موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
 
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )إن الحسين صلوات الله عليه مصباح الهدى وسفينة النجاة
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

منير الخفاجي
الصورة الرمزية منير الخفاجي
محقق ومدقق لغوي
رقم العضوية : 801
الإنتساب : Mar 2008
الدولة : عراق المقدسات - كربلاء المشرفة
المشاركات : 101
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 211
المستوى : منير الخفاجي is on a distinguished road

منير الخفاجي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منير الخفاجي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
Unhappy زيارة الأربعين فوق الشبهات
قديم بتاريخ : 13-Jan-2012 الساعة : 04:16 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


زيارة الأربعين فوق الشبهات

لقد أثيرت في العقود الأخيرة الكثير من الشبهات حول الكثير من الزيارات الخاصة بمراقد المعصومين(ع) ضمن منهج للتشكيك في ثوابت المعتقدات الشيعية.. وزيارة الأربعين كانت لها نصيباً من هذه الشبهات.. فقد ذهب أصحاب هذا المنهج الخطير بأن المقصود من كلمة (زيارة الأربعين) الواردة في رواية الإمام العسكري(ع) المشهورة إنما يقصد بها زيارة أربعين مؤمناً وليس زيارة الحسين(ع)..
لذا فقد انبرى مراجعنا العظام وعلمائنا الأعلام في الدفاع عن تلك المعتقدات الحقة عبر الكتب والمحاضرات والاستفتاءات.. وهنا نستعرض واحداً من تلك الاستفتاءات التي وجهت إلى أحد أبرز علمائنا المحققين وهو العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه (مختصر مفيد، ج1):

السؤال:

ما هو حكم إقامة مجلس الأربعين للمؤمنين بعد مرور أربعين يوماً على وفاتهم؟!
هل هو مأثور عن أهل البيت(ع)؟
هل هو من السنن المستحبة في الشريعة الإسلامية؟
أم أنه كما يزعم البعض: «ربما يكون أصلها يهودياً»؟

الجواب:

1 ـ زيارة الأربعين:
لا ريب في استحباب زيارة الأربعين للإمام الحسين(ع).. وقـد دلت على ذلك النصوص، حتى إن ثمة روايات ذكرت نص الـزيـارة التي يستحب أن يزور بها المؤمن الإمام الحسين(ع) في هذا اليوم (مصباح الزائر: ص152-154).

هذا بالإضافة إلى ما روي: من علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والجهر بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين (تهذيب الأحكام للطوسي: ج6 ص52). وقد حكم العلماء باستحباب هذه الزيارة، فراجع كتبهم (رضوان الله تعالى عليهم) (زيارة الأربعين، لكمال زهر)... فزيارة الأربعين إذن ليس أصلها يهودياً..

2 ـ مجلس الأربعين:
أما بالنسبة لمجلس الأربعين للمؤمنين، فهو أيضاً ليس يهودياً، إذ أن اليهود إنما يعيدون الحداد على فقيدهم بعد مرور ثلاثين يوماً، وبمرور تسعة أشهر، وعند تمام السنة (مقتل الحسين (ع) للمقرم: ص365).

على أنه ليس بالضرورة أن يكون كل ما عند اليهود باطلاً، فقد تكون لديهم بعض الأمور الصحيحة، التي بقيت من دين موسى.. تماما كما بقيت بعض اللمحات من دين الحنيفية في عرب الجاهلية..

أضف إلى ما تقدم: أن في الروايات الواردة عن أهل البيت(ع) ما يشير إلى الأربعين، فقد روي عن أبي ذر، وابن عباس، عن النبي(ص) قوله: «إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً» (مقتل الحسين(ع) للمقرم: ص364).

وقد روي نظير ذلك بالنسبة للإمام الحسين(ع)، فعن زرارة عن أبي عبد الله(ع): «إن السماء بكت على الحسين(ع) أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، والملائكة بكت عليه أربعين صباحاً... إلخ» (مستدرك الوسائل ج10 ص313)..

وعن أبي جعفر(ع): «ما بكت السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)، فإنها بكت عليه أربعين يوماً» (البحار: ج45 ص211 عن كامل الزيارات).

وقد ورد في الروايات: «أن آدم [] قد بكى على هابيل أربعين ليلة» ( سفينة البحار: ج1 ص504).

وعلى كل حال، فإن الاجتماع بعد أربعين يوماً إنما يراد به تذكُّر الميت، وإتحافه بالهدايا عبر الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وإهداؤه ثواب قراءة القرآن، وليس في ذلك غضاضة.. خصوصاً إذا لم يقصد التعبد والاستحباب.

بل إنه حتى لو قصد ذلك، استناداً إلى بعض ما ذكرناه آنفاً، مما أشار إلى خصوصية في الأربعين، أو للتأسي بالأئمة(ع) في ما أعلنوه من ذكرى أربعين الإمام الحسين(ع)، على اعتبار أنهم هم الأسوة والقدوة، إذا لم يثبت أن ذلك مختص بالحسين(ع).

نعم.. لو قصد ذلك استناداً إلى ذلك، فإن فاعل ذلك لا يكون قد تجاوز الحد فيه، خصوصاً مع الأخذ بقاعدة التسامح في أدلة ما هو من هذا القبيل.


منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
مرقد كفيل زينب (ع)
http://ar-ar.facebook.com/muneer.fadali



خادم سيدي موسى بن جعفر
عضو نشيط

رقم العضوية : 12333
الإنتساب : Oct 2011
المشاركات : 244
بمعدل : 0.05 يوميا
النقاط : 172
المستوى : خادم سيدي موسى بن جعفر is on a distinguished road

خادم سيدي موسى بن جعفر غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم سيدي موسى بن جعفر



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : منير الخفاجي المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-Jan-2012 الساعة : 05:54 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


إذا كان يوم الأربعين من النواميس المتعارفة للاعتناء بالفقيد بعد أربعين يوماً، فكيف نفهم هذا المعنى عندما يتجلى في موضوع كالحسين () الذي بكته السماء أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة. ومثل ذلك فالملائكة بكت عليه أربعين صباحاً، وما إختضبت امرأة منا ولا أدهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عبرة من بعده كما جاء في مستدرك الوسائل للنوري، ص215، باب 94، عن زرارة عن أبي عبد الله الصادق ().

وجرت العادة في الحداد كذلك على الميت أربعين يوماً فإذا كان يوم الأربعين أقيم على قبره الاحتفال بتأبينه.

لكن الأربعين لسيد الشهداء يعني إقامة وتخليد تلك المزايا التي لا تحدها حدود والفواضل التي لا تعد ـ لذا فإن إقامة المآتم عند قبره الشريف في الأربعين من كل سنة إحياء لنهضته وتعريف بالقساوة التي ارتكبها الأمويوين ولفيفهم، وكلّما أمعن الخطيب أو الشاعر في رثاء الإمام الحسين () وذكر مصيبته وأهل بيته () تفتح له أبواب من الفضيلة كانت موصدة عليه قبل ذلك ولهذا اطردت عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الأحوال يوم الأربعين من كل سنة ولعل رواية أبي جعفر الباقر () أن السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء تلميحُ إلى هذه الممارسة المألوفة بين الناس.

وحديث الإمام الحسن العسكري (): علامات المؤمن خمس صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والتختم باليمين وتعفير الجبين يرشدنا إلى تلك الممارسة المألوفة بين الناس ـ حيث أن تأبين سيد الشهداء () وعقد الاحتفالات لذكره في هذا اليوم إنما يكون ممن يمتّ له بالولاء والمشايعة ولا ريب في أن الذين يمتون له بالمشايعة هم المؤمنون المعترفون بإمامته. فالواجب إقامة المآتم في يوم الأربعين من شهادة كل واحد منهم وحديث الإمام العسكري () لم يشتمل على قرينة لفظية تصرف زيارة الأربعين إلى خصوص الحسين () إلا أن القرينة الحالية أوجبت فهم العلماء الأعلام من هذه الجملة خصوص زيارة الحسين () لأن قضية سيد الشهداء هي التي ميزت بين دعوة الحق والباطل ولذا قيل الإسلام بدؤه محمدي وبقاؤه حسيني وحديث الرسول () (حسين مني وأنا من حسين) يشير إلى ذلك.

ويتجلى مما ذكر بأن المراد زيارة الأربعين إذ فيه إرشاد الموالين لأهل البيت () ويؤكدها الشوق الحسيني، ومعلوم أن الذين يحضرون في الحائر الأطهر بعد مرور أربعين يوماً من مقتل سيد شباب أهل الجنة خصوص المشايعين له السائرين على إثره.

ويشهد له عدم تباعد العلماء الأعلام عن فهم زيارة الحسين () في الأربعين في العشرين من صفر من هذا الحديث المبارك منهم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب، ح2، ص17، باب فضل زيارة الحسين () فإنه بعد أن روى الأحاديث في فضل زيارته المطلقة ذكر المقيد بأوقات خاصة ومنها يوم عاشوراء وبعده روى هذا الحديث وفي مصباح المتهجد ص551 ذكر شهر صفر وما فيه من الحوادث ثم قال: وفي يوم العشرين منه رجوع حرم أبي عبد الله () من الشام إلى مدينة الرسول () وورود جابر بن عبد الله الأنصاري إلى كربلاء لزيارة أبي عبد الله () فكان أول من زاره من الناس.

وقال العلامة الحلي في المنتهى كتاب الزيارات بعد الحج يستحب زيارة الحسين () في العشرين من صفر. ونقل المجلسي أعلى مقامه في مزار البحار، في فضل زيارته () وغيرهم من علماء الأمة.

أعمال يوم الأربعين والزيارة الخاصة به

روى الشيخ في التهذيب والمصباح عن الإمام الحسن العسكري () قال: علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، أي الفرائض اليوميّة وهي سبع عشرة ركعة والنوافل اليوميّة وهي أربع وثلاثون ركعة، وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين بالسجود والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وقد رويت زيارته في هذا اليوم على النحو التالي:

روى الشيخ في التهذيب والمصباح عن صفوان الجمّال قال: قال لي مولاي الصّادق صلوات الله عليه في زيارة الأربعين: تزور عند ارتفاع النهار وتقول:

السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيبه، السلام على صفي الله وابن صفيّه، السلام على الحسين المظلوم الشهيد، السلام على أسير الكربات وقتيل العبرات، اللهم إني أشهد أنه وليّك وابن وليّك وصفيّك وابن صفيّك الفائز بكرامتك أكرمته بالشهادة وحبوته بالسعادة واجتبيته بطيب الولادة وجعلته سيّداً من السّادة وقائداً من القادة وذائداً من الذّادة وأعطيته مواريث الأنبياء وجعلته حجّة على خلقك من الأوصياء فأعذر في الدّعاء ومنح النصح وبذل مُهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة وقد توازر عليه من غرّته الدنيا وباع حظّه بالأرذل الأدنى وشرى آخرته بالثمن الأوكس وتغطرس وتردّى في هواه وأسخطك وأسخط نبيّك وأطاع من عبادك أهل الشقاق والنفاق وحملة الأوزار المستوجبين النار فجاهدهم فيك صابراً محتسباً حتى سفك في طاعتك دمه واستبيح حريمه، اللهم فالعنهم لعناً وبيلاً وعذّبهم عذاباً أليماً، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن سيد الأوصياء، أشهد أنك أمينُ الله وابن أمينه عشت سعيداً ومضيت حميداً ومتّ فقيداً مظلوماً شهيداً، واشهد أن الله منجز ما وعدك ومهلك من خذلك ومعذّب من قتلك، وأشهد أنك وفيت بعهد الله وجاهدت في سبيله حتى أتاك اليقين، فلعن الله من قتلك ولعن الله من ظلمك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به، اللهم إني أُشهدك أني وليّ لمن والاه وعدوّ لمن عاداه، بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة(1) لم تنجّسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك المدلهمّات من ثيابها وأشهد أنك من دعائم الدين وأركان المسلمين ومعقل المؤمنين، وأشهد أنك الإمام البرّ التقيّ الرّضيّ الزكيّ الهادي المهديّ، وأشهد أنّ الأئمة من ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى والعروة الوثقى والحجّة على أهل الدنيا، وأشهد أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن، بشرائع ديني وخواتيم عملي، وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متّبع ونصرتي لكم معدّة حتى يأذن الله لكم فمعكم معكم لا مع عدوّكم، صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم(2) وشاهدكم وغائبكم وظاهركم وباطنكم، آمين رب العالمين.

ثمّ تصلّي ركعتين وتدعو بما أحببت


خادم سيدي موسى بن جعفر
عضو نشيط

رقم العضوية : 12333
الإنتساب : Oct 2011
المشاركات : 244
بمعدل : 0.05 يوميا
النقاط : 172
المستوى : خادم سيدي موسى بن جعفر is on a distinguished road

خادم سيدي موسى بن جعفر غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم سيدي موسى بن جعفر



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : منير الخفاجي المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-Jan-2012 الساعة : 06:20 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


زيارةُ أربعين سيّد الشهداء الإمام الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم


زيارةُ أربعين سيّد الشهداء الإمام الحسين ()



علاجُ التَّشكيكِ في زيارةِ الأربعين.


ورَدَ عن مولانا الإمام الحسن العسكريّ(ع) أنَّهُ قال: [علاماتُ المؤمنِ خَمْس: صلاةُ إحدى وخمسين وزيارةُ الأربعين والجَهْرُ ببسْمِ اللهِ الرَّحمانِ الرَّحيم والتَّختُّمُ باليمين وتعفيرُ الجبين].


الثَّابتُ عندَ الإمامية بأنَّ المُرادَ مِنَ الفِقرةِ المذكورةِ في الحديث "زيارةُ الأربعين" هو زيارةُ الإمامِ الحسين(ع) في العشرينَ من صَفَر، إلّا أنَّ بعضَ الّذينَ لا يُعجِبُهُم زيارةُ الإمامِ الحسين(ع) يومَ العِشرين من صفَر قالوا: إنَّ المُرادَ مِنَ الفقرة هو زيارةُ أربعينَ مؤمناً، فجعلوا زيارةَ أربعينَ مؤمناً مُستَحبّاً دونَ زيارةِ الإمامِ الحسين(ع) بل إنَّ زيارةَ أربعينَ مؤمناً أهمُّ من زيارةِ الإمامِ الحسين(ع).
وقبلَ الإستدلالِ على مُرادِنا، ينبغي أن نبحثَ في نقطتين:
الأولى: بيانُ دعوى هؤلاءِ المُشَكِّكينَ ونَقضِها.
الثّانية: الغايةُ مِن زيارةِ الإمامِ الحسين(ع) يومَ الأربعين أي في العشرين من صَفَر.


النّقطة الأولى: نقضُ دعوى الخصْم.
خلالَ تَتبُّعي لكلامِ أصحابِ الدَّعوى المذكورة، لم أعثُر على دليلٍ واحدٍ قد يكونُ مُستَنداً لهُم لإثباتِ دعواهُم، بل غايةُ ما عَثرْتُ عليهِ أنَّهُم فسَّروا زيارةَ الأربعينَ بـ "أربعينَ مؤمناً" (*) وذلكَ لأنَّ الإمامَ العسكريّ (ع) لم يتَعرَّض للآثارِ الأُخرويَّةِ المُتَرَتِّبةِ على الزِّيارَةِ الأربعينيَّة، مع أنَّ أهلَ البيتِ (ع) عندَ الحثِّ على زيارةِ الإمامِ المظلومِ وغيرهِ مِن أئمَّةِ الهُدى يذكرونَ ما يتَرتَّبُ عليها مِنَ الثَّواب.
هذا غايةُ ما وجَدناهُ مِن دعاوى هؤلاء.
الإيرادُ على الدَّعوى المذكورة:
أولاً:
إنَّ الإمامَ العسكريَّ (ع) في هذا الحديث إنَّما هو بصَدَدِ بيانِ علائِمِ المُؤمِنِ الّتي يمتازُ بها عن غيرِهِ، وجعلَ منها زيارةُ الأربعينَ الحسينيَّةِ على صاحبها آلافُ التَّحيَّةِ والسَّلامِ، ولم يكُنِ الإمامُ العسكريّ (ع) بصددِ بيانِ ما يترتَّبُ على الزّيارةِ منَ الآثارِ الأُخرويَّةِ (**). بلِ الحديثُ في مقامِ بيانِ الآثارِ الدُّنيويَّةِ الظَّاهرةِ على المُؤمِنِ أو هوَ في مقامِ بيانِ الصِّفاتِ الّتي يتَّصِفُ بها المُؤمنُ، وإن كانَ يظهرُ عندي أنَّ الأئمَّةَ (ع) قد بيَّنوا ووَضَّحوا الآثارَ الأُخرويَّةَ لزيارةِ الإمامِ الحسين(ع) مُطلقاً سواءٌ أكانت في زيارةِ الأربعين أم في غيرِها، فلا داعي للإمامِ العسكريّ(ع) أن يُكرِّرَها في هذا الحديث، فإنَّ آباءَهُ الكِرام بيَّنوها في أحاديثِهُمُ الشَّريفة، فبيانهُ لها قد يدخلُ في تحصيلِ الحاصِل، لأنَّ الشِّيعةَ كانوا ولا يزالونَ يعرفون فوائدَ زيارةِ الإمامِ الحسين (ع) الأُخرويَّةِ بشكْلٍ واضح.
ثانياً:
إنَّ استنتاجَ هؤلاءِ على دعواهُم يأباهُ الذّوْقُ السَّليم،معَ خلُوِّهِ منَ القرينةِ الدَّالَّةِ عليه،ولو كانَ الغَرَضُ هوَ الإرشادُ إلى زيارةِ أربعينَ مؤمناً لقالَ الإمامُ(ع):"وزيارةُ أربعينَ مؤمناً"
فمَع عدمِ تقدُّمِ الإشارةِ إلى أربعينَ مؤمناً،وعدمُ وجودِ قرينةٍ تُساعِدُ عليهِ،لا يصُحُّ حينئذٍ صرْفُ "الأربعين" إلى أربعينَ مؤمناً.
ثالثاً:
إنَّ زيارةَ أربعينَ مؤمناً ممّا حثَّ عليهِ الإسلامُ بل أكثرَ من أربعين على فتراتٍ مُتقطِّعةٍ، فهيَ من علائمِ الإيمانِ عندَ الخاصَّةِ والعامَّة، ولم يُخَصَّ بها المؤمنونَ المُوالونَ ليمتازوا عن غيرِهِم، نَعَمْ زيارةُ الإمامِ الحسين (ع) يومَ الأربعينَ مِن صَفَرٍ ممّا يدعو إليها الإيمانُ الخالِصُ لأهلِ البيتِ (ع)، ويُؤكِّدُها الشَّوقُ لزيارةِ الإمامِ الحسين (ع)، ومَعلومٌ أنَّ الّذينَ يحضَرونَ في الحائِرِ الأطهَرِ بعدَ مُرورِ أربعينَ يوماً مِن مَقتَلِ سيِّدِ شبابِ أهلِ الجنَّةِ هم خصوصُ المُشايعينَ لهُ السَّائرينَ على أثَرهِ ومنهجِه.
ويشْهَدُ لهُ اتِّفاقُ سائِرِ علماءِ الإماميَّةِ (مذ استشهدَ الإمامُ الحسين (ع) إلى يومنا هذا) وعدمُ تباعدِهِم عن فهْمِ زيارةِ الإمامِ الحسين (ع) في العشرين من صفر من هذا الحديثِ المبارَكِ، حيث فهموا منه زيارة الامام وليس زيارة اربعين مؤمناً من هؤلاء المحققين :
الشَّيخ أبو جعفر الطّوسيّ في التَّهذيب ج6 ص47، فإنَّهُ ـ رحِمَهُ الله ـ بعدَ أن روى الأحاديثَ في فضلِ زيارتِهِ المُطلقة، ذكَرَ بعدَها الزِّياراتِ المُقيَّدةِ بأوقاتٍ خاصَّةٍ ومنها يومُ عاشوراء، وبعدهُ روى هذا الحديث (علاماتُ المؤمِن خمْس). وفي مصباح المتهجد ذكرـ رحمه الله تعالى ـ شهرَ صفر وما فيهِ مِنَ الحوادِثِ ثمَّ قال: وفي يومِ العشرينِ منهُ رجوعُ حُرَمِ أبي عبدِ اللهِ (ع) من الشَّامِ إلى المدينة، وورودُ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريّ (رضي الله تعالى عنه) إلى كربلاءَ لزيارةِ الإمامِ أبي عبدِ اللهِ(ع)، فكانَ أوَّلَ مَن زارَهُ منَ النَّاسِ وهي زيارةُ الأربعين.
أقول: إنَّ جابر زارَ الإمامَ يومَ الاربعين، والإمامُ السَّجّادُ (ع) وعقيلةُ الهاشميّينَ والسّبايا زاروا الإمامَ المظلومَ يومَ الأربعين، فزيارةُ الإمامِ السَّجّادِ (ع) يومَ الأربعينِ دليلٌ على الإستحبابِ، لأنّ الإمامَ معصوم عن الخطأ فكل تصرفاته وما يصدر عنه حكمة وصواب، ففِعْلُهُ وقولُهُ وتقريرُهُ حُجَّةٌ، ولو لم يكُن يومُ الأربعينِ مُستَحَبّاً لما فَعَلَهُ الإمامُ السَّجَّادُ وعقائِلُ الوحيِ والطَّهارةِ صلوات الله عليهم أجمعين ؟!.
وقال العلاّمة الحلّي في المنتهى كتاب الزيارات بعد الحجّ: يستحب زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر.. ثمّ قال: روى الشيخ عن الإمام أبي محمَّد العسكري (عليه السَّلام) أنّه قال: علامات المؤمن خمس..
وقال السيد ابن طاووس في الإقبال عند ذكر زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر قال: روينا بالإسناد إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي فيما رواه بالإسناد إلى مولانا الحسن بن عليّ العسكري (عليه السَّلام) قال: علامات المؤمن خَمس...
ونقل العلاّمة المجلسي في مزار البحار هذا الحديث عن ذكر فضل زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) يوم الأربعين، ووافقهم صاحب الحدائق في باب الزّيارات بعد الحجّ فقال: وزيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر من علامات المؤمن.
وحكى الشيخ القمي في المفاتيح هذه الرواية عن التهذيب ومصباح المتهجد في الدّليل على رجحان الزيارة في الأربعين من دون تعقيب باحتمال إرادة أربعين مؤمناً.
والشيخ المفيد قال باستحباب الزيارة في العشرين من صفر في كتابه مسار الشيعة، والعلاّمة الحلّي في التذكرة والتحرير، وملا محسن الفيض في تقويم المحسنين.
رابعاً:

يَثبت استحباب زيارة العشرين من صفر بالاطلاقات الدالة على استحباب زيارته مطلقاً، وفي كلّ شهر، فقد روى الشيخ الطوسي ـ بعد حديث الإمام العسكري (عليه السَّلام)ـ حديثاً عن داود بن فرقد قال: قلت للإمام أبي عبد الله (عليه السَّلام): ما لِمَن زار الإمام الحسين (عليه السَّلام) في كلّ شهر من الثواب؟ قال: له من الثواب ثواب مائة ألف شهيد مثل شهداء بدر(1).
وصفر داخل ضمن قوله (عليه السَّلام): في كلّ شهر، فتُستحبّ زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر على وجه التحديد بقرينة حديث الإمام العسكري (عليه السَّلام): "زيارة الأربعين"؛ أي في اليوم المعهود وهو العشرون من صفر.
النقطة الثانية: الغاية من زيارة أربعين الإمام الحسين يوم العشرين من صفر؛ أي زيارة الأربعين.
يمكننا أنْ نصنّف الغاية من زيارته الأربعينيّة كلّ عام إلى ثلاثة مستويات:
المستوى الأوّل: تخليد ذكراه (عليه السَّلام) وتجديد الحزن عليه.
بيان ذلك: إنّ النواميس المطردة مواظبة على الاعتقاد بالفقيد بعد أربعين يوماً مضين من وفاته بإسداء البِرِّ إليه وتأبينه وعدّ مزاياه في حفلاتٍ تُعقَد وذكريات تُدَوَّنُ تخليداً لذِكْرِه، في حين أنّ الخواطر تكاد تنساه، والأفئدة أوشكت أنْ تُهْمِلَهُ، فبذلك تُعاد إلى ذكراه البائدة صورةٌ خالدةٌ بشِعْرٍ أو بخطابٍ بليغٍ تتضمّنه الكتب حتى يعود من أجزاء التاريخ، فيصير الفقيدُ حيّاً كلّما تُلِيَتْ هاتيكَ النُّتَف من الشعر، أو وقف الباحث على ما أُلقيت فيه من كلماتٍ تأبينيّةٍ بين طيّات الكتب فيقتصّ أثره في فضائله وفواضله، وهذه السنّة الحسنة تزداد أهميّةً كلّما ازداد الفقيدُ عَظَمَةً، وكَثُرَتْ فضائله، وهي في رجالات الإصلاح والمقتدى بهم من أكابر الدين أهمّ وآكد؛ لأنّ نَشْرَ مزاياهم وتعاليمهم يحدو ويحثّ إلى اتّباعهم واحتذاء مثالهم في الإصلاح وتهذيب النفوس.
و يشهد له ما ورد عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : إنّ الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً.
وعن زرارة عن مولانا الإمام الصّادق (عليه السَّلام): إنّ السّماء بكت على الحسين (عليه السَّلام) أربعين صباحاً بالدّم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسّواد، والشّمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، والملائكة بكت عليه أربعين صباحاً، وما اختضبت امرأةٌ منّا ولا ادّهَنَتْ ولا اكتَحَلَتْ ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عَبْرَة من بعده.
يؤكد هذه الطريقة المألوفة والعادة المستمرّة بين النّاس من الحداد على الميّت أربعين يوماً، فإذا كان يوم الأربعين أُقيم على قبره الاحتفال بتأبينه، يحضره أقاربُه وخاصتُهُ وأصدقاؤُه، وهذه العادة لم يختص بها المسلمون، فإنّ النصارى يقيمون حفلة تأ بينيّة يوم الأربعين من وفاة فقيدهم يجتمعون في الكنيسة ويعيدون الصّلاة عليه المسماة عندهم بصلاة الجنازة، ويفعلون ذلك في نصف السّنة وعند تمامها، واليهود يعيدون الحداد على فقيدهم بعد مرور ثلاثين يوماً وبمرور تسعة أشهر وعند تمام السنة، كلّ ذلك إعادةً لذكراه وتنويهاً به وبآثاره وأعماله إنْ كان من العظماء ذوي الآثار والمآثر...
وإحياء النصارى واليهود ذكرى الأربعين لموتاهم لا يستلزم إنكارها، إذ ليس من الضروري أنْ تكون كلُّ الأفكار الموجودة في تاريخ النصارى واليهود سيئةً، قد تكون بعض الأفكار عندهم لها أساس ديني يتوافق مع شريعتنا فلا يجوز حينئذٍ ردّه لكونه يتوافق مع النصارى واليهود، فإذا قام الدّليل الشرعي عندنا على صحّة فعلٍ أو عملٍ معيَّنٍ حتى لو توافق مع المخالفين لنا فلا يجوز ردّه لأنّ ردّه يقتضي ردَّ الدّليل الشرعي الذي قام على صحّة الفعل المعيَّن.
وعلى كلّ حال؛ فلا يجد المنقِّب في الفئة الموصوفة بالإصلاح والصّلاح رجلاً اكتنفته المآثر بكلّ معانيها، وكانت حياتُه وحديثُ نهضته وكارثةُ قتله، دعوةً إلهيّةً وطقوساً إصلاحيّةً، وأنظمةً اجتماعيّةً وتعاليمَ أخلاقيّة، ودروساً دينيّة إلاّ سيّدَ الشّهداء أبا عبد الله الحسين عليه آلآف التحيّة والسّلام، شهيد الله تعالى... فهو أولى من كلّ أحد بأنْ تُقامَ له الذكريات، وتشدَّ الرحالُ للمثول حول مرقده الأقدس في يوم الأربعين من قتله حصولاً على تلكم الغايات الكريمة.
وما يفعله الناس من الحفلات الأربعينية الأولى على موتاهم فلا يكررونها كلّ سنة كما يكرّرونها لأجل الإمام الحسين (عليه السَّلام)، من جهة كون مزايا أولئك الرِّجال محدودة منقطعة الآخر، بخلاف سيّد الشّهداء (عليه السَّلام) فإنّ مزاياه لا تُحَدُّ، وفواضله لا تُعَدُّ، ودرس أحواله جديدٌ كلّما ذُكِر، واختصاصُ أثره يحتاجه كلُّ جيلٍ، فإقامة المآتم عند قبره في الأربعين من كلّ سنة إحياءٌ لنهضته المقدَّسة، وتعريفاً بالقساوةِ التي ارتكبها الأمويون ولفيفُهم، ومهما أمعن الخطيبُ أو الشّاعرُ في قضيته، تُفتح له ابوابٌ من الفضيلة كانت موصدة عليه قبل ذلك، ولهذا اطردت عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الأحوال يومَ الأربعين من كلّ سنة، ولعلّ رواية مولانا أبي جعفر (عليه السَّلام): "إنّ السّماء بكت على الإمام الحسين (عليه السَّلام) أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء"(2)؛ تلميحٌ إلى هذه العادة المألوفة بين النّاس، وحديث الإمام الحسن العسكري (عليه السَّلام): "علامات المؤمن خَمس.." يرشدنا إلى تلك العادة المطردة المألوفة للناس، فإنّ تأبين سيّد الشّهداء (عليه السَّلام)، وعقد الاحتفالات لذِكْرِهِ في هذا اليوم إنما يكون ممن يَمِتُّ به بالولاء والمشايعة، ولا ريب في أنّ الذين يتصلون به وينتسبون إليه بالمشايعة هم المؤمنون المعترفون بإمامته (عليه السَّلام)، إذاً فمن علامة إيمانهم وولائهم لسيّد شباب أهل الجَنَّة المنحور على مجزرة الشّهادة الإلهيّة المثول في يوم الأربعين من شهادته عند قبره الأطهر لإقامة المأتم وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى أهل بيته وصحبه من الفوادح العظيمة(3).
إشكال وحلّ:
إنْ قيل لنا: لِمَ خصصتم الإمامَ الحسين بالأربعينيّة دون بقيّة أهل البيت (عليهم السَّلام) أليسوا كالإمام الحسين سُفُنَ نجاة وأبوابَ هدىً، فلِمَ إذاً هذا التمييز؟
والجواب:
لا شكّ أنّ الأئمّة (عليهم السَّلام) من آل الرّسول (عليه السَّلام) كلّهم أبواب النجاة وسفن الرّحمة وبولائهم يُعرَف المؤمن من غيره، وقد خرجوا من الدنيا مقتولين في سبيل الدّعوة الإلهيّة، موطِّنين أنفسهم على القتل امتثالاً لأمر بارئهم جلّ شأنه الموحى به إلى جدّهم الرّسول كما أشار إلى ذلك الإمام الحسن المجتبى (عليه السَّلام) بقوله: "إنّ هذا الأمر يملكه منا اثنا عشر إماماً، ما منهم إلاّ مقتول أو مسموم"، فالواجب إقامة المأتم في يوم الأربعين من شهادة كلّ واحد منهم إلاّ انّ مأساة فاجعة الطف فاقت كلَّ فاجعة، وقتله بتلك الكيفيّة لا نظير لها في التاريخ... لذا تفرَّدَ الإمام الحسين (عليه السَّلام) بالإحياء الأربعيني دون بقيّة أهل البيت (عليهم السَّلام)...
مضافاً إلى أنّ قضيّة سيّد الشّهداء هي التي ميّزت بين دعوة الحقّ والباطل، ولذا قيل: الإسلام بدؤه محمَّدي وبقاؤه حسينيّ، فما قاساه سيّدُ الشّهداء لتوطيد أسسِ لإسلام واكتساح أشواكِ الباطل عن صراط الشّريعة وتنبيه الأجيال على جرائم أهل الضّلال هو عين ما نهض به نبيُّ الإسلام لنشر الدّعوة الإلهيّة. فمن أجل هذا كلّه لم يجد ائمةُ الدين من آل الرّسول مندوحة إلاّ لفت الأنظار إلى هذه النهضة الكريمة لأنها اشتملت على فجائع تُفَطِّرُ الصخرَ الأصمَّ، وعلموا أنّ المواظبة على إظهار مظلوميّة الإمام الحسين تستفزُّ العواطفَ وتوجب استرقاق الأفئدة، فالسّامع لتلكم الفظائع يعلم أنّ الإمام الحسين إمامُ عدلٍ لم يرضخ للدنايا، وأنّ إمامته موروثة له من جدِّه وأبيه بأمرٍ من الله تعالى، ومَن ناوأه خارجٌ عن العدل، وإذا عرف السّامع أنّ الحقّ في جانب الإمام الحسين (عليه السَّلام) وأبنائه المعصومين كان معتنقاً طريقتهم وسالكاً سبيلهم.
ومن هنا لم يرد التحريض من الأئمّة على إقامة المأتم في يوم الأربعين من شهادة كلّ واحدٍ منهم حتى نبيّ الإسلام لكون تذكار كارثته عاملاً قوياً في إبقاء الرابطة الدينية، وأنّ لفت الأنظار نحوها حاجةٌ مُلِحّةٌ في إحياء أمر المعصومين (عليهم السَّلام) المحبوب لديهم التحدث به: " أحيوا أمرنا، وتذاكروا في أمرنا " لأنّ مصيبته أعظم المصائب بل تصغر كل مصيبةٍ أمام مصيبته حسبما جاء في الخبر الصحيح أّنّ الملاك جبرائيل قال للنبي الاكرم : ولدك هذا يصاب بمصيبةٍ تصغر عندها المصائب .
المستوى الثاني: تجديد العهد بالولاء للإمام الحسين (عليه السَّلام) ولآبائه وأبنائه الطّاهرين (عليهم السَّلام)..
ويختلف هذا المستوى عن سابقه، إذ إنّ المستوى الأول هو تجديد الحزن عليه (صلوات الله عليه) أمّا هنا فهو تجديد الولاء له (عليه السَّلام)، وهذا ما أفادته النصوص الصحيحة الصّادرة عن أهل بيت العصمة والطّهارة (عليهم السَّلام)، فقد جاء عنهم في باب الحجّ والزيارة أنّ المراد من قوله تعالى: [ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم] قال عبد الله بن سنان: قلت للإمام الصّادق (عليه السَّلام): جُعِلْتُ فداكَ ما معنى قول الله عزّ وجلّ: [ثمّ ليقضوا تفثهم]؟ قال: أخذ الشارب وقصّ الأظافير وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلتُ فداكَ فإنّ ذريحاً المحاربي حدثني عنك أنّكَ قلتَ: ليقضوا تفثهم لقاء الإمام، وليوفوا نذورهم: تلك المناسك؟ قال: صدق ذريح وصدقتَ: إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ومَن يحتمل ما يحتمل يا ذريح؟(4)
كما ورد استحباب البدء بهم في المدينة والختم بهم أيام الحج، فقد جاء عن زرارة عن مولانا أبي جعفر (عليه السَّلام) قال: إنما أُمر الناسُ أنْ يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثمّ يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرَهم(5).
يظهر من هذا الخبر الشريف أنّ الغاية من الزيارة بالدرجة الأولى هو تجديد العهد بالولاية وعرض النصرة عليهم صلوات الله عليهم.
كما يشير إلى ذلك ما ورد في الزيارات المتعددة نظير قولهم (عليهم السَّلام) لشيعتهم أنْ يقولوا في الزيارة هكذا: " فقلبي لكم مسلِّم، وأمري لكم متّبع، ونصرتي لكم مُعَدَّة، وأنا عبد الله ومولاك ـ أي ناصرك ـ وفي طاعتك.. ألتمسُ بذلك كمالَ المنْزِلة عند الله "(6). وورد في مقطع آخر من نفس الزيارة قوله (عليه السَّلام): "ا للهمّ إنّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بزيارة مولاي وولايته ومعرفته، فاجعلني ممن تنصُرُه وتنتصر به، ومُنَّ عَلَيَّ بنصري لدينكَ في الدّنيا والآخرة "(7).
وجاء في مقطعٍ ثالثٍ في زيارة أمير المؤمنين (عليه السَّلام): "جئتُكَ عارفاً بحقّكَ مستبصراً بشأنكَ، موالياً لأوليائكَ، معادياً لأعدائكَ ومَن ظلمكَ، ألقى على ذلك ربي إنْ شاء الله تعالى.."(8).
وفي زيارة عاشوراء: "يا أبا عبد الله إني سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمَن حاربكم إلى يوم القيامة، ووليٌّ لمن والاكم وعدوٌّ لمن عاداكم...".
وجاء في دعا ء العهد لمولانا الإمام المهديّ (عليه السَّلام) قوله الشريف: "اللهم إني أجدِّد له في صبيحة يومي هذا وما عشتُ من أيامي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي لا أحول عنها ـ أي لا أنصرف عنها ـ ولا أزولُ أبداً، اللهمّ اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه والممتثلين لأوامره والمحامين عنه والسّابقين إلى إرادته والمستشهدين بين يديه".
المستوى الثالث: الاستشفاع بهم (عليهم السَّلام) والطلب منهم أنْ يجعلوه من الثابتين على ولايتهم للأخذ بثأرهم والانتقام من أعدائهم، والوقوف على قبورهم المقدَّسة يُشْحِذُ من هِمّةِ الزّائرِ للأخذ بالثار بسبب تمثيل ظلاماتهم في نفسه... من هنا أكّد دعاء العهد وزيارة عاشوراء هذا المعنى بقوله (عليه السَّلام): "اللهمّ إنْ حال بيني وبينه الموتُ الذي جعلته على عبادكَ حتماً مقضياً فأخرِجْنِي من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرِّد اً قناتي ـ أي كاشفاً رمحي ـ ملبِّياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي". "بأبي أنتَ وأمي فقد عَظُمَ مصابي بكَ، فأسألُ اللهَ الذي أكرمَ مقامكَ وأكرمني بكَ أنْ يرزقني طلب ثارك مع إمامٍ منصورٍ من أهل بيت محمَّد...".
إلى أنْ قال (عليه السَّلام): "وأسأله أنْ يبلِّغَني المقامَ المحمودَ لكم عند الله، وأنْ يرزقَني طلبَ ثاري مع إمام هدىً ظاهرٍ ناطقٍ بالحقِّ منكم...".
هذه أهمّ الأهداف من زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وثمّة فوائد أخرى مترتبة على زيارته مبثوثة في الأخبار، أهمّ هذه الفوائد والآثار قد تكون مطلوبة عند الزائر، وقد لاتكون فيعطيه اللهُ عزّ وجلّ بعضَ الآثار والفوائد المترتّبة على زيارته، ومنها:
1. أنّ زيارته (عليه السَّلام) تزيد في العمر. [كامل الزيارات: ص284ح1].فقد ورد عن محمَّد بن مسلم عن مولانا الإمام أبي جعفر قال:
مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين فإنّ إتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر ويدفع مدافع السوء ،وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله .
2. يحيا زائرُهُ حياةً سعيدةً. [كامل الزيارات: ص286ح6].فعن أبان عنعبد الملك الخثعمي عن الإمام أبي عبد الله قال:يا عبد الملك لاتدع زيارة الحسين بن علي عليهما السلام ومر أصحابك بذلك،يمد الله في عمرك ويزيد الله في رزقك ،ويحييك الله سعيداً ولا تموت إلاّ سعيداً ويكتبك سعيداً .
3. يحطّ الذنوب. [كامل الزيارات: ص286ح1.فقد جاء عن الإمام الصادق قال : إنّزائر الحسين جعل ذنوبه جسراً على باب داره ثم عبرها ،كما يخلف أحدكم الجسر ورائه إذا عبر .
4. تنفّس الكربَ وتقضي الحوائج. [كامل الزيارات: ص312].فقد جاء عن مولانا الإمام الصادق قال لفضيل بن يسار :إنّ إلىجانبكم لقبراً ما أتاه مكروب إلاّ نفّس الله كربته وقضى حاجته .
الإستدلال على المراد:
والمقصود بـ "زيارة الاربعين" الواردة في كلام الإمام العسكري (عليه السَّلام) هو زيارة مولانا الإمام الحسين (عليه السَّلام) ونستدلّ على ذلك بالوجوه الآتية:
(الوجه الأوّل): سيرة المتدينين الشيعة ، العلماء منهم والعوام، على مواظبتهم لزيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر، وهذه السيرة متصلة بالمعصومين (عليهم السَّلام) الذين حثّوا على الزيارة المطلَقة للإمام الحسين (عليه السَّلام)، بل كانوا يولون بعضَ مواليهم للدعاء تحت قبّة الإمام الحسين (عليه السَّلام).
بل علمنا سابقاً أنّ الإمام السجّاد (عليه السَّلام) زار أباه يوم العشرين من صفر، مما يدلّ على استحباب هذا العمل.
ولا يخفى أنّ سيرة المتشرعة حجة يُستكشَف منها مشروعيّة الفعل الدال على الوجوب والاستحباب... وحيث إنّ المؤمنين لا سيّما المتشرِّعة منهم يواظبون على زيارة الأربعين الحسينيّة دلّ ذلك على استحبابها ورجحان مشروعيتها.
(الوجه الثاني): إجماع فقهاء الإماميّة على استحباب زيارته يوم العشرين من صفر، ونقلنا قسماً من كلمات بعض فقهاء الإماميّة على ذلك، ولم يعترض أحدٌ على الإستحباب أصلاً سوى بعض مَنْ لا تحصيل لديه في المسألة، وهذا الفرد أو ذاك لا يضرّ خروجه من الإجماع المنعقد في المسألة.
(الوجه الثالث): إنّ دخول الألف واللام العهديةّ على كلمة "أربعين" إشارة للتنبيه على أنّ زيارة الأربعين من سنخ الأمثلة التي نصّ عليها الحديث بأنّها من علائم الإيمان والموالاة للأئمّة الإثني عشر(9).
واللام العهديّة تدخل على المسنَد إليه للإشارة إلى فرد معهودٍ خارجاً بين المتخاطبين(10)، وهذا نظير قوله تعالى: [كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعونُ الرّسولَ] فالرّسول محلَّى باللام العهديّة التي دخلت على الإسم المسنَد إليه، فالرّسول في الآية كان معهوداً في زمن فرعون وهو موسى النبيّ ، وفرعون الزنديق عصى موسى الرّسولَ المعهود يومذاك.
وهنا هكذا: فإنّ "الأربعين" اسمٌ أُسنِدَ إليه الألف واللام العهدية حيث إنّ زيارةَ الإمام يوم الأربعين من يوم شهادته أمرٌ معهودٌ بين الشيعة، لذا لم تقتضِ الضّرورةُ ذِكْرَ قيدٍ لفظيٍّ أو قرينةٍ لفظيّةٍ تحدِّدُ أو تقيِّدُ اللفظَ المذكور باليوم المعهود وهو العشرون من صفر، فثمة قرينة حالية أوجبت فهم العلماء الأعلام من هذا الجملة خصوص زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام)، والقرينة الحالية هي السيرة القائمة على زيارة الإمام (عليه السَّلام) في العشرين من صفر.
فالحاصل: حيث لا توجد قرينة تدلّ على أنّ الأربعين هو أربعون مؤمناً، وحيث إنّ اللام تُفيد العهدَ، وحيث إنّ السيرة العمليّة للفقهاء والأعلام والمتدينين يحيون يوم العشرين من صفر وهذه السيرة مرتبطة ومتصلة بعمل الإمام زين العابدين (عليه السَّلام) وعقائل الوحي وبعض صحابة النبيّ كجابر، يتضح حينئذٍ استحباب ومشروعيّة زيارة الأربعين الحسينيّة، ولا يُقصَد من حديث الإمام العسكري (عليه السَّلام) ما توهّمه بعضُهم.
وبهذا التقريب يتضح أنّ المراد بزيارة الأربعين في الحديث هو زيارة الإمام الحسين المظلوم (عليه السَّلام)، والزائر له في كلّ الأزمنة والأوقات تحت رعاية الله تعالى ولطفه ورحمته، والزائر يكون مشمولاً لدعاء الإمام الصّادق (عليه السَّلام) فقوله: "اللهمّ يا مَن خصَّنا بالكرامة ووَعَدَنا بالشفاعة، وخصّنا بالوصيّة وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدةً من الناس تهوي إلينا، إغفر لي ولأخواني وزوّار قبر أبي عبد الله الحسين، الذين أنفقوا أموالَهم وأشخصوا أبدانَهم رغبةً في بِرِّنا ورجاءً لما عندكَ في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيِّكَ وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدوّنا، أرادوا بذلك رضوانك، فكافِهِم عنا بالرِّضوان واكلأهم بالليل والنّهار، وأخلِفْ على أهاليهم وأولادهم الذين خلَّفوا بأحسنِ الخَلَفِ، واصحبْهُم واكفِهِمْ شرَّ كلِّ جبّارٍ عنيدٍ، وكُلِّ ضعيفٍ من خلقك وشديدٍ، وشرَّ شياطين الإنس والجنّ، وأعطِهِمْ أفضلَ ما أملوا منكَ في غُربَتِهِم عن أوطانهم وما أثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهمّ إنّ أعداءَنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينهَهُم ذلك عن الشّخوص إلينا خلافاً منهم على مَن خالفنا، فارْحَمْ تلكَ الوجوه التي غيَّرَتْها الشّمسُ، وارْحَمْ تلكَ الخدودَ التي تتقلّبُ على حفرةِ أبي عبد الله الحسين (عليه السَّلام) وارْحَمْ تلكَ الأعينَ التي جَرَتْ دموعُها رحمةً لنا، وارْحَمْ تلك القلوبَ التي جزعَتْ واحترقت لنا، وارْحَمْ تلكَ الصّرخةَ التي كانت لنا، اللهمّ إني أستودِعُكَ تلك الأبدان وتلك الأنفسَ حتى تُوافيهم من الحوض يومَ العطش"(11).

والحمد لله ربّ العالمين ولعن الله أعدائهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.




المصادر

===========================================

(1) التهذيب:6/47ح123.
(2) كامل الزّيارات: باب28.
(3) المقتل للمقرم: ص473.
(4) من لا يحضره الفقيه:2/290ح1432، وص291ح1437.
(5) من لا يحضره الفقيه:2/334 ح1553.
(6) كامل الزيارات: ص102.
(7) كامل الزيارات: ص102.
(8) كامل الزيارات: ص103.
(9) المقتل: ص474.
(10) جواهر البلاغة: ص132 المبحث الثامن في تعريف المسنَد إليه بأل.
(11) كامل الزيارات: ص228.

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 

 

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc