اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مالك الأشتر قال فيه الإِمام علي (): «للهِ درّ مالك وما مالك؟! وهل قامت النساء عن مثل مالك؟! وهل موجود كمالك؟! رحم الله مالكاً فلقد كان لي كما كنت لرسول الله ()». بهذه الكلمات الرائعة خلّد الإِمام () مالك الأشتر (رضوان الله عليه).
مالك بن الحارث بن عبد يغوث إلى أن يصل نسبه إلى يعرب بن قطحان في الظهر العاشر.
ولد مالك الأشتر بين عام 25 - 30 قبل الهجرة النبويّة المباركة
كان مالك من المؤمنين الذين شهد لهم النبيّ ()بذلك، ولم يره، حينما أخبر أبا ذر بأنّه سيلي تجهيزه] في الربذة [عصابة من المؤمنين كان على رأسهم مالك الأشتر، وحجر بن عدي، وذكر مالك عند النبيّ () فقال فيه:
«إنّه المؤمن حقّاً» وهذه الشهادة لا تعد لها شهادة الدّنيا بأسرها لأنّها صدرت عن أعظم إنسان في الدنيا، وهي دليل على أنّ مالكاً كان شابّاً فى عهد النبيّ له وزنه وله رأي في قومه. وإنّه دخل الإِسلام كما دخل فيه غيره من عظماء هذا العهد المبارك.
لم يرَ مالك النبيّ ولم يتشرّف بالإِستماع إلى حديثه، فهو لا يُعدّ من الصحابة بل من التابعين لهم بإحسان، وكان موضع تقدير وإجلال كبار الصحابة أمثال أبي ذر، وعمّار بن ياسر، وهاشم المرقال، وغيرهم، وقد قضى جلّ حياته مع أولئك النفر الأتقياء الأبرار، بين يدي إمامهم أمير المؤمنين ().
كان مالك الأشتر من زعماء العراق الأشدّاء، فارساً صنديداً لا يشقّ له غبار، شديد البأس، رئيس أركان الجيش لعساكر أبي الحسن علي () في معاركه، وهو من زعماء مذحج الأبطال المغاوير، وسيّد قوم النخع وشجعانها المساعير، ومن رواسي الجبال في الحلم، ومن السحاب الثقال في الكرم والسخاء.
أمّا في السياسة فكان من الأكياس الحازمين، يجمع بين اللّين والعنف فيسطو في مضوع السطو، ويرفق في موضع الرفق، قد شهد له بذلك أمير المؤمنين () فقال عنه: «إنّه ممّن لا يخاف وهنه ولا سقطتهِ، ولا بطؤه عمّا الإِسراع إليـه أحـزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل».
وهو خطيبٌ مُفَوّه، وقائد عسكري محنّك، وشاعر ألمعي، وناثر متكلّم، وقد استطاع أن يخمد بذلاقة لسانه من الفتن العمياء ما أعيى السيف اطفاؤها في كثير من المواقف والشواهد التي نصر فيها الحقّ وحارب الباطل.
وفي حرب الجمل جعل الإِمام () مالكاً على الميمنة، فقاتل صناديد العرب المغرّر بهم من جند الجمل وقتل الكثير منهم، واشتدّ القتال وحمي الوطيس وطاحت الرؤوس والأيدي حول الجمل والجمل ما يزال قائماً وعليه المرأة، فأمر أمير المؤمنين، بعقر الجمل، لمّا رآى الإِمام () أنّ الحرب لا يخمد ضرامها ما دام الجمل واقفاً وعائشة راكبة عليه تحرّض الناس على قتال الإِمام ().
عند ذلك هجم محمّد بن أبي بكر، ومالك الأشتر، وعمّار بن ياسر على الجمل فعقروه ووقع الهودج على الأرض، وانهزم المدافعون عنه شرّ هزيمة كأنّهم الجراد المنتشر وولّوا الدُبر ووضعت الحرب أوزارها.
جاء الأشتر إلى عائشة بعد أن انهزم عسكرها وقال لها:
الحمد لله الذي نصر وليّه، وكبت عدوّه، (جاءَ الحقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كانَ زَهُوقاً) كيف رأيت صنع الله بِك يا عائشة؟
فقالت: من أنت ثكلتك أُمّك.
فقال: أنا ابنكِ الأشتر.
قالت: كذبت، لست باُمّك.
قال: بلى وإن كرهت.
فقالت: أنت الذي أردت أن تثكل اختي أسماء بابنها؟
قال: المعذرة إلى الله وإليكِ، والله: لولا إنّني كنت شيخاً كبيراً، وطاوياً ثلاثة أيّام لأرحتك وأرحت أُمّة محمّد والمسلمين منه.
فقالت: أو ما سمعت قول النبيّ (): «إنّ المسلم لا يقتل إلاّ عن كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحسان، أو قتل النفس التي حرّم الله قتلها».
قال: على بعض هذه الثلاثة قاتلناه يا أُمّ المؤمنين، وأيم الله ما خانني سيفي قبلها، ولقد أقسمت أن يصحبني بعدها.