اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مفكرة مبتعث - الخيار الصعب
وخلال سنته التحضيرية في الجامعة، تقدم محمود للحصول على منحة دراسية خارجية، لدى أكثر من جهة حكومية. وهو على ما هو عليه من تحصيل العلم، وحصد الدرجات العالية.
فرح أهله بالجهد الذي يبذله، والنتائج الباهرة التي يحصل عليها، والجامعة العريقة التي انظم إليها. فتمنوا أن تلك المميزات الباهرة، والتي يتمناها كل من هو في مثل سنه، تصرفه عن البعثة والاغتراب. فلم يذهب تفكيرهما بعيدا، ولم يكن انتظرهما طويلا. إذ دخل عليهما في احد الأيام، ليبلغهما قراره، ويطلب رضاهما.
فقال والده محتدا محاولا إخفاء ضيقه النفسي: جئت طالبا رضانا، أو وضعنا تحت الأمر الواقع؟ لإحساسه بما يضمره في داخله.
فتدخلت الوالدة لتخفيف التوتر بينهما، ولعلمها بما يدور في رأس طفلها، فقالت: دعه يتكلم لنرى ما عنده، فنحن في النهاية، لا يهمنا إلا مصلحته ومستقبله، وهو وحده يتحمل نتيجة أفعاله. إن خيرا فخير، وان شرا فشر.
لم ير الوالد مفرا من السكوت والإصغاء، بعد انضمام الوالدة لصف ابنها.
قبل رأس والده ووالدته، وجلس لجوارهما ليطلعهما على مستجداته. فقال وهو فرحا مسرورا بعد حصوله على دعم والدته: لدي ثلاثة خيارات، وعلي المفاضلة بينها.
الأول: منحة دراسية للخارج، بوظيفة مضمونة، لكنها لدراسة المحاسبة. مادة لا رغبة لي فيها، وتخصص لا تقبل عليه نفسي.
فقال والده متأففا: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)، وأضاف متسائلا: والخياران الآخران؟
قال: منحتان دراسيتان، واحدة لدراسة سلامة الطائرات، وبوظيفة مضمونة.
فاستبشر والده خيرا، وقال الخير فيما يختاره الله. واستدرك والده قائلا: والمنحة الثانية؟
فقال: بعثة دراسية للخارج، بدون وظيفة، ولكن اختيار التخصص ترك لي.
فتساءلت والدته باستغراب: الم تسافر خارج المنطقة للتقديم لهذه المنحة؟
فقال: نعم، وقد استشرت الكثيرين عن الوظيفة، فأوصوا بالمضي إليها.
تطلع والديه إليه وهو يتحدث، وقد لفهما الاستغراب والتعجب، دون أن ينطقا ببنت شفة.
وواصل كلامه قائلا: ورغم إني لا أحب كثرة السفر والابتعاد عن الأرض، يبقى الأمر لحين خروج أي من المنحتين أولا.
فقال والده: إذا فلا داعي للعجلة والتسرع. فواصل دراستك واجتهد، لحين حصولك على المنحة، وعند ذلك لكل حادث حديث.
بقلم: حسين نوح مشامع