اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
*واحة عاشوراء مدرسة إعداد القادة*
10- في اليوم العاشر انتصر الدم على السيف.
قال: إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون.
قالوا: لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون.
قال: لأقطعن أيدكم وأرجلكم من خلاف، ثم لأصلبنكم أجمعين.
قالوا: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا، فاقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.
قال: إن هؤلاء لشرذمة قليلون، وإنهم لنا لغائظون، وإنا لجميع حاذرون.
فعلا هم شرذمة قليلون، بالنسبة لجيش جرار قوامه عشرات أو مئات الألوف. لكنهم رغم قلة عددهم، لم يستطع ذلك الجيش الجرار إذلالهم أو إخضاع رقابهم.
فكيف يقوم جيش جرار بالانقضاض على عدد من البشر لا يوازي ثمن عدده؟
وكيف يتحدى هؤلاء الحفنة من البشر ذلك العدد الهائل من العسكر المدجج بالعدة والعتاد؟
اعتاد جبابرة بن أمية المتكبرون عدم تحمل وقوف احد في وجوههم، ولم يتوقعوا الرفض من أي من تابعيهم، أو تحديه لأرادتهم وقراراتهم. لذا تراهم جيشوا الجيوش وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لامتناع الإمام الحسين(ع) عن البيعة ليزيد، رغم انه لم يحاربه ولم يعد العدة لذلك. لاعتبارهم رفض الانصياع لهم، هو رفض لما هو لهم بحق. وليس من حق احد كائن من كان انتقادهم أو توجيه النصيحة لهم.
أما عسكر الجيش فأكثرهم أما من المغرر بهم، والمغسولة أدمغتهم بمعلومات مغلوطة أو أحاديث مكذوبة على رسول الله(ص)، مثل (الحسين خرج على دين جده، فقتل بسيف جده) وغيره كثير. القسم الآخر من العسكر هم من المتطلعين والطامعين إلى المناصب والجوائز، أمثال عمر ابن سعد، الذي يقول(أأترك ملك الري والري بغيتي، أم ارجع مأثوما بدم حسين).
أما أصحاب الإمام(ع)، من الذين جاؤوا معه إلى كربلاء، مثل أخيه المغوار العباس(ع). أو من انفصل عن الجيش الأموي والتحق به، مثل الحر بن يزيد الرياحي.
هؤلاء من أصحاب النفوس النقية والأرواح الطاهرة، رأوا الحق أبلج وضوح الشمس في رابعة النهار. لم تدنسهم أهواء الجاهلية، ولم تختلط عليهم الأمور. هانت عليهم أنفسهم، وصغرت الدنيا في أعينهم، فقدموا أرواحهم فداء لمعتقدهم وانتصار لله. عندها لم تزحزحهم كثرة العدو وقوة عدته. فصبروا على حرر الحديد وحز الوريد، فهزموا الجيوش بدمائهم ولم يقبلوا الذل والانصياع للباطل.
بقلم: حسين نوح مشامع بإشراف: الشيخ محمد محفوظ