اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الرحلة الأخيرة
سحب استقالته، بعد تلاشي أثرها على رؤسائه، وعدم جدوى المضي فيها، رغم معاناته الشديدة لرفض واقعه، وعدم قبوله بمنصبه الإداري الإشرافي، كأنه خضع لعملية جراحية للتخلص من ورم خبيث.
بعد القلق النفسي والتعب الجسدي، جراء البحث اليائس البائس للحصول على وظيفة أخرى، توفر له دخل إضافي، يغطي غلاء المعيشة، وتعطيه مجالا سيتغل فيه خبرته، ويثبت خلالها وجوده. كرحلة استجمام لإعادة حياته لطبيعتها، بعد تلك العملية القاسية الفاشلة.
أوقف مشروع المستقبل - توصيل الطلاب - بعد تبين عدم مقدرته في إدارة عملين مختلفين ومنفصلين في وقت واحد، كمن يجد العنت من جسمه لزرع عنصر غريب فيه.
أوكل لله أمره، راضيا قانعا بما يختاره له.
فرحت زوجه واستبشرت لعدوله عن أمر الاستقالة، فقد طال قلقها، واشتد خوفها على مصيرها ومستقبل أبنائها، فتنفست الصعداء أخيرا، كأنما مرت بعملية قيصرية لولادة كاذبة.
طلب إجازة قصيرة يجاور خلالها بيت الله الحرام، ويزور الرسول الأكرم(ص)، ليعود بعدها بروح جديدة، ونفس طيبة، ينسى الماضي، ويمارس مهام عمله قانعا .... راضيا، محاولا تجنب كل ما يعكر حياته ويدمرها. فحجز على اقرب رحلة، واستعد للسفر مع أفراد عائلته.
يوما واحدا تبقى على موعد الرحلة، استلم فيه مكالمة تلفونية من مصدر مجهول.
- الأخ محسن - فأجاب باستغراب وتردد لعدم معرفة الصوت: نعم
- أنا محمود، قد تقابلنا السنة الماضية خارج البلاد، هل تذكرتني?
- بالتأكيد اذكر، وهل تنسى تلك الرحلة بعد المتعة التي حصلنا عليها.
- وصلتني سيرتك الذاتية عبر أخيك، هل هذا اجتهاد منه، أم رغبة لديك?
- أجاب وابتسامة الاستغراب والتعجب قد استلمتها زوجه بفكر مستفسر! هي في الواقع إجته.....اد منه، ولكن......ها رغبة لدي.
- إذا، دعنا نلتقي لأشرح لك مهام الوظيفة المتاحة.
- لا أظن ذلك الآن، دع الأمر لما بعد عودتي من سفرتي. بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية