اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بعث معاوية إلى عاهل الروم يطلب منه سمّاً فتَّاكاً ، فقال ملك الروم : إنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا . </span>
فراسله معاوية يقول : إن هذا الرجل هو ابن الذي خرج بأرض تهامة - يعني رسول الله ( ) - خرج يطلب ملك أبيك ، وأنا أُريد أن أدس إليه السمَّ ، فأُرِيح منه العباد والبلاد .
شهادة الإمام الحسن ( ) :
بَعَث ملك الروم إلى معاوية بالسمِّ الفتاك ، فَدَسَّه إلى الإمام ( ) عن طريق جعدة ، الزوجة الخائنة التي كانت تنتمي إلى أسرة فاجرة .
حيث اشترك أبوها في قتل أمير المؤمنين ( ) ، وأخوها في قتل الإمام الحسين ( ) فيما بعد .
وفي ذلك النهار حيث كان قد مضى أربعون يوماً أو ستون على سقيه السُّم ، أتمَّ ( ) وصاياه التي أوصى بها إلى أخيه الإمام الحسين ( ) ، وعلم باقتراب أجله .
فكان ( ) يبتهل إلى الله تعالى قائلاً اللَّهُمَّ إني أحتسب عندك نفسي ، فإنها أعزُّ الأنفس عليَّ ، لم أُصَب بمثلها ، اللَّهُمَّ آنِسْ صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي ، ولقد حاقت شربته - أي معاوية - ، والله ما وفيَ بما وعد ، ولا صَدَق فيما قال ).
وكان ( ) حين التحق بالرفيق الأعلى ، يتلو آياتٍ من الذكر الحيكم .
وكانت شهادته ( ) في السابع من صفر 50 هـ ، وفي رواية في الثامن والعشرين من صفر 50 هـ .
دفنه ( ) :
وقامت المدينة المنورة لِتُشيِّع جثمان ابن بنت رسول الله ( ) ، الذي لم يزل ساهراً على مصالحهم قائماً بها أبداً .
وجاء موكب التشييع يحمل جثمانه الطاهر إلى الحرم النبوي ، ليدفنوه عند الرسول ( ) ، و ليجدِّدوا العهد معه ، على ما كان قد وصَّى به الإمام ( ) .
فركبت عائشة بغلة شهباء ، واستنفرت بني أمية ، وجاؤوا إلى الموكب الحافل بالمهاجرين ، والأنصار ، وبني هاشم ، وسائر الجماهير المؤمنة ، الثاوية في المدينة .
فقالت عائشة تصيح : يا رُبَّ هيجاء هي خير من دعة ! ، أيُدفن عثمان بأقصى المدينة ويُدفَن الحسن عند جدِّه .
ثم صَرخت في الهاشميين : نَحُّوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون .
ولولا وصية من الإمام الحسن ( ) إلى أخيه الإمام الحسين ( ) أَلاَّ يُراق في تشييعه ملء محجمةِ دمٍ ، لَمَا ترك بنو هاشم لبني أمية في ذلك اليوم كِيَاناً .
ولولا أن الإمام الحسين ( ) نادى فيهم الله الله يا بني هاشم ، لا تضيِّعوا وصية أخي ، واعدلوا به إلى البقيع ، فإنه أقسم عليَّ إن أنا مُنعت من دفنه عند جدِّه إذاً لا أُخاصم فيه أحداً ، وأن أدفنه في البقيع مع أُمِّه ).
هذا وقبل أن يعدلوا بالجثمان ، كانت سهام بني أمية قد تواترت على جثمان الإمام ( ) ، وأخذت سبعين سهماً مأخذها منه .
فراحوا إلى مقبرة البقيع ، وقد اكتظَّت بالناس ، فدفنوه فيها ، حيث الآن يُزار مرقده الشريف ( ) .
وهكذا عاش السبط الأكبر لرسول الله ( ) نقيّاً ، طاهراً ، مَقهوراً ، مُهتَضَماً ، ومضى شهيداً ، مظلوماً ، مُحتَسِباً .
فَسَلام الله عليه ما بقي اللَّيل والنهار .
وقبل أو يوارى الجثمان الطاهر للإمام الحسن () دنا منه أخوه محمد بن الحنفية ونعاه قائلاً: رحمك الله يا أبا محمد، فوالله لئن عزّت حياتك لقد هدّت وفاتك، ونعم الرّوح، روح عمّر به بدنك ونعم البدن، بدن ضمه كفنك، لم لا يكون كذلك وأنت سليل الهدى، وحلف أهل التقوى، ورابع أصحاب الكساء، غذتك كفّ الحق، وربيت في حجر الإسلام، وأرضعتك ثديا الإيمان، فطب حيّاً وميتاً، فعليك السلام ورحمة الله وإن كانت أنفسنا غير قالية لحياتك ولا شاكّة في الخيار لك(3). وحينما وضع الإمام الحسين () جسد أخيه الحسن () في لحده أنشأ يقول:
أأدهن رأسي أم تطيب محـاسني ورأسك معفـــــــور وأنت سليب
بكائي يطــــول والدموع غـزيرة وأنت بعـــــيد والمــــزار قريب
غريب وأطـراف البيوت تحوطه ألا كلّ مـــن تحت التراب غريب
فليس حريــــب من أصيب بماله ولكـــــنّ من وارى أخاه حريب
فسلام عليك يا أبا محمد يوم ولدت ويوم جاهدت وبلغت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً..
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين...
____________
1- معالي السبطين، الحائري، ص37.
2- البداية والنهاية، ابن كثير: ج8، ص44.
3- تاريخ اليعقوبي، المجلد الثاني، ص225.
توقيع عاشق فاطمه
اللهُمَ صَلْ عَلىَ مُحَمَدٍ وَ آَلِ مُحَمَدٍ الطَيِبِين الطَاهِرَينْ المُنْتَجَبِين وَعَجِلْ فَرَجَهُمْ ياكريم وأهلك وألعن أعدائهم الى قيام يوم الدين يارب العالمين