اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مفكرة مبتعث - في انتظار البعثة
أنهى محمود الثانوية العامة، واجتاز اختبارات القياس بنجاح، وكان على استعداد لدخول الجامعة. فكان فرحا مغترا بنفسه، رافعا رأسه شموخا، كطاووس يختال في مشيته. معتقدا انه قد أتى بعمل، لم يسبق به الأولين ولا الآخرين.
ودون أن يضع في مخيلته ولو نسبة بسيطة لاحتمال الرفض، فكان يقول لنفسه متباهيا: بهذه الدرجات، بمقدوري الدخول أي جامعة أختارها.
خرجت له من رحم الغيب، خيارات كان يخشاه. فأصابته الخيبة أول الأمر، وكاد ينهار لقوة الصدمة على نفسه، كمن تردى من شاهق.
ثم كان عليه التماسك والعودة لتوازنه، وتسيلم أمره لله، راضيا بما يقسمه له.
فراح يطرق جميع الأبواب، لان لا يفوته أي منها، وليتمكن في النهاية من الولوج في احدها. وأخذ خوفه يتزايد مع طول الانتظار والترقب، كمن ينتظر وليدهالأول.
حصل على قبول في احد الجامعات المحلية، فقدم أوراقه وانتظم في دراسته. فارتاحت نفسه، كمن تناول كوب ماء بارد، بعد أن أرهقه الظمأ.
ولكن بقي شئ يؤرقه، ولا يكاد يستقر لأجله.
شعر والديه به، وبما يدور في خلده. ومن باب الخوف عليه، قالا بإلحاح: في محاولة لثنية.
يا بني، الغربة تعني الابتعاد عن الأهل والوطن والأصحاب.
يا بني، لا تنسى اختلاف العادات والتقاليد، التي قد تؤدي للانحراف، وسط حضارة كل شئ فيها مباح، طالما القانون يسمح به.
هدأ من مخاوفهما، متذرعا بعدم وصول القبول: وعند وصوله سيكون لكل حادث حديث.
فامسكا عن التحدث في أمر البعثة، وهما على خوف عليه وعلى مستقبله، في بلاد بعيدة وحضارة غريبة.
بقلم: حسين نوح مشامع