مناظرة الشيخ الصدوق مع ملحد عند ركن الدولة في غيبة الاِمام المهدي عليه السلام
بتاريخ : 30-Mar-2012 الساعة : 12:30 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مناظرة الشيخ الصدوق مع ملحد عند ركن الدولة في غيبة الاِمام المهدي
ولقد كلمني بعض الملحدين في مجلس الاَمير السعيد ركن الدولة فقال لي : وجب على إمامكم أن يخرج فقد كاد أهل الرُّوم يغلبون المسلمين.
فقلت له : إنّ أهل الكفر كانوا في أيّام نبيّنا أكثر عدداً منهم اليوم ، وقد أسرَّ أمره وكتمه أربعين سنة بأمر الله جلَّ ذكره ، وبعد ذلك أظهره لمن وثق به وكتمه ثلاث سنين عمّن لم يثق به، ثمَّ آل الاَمر إلى أن تعاقدوا على هجرانه وهجران جميع بني هاشم والمحامين عليه لاَجله، فخرجوا إلى الشعب وبقوا فيه ثلاث سنين فلو أنَّ قائلاً قال في تلك السنين : لم لا يخرج محمد فإنَّه واجب عليه الخروج لغلبة المشركين على المسلمين ؟ ما كان يكون جوابنا له إلاّ أنّه صلى الله عنه وآله بأمر الله تعالى ذكره خرج إلى الشعب حين خرج وبإذنه غاب ومتى أمره بالظهور والخروج خرج وظهر .
لاَنَّ النبي بقي في الشعب هذه المدَّة حتى أوحى عزَّ وجلَّ إليه أنّه قد بعث أرضةً على الصحيفة المكتوبة بين قريش في هجران النبي وجميع بني هاشم، المختومة بأربعين خاتماً ، المعدلة عند زمعة بن الاَسود فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها اسم الله عزّ وجلّ ، فقام أبو طالب فدخل مكّة، فلمّا رأته قريش قدروا أنّه قد جاء ليسلم إليهم النبي حتى يقتلوه أو يرجعوه عن نبوَّته، فاستقبلوه وعظّموه فلمّا جلس قال لهم : يا معشر قريش إنَّ ابن أخي محمد لم أجرب عليه كذباً قطُّ ، وإنّه قد أخبرني أنَّ ربّه أوحى إليه أنّه قد بعث على الصحيفة المكتوبة بينكم الاَرضة ، فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها من أسماء الله عزّ وجلّ ، فأخرجوا الصحيفة وفكّوها فوجدوها كما قال، فآمن بعضٌ وبقي بعض على كفره، ورجع النبي وبنو هاشم إلى مكّة(2)، هكذا الاِمام إذا أذن الله له في الخروج خرج .
وشيء آخر وهو أن الله تعالى ذكره أقدر على أعدائه الكفار من الاِمام ، فلو أن قائلاً قال : لِمَ يمهل الله أعداءه ولا يبيدهم وهم يكفرون به ويشركون ؟ لكان جوابنا له أنَّ الله تعالى ذكره لا يخاف الفوت فيعاجلهم بالعقوبة، و ( لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون )(3) ولا يقال له : لِمَ ولا وكيف ، وهكذا إظهار الاِمام إلى الله الذي غيّبه فمتى أراده أذن فيه فظهر.
فقال الملحد : لست أؤمن بإمام لا أراه ، ولا تلزمني حجّته ما لم أره .
فقلت له : يجب أن تقول : إنّه لا تلزمك حجّة الله تعالى ذكره لاَنّك لا تراه، ولا تلزمك حجّة الرسول لاَنّك لم تره .
فقال للاَمير السعيد ركن الدولة : أيّها الاَمير راع ما يقول هذا الشيخ فإنّه يقول : إنَّ الاِمام إنّما غاب ولا يُرى لاَنّ الله عزّ وجلّ لا يُرى .
فقال له الاَمير رحمه الله : لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقوَّلت عليه ، وهذا انقطاع منك وإقرار بالعجز.
وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلاّ بالهذيان والوساوس والخرافات المموَّهة..