اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
نقل في بحار الانوار ج46 ص312 تقريباً عن :
تفسير علي بن إبراهيم : أبي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمر بن عبد الله الثقفي ، قال : أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي زين العابدين عليهما السلام من المدينة إلى الشام وكان ينزله معه ، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم ، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك ، فقال : ما لهؤلاء القوم ألهم عيد اليوم ؟ قالوا : لا يا ابن رسول الله ، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم ، قال أبو جعفر : ولا علم ؟ فقالوا : من أعلم الناس قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى قال : فهلم أن نذهب إليه ؟ فقالوا : ذاك إليك يا ابن رسول الله ، قال : فقنع أبو جعفر رأسه بثوبه ، ومضى هو وأصحابه ‹ صفحة 314 › فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل . قال : فقعد أبو جعفر وسط النصارى هو وأصحابه فأخرج النصارى بساطا ثم وضع الوسائد ثم دخلوا فأخرجوه وربطوا عينه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعى ثم قصد أبا جعفر فقال له : امنا أنت أم من الأمة المرحومة ؟ فقال أبو جعفر من الأمة المرحومة ، قال : أفمن علمائهم أنت أم من جهالهم ؟ قال : لست من جهالهم ، قال النصراني : أسألك أو تسألني ؟ قال أبو جعفر تسألني فقال : يا معشر النصارى رجل من أمة محمد يقول سلني إن هذا لعالم بالمسائل ، ثم قال : يا عبد الله أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا هي من النهار أي ساعة هي ؟ قال أبو جعفر : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، قال النصراني : إذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبو جعفر : من ساعات الجنة ، وفيها تفيق مرضانا . فقال النصراني : أصبت فأسألك أو تسألني ؟ قال أبو جعفر : سلني قال : يا معشر النصارى إن هذا لمليئ بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا ؟ فقال أبو جعفر : هذا الجنين في بطن أمه يأكل مما تأكل أمه ولا يتغوط ، قال النصراني : أصبت ألم تقل ما أنا من علمائهم ؟ قال أبو جعفر : إنما قلت لك : ما أنا من جهالهم . قال النصراني فأسألك أو تسألني ؟ [ قال أبو جعفر تسألني ] قال : يا معشر النصارى والله لأسألنه مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل فقال : سل ، قال : أخبرني عن رجل دنا من امرأة فحملت بابنين جميعا حملتهما ، في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة ، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد ، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش الآخر خمسين سنة من هما ؟ فقال أبو جعفر : هما عزير وعزرة كان حمل أمهما على ما وصفت ، ووضعتهما على ما وصفت ، وعاش عزرة وعزير فعاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ، ثم أمات الله عزيرا مائة سنة ، وبقي عزرة يحيى ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة ‹ صفحة 315 › قال النصراني : يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قط أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردوني فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر صلوات الله عليه ( 1 ) . بيان : قوله : فربطوا عينيه ، لعلهم ربطوا حاجبيه فوق عينيه كما في الخرائج " فرأينا شيخا سقط حاجباه على عينيه من الكبر " وقد مر فيما رواه السيد " شد حاجبيه " ويحتمل أن يكون المراد ربط أشفار عينيه فوقهما لتنفتحا أو ربط ثوب شفيف على عينيه بحيث لا يمنع رؤيته من تحته لئلا يضره نور الشمس لاعتياده بالظلمة في الكهف . قوله : لمليئ : أي جدير بأن يسأل عنه ، ثم اعلم أن قوله ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من ساعات الليل والنهار ، لا ينافي ما نقله العلامة وغيره من إجماع الشيعة على كونها من ساعات النهار ، إذ يمكن حمله على أن المراد أنها ساعة لا تشبه سائر ساعات الليل والنهار ، بل هي شبيهة بساعات الجنة ، وإنما جعلها الله في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة ولطافتها و اعتدالها ، على أنه يحتمل أن يكون أجاب السائل على ما يوافق عرفه و اعتقاده ومصطلحه . أقول : قد مر في باب احتجاجه من الخرايج أن الديراني أسلم مع أصحابه على يديه .