قال ابن منظور : معنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا :
لعنة الله على الظالم منّا .
صفة المباهلة :
أن تشبك أصابعك في أصابع من تباهله وتقول : اللهم رب السماوات السبع
والأرضين السبع ، ورب العرش العظيم ، إن كان فلان جحد الحق وكفر به فأنزل
عليه حسباناً من السماء وعذاباً أليماً .
دعوة النبي ( ) لأساقفة نجران :
كتب رسول الله ( ) كتاباً إلى أساقفة نجران يدعوهم إلى الإسلام
جاء فيه : ( أمّا بعد ، فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، أدعوكم إلى ولاية
الله من ولاية العباد ، فإن أبيتُم فقد أذنتم بحرب ، والسلام ) .
فلمّا قرأ الأسقف الكتاب ذُعِر ذُعراً شديداً ، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له :
شَرحبيل بن وداعة ـ كان ذا لب ورأي بنجران ـ فدفع إليه كتاب رسول الله
( ) فقرأه ، فقال له الأسقف : ما رأيك ؟
فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرّية إسماعيل من النبوَّة ، فما
يؤمنك أن يكون هذا الرجل ، وليس لي في النبوَّة رأي ، لو كان أمر من أُمور الدنيا
أشرت عليك فيه وجهدت لك .
فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلَّمهم ، فأجابوا مثل ما أجاب
شرحبيل ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل ، وعبد الله ابنه ، وحبار بن قنص
فيأتوهم بخبر رسول الله ( ) .
فانطلق الوفد حتّى أتوا رسول الله ( ) فسألهم وسألوه
فلم تزل به وبهم المسألة حتّى قالوا : ما تقول في عيسى ابن مريم ؟
فقال رسول الله ( ) : ( إنَّهُ عَبدُ الله ) .
فنزلت آية المباهلة الكريمة ، حاملة إجابة وافية ، قاطعة لأعذار مُؤلِّهِي المسيح
ومُتبنِّيه ، وهي بنفس الوقت دعوة صارخة لمباهلة الكاذبين المصرِّين على كذبهم
فيما يخص عيسى ( ) .
فدعاهم ( ) إلى اجتماع حاشد ، من أعزِّ الملاصقين من الجانبين
ليبتهل الجميع إلى الله تعالى ، في دعاء قاطع ، أن ينزل لعنته على الكاذبين .
قال أحد الشعراء :
تعالوا ندع أنفسنا جميعاً ** وأهلينا الأقارب والبنينا
فنجعل لعنة الله ابتهالاً ** على أهل العناد الكاذبينا
الخروج للمباهلة :
خرج رسول الله ( ) وقد احتضن الحسين( ) ، وأخذ
بيد الحسن ( ) ، و فاطمة ( ) تمشي خلفه
و الإمام علي ( ) خلفها ، وهو ( )
يقول : ( إذا دَعوتُ فأمِّنوا ) .
موقف النصارى :
قال أسقف نجران : يا معشر النصارى !! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل
جبلاً عن مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولم يبق على وجه الأرض نصراني
إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا أن لا نُباهلك ، وأن نقرّك على دينك
ونثبت على ديننا .
قال ( ) :
( فإِذَا أبَيْتُم المباهلة فأسلِموا ، يَكُن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم )
فأبوا ، فقال ( ) ( فإنِّي أناجزكم )
فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك ، فصالحنا على أن لا تغزون
ا ولا تخفينا ، ولا تردّنا عن ديننا ، على أن نؤدّي إليك في كل عام ألفي حلّة
ألف في صفر وألف في رجب ، وثلاثين درعاً عادية من حديد .
فصالحهم على ذلك وقال : ( والذي نَفسِي بِيَده ، إنّ الهلاك قد تَدَلَّى على أهل
نجران ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِرَدة وخنازير ، ولاضطَرَم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأْصَلَ
الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى
كلُّهم حتّى يهلكوا ) .
دلالة آية المباهلة على عصمة وأفضلية علي ( ) :
استدل علماؤنا بكلمة : ( وأنفسنا ) ، تبعاً لأئمّتنا ( ) على عصمة
وأفضلية أمير المؤمنين ( ) ، ولعل أوّل من استدل بهذه الآية المباركة
هو نفس أمير المؤمنين ( ) ، عندما احتج في الشورى على الحاضرين
بجملة من فضائله ومناقبه ، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة ، وكلّهم أقرّوا
بما قال ، وصدّقوه في ما قال .
وسأل المأمون العباسي الإمام الرضا ( ) :
هل لك من دليل من القرآن الكريم على أفضلية علي ؟
فذكر له الإمام ( ) آية المباهلة ، واستدل بكلمة :
( وأنفسنا ) ، لأنّ النبي ( ) عندما أُمر أن يُخرج معه نساءه
فأخرج فاطمة فقط ، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين فقط ، وأمر بأن يخرج معه
نفسه ، ولم يخرج إلاّ علي ( ) ، فكان علي نفس رسول الله ، إلاّ أنّ
كون علي نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن ، فيكون المعنى المجازي
هو المراد ، وهو أن يكون علي مساوياً لرسول الله ( ) في
جميع الخصائص والمزايا إلاّ النبوّة لخروجها بالإجماع .
ومن خصوصيات رسول الله ( ) :
العصمة ، فآية المباهلة تدل على عصمة علي ( ) أيضاً . يعني النبي -ص-
معصوم ونفسه وهو الامام علي -ع- معصوم ايضا .
ومن خصوصيات علي -ع- :
أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم أيضاً
وأنّه أفضل جميع الخلائق وأشرفهم فكذلك علي ( ) ، وإذا ثبت أنّه
( ) أفضل البشر ، وجب أن يليه بالأمر من بعده .
أعمال يوم المباهلة :
الأوّل : الغُسل .
الثاني : الصيام .
الثالث : الصلاة ركعتان ، كصلاة عيد الغدير وقتاً وصفة وأجراً ، ولكن فيها تقرأ آية
الكرسي إلى ( هُمْ فيها خالِدُونَ ) .
الرابع : أن يدعو بدعاء المباهلة ، وهو يشابه دعاء أسحار شهر رمضان ، وهو
مروي عن الإمام الصادق ( ) بما له من الفضل ، ونص الدعاء
موجود في مفاتيح الجنان .
قال الإمام الباقر ( ) : إنّ رهطاً من اليهود أسلموا ، منهم : عبد الله بن سلام
وأسد ، وثعلبة ، وابن يامين ، وابن صوريا ، فأتوا النبي ( )
فقالوا : يا نبيَّ الله ، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون ، فمن وصيُّك يا رسول الله ؟
ومن وليّنا بعدك ؟
ثم قال رسول الله ( ) : ( قوموا ) ، فقاموا فأتوا المسجد ، فإذا سَائلٌ
خارج ، فقال : ( يا سائل ، أما أعطاكَ أحد شيئاً ) ؟
قال : نعم ، هذا الخاتم .
قال ( ) : ( مَنْ أعطَاك ) ؟
قال : أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلِّي ، قال : ( عَلى أيِّ حَالٍ أعطاك ) ؟
قال : كان راكعاً ، فكبَّر النبيُّ ( ) ، وكبَّر أهل المسجد .
فقال ( ) : ( (((عليٌّ وليُّكم بعدي )))) فذاك ارواحنا يا اميرنا وامير كل مؤمن ومؤمنه
قالوا : رضينا بالله ربَّاً ، وبِمحمَّدٍ نبياً ، وبعليٍّ بن أبي طالب ولياً ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ :
( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .
اتفاق المسلمين على التصدّق :
اتفقت روايات العلماء على أنَّ الإمام علي ( ) قد تصدَّق بخاتمه وهو
راكع ، وليس بين الأُمَّة الإسلامية خلاف في ذلك ، فشكَر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه
فيلزم الأُمَّة الإقرار بها ، وذلك لموافقة هذه الأخبار لكتاب الله ، وكذلك وجدنا كتاب الله
موافقاً لها ، وعليها دليلاً ، وحينئذٍ كان الاقتداء بها فرضاً ، لا يتعدَّاه إلاّ أهل العناد والفساد .
قول الشعراء في التصدّق :
قال حسان بن ثابت أيضاً :
وافى الصلاة مع الزكاة فقامها ** والله يرحم عبده الصبّارا
مَنْ ذا بخاتَمه تصدّقَ راكعاً ** وأسرّها في نفسهِ إسرارا
مَن كانَ باتَ على فراشِ محمّد ** ومحمّدٌ أسري يَؤمُّ الغارا
من كان جبريل يقوم يمينه ** يوماً وميكال يقوم يسارا
مَن كان في القرآنِ سُمّيَ مؤمناً ** في تِسعِ آيات جعلن كبارا .
2ـ قال خزيمة بن ثابت الأنصاري :
فديت علياً إمام الورى ** سراج البرية مأوى التقى
وصي الرسول وزوج البتول ** إمام البرية شمس الضحى
ففضّله الله ربّ العباد ** وأنزل في شأنه هل أتى
تصدّق خاتمه راكعاً ** فأحسن بفعل إمام الورى .
3ـ قال السيّد الحميري :
من كان أوّل من تصدّق راكعاً ** يوماً بخاتمه وكان مشيرا
من ذاك قول الله إنّ وليكم ** بعد الرسول ليعلم الجمهورا
اعمال يوم 25 من ذي الحجه
وهو يوم نزول سورة ( هل اتى ) في شان اهل البيت -ع-
وهي سورة الانسان .
ومن اعماله :
التصدق
والصوم
وذكر الله تعالى
و قراة الزيارة الجامعه