت أحلامنا تحت وطأة الواقع كقطرات ندى لامستها أشعة شمس الصباح ، وتلاشت آمالنا كسراب لملمته شمس المغيب ورحل معها .
أن نبحث عن جرعة محبة صادقة لم يكدر صفوها مطامع مادية ، أو مصالح شخصية فلا نجد سوى الجفاف وقحط المشاعر فنطوي على الظمأ.
الغربة ، أن نبحث عن حضن دافئ يضمنا بحنان ونشعر عنده بالأمان في لحظات ضعفنا وانكسارنا فلا نلقى إلا لسعة الصقيع ، جمود القسوة .
الغربة ، أن نبحر مراكب صدقنا في خضم بحر لجّي متلاطم من الكذب والزيف .
أن نكون مختلفين في وسط قوالب بشرية متكررة لا تقبل إلا صورتها ، أن نعيش العمق في زمن السطحية والتفاهة .
الغربة ، إن نفتش عن ذواتنا في كل ما حولنا فلا نرى إلا الفراغ الممتد .
الغربة ، هي ذلك كله ، أو بعضه ، أو أكثر منه بكثير مما يعتمل في دواخلنا ولا نقوى على البوح به ، أو نجرؤ على الحديث عنه ، تمتد لتغمر عمرنا كله ؟ تنخر أعماقنا بصمت ، أو تنخر لتستوطن جزءا خفيا من أرواحنا ومشاعرنا .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الاخت الامل بارك الله بكم للموضوع الجميل واود القول
يقول الامام علي (ع) ماترك لي الحق من صاحب , ان الغربة التي يعيشها الانسان هي ان يجد الانسان نفسه وحيدا في الميدان يختلف مع المحيطين به بالقيم والمبادئ والسلوك والتفكير ولكن هنا العامل المهم او الركن الاساس هو علاقة الانسان مع ربه وخالقه ولهذا نجد من الصلاة وخاصة صلاة الليل وقراءة القران والادعية والزيارات تحطم عامل الحزن والاسى في النفس البشرية ولهذا يجب ان يكون الانسان سعيدا وفرحا مادام يجد اللذة والحب في التواصل والطلب لاداء فروض الطاعة لله عزوجل
ناصرحيدر