اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ارجاع الرؤوس إلى كربلاء
ولما رجعت السبايا وعيال الحسين من الشام وبلغوا إلى العراق، قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلاء . وتوجهة القافلة نحو كربلاء، فلما وصلوا إلى موضع المصرع، وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسول قد وردوا لزيارة قبر الحسين ، فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد .
وجاء في بشارة المصطفى عن عطية العوفي قال : خرجت مع جابر بن عبد الله الانصاري رحمه الله زائرين قبر الحسين بن علي بن أبي طالب فلما وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار، وارتدى بآخر، ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على بدنه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله حتى إذا دنا من القبر قال: ألمسنيه فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء فأفاق. ثم قال: يا حسين - ثلاثا - ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه، ثم قال: وأنى لك بالجواب، وقد شحطت أوداجك على أثباجك وفرق بين بدنك ورأسك فأشهد أنك ابن النبيين وابن سيد المؤمنين، وابن حليف التقوى.
وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الايمان، وفطمت بالاسلام، فطبت حيا وطبت ميتا غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ولا شاكة في الخيرة لك فعليك سلام الله ورضوانه وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا. ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيها الارواح التي حلت بفناء الحسين، وأناخت برحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين والذي بعث محمدا بالحق لقد شاركنا كم فيما دخلتم فيه. قال عطية: فقلت لجابر: وكيف ولم نهبط واديا، ولم نعل جبلا، ولم نضرب بسيف، والقوم قد فرق بين رؤسهم وأبدانهم، واوتمت أولادهم وأرملت الازواج ؟ فقال لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله يقول :
"من أحب قوما حشر معهم، ومن أحب عمل القوم اشرك في عملهم، والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه، خذوا بي نحو أبيات كوفان، فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي: يا عطية هل اوصيك ؟ وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملاقيك، أحب محب آل محمد ما أحبهم، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإن كان صواما قواما، وارفق بمحب آل محمد فانه إن تزل [لهم] قدم بكثرة ذنوبهم، ثبتت لهم اخرى بمحبتهم، فان محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم يعود إلى النار