اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
من المسؤل عن تخلفنا -5
في صبيحة أحد الأيام، ومع انقشاع اول خيوط ظلمة الليل، عن وجه الشمس الصافي، وخروج اشعتها تتراقص من خلف جبال الغيوم، المتراكمة من بقايا امطار الفترة السابقة.
كنت متجها بسيارتي، إلى مدينة تبعد ما لا يقل عن النصف الساعة، من قريتي. وبرفقتي ابنتي الشابة، التي صحبتني لإيصالها كمتدربة، إلي احد المستشفيات الحكومية هناك.
خلال رحلتنا، اخذت السيارات التي امامنا تتباطء، وتنتقل كما السلحفاة، قدم بعد اخرى، في محاولة مضنية لمسابقة عقرب الثواني. حتى وصل بنا الحال، الى التوقف تماما، كانما الحياة قد فقدت نبض عروقها، وماتت في تلك الثناء.
توجهت أنظارنا إلى الساعة أمامنا، على طبلون السيارة، ونعد الدقائق وهي تمر متباطئة، تستيقظ بكسل وتثائب. مخافة التأخر عن الوصول الى هدفنا، في الوقت المحدد.
أخذت اتحدث موجها كلامي الى ابنتي، في محاولة لكسر حاجز الصمت. حتى تنتهي الازمة، ونواصل طريقنا. ان هذا التباطئ لا بد ان يكون سببه حادث مروري خطير، وإلا ما كانا لنتوقف عن السير بهذه الصورة. كما واعتقد ان المارة الان قد اوقفوا سياراتهم على جانبي الطريق، متناسين امر وظائفهم واعمالهم، في محاولة مشكورة، لانقاذ الجرحى، ومساعدة المنكوبين.
أضفت بتفاخر: هذا هو الفرق بيننا كمسلمين، وبين الاخرين الذين لا تهمهم إلا المادة، ولا يقدرون الاخرين إلا بقدر الفائدة التي تعود عليهم.
كانت ابنتي خلال تلك الفترة صامته، وكأنها غير موافقه او غير مصدقة لما اقوله. وكانت تهز رأسها، كما الدمية لمجرد مسايرتي.
عندما خف الزحام وواصلنا طريقنا، ممرنا بموقع الحادث، اخذت ابنتي زمام الكلام، ولم تدع لي الفرصة للحديث. وقالت: اين هم النشامى وذوي السواعد السمراء، المشمرون عن اذرعتهم للمساعدة، فاني لا ارى احد منهم. ولا يوجد الا سيارة منقلبة رأس على عقب، كأنها تدعوا الله لينقذها مما هي فيه. واناس قد عطلت حركت المرور، ونسيت أمر وظائفها وأعمالها، لتتفرج على مصائب الاخرين.
عندها انزلت رأسي خجلاً، مستعرضا في مخيلتي تلك الملاحم التي سطرتها.
بقلم: حسين نوح مشامع