اللهم صل على خير الخلق و أعز المرسلين (ص) و على آل بيته (ع) صلاة دائمة لا احصاء لعددها عدد أنفاس مخلوقاته بحقّهم يا ربالعالمين
سلام على آل ياسين بقية الله في الأرضين و رحمة الله وبركاته
" من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية . "
كلنا قد مرّ على هذا الحديث ، و منّا من يمرّ عليه اليوم لأول المرة ..
و لكن الأمر لا يتعلق بقراءته أو عدمها ، بل هو مرتبط بكيف قرأناه ..
هل قرأناه و مررنا عليه مرور الكرام ، نعرف امام زماننا المهدي (عج) ، ضمنّا أنفسنا !
أم قرأناه و تأمّلنا في أهميّة ما يدعو اليه الحديثالوارد في صحاح المسلمين ؟؟
ان لكل عبد لله في أرضهمسؤولية التعرف الى ولي الله لعهدهو زمنه ، وغيبة هذا الولي لا تسقط هذه المسؤوليةعن عاتق أي كان ، بل بالعكس ، تحمّله مسؤولية أكبرللتعرّف على هذا الغائب الحاضر .. و هذه المعرفة بالطبع تتخطى معرفة الاسم و الكنية، الى أسباب الغيبة و هدفها و أحداث الظهور و وضع الأمة قبل و حين و بعد الظهور ؟
وقد وجدت في متابعتي لكتيّب" هل تريد أن تعرف امام زمانك "، نقاطا ملخّصة شاملة لحياة الإمام (عج)
1- هو الامام محمد بن الحسن العسكري (ع)،أمه السيدة مليكة أو (( نرجس ))ابنة ملك الروم من أحفاد شمعون الصفا من حواريي النبي عيسى (ع) .
ولد في سامراء –العراق عام 255هـ ، تولى الامامة بعد شهادة أبيه سنة 260 هـ ،غاب غيبة صغرى حتى العام 329هـ ثم غيبة كبرى منذ ذلك العام الى يومنا الحاضر .
و إن مَثله في صغر السن عند الامامة كمثل يحيى بن زكريا، آتاه الله الحكم و هو صبي ، ومثّله في طول العمر كمثل نوح (ع)الذي لبث في امّته الف سنة إلا خمسين عاما ( كذلك الخضر الذي ما زال حيّا حتى يومنا هذا ) .
و إن أوصافه الناشئة من تحدّره من أب عربيو أم روميّة تجعله يميل الى الوسطية و إنهشرقي و غربيّ في الآن معا ،فكل الأمم و الشعوب ستتعرف عليه بسهولة و تقبله و تنسبه إليها .
فالإمام (ع) حتى في شكله و بنيته و قوامه وسطي تتبناه كل الأمم و لا تستغربه، كيف لا وهوالصورة المدّخرة في نواة الفطرة الإنسانية ،بحيث أن كل من يراه يقول إني قد رأيته من ذي قبل .
2- ان الامام المهدي (عج) حي، يعيش بيننا ، ينتقل من مكان الىمكان ،يؤدي واجباته، يصلي و يصوم ، يحج في كل عام، وتمام الحج رؤيته و لقاؤه، و يزور مراقد الأئمة لاسيما كربلاء . و إن وجوده هو الوجود الأقدس و الحافظ لباقي الموجودات، و إن عبادته على مدى القرون من الزمن هي عبادة الانسان الكامل التي تضيف الى نورانيته نورانية تقدر مع الزمن أن تزيل كل الظلمات في هذا العالم ، بعد أن يقدر المؤمنون إزاحة الغيوما لحاجبة لنور وجهه. لذا ليس من السهل النظر الى وجهه المبارك . ومعظم من يرى الإمام (عج) في منامه ، يعبّر عن عدم قدرته على تحمّل النظر الى نور وجهه و غرّته .
3- ان الامام المهدي (عج) حي ،و يعيش على الكرة الأرضية، فهو له جسم مما يعني إمكانية رؤيته والتواصل معه فما هو على الأرض ماديّ و الماديّ قابل للتحسس و المعاينة . و قد وردت قصص عن لقاءات حقّة بالإمام (عج) لعلماء و ربّانيين من فقهاء و أناس عاديين . و إن لقاء الإمام (عج) محكوم بعدم السفارة، و عدم نقل القرارات و الأحكام عنه و إن الأصل المشترك في رؤية الإمام مبنيّ على الاستقامة في دين الله تعالى . أي أن القاسم المشترك بين الذين التقوا الإمام (عج) هواتصافهم بالاستقامة و العدالة و التقوى لا سيّما في سلوكهم الإجتماعي .
4- ان رؤية الإمام (عج) في المنام قد تكوندليلا على سلامة الدين ، أو على عمل خير قام به الرائي .و أن عدم رؤية الإمام (عج) ليس دليلا على عدم الصلاح في الدين ، فالإمام (ع) ولمصلحة العبد ، قد يحرمه الرؤيا حتى لا يعجب بنفسه ، أو حتى يبقى متضرعا و ساعيا الى اللقاء .
فرؤية الإمام (ع) في المنام ليست دليلا كافيا من أجل توثيق الرائي ، و لا يترتب عليها أي موقف ،لأن البعض قد يشتبه في الرؤية، و الرائي قد يكون رجلا صالحا ويظنّه الإمام (ع) ، و قد تكون الرؤية بفعل عمل صالح عابر قام به .
و إن صحة الرؤية ،بالاضافة الى شروط الرؤية الصدقة ( الطهارة – وقت الرؤيا .. ) أن تترك الرؤيا أثرها النوراني في القلب بحسب مساحة الرؤية و طبيعتها و حجمها، فكل رؤية لها خصوصيتها و لها أثرها الخاص .
5- ان للإمام (ع) ولاية تكوينية، فهو الحافظ للوجود ، و لولاه لساخت الأرض بمن عليها . لكن الحاكم على الأمة و المؤمنين هو الفقيه الجامع للشرائط من العدالة و العلم و الحكمة و القيادة .و هو المسؤول عن قيادة الأمة على نحو مستقلّ . و هو يمثّل آخر مراتب عهد الله المصون المحفوظ المسدد .و إن ولاية هذا الفقيه بصفته نائبا عنالمعصوم ، هي دليل قطعي على ولاية المعصوم، لأن من يوالي الوكيل و يبدي استعدادا للشهادة تحت لوائه لا بدّ أن يوالي الأصيل عند حضوره . حتى لو كان الفرد مشتبها في نظرته العقائدية ،فطالما أنه مستعدّ للتضحية التزام ابقرار من شخص ظنّا منه أنه نائب المعصوم ، فهذا دليل قطعي على أنه يؤدي الأمر نفسه بقرار من المعصوم .فولاية الفقيه وحدها أحد الأدلة على نصرة الإمام المهدي (عج) و لا يلازم ذلك الاعتقاد ان من هو خارج ولاية الفقيه لا يناصر الامام المهدي (عج) فهذه ملازمة غير قائمة .
6- ان الامام المهدي (عج) أوصى شيعته و محبيه ، بحسب الوارد في توقيعاته الشريفة ،بالتزام الفرائض و الطاعات، والابتعاد عن المعاصي و المحرّمات، وإنه يراقبهم في ذلك كما أمرهم بصدق الحديث و أداء الأمانة و بر الاخوان و السعي في حوائجهم . وكذلك أمرهم بصلاة الليل و المداومة على زيارة عاشوراء .
و من أراد أن يتواصل مع الامام (عج) فيمكنه ذلك من خلال ( دعاء الندبة صباح كل جمعة ، و دعاء العهد كل صباح ، و زيارة عاشوراء و لو مرة في الأسبوع ، والزيارة الجامعة للأئمة (ع) و زيارة آل ياسين ، و الصدقة عن الإمام (عج) و لسلامته كل جمعة ، و احياء المناسبات المتعلقة به لا سيّما ليالي القدر ، و المداومة على دعاء الحفظ و دعاء الفرج ... )
فمن يذكر الامام (عج) ،فلا بد أن الامام سيذكره و هو أكرم الكرماء .
7- ان تمتين العلاقة بالامام يتم عبر امرين :
الأول : تمتين العلاقة و توطيدها بمثلث الحزن و المظلومية ( الزهراء (ع) – الحسين (ع) – زينب (ع) )، فلهؤلاء في قلب الامام موقع شكوى و تظلم ،إضافة الى موقع العاطفة و المحبة . ( و هنا تكمن أهمية مجالس العزاء المرتبطة بهم ) .
الثاني:أوليس الامام هو امام المستضعفين، و هو أبا الايتام و راعي المساكين ؟ فلا شك ان من يقوم برعايتهم هو خادم للامام و مساهم في مهمته الاصلية و ان الامام سيشكره على فعلته و مساهمته .
تصوروا لو ان الامام ظاهر مشهور ، أما كان سيهتم بأمر المساكين و الأيتام و المساكين والمستضعفين ؟ من المؤكد انه كذلك ، و بالتالي وليّه اِلفعلي هو من يقوم بدوره في حال غيبته .
8- ان جيش الامام كبير جدا قد يصل الى 20مليونا، و ان عدد القادة 313 رجلا ، بينهم وزير الامام و اثنا عشر نقيبا، هم حكام الارض ، ويبقى 300 قائد لواء هم قادة المناطق و المحافظات، و هناك رأي بوجود 50 امرأة بين قادة جيش الامام، و انمراتب و درجات الجيش بين القادة و العناصر سبعة، و ان الامام يحكم على الافراد تبعا للمواصفات الواقعية الذاتية ، و ليس بحسب الظاهر ، و ان المؤمن يجب اني سعى ليكون من قادة جيش الامام و يجب ان لا يزهد في طلب هذا المنصب لأنه الهي أخروي، في حين أنه دنيوي ، أي أن المؤمن اذا حكم الامام عليه برتبته و مقامه فان ذلك حجة و شهادة على موقعه عند الله ،لذا لا ينبغي الزهد بالمنصب الرفيع عند الامام بل يجب السعي لتحصيله و تحقيقه .!
9- ليكون الفرد من انصار الامام المهدي (عج) و يفوز بذلك ،يكفيه ان يكون مؤمنا و لو بالحد الادنى بالولاية لمن تجب ولايته.و كثيرون هم انصار الامام . فاذا كان المرء قائدا في جيش الإمام فعليه ان يعمل جاهدا و في الليل و النهار ليكون :
* تقيّا ملتزما بدين الله بالاخلاق و العبادة .
* مجاهدا عاملا في سبيل الله مستعدا للتضحية و الشهادة .
* عالما بامور الدين ، متفقها فيه ، عارفا باحكامه .
* واعيا لأمور زمانه ،حكيما في تصرفاته .
و كلما كانت المواصفات في التقوى و الجهاد و العلم و الحكمة ، اعلىكلما كان موقع القيادة اعلى ، و كلما كان المنصب عند الله اعلى . لذا لا يزهدن احد بالسعي لنيل اعلى الرتب لدى الإمام المهدي (عج) .
و لفهم هذا الأمر ليتصورن كل واحد شخصية أحد القادة مثل الخضر الذي كان معلما لكليم الله موسى (ع) ،أوسلمان الفارسي الذي قال عنه الرسول (ص) : " سلمان منا أهل البيت (ع) " ، ثم يقيس نفسه على احدى هذه الشخصيات ليعرف رتبته في المراتب السبع (عنصر – م.مجموعة – م.فصيل – م.سرية – م.كتيبة – م.لواء – م.فرقة)أو أنه نقيب من النقباء الإثني عشر .
10– ان لظهور الامام (عج) أسبابا وعلامات، والأسباب هي عوامل تحقيق الظهور والعلامات هي امارات تحقق الأسباب .
و إن المؤمنين مسؤولون عن تنجيز الأسباب، و ليسوا معنيين بالعلامات إلا من جهة زيادة الأمل في قرب اللقاء .
فالذي ينتظر الصبح ليراقب الأفق من جهة المشرق ، و الذي ينتظر الإمام (عج) يراقب العلامات ، فهي إشارات قالقرب من الحبيب .
و إن أهم الأسباب البشرية التي هي مسؤوليتنا ،وجود الأنصار بالعدة و العديد و الجهوزية المعنوية و المادية اللازمة . و إن أهم العلامات هي الحتمية التي أهمّها بحسب كثرة تواترها ، خمس :
السفياني – اليماني – الصيحة – الخسف – قتل النفس الزكية .
و إن تعزيز ثقافة الاهتمام بالأسباب يجعل المؤمنين في آخر الزمان فاعلين في حركةالتاريخ . و في المقابل فإن تعزيز ثقافة انتظار العلامات يجعل المؤمنين منفعلين بحركة التاريخ و الأحداث . ولا شك بأن الله سبحانه يريد لنا الفاعليّة و القدرة على تهيئة الأسباب .