اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مفكرة مبتعث-24
إفطار رمضاني
كما قيل إنها ضبطت وهي تحاول الغش في أوراق الاختبار، فسحبت منها الأوراق، وأخرجت من القاعة.
دارت بها الدنيا، دوران الزوبعة في ارض فلاة. فرأت مستقبلها يضيع ويتبخر أمام عينيها، لأول غلطة صغيرة، قادها إليها شيطان الغواية، وسولت لها النفس الأمارة بالسوء، على حين ضعف منها.
كانت أقول في نفسي: أن الأسئلة صعبة جدا على غير العادة، دعني فقط أتأكد هل الآخرين أنهوا الإجابة!
إني حتى لم تمكن من رؤية ورقة جارتي، حين سحبت مراقبة الفصل أوراقي!
ماذا أقول لأخي الذي ترك عمله، وجاء مرافقا لي، لإنهاء دراستي العليا. هل أعترف له بالحقيقة! أما أخفيها عنه! فهو أن لم يعرفها اليوم، لابد أن يعلمها غدا.
أخذت تقلب كف على كف، تبحث لها عن حل ينقذها مما هي فيه، وينقذ مستقبلها من الضياع. دارت بها رأسها، كما تدور السفينة وسط دوامة بحرية. ولم تعرف ما تفعل، وخافت على نفسها من الضياع.
حين عودتها إلى بيتها في آخر النهار، وبعد نهاية اليوم الدراسي، دخلت على أخيها غرفته، قائلة: اطلب منك أن تفتح لي قلبك وتحاول مساعدتي، وتفكر معي في حل لمشكلتي!
هاله الأمر ففتح فاه على مصراعيه، وجلس أمامها كما يجلس الطفل أمام والديه لا يعلم ماذا يتوجب عليه قوله، وحائرا لا يدري ما هو المطلوب منه.
قالت: لقد سحبت أوراق الاختبار من بين يدي، رغم أني لم أكن أحاول الغش. لكن صعوبة الأسئلة جعلتني انظر في عيون من حولي، لأرى إذا كانوا في ضيق مثلي.
قال فماذا تنوين فعله؟
قالت وعيناها زائغة خائفة حائرة، هل تعرف احدا يتكلم اللغة الأجنبية بشكل جيد، فيكلم معلمة الفصل؟
واصل كلامه: وماذا عليه قوله؟
عليه أن يحاول معها، يقول لها: إني على استعداد بكتابة تعهد بان لا أعود لما فعلت، وان يكون ذلك تعهدا نهائيا.
اخذ يبحث بين الطلاب عن من يجيد اللغة ببراعة، ويستطيع مساعدته. انتقل من شخص لآخر، بحثا ليس عن من لديه الاستعداد للمساعدة فقط، بل عن من لديه المقدرة على القيام بالمهمة خير قيام.
أشار عدد من الأصحاب إلى مبتعثنا، وعن مقدرته على التحدث، وعن قوته في الإقناع.
تقدم إليه عارضا عليه مشكلته، مع كثير من التردد والتمنع، لعدم وجود معرفة سابقة.
لم تعرف على وجه التحديد، ما جرى وما دار بينه وبين المعلمة من حديث، ولكن كل ما سمعته من المعلمة، بعد مرور عدة أيام على الحادثة، قولها: أنتي ستكملين الماجستير معنا، بالإضافة إلى بعض الهمهمات وهزات الرأس لم تفهم معناها.
حمدت الله على انتهاء المشكلة، فقررت أن تتحفه بإفطار طوال شهر رمضان.
قال له صاحبه وهو يداعبه، بعد أن علم بالأمر، أراك أصبحت مرشدا طلابيا! إذا ممكن تطلب منها أن يكون الأكل لشخصين!
بقلم: حسين نوح مشامع