نبذة تفسير السورة المباركة القدر - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: ميزان أنوار السلوك :. ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع سليلة حيدرة الكرار مشاركات 3 الزيارات 3326 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.54 يوميا
النقاط : 322
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي نبذة تفسير السورة المباركة القدر
قديم بتاريخ : 25-Jul-2013 الساعة : 11:06 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


الفصل السابع
نبذة تفسير السورة المباركة القدر
قوله تعالى: إنّا أنزلناه في ليلة القدر: وفي هذه الآية الشريفة مطالب عالية لا تخلو الإشارة إلى بعضها من الفائدة:
المطلب الأول: في أن الآية الشريفة وكثيرا من الآيات الشريفة تنسب تنزيل القرآن إلى ذاته المقدسة كقوله تعالى: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة "(الدخان - 3). " إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون "(الحجر - 9)، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة، وفي بعضها تنسب إلى جبرائيل وهو الروح الأمين كقوله تعالى: " نزل به الروح الأمين "(الشعراء - 93).
فعلماء الظاهر يقولون في هذه المقامات: هذا مجاز من قبيل " يا هامان ابن لي صرحا "(فاطر - 36) فنسبه التنزيل إلى الحق تعالى مثلا من باب أن الذات المقدسة سبب للتنزيل وآمر به أو أن التنزيل بالنسبة إلى الحق تعالى حقيقة وينسب إلى الروح الأمين مجازا لأنه واسطته، وهذا من جهة أنهم يحسبون أن نسبة فعل الحق إلى الخلق كنسبة فعل الخلق إلى الخلق فيرون مأمورية جبرائيل وعزرائيل عن الحق تعالى كمأمورية هامان عن فرعون والبنّائين والمعماريين عن هامان، وهذا قياس باطل كثيرا وقياس مع الفارق وأن فهم نسبة الخلق إلى الحق وفعل الخلق والخالق من مهمات المعارف الإلهية وأمهات المسائل الفلسفية تنحل به كثير من المهمات ومن جملتها مسألة الجبر والتفويض، ومطلبنا هذا من شعبها.
وليعلم أنه من المقرر والثابت في العلوم العالية أن جميع دار التحقق ومراتب الوجود صورة الفيض المقدس الذي هو التجلي الاشراقي للحق تعالى، وكما أن الإضافة الإشراقية هي محض الربط وصرف الفقر كذلك تعيناتها وصورها أيضا محض الربط وليست لها من أنفسها حيثية واستقلال. وبعبارة أخرى جميع دار التحقق فانية في الحق ذاتا وصفة وفعلا لأنه لو استقل موجود من الموجودات في شأن من الشؤون الذاتية سواء أكان في الهوية الوجودية أم في شؤونها لخرج عن حدود بقعة الإمكان فيتبدل إلى الوجوب الذاتي وهذا واضح البطلان فإذا رسخت هذه اللطيفة الإلهية في القلب وذاقها الفؤاد كما ينبغي فيكشف له سرّ من أسرار القدر وتنكشف لطيفة من حقيقة الأمر بين الأمرين فيمكن إذاً نسبة الآثار والأفعال الكمالية إلى الخلق بنفس النسبة التي لها إلى الحق من دون أن تكون مجازا في جانب، وهذا يتحقق في نظر الوحدة في الكثرة والجمع بين الأمرين، نعم ما كان واقعا في الكثرة محضا ومحجوبا عن الوحدة ينسب الفعل إلى الخلق ويغفل عن الحق كنحن المحجوبين، ومن تجلت في قلبه الوحدة فيحجب عن الخلق وينسب جميع الأفعال إلى الحق، والعارف المحقق يجمع بين الوحدة والكثرة وفي حال أنه ينسب الفعل إلى الحق من دون شائبة مجاز ينسبه في نفس الحال إلى الخلق بلا شائبة مجاز والآية الشريفة " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "(الأنفال - 17) التي نفت الرمي في عين إثباته وأثبتته في عين نفيه تشير إلى هذا المشرب العرفاني الأحلى والمسلك الإيماني الدقيق، وإنما قلنا من نسبة الأفعال والآثار إلى الله سبحانه وقيّدناها بالكمالية لنخرج النقائص من هذه النسبة لأن النقائص ترجع إلى الإعدام وهي من تعينات الوجود وليست منسوبة إلى الحق إلا بالعرض ولا يمكن شرح هذا المبحث في هذه الأوراق. فإذا علمت هذه المقدمة تعلم نسبة التنزيل إلى جبرائيل وإلى الحق والأحياء إلى إسرافيل وإلى الحق، والإماته إلى عزرائيل والملائكة الموكلة على النفوس وإلى الحق، والإشارة إلى هذا المطلب في القرآن كثيرة وهذا من إحدى معارف القرآن التي لم يكن قبل هذا الكتاب الشريف في آثار الحكماء والفلاسفة منها عين ولا أثر، والعائلة البشرية في هذه اللطيفة مرهونة لعطيّة هذه الصحيفة الإلهية كسائر المعارف الإلهية القرآنية.
المطلب الثاني: في الإشارة إلى نكتة أنه تعالى قال " إنّا " بصيغة الجمع وأنزلناه بصيغة الجمع.
اعلم أن نكتة ذلك هي تفخيم مقام الحق تعالى بمبدئيّته لتنزيل هذا الكتاب الشريف ولعل هذه الجمعية باعتبار الجمعية الأسمائية والإشارة أن الحق تعالى مبدأ لهذا الكتاب الشريف بجميع الشؤون الأسمائية والصفاتية ولهذه الجهة كان هذا الكتاب الشريف صورة أحدية جمع جميع الأسماء والصفات ومعرفا لمقام الحق المقدس بتمام الشؤون والتجليات.
وبعبارة أخرى هذه الصحيفة النورانية صورة الاسم الأعظم كما أن الإنسان الكامل أيضا صورة الاسم الأعظم بل حقيقة هذين في الحضرة الغيبية واحدة وهما في عالم التفرقة متفرقان على حسب الصورة ولكن على حسب المعنى أيضا لا يتفرقان وهذا أحد معاني لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.. وكما أن الحق تعالى خمّر طينة آدم الأول والإنسان الكامل بيدي والجلال والجمال كذلك أنزل الكتاب الكامل والقرآن الجامع بيدي الجمال والجلال، ولعله لهذه الجهة أيضا يقال له القرآن لأن مقام الأحدية جمع الوحدة والكثرة ولهذه الجهة ليس هذا الكتاب قابلا للنسخ والانقطاع لأن الاسم الأعظم ومظاهره أزلي وأبدي، وجميع الشرائع دعوة إلى هذه الشريعة والولاية المحمدية، ولعل الذكر في الآية الشريفة " إنّا عرضنا الأمانة "(الأحزاب - 72) بصيغة الجمع لما ذكرنا من النكتة في " إنّا أنزلنا " لأن الأمانة على حسب الباطن هي حقيقة الولاية وعلى حسب الظاهر هي الشريعة أو دين الإسلام أو القرآن والصلاة.
المطلب الثالث:في إجمال كيفية نزول القرآن:
وهذا من لطائف المعارف الإلهية ومن أسرار الحقائق الدينية التي قلما يوجد من يطلّع على نبذة منها بالطريق العلمية ولا يتيسر لأحد الإطلاع على هذه اللطيفة الإلهية بطريق الكشف والشهود إلا للكمّل من الأولياء أوّلهم نفس الرسول والخاتم وبعده سائر الأولياء وأهل المعارف وبمساعدته لأن مشاهدة هذه الحقيقة لا تكون إلا بالوصول إلى عالم الوحي والخروج عن حدود العوالم الإمكانية ونحن نبيّن هنا من هذه الحقيقة بيانا بالرمز والإشارة فليعلم أن القلوب التي تسير إلى الله بطريق السلوك المعنوي والسفر الباطني وتهاجر من منزل النفس المظلم وبيت الإِنّيّة والأنانية طائفتان بالطريق الكلّي.
الأولى هم الذين يدركهم الموت بعد إتمام السفر إلى الله ويبقون في هذه الحال من الجذبة والفناء والموت فقد وقع أجرهم على الله وهو الله وهؤلاء محبوبون فانون تحت قباب الله لا يعرفهم أحد ولا يرتبطون بأحد ولا يعرفون أحدا إلا الحق تعالى" أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري ".
الطائفة الثانية هم الذين فيهم قابلية أن يرجعوا إلى أنفسهم بعد تمامية السير إلى الله وفي الله وتحصل لهم حالة الصحو والتنبيه هؤلاء الذين قدّر استعدادهم على حسب تجلّي الفيض الأقدس الذي هو سر القدر وانتجبهم لتكميل العباد وتعمير البلاد وهؤلاء بعد الاتصال بالحضرة العلمية والرجوع إلى حقائق الأعيان يحصل لهم السير في الأعيان بالكشف فيتصلون بحضرة القدس ويكون سفرهم إلى الله وإلى السعادة ويخلّعون بخلعة النبوة، وهذا الكشف وحي إلهي قبل التنزّل إلى عالم الوحي الجبرائيلي وبعدما توجهوا من هذا العالم إلى العوالم النازلة يكتشفون ما في الأقلام العالية والألواح القدسية بقدر إحاطتهم العلمية ونشأتهم الكمالية المختصة بهم التابعة للحضرات الأسمائية. واختلاف الشرائع والنبوات بل جميع الاختلافات من هنا.
وفي هذا المقام تلك الحقيقة الغيبية والسريرة القدسية التي شوهدت في الحضرة العلمية والأقلام والألواح العالية تنزل إلى قلوبهم المباركة تارة عن طريق غيب النفس وسرّ روحهم الشريف بتوسط ملك الوحي وهو جبرائيل وأخرى يتمثل لهم جبرائيل تمثلا مثاليا في حضرة المثال وثالثة يتمثل تمثلا ملكيا، وبتوسّط تلك الحقيقة يظهر عن مكمن الغيب إلى مشهد عالم الشهادة ويتنزل بتلك اللطيفة الإلهية وصاحب الوحي يدركها ويشاهدها في كل نشأة على طور، ففي الحضرة العلمية على طور وفي حضرة الأعيان على طور وفي حضرات الأقلام على طور وفي حضرات الألواح على طور وفي حضرة المثال على طور وفي الحس المشترك على طور وفي الشهادة المطلقة على طور وهذه سبع مراتب من التنّزل ولعل نزول القرآن على سبعة أحرف يكون إشارة إلى هذا المعنى وهذا لا ينافي ما قال القرآن واحد من واحد كما هو معلوم ولهذا المقام تفصيل لا يناسب ذكره.
المطلب الرابع: في سر (هاء) في إنّا أنزلناه:
قد علم أن للقرآن قبل التنزيل إلى هذه النشأة مقامات وكينونات فمقامه الأول: كينونته العلمية في الحضرة الغيبية بالتكلم الذاتي والمقارعة الذاتية بطريق أحدية الجمع، ولعل ضمير الغائب يكون إشارة إلى ذاك المقام وقد ذكره الله تعالى بضمير الغيبة لإفادة هذا المعنى فكأنه يقول: هذا القرآن النازل في ليلة القدر هو ذاك القرآن العلمي في السرّ المكنون، والغيبي في النشأة العلمية قد أنزلناه على تلك المراتب وكان متحدا في مقام مع الذات وكان من التجليات الأسمائية وهذه الحقيقة الظاهرة ذلك السرّ الإلهي وهذا الكتاب الذي ظهر في كسوة العبارات والألفاظ هو صورة التجليات الذاتية في مرتبة الذات وعين التجلي الفعلي في مرتبة الفعل، كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه " إنما كلامه فعله ".
المطلب الخامس: في بيان ليلة القدر:
وفيه مباحث كثيرة ومعارف لا تعدّ قد بحث عنها العلماء الأعلام رضوان الله عليهم على حسب مشاربهم ومسالكهم، ونحن نبيّن في هذه الأوراق بعضا منها بطريق الإشارة ونشير إلى مطالب أخرى لم يذكروها وذلك في ضمن أمور:
الأول: في وجه تسمية ليلة القدر:
إن العلماء قد اختلفوا فيه فبعضهم على أن ليلة القدر حيث أنها صاحبة شرف ومنزلة وقد نزل فيها القرآن صاحب القدر بتوسط ملك صاحب القدر على رسول صاحب القدر لأمة صاحبة القدر فلهذا سميت بليلة القدر.
وقال بعض: إن تسميتها ليلة القدر لأجل تقدير الأمور والآجال وأرزاق الناس في تلك الليلة.
وقال بعض: لأن الأرض تضيق بواسطة كثرة الملائكة فسميت ليلة القدر وهذا من قبيل " ومن قدر عليه رزقه " وهذه كلمات قيلت في المقام وفي كل من تلك الوجوه تحقيقات لا تخلو الإشارة إليها إجمالا من الفائدة.
أما المطلب الأول وهو كونها بمعنى صاحبة المنزلة والقدر.
فأعلم أن في هذا المقام كلاما وهو أن مطلق الزمان والمكان الذي بعض منه شريف وبعض غير شريف وبعض سعيد وبعض نحس فهل هذا من نفس ذات الزمان ومن تشخصاته الذاتية، وهكذا في المكان أو أنه بواسطة وقوع الوقائع وحصول الأمور الشريفة والخسيسة يكون صاحب تلك المزية بالعرض، وهذا وإن لم يكن مبحثا مهما وشريفا والبحث في أطرافه ليس له كثير فائدة ولكن نأتي بذكر منه بطريق الاختصار.
إن وجه ترجيح الاحتمال الأول هو أن ظاهر الأخبار والآيات التي أثبتت للزمان والمكان شرافة أو نحوسه إنها صفة نفس الزمان والمكان لا إنها صفة للحال المتعلق وحيث أنه لا مانع عقليا فيتعيّن حملها على ظاهرها.
ووجه ترجيح الاحتمال الثاني إن حقيقة كل من الزمان والمكان حقيقة واحدة بل شخصية كل منهما أيضا شخصية واحدة فلهذه الجهة لا يمكن أن يكون شخص واحد متجزيا ومختلفا في الحكم. فبناء على هذا فلا بد أن يحمل ما ورد في شرفهما أو نحوستهما على الوقائع والقضايا الحاصلة فيهما، وهذا الوجه ليس برهانيا لأن الزمان وإن كان شخصا واحدا ولكن حيث أنه متدرج وممتد وحقيقة مقدارية لا مانع من أن يكون بعض أجزائه مع بعض آخر مختلفا في الحكم والأثر ولم يقم برهان بأن الشخص كيفما كان لا يكون له حكمان وأثران بل خلافه ظاهر، فمثلا أفراد الإنسان مع أن كل واحد منهما شخص واحد فلهم مع ذلك في الصورة الجسمية اختلافات كثيرة مثل الجليدية والدماغ والقلب أشرف وألطف من الأعضاء الأخر وكذلك القوى الباطنية والظاهرة منه بعضها أشرف من بعض وهذا لأن الإنسان لم يظهر في هذا العالم بنعت الوحدة التامة وإن كان شخصا واحدا ولكن حيث إنه ظهر بنعت الكثرة فأحكامه أيضا تختلف.
وأما وجه ترجيح الاحتمال الأول فليس أيضا وجها صحيحا مرضيا لأن مرجع هذا الوجه إلى أصالة الظهور وأصالة الحقيقة مثلا وقد علم في الأصول أن أصالة الحقيقة وأصالة الظهور لتعيين المراد في مورد الشك في المراد لا أنها بعد معلومية المراد لتعيين الحقيقة فتأمل (وجه التأمل انه يمكن أن يقرر هذه الدعوة بوجه آخر وهو أن الظاهر في نسبة موضوع إلى محمول هو أن الموضوع واجد للحكم وتمام الموضوع له كما أن شيخنا وأستاذنا في العلوم النقلية كان يثبت بهذا البيان الاطلاق في باب الاطلاق من دون حاجة الى مقدمات الاطلاق منه عفي عنه: أي من المؤلف دام ظله).
فبناء على هذا فكلا الوجهين محتمل، ولكن الثاني أرجح في النظر. فبناء عليه أن ليلة القدر صارت صاحبة قدر لأنها ليلة وصال النبي الخاتم وليلة وصول العاشق الحقيقي إلى محبوبه، وقد علم في المباحث السابقة أن تنزل الملائكة ونزول الوحي يكون بعد حصول الفناء والقرب الحقيقي.
ويستفاد من الأخبار الكثيرة والآيات الشريفة أيضا أن شرف الأزمنة والأمكنة ونحوستها بسبب الوقائع فيها وهذا يعلم بمراجعتها وإن كان يستفاد من بعضها الشرف الذاتي أيضا.
أما الاحتمال الآخر وهو أنها تسمى بليلة القدر لتقدير أمور أيام السنة فيها فأعلم أن حقيقة القضاء والقدر وكيفيتها ومراتب ظهورها من أجلّ العلوم الإلهية وأشرفها، وقد نهي عامة الناس عن الغور في أطرافها ولأنه يوجب الحيرة والضلالة لكمال دقتها ولطافتها ولهذا لا بد أن تعد هذه الحقيقة من أسرار الشريعة وودائع النبوة ويصرف النظر عن البحث الدقيق في أطرافها، ونحن نشير إلى مبحث منه يناسب هذا المقام.
وهو أن تقدير الأمور مع أنها كانت في علم الحق تعالى في أزل الآزال وليس من الأمور التدريجية بالنسبة إلى مقام العلم الربوبي المنزه فما معنى التقدير في كل سنة في ليلة معينة؟
اعلم أن للقضاء والقدر مراتب تتفاوت أحكامه على حسب تلك المراتب:
المرتبة الأولى من تلك المراتب عبارة عن الحقائق التي تتقدر وتتحدد في حضرة العلم بالتجلي بالفيض الأقدس تبعا لظهور الأسماء والصفات وبعده تقدر وتحكم في الأقلام العالية والألواح العالية على حسب الظهور بالتجلي الفعلي ولا تقع التغيرات والتبديلات في هذه المراتب، والقضاء الحتم الذي لا يبدل هو الحقائق المجردة الواقعة في حضرات والنشأة العلمية والنازلة في الأقلام والألواح المجردة ثم تظهر الحقائق بالصور البرزخية والمثالية في الألواح الأخر والعالم الأنزل وهو عالم الخيال المنفصل وخيال الكل الذي يقال له عالم المثل المعلقة على طريقة حكماء الإشراق، وفي هذا العالم يمكن وقوع التغيرات والاختلافات بل هي واقعة.
ثم يكون التقديرات والتحديدات بتوسط الملائكة الموكلين بعالم الطبيعة، وفي لوح القدر هذا تغييرات دائمية وتبديلات أبدية، بل هو نفسه الصورة السيالة والحقيقة المتصرمة والمتدرجة والحقائق في هذا اللوح قابلة للشدة والضعف والحركات قابلة للسرعة والبطءِ والزيادة والنقيصة ومع ذلك فالوجهة التي تلي الله والوجهة الغيبية لهذه الأشياء التي هي جهة التدلي بالحق وصورة ظهور الفيض المنبسط والظل الممدود وحقيقة العلم الفعلي للحق لا مجال فيها للتغيير والتبديل بوجه.
وبالجملة، فجميع التغيرات والتبدلات وزيادة الآجال وتقدير الأرزاق تقع عند الحكماء في لوح القدر العلمي وهو عالم المثال، وعند الكاتب تقع في لوح القدر العيني الذي هو محل نفس التقديرات على أيدي الملائكة الموكلين بها فبناء على هذا فلا مانع من أن تقع التغيرات والتبديلات في عالم الطبع في ليلة القدر بما أنه ليلة التوجه التام للولي الكامل وليلة ظهور سلطنته الملكوتية بتوسط النفس الشريفة للولي الكامل وأمام كل عصر وقطب كل زمان وهو اليوم حضرة بقية الله في الأرضين سيدنا ومولانا وإمامنا وهادينا الحجة بن الحسن (أرواحنا لمقدمه الفداء) فما أراد من جزئيات الطبيعة يبطئ حركته، وما أراد سرعته يسرعه وما أراد من رزق يوسعه وما أراد يضيقه، وهذه الإرادة إرادة الحق وظل الإرادة الأزلية وشعاعها وتابعة للفرامين الإلهية كما أن ملائكة الله أيضا لا يتصرفون من عند أنفسهم. وتصرفات جميعهم بل تصرفات جميع ذرات الوجود تصرف إلهي وهي من تلك اللطيفة الغيبية الإلهية " فاستقم كما أمرت "(هود - 112).
وأما ما ذكر من الاحتمال في وجه تسمية ليلة القدر من أن الأرض تضيق بواسطة الملائكة ولهذا سميت ليلة القدر، فهذا الوجه وإن كان بعيدا وإن كان القائل به أعجوبة الزمان الخليل بن أحمد رضوان الله عليه ولكن ما يمكن أن يقع موردا للبحث هو أن ملائكة الله ليست من سنخ عالم الطبيعة والمادة فما معنى ضيق الأرض بهم؟
فاعلم أنه قد ورد نظير هذا المطلب في الروايات الشريفة مثل قضية تشييع سعد بن معاذ رضي الله عنه (في الكافي: صلـة ى رسول الله وسلم - على سعد بن معاذ مع تسعين ألف ملك فيهم جبرائيل (الحديث)) ومثل بسط الملائكة أجنحتهم لطالب العلم، فهذا إما من باب تمثل الملائكة بالصور المثالية وتنزلها من عالم الغيب إلى عالم المثال وتضييق ملكوت الأرض أو من باب تمثلهم الملكي في ملك الأرض وإن كانت الأبصار الطبيعية الحيوانية لا تراها. وبالجملة التضييق باعتبار التمثلات المثالية أو الملكية.
الأمر الثاني في حقيقة ليلة القدر:
اعلم أن لكل رقيقة ولكل صورة ملكية باطناً ملكوتياً وغيبيّاً وأهل المعرفة يقولون أن مراتب نزول حقيقة الوجود باعتبار احتجاب شمس الحقيقة في أفق تعينات الليالي ومراتب الصعود باعتبار خروج شمس الحقيقة من آفاق تعينات الأيام وإن شرافة الأيام والليالي ونحوستها تتضح على حسب هذا البيان.
وباعتار قوس النزول، فليلة القدر المحمدية وباعتبار قوس الصعود فيوم القيامة الأحمدية لأن هذين القوسين مدّ النور المنبسط الذي هو الحقيقة المحمدية وجميع التعيينات هي من التعين الأولى للاسم الأعظم.
ففي نظر الوحدة، العالم ليلة القدر ويوم القيامة وليس أكثر من ليلة واحدة ويوم واحد وهذا تمام دار التحقق أي وليلة القدر المحمدية ويوم القيامة الأحمدية، ومن تحقق بهذه الحقيقة فهو دائما في ليلة القدر ويوم القيامة وهذان يجتمعان.
وباعتبار نظر الكثرة تظهر الليالي والأيام، فبعض الليالي صاحبة القدر وبعضها ليست بصاحبة القدر وبين جميع الليالي البنية الأحمدية والتعين المحمدي التي غرب في أفقها نور حقيقة الوجود بجميع شؤونه وكذلك الأسماء والصفات بكمال نوريتها وتمام حقيقتها قد غربت فيها هي ليلة القدر المطلقة كما أن اليوم المحمدي يوم القيامة وأما سائر الليالي والأيام فهي ليال وأيام مقيّدة ونزول القرآن في هذه البنية الشريفة والقلب المطهّر نزول في ليلة القدر، فالقرآن كما أنه نزل جملة في ليلة القدر بطريق الكشف المطلق الكلي كذلك نزل نجوما في خلال ثلاث وعشرين سنة نجوما في ليلة القدر، والشيخ شاه آبادي دام ظله كان يقوليلة القدر هي الدورة المحمدية، وهذا أمّا باعتبار أنّ جميع الأدوار الوجودية هي الدورة المحمدية وأما إن في هذه الدورة الأقطاب الكمّل المحمدية والأئمة الهداة المعصومين ليالي القدر.
ويدل على هذا ما ذكرنا من حقيقة ليلة القدر الحديث الشريف المطوّل في تفسير البرهان نقله عن الكافي الشريف، وفي ذلك الحديث: " إن نصرانيا قال لموسى بن جعفر ما تفسير باطن " حم والكتاب المبين إنّا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم "؟ فقال علية السلام: إما حم محمد وإما الكتاب المبين أمير المؤمنين علي وأما الليلة فاطمة ".
وفي رواية فسرت ليال عشر بالأئمة الطاهرين من الحسن إلى الحسن وهذه إحدى مراتب ليلة القدر قد ذكرها موسى بن جعفر ومما يشهد بأن ليلة القدر تمام الدورة المحمدية.. الرواية التي في تفسير البرهان عن الباقر وهذه الرواية حيث أنها رواية شريفة وتشير إلى معارف عديدة وتكشف أسرارا مهمّة ننقلها نصّا تيمّنا.
قال رحمه الله وعن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن رجاله عن عبد الله بن عجلان السكوني قال: سمعت أبا جعفر يقول: " بيت علي وفاطمة حجرة رسول الله وسقف بيتهم عرش رب العالمين وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي. والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحا ومساء وكل ساعة وطرفة عين والملائكة لا تنقطع أفواجهم، فوج ينزل وفوج يصعد وإن الله تبارك وتعالى كشف لإبراهيم عن السماوات حتى أبصر العرش وزاد الله في قوّة ناظره وإن الله زاد في قوة ناظر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وكانوا يبصرون العرش ولا يجدون لبيوتهم سقفا غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن ومعارج الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام.. قال: قلت: من كل أمر سلام؟ قال: بكل أمر، فقلت: هذا التنزيل؟ قال: نعم ".
والتدبر في هذا الحديث الشريف يفتح أبوابا من المعرفة لأهلها فتنكشف له نبذة من حقيقة الولاية وباطن ليلة القدر.
الأمر الثالث:
اعلم كما أن لليلة القدر حقيقة وباطنا قد أشرنا إليهما، كذلك لها صورة ومظهر، بل مظاهر في عالم الطبع وحيث أنه من الممكن أن تكون في المظاهر من جهة النقص والكمال فروق كثيرة فمن هذه الجهة يمكن أن يجمع بين الأقوال والأخبار التي وردت في تعيين ليلة القدر بأن الليالي الشريفة التي وردت في الروايات كلها من مظاهر ليلة القدر إلا أنه يفرق بعضها في الشرافة وكمال المظهرية والليلة الشريفة التي لها تمام ظهور ليلة القدر وليلة الوصول التام الختمي والوصول الكامل الخاتمي مختفية في ليالي جميع السنة أو شهر رمضان المبارك أو في العشر الأخير أو في الليالي الثلاثة منه، وفي الروايات للعامة والخاصة أيضا اختلافات، وفي روايات الخاصة ذكر بالترديد في ليلة التاسع عشر والحادي والعشرين والثالث والعشرين وفي بعضها الترديد بين الحادي والعشرين والثالث والعشرين.
قال شهاب بن عبد ربّه: قلت لأبي عبد الله : أخبرني بليلة القدر. قال (ع) " هي ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ". وعن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال: سألت أبا جعفر عن ليلة القدر، قال: " في ليلتين ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين. فقلت افرد لي أحدهما. قال:" وما عليك أن تعمل في ليلتين هي إحداهما ".
وعن حسان بن أبي علي قال: سألت أبا عبد الله عن ليلة القدر فقال: " اطلبها في تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين ".
وقال السيد العابد الزاهد رضي الله عنه في الإقبال: اعلم أن هذه الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وردت أخبار صريحة بأنها ليلة القدر على الكشف والبيان فمن ذلك ما رويناه بإسناده إلى سفيان السمط قال: قلت لأبي عبد الله: " افرد لي ليلة القدر، قال: ليلة ثلاث وعشرين ". ومن ذلك ما رويناه بإسناده إلى زرارة عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال: سألت أبا جعفر عن ليلة القدر فقال " أخبرك والله ثم لا أعمي عليك هي أول ليلة من السبع الآخر ". ثم يروي عن زرارة أنه قال كان ذلك الشهر تسعة وعشرين ثم يروي روايات أخر أن ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين منها قضية الجهني المعروفة (أقول: قال السيد بن طاووس قدس سره: ومن ذلك ما رويناه.. باسنادنا أيضا الى حماد بن عيسى عن محمد بن يوسف عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر يقول أن الجهني أتى الى رسول الله فقال يا رسول الله إن لي إبلا وغنما وغلمة فأحب أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة وذلك في شهر رمضان فدعاه رسول الله وسلم فسارّه في أذنه قال: فكان الجهني اذا كانت ليلة ثلاث وعشرين دخله بإبله وغنمه وأهله وولده وغلمته فكان تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين بالمدينة فاذا أصبح خرج بأهله وغنمه وإبله الى مكانه واسم الجهني عبد الرحمن بن أنيس الأنصاري).
تنبيه عرفاني
كما ذكرنا في السورتين المباركتين المذكورتين الأظهر أن بسم الله في كل سورة متعلق بتلك السورة فلهذا يكون المعنى في السورة المباركة القدر إنّا أنزلنا الحقيقة الشريفة القرآنية واللطيفة المقدسة الإلهية في ليلة القدر المحمدية باسم الله الذي هو الحقيقة الجمعية الأسمائية والاسم الأعظم الربوبي والمتعين بالرحمة المطلقة الرحمانية والرحيمية بمعنى أن ظهور القرآن بتبعية الظهور الجمعي الإلهي والقبض والبسط الرحيمية والرحمانية بل حقيقة القرآن هي مقام ظهور اسم الله الأعظم بظهور الرحمانية والرحيمية وجامع للجمع والتفصيل. فهذا الكتاب لهذه الجهة قرآن وفرقان. كما أن روحانية الرسول الخاتم ومقام ولايته المقدس أيضا قرآن وفرقان ومقام أحدية الجمع والتفصيل.
فعلى هذا الاحتمال كأن الذات المقدسة تقول:
إنّا بالتجلي بمقام الاسم الأعظم وهو مقام أحدية الجمع والتفصيل بظهور رحمة الرحمانية والرحيمية نزّلنا القرآن في ليلة القدر المحمدية، وحيث أن في عالم الفرق بل فرق الفرق حصلت الفرقانية بين القرآنين يعني القرآن المكتوب المنزل والقرآن المنزل عليه يعني الكتاب الإلهي والحقيقة المحمدية فواصلنا بين القرآنين وجمعنا بين الفرقانين في ليلة الوصال، وبهذا الاعتبار أيضا هذه الليلة ليلة القدر ولكن لا يعرف أحد قدرها كما ينبغي غير نفس خاتم النبيين صاحب ليلة القدر بالأصالة وأوصيائه المعصومين أصحابها بالتبعية.
تتمة: في ذكر بعض روايات التي وردت في فضل ليلة القدر:
منها: ما رواه العارف بالله السيد ابن طاووس في كتاب الإقبال الشريف، قال: وجدت في كتاب كنز اليواقيت تأليف أبي الفضل أبي محمد الهروي أخبارا في ليلة القدر إلى أن قال عن النبي أنه قال:" قال موسى: إلهي أريد قربك قال: قربي لمن استيقظ ليلة القدر. قال: إلهي أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر. قال: إلهي أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدّق في ليلة القدر. قال: إلهي أريد من أشجار الجنة وثمارها قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر. قال: إلهي أريد النجاة، قال: النجاة من النار؟ قال: نعم، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر. قال: إلهي أريد رضاك، قال: رضائي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر ".
ومن الكتاب المذكور عن النبي أنه قال: " تفتح أبواب السماء في ليلة القدر فما من عبد يصلى فيها إلا كتب الله تعالى له بكل سجدة شجرة في الجنة لو يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها وبكل ركعة بيتا في الجنة من در وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكل آية تاجا من تيجان الجنة وبكل تسبيحة طائرا من العجب وبكل جلسة درجة من درجات الجنة وبكل تشهّد غرفة من غرفات الجنة وبكل تسليمة حلّة من حلل الجنة، فإذا انفجر عمود الصبح أعطاه الله من الكواعب المؤلفات والجواري المهذبات والغلمان المخلّدين والنجائب المطيرات والرياحين المعطرات والأنهار الجاريات والنعيم الراضيات والتحف والهديات والخلع والكرامات ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ".
ومن هذا الكتاب عن الباقر " من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار ". والأخبار في فضائلها أكثر من أن تكتب في هذه الأوراق.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا

توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




بنت الهدى2
الصورة الرمزية بنت الهدى2
مشرفة
رقم العضوية : 13529
الإنتساب : Jun 2012
الدولة : العراق
المشاركات : 2,367
بمعدل : 0.51 يوميا
النقاط : 248
المستوى : بنت الهدى2 is on a distinguished road

بنت الهدى2 غير متواجد حالياً عرض البوم صور بنت الهدى2



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-Jul-2013 الساعة : 11:23 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


انالنا الله واياكم وامة محمد واله عليهم السﻻم شرف احياء ليالي القدر
عسى ان نحظى بنظرة من سيدي وموﻻي صاحب العصر والزمان حتى نرتقي ﻻعلى الدرجات
وفقك الله لمرضاته

توقيع بنت الهدى2

مات التصبر في انتظارك * أيها المحيي الشريعهْ

فانهض فما أبقى التحمل * غير أحشاء جزوعه





سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.54 يوميا
النقاط : 322
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-Jul-2013 الساعة : 11:26 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


قوله تعالى: " وما أدراك ما ليلة القدر ":
هذا التركيب للتفخيم والتعظيم وعظمة المطلب وعظمة الحقيقة خصوصا بملاحظة المتكلم والمخاطب، فمع أن الحق تعالى جلّت قدرته هو المتكلم والرسول الأكرم هو المخاطب، مع هذا الوصف ربما يكون المطلب ذا عظمة بمقدار لا يمكن إظهاره في نسج الألفاظ وتركيب الحروف والكلمات فكأنه تعالى يقول: لا تدري ما ليلة القدر في حقيقتها العظيمة ولا يمكن بيان حقيقتها ونسج الحروف والكلمات ونظمها لا يليق بتلك الحقيقة.
ولهذا مع أن كلمة ما لبيان الحقيقة فقد صرف النظر عن بيانها وقال ليلة القدر خير من ألف شهر فعرّفها بخواصها وآثارها لأن بيان حقيقتها غير ممكن، ومن هنا أيضا يحتمل بحدس قوي أن تكون حقيقة ليلة القدر وباطنها غير هذه الصورة والظاهر، وإن كان هذا الظاهر أيضا ذا أهمية وعظمة ولكن ليس بمثابة يعبّر هذا النحو من التعبير بالنسبة إلى رسول الله الولي المطلق والمحيط على كل العوالم.
إن قلت: بناء على ما ذكر من أن باطن ليلة القدر حقيقة الرسول المكرم وبنيته التي احتجبت فيها شمس الحقيقة بتمام شؤونها فالإشكال يكون أعظم لأنه لا يمكن أن يقال له - - نفسه ما أدرك ما ليلة القدر التي هي صورة الملكية لك.
قلت أن لهذا المطلب وهذه اللطيفة باطنا وذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد.
فأعلم أيها العزيز.. حيث إن في باطن ليلة القدر الحقيقيّة يعني في البنية المحمدية والصورة الملكية أو في العين الثابتة المحمدية جلوة الاسم الأعظم والتجلي الأحدي الجمعي الإلهي فلهذه الجهة ما دام العبد السالك إلى الله يعني الرسول الخاتم في حجاب نفسه فإنه لا يتمكن من مشاهدة ذلك الباطن وتلك الحقيقة كما ورد في القرآن الشريف في حق موسى بن عمران لن تراني يا موسى.. مع أن التجلي الذاتي أو الصفاتي قد حصل له بدليل: " فلما تجلّى ربّه للجبل جعله دكّا وخرّ موسى صعقـا "(الأعراف - 143). وبدليل فقرات الدعاء الشريف العظيم الشأن السمات كما هو واضح جدا، والنكتة في هذا أيضا أنه يا موسى ما دمت في الحجاب الموسوي والاحتجاب النفسي لا يمكنك المشاهدة لأن مشاهدة جمال الجميل لمن خرج عن نفسه، فإذا خرج عن نفسه فيرى بعين الحق وعين الحق ترى الحق لا محالة فجلوة الاسم الأعظم التي هي الصورة الكمالية لليلة القدر لا ترى مع الاحتجاب بالنفس، فهذا التعبير بناء على هذا التحقيق يكون صحيحا وفي مورده.
فإن قلت: إن ليلة القدر هي نفس البنية الأحمدية باعتبار احتجاب شمس الحقيقة فيها لا نفس الشمس حتى يصحّ هذا التوجيه. قلت: في لسان أهل النظر شيئية الشيء بصورته الكمالية والأشياء ذوات الأسباب وخصوصا السبب الإلهي لا تعرف بحقيقتها إلا بمعرفة أسبابها.
وفي لسان أهل المعرفة نسبة الظاهر والباطن والجلوة والمتجلي ليسا أمرين مفترقين بل الحقيقة الواحدة تتجلى بالتجلي الظهوري حينا وبالتجلي البطوني حينا آخر، كما يقول العارف المعروف:
ماعد مهائيم هستيها نما تو وجود مطلق وهستي ما (البيت للعارف الرومي يقول:
نحن اعدام نتظاهر بالوجود وأنت الوجود المطلق وأنت وجودنا).
وفي هذا الكلام كما يقول العارف الرومي لا انتهاء له (قد تكررت في أشعار العارف الرومي جملة (إين سخن بايان ندارد) أي هذا الكلام لانتهاء له فمقصود الامام دام ظلّه من نقل القول هذه الجملة فقط لا أصل المطلب فتنبّه " المترجم ") وصرف النظر عنه أولى.
قوله تعالى: ليلة القدر خير من ألف شهر:
إذا لاحظنا الصورة الظاهرة الملكية لليلة القدر فكونها خيرا من ألف شهر بمعنى أنها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، أو أنها والعبادة والطاعة فيها خير من ألف شهر حمل اليهود فيها سلاح ليقاتلوا في سبيل الله.
أو أن ليلة القدر خير من ألف شهر سلطنة بني فلان كما في الروايات الشريفة.
وإذا لوحظت حقيقة ليلة القدر فيمكن أن يكون ألف شهر كناية عن جميع الموجودات باعتبار أن ألف العدد الكامل، والمراد من الشهر أنواعها، يعني أن البنية الشريفة المحمدية وهي الإنسان الكامل خير من ألف نوع وهي جميع الموجودات كما قال بعض أهل المعرفة.
وقد لاح في نظر الكاتب احتمال آخر وهو أن تكون ليلة القدر إشارة إلى مظهر الاسم الأعظم يعني المرآة التامة المحمدية وألف شهر عبارة عن مظاهر الأسماء الأخر، وحيث أن للحق تعالى واحدا وألف اسم. واحد من الأسماء مستأثر في علم الغيب فلهذه الجهة ليلة القدر أيضا مستأثرة وليلة قدر البنية المحمّدية أيضا مستأثرة ولا يطلّع عليها غير الذات المقدسة للرسول الخاتم .
تنبيه عرفاني:
وليعلم كما أن الولي الكامل والنبي الخاتم ليلة القدر باعتبار بطون الاسم الأعظم فيه واحتجاب الحق فيه بجميع شؤونه كذلك هو يوم القدر أيضا باعتبار ظهور شمس الحقيقة وبروز الاسم الجامع من أفق تعيّنه كما هو نفسه يوم القيامة أيضا.
وبالجملة، ذاته المقدسة ليلة القدر ويومه، ويوم القيامة أيضا يوم القدر، فبناء على هذا لعل النكتة في التعبير عن سائر المظاهر بالشهر وعن هذا المظهر المقدس التام بالليلة هي أن مبدأ الشهور والسنين هو اليوم والليلة كما أن الواحد مبدأ للعدد وهو بباطن الحقيقة - وهو الاسم الأعظم - مبدأ لسائر الأسماء وبتعينه وعينه الثابتة أصل الشجرة الطيبة ومبدأ التعينات، وتدبر، تعرف، واغتنم.
قوله تعالى: " تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر "
وفي هذه الآية الشريفة مطالب نذكر بعضها بطريق الإجمال:
الأمر الأول
في ذكر صنوف ملائكة الله والإشارة إلى حقيقتها على الإجمال:
اعلم أن بين المحدثين والمحقّقين اختلافا في تجرّد ملائكة الله وتجسّمها، وكافة الحكماء والمحققين وكثير من الفقهاء يقولون بتجردها وبتجرد النفس الناطقة، وأقاموا لذلك براهين متينة، ويستفاد التجرد من كثير من الروايات والآيات الشريفة كما قال المحدث المحقق مولانا محمد تقي المجلسي (هو والد المولى محمد باقر المجلسي كان وحيد عصره وفريد دهره اورع أهل زمانه وأزهدهم وأعبدهم استفاد العلم من شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ بهاء الدين العاملي والعلامة الزاهد المقدس الورع المولى عبدالله الشوشتري وبعد فراغه من التحصيل أتى النجف الاشرف واشتغل بالرياضات وتهذيب الاخلاق وتصفية الباطن وله مكاشفات ومنامات حسنة ليس هاهنا مقام ذكرها ومصنفاته كثيرة منها شرحاه العربي والفارسي على كتاب من لا يحضره الفقيه كل منها يزيد على مئة ألف بيت وأرتحل إلى جوار رحمة الله تعالى في سنة 1070 (غع)). الوالد الماجد للمرحوم المجلسي في شرح الفقيه في ذيل بعض الروايات: أن هذا يدّل على تجرّد النفس الناطقة.
وقال بعض الأكابر من المحدثين بعدم التجرد، وغاية ما استدلّوا به أن القول بالتجرد مناف للشريعة وصرّحوا بأن المجرد ليس سوى ذات الحق تعالى وتقدس. وهذا الكلام ضعيف في الغية لأن نظرهم في هذا لعلها كانت معطوفة على أمرين:
الأول قضية حدوث العالم زمانا فتوهم أن تجرد شيء سوى الحق ينافيه.
والثاني: كون الحق تعالى فاعلا باختيار، فتوهموا أنه يخالف تجرّد عالم العقل والملائكة، وكلا المسألتين من المسائل المعنونة في العلوم العالية وقد اتضح فيها عدم تنافي المسائل من هذا القبيل مع الوجود المجردّ بل القول بعدم تجرد النفوس الناطقة وعالم العقل وملائكة الله ينافي كثيرا من المسائل الإلهية وكثيرا من العقائد الحقة وليس الآن مجال لبيانه، والحدوث الزماني للعالم على نحو توهمته هذه الطائفة مناف لأصل مسألة الحدوث الزماني فضلا عن أنه مخالف لكثير من القواعد الإلهية والحق الموافق للعقل النقل عند الكاتب أن لملائكة الله أصنافا كثيرة وكثير منها مجرد وكثير منها جسماني برزخي ولا يعلم جنود ربك إلا هو.. وأصنافها على حسب التقسيم الكلي ما قالوا أن الموجودات الملكوتية على قسمين:
قسم لا تعلّق به بعالم الأجسام لا تعلقا حلوليّا ولا تعلقا تدبيريا. والقسم الآخر ما له التعلق بأحد هذين الوجهين.
والطائفة الأولى قسمان: قسم يقال له الملائكة المهيمنة وهم المستغرقون في جمال الجميل والمتحيرون في ذات الجليل وعن سائر الخلق غافلون لا يتوجهون إلى سائر الموجودات.
ففي أولياء الله أيضا طائفة بهذه الصفة، فكما أننا مستغرقون في البحر الظلماني للطبيعة وعن عالم الغيب وذات ذي الجلال غافلون مع أن الحق تعالى ظاهر بالذات وكل ظهور شعاع ظهوره كذلك هو غافلون عن
العالم وما فيه ومشغولون بالحق وجمال الجميل. وفي الرواية: " أن لله خلقا لا يعلمون أن الله خلق آدم وإبليس ".
والقسم الثاني: طائفة جعلها الله تعالى وسائط رحمته وجوده وهي مبادئ سلسلة الموجودات وغاية أشواقها، ويقال لهذه الطائفة أهل الجبروت ويقدمها ويرأسها الروح الأعظم، ولعل الآية الشريفة، " تنزّل الملائكة والروح "(القدر - 4). أيضا تكون إشارة إلى هذه الطائفة من الملائكة واختصاص الروح بالذكر مع أنه من الملائكة لعظمته، كما في الآية الشريفة: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا "(النبأ - 38) أيضا إشارة إلى ذلك.
ويقال للروح باعتبار القلم الأعلى كما قال وسلم" أول ما خلق الله القلم ".
ويقال له باعتبار آخر العقل الأول كما قال وسلم " أول ما خلق الله العقل ". وقال بعض: أن الروح هو جبرائيل.. وعند الفلاسفة جبرائيل آخر الملائكة الكروبيين وأنه الروح القدس ويعتقدون أن الروح أول الملائكة الكروبيين. وفي الروايات الشريفة أيضا " أن الروح أعظم من جبرائيل " كما في الكافي الشريف عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل: " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي "(الاسراء - 85) قال: " خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله وهو مع الأئمة وهو من الملكوت ".
وفي بعض الروايات أن الروح ليس من الملائكة بل أعظم من الملائكة، ولعل للروح في لسان القرآن، والأحاديث إطلاقين كما أن له في لسان أهل الإصطلاح إطلاقات، فروح من صنوف الملائكة كما قال " أنه من الملكوت " وروح هو روح حضرات الأولياء وليس من الملائكة وأعظم منها. فبناء على هذا يمكن أن يكون الروح في السورة الشريفة القدر باعتبار التنزّل في ليلة القدر عبارة عن الروح الأمين أو الروح الأعظم، وفي الآية الشريفة " يسألونك عن الروح "(لاسراء - 85) عبارة عن الروح الإنساني الذي هو مرتبة الكمال أعظم من جبرائيل وسائر الملائكة وهو من عالم الأمر بل ربما يتحد مع المشيئة التي هي الأمر المطلق.
والقسم الآخر من ملائكة الله هو الملائكة الموكلة بالموجودات الجسمانية والمدبرات فيها ولها صنوف كثيرة وطوائف لا تعدّ لأن لكل موجود علوي أو سفلي فلكي أو عنصري وجهة ملكوتية ينتقل بتلك الوجهة إلى عالم ملائكة الله ويتصل بجنود الحق، كما أن الحق تعالى يشير إلى ملكوت الأشياء بقوله " فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ".
وقال النبي في كثرة الملائكة كما في الروايات" أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع ". وقد ذكر في الروايات الشريفة الكثيرة ما يرجع إلى كثرة الملائكة وكثرة صنوفها.
الأمر الثاني
في بيان كيفية نزول الملائكة على ولي الأمر
اعلم أن الروح الأعظم وهو خلق أعظم من ملائكة الله بمعنى أنه واقع في الرتبة الأولى من ملائكة الله وأِشرف وأعظم من الكل وملائكة الله المجردة قطان عالم الجبروت ولا يتجافون عن مقامهم والنزول والصعود لهم بالمعنى الذي للأجسام مستحيل لأن المجرد مبرأ ومنزه عن لوازم الأجسام فتنزلهم أعم من أن يكون في مرتبة القلب أو الصدر أو الحس المشترك للولي أو أن يكون في بقاع الأرض والكعبة وحول قبر رسول الله أو في البيت المعمور بطريق التمثّل الملكوتي أو الملكي كما قال تعالى في شأن تنزل الروح الأمين على مريم. " فتمثل لها بشرا سويا "(مريم - 17) كما إن للأولياء الكمَّل أيضا يمكن أن يكون تمثل ملكوتي وتروح جبروتي فلملائكة الله استطاعة الدخول في الملك والملكوت وقدرته وقوته على نحو التمثل، وللكمّل من الأولياء قدرة الدخول في الملكوت والجبروت على طور التروّح، والرجوع من الظاهر إلى الباطن، وتصديق هذا المعنى لمن فهم حقائق المجردات سهل سواء المجرد الملكوتي أو الجبروتي أو النفوس الناطقة التي هي أيضا من المجردات الجبروتية أو الملكوتية وتصور مراحل الوجود ومظاهر ونسبة الظاهر إلى الباطن والباطن إلى الظاهر.
وليعلم أنه لا يمكن تمثل الجبروتيّين والملكوتيّين في قلب البشر وصدره وحسه المشترك إلا بعد خروجه من الجلباب البشري وحصول المناسبة بينه وبين تلك العوالم، وإلا فما دامت النفس مشتغلة بالتدبيرات الملكية وغافلة عن تلك العوالم لا يمكن أن تحصل لها هذه المشاهدات أو التمثلات، نعم ربما يمكن أن يحصل للنفس انصراف عن هذه العوالم بإشارة من أحد الأولياء وتدرك إدراكا معنويا أو صوريا من عوالم الغيب بمقدار لياقتها وربما يكون للنفس انصراف عن الطبيعة بواسطة بعض الأمور الهائلة فتدرك انموذجة عن عالم الغيب كما ينقل الشيخ الرئيس قضية رجل صافي الضمير أنه أخذ براءة من النار في حج بيت الله. وينقل ما يشبهها الشيخ العارف محي الدين فجميع هذه الأمور أيضا من انصراف النفوس من الملك وتوجهها إلى الملكوت وربما يمكن أن نفوس الأولياء الكمل بعد انسلاخها عن العوالم ومشاهدة الروح الأعظم أو سائر ملائكة الله تصحو وتحفظ حضرات الغيب والشهادة بواسطة قوتها، وفي هذه الصورة تشاهد حقائق الجبروتيين في جميع النشآت في آن واحد وربما يحصل تنزل الملائكة بقدرة الولي الكامل بنفسه والله العالم.
الأمر الثالث
اعلم أن ليلة القدر حيث أنها ليلة مكاشفة رسول الله وأئمة الهدى فلهذا تنكشف لهم جميع الأمور الملكية عن غيب الملكوت وتظهر لهم الملائكة الموكلة بكل أمر من الأمور لحضراتهم في نشأة الغيب وعالم القلب وتنكشف وتعلم لهم جميع الأمور التي قدرت للخلائق في مدة السنة وكتبت في الألواح العالية والسالفة على نحو الكتابة الملكوتية والاستجنان الوجودي، وهذه المكاشفة مكاشفة ملكوتية محيطة بجميع ذرات عالم الطبيعة ولا يخفي لولي الأمر شيء من أمور الرعية.
ولا ينافي أن ينكشف لهم في ليلة واحدة أمر السنة وفي حالة جميع الأمور وفي لحظة جميع المقدرات الملكية والملكوتية.
وتنكشف أيضا بالتدريج في أيام السنة الأمور اليومية على طريق الإجمال والتفصيل.
فمثلا ورد في كيفية نزول القرآن في الحديث أنه نزل جملة واحدة في البيت المعمور ونزل في طول ثلاث وعشرين سنة على رسول الله، والورود في البيت المعمور أيضا نزول على رسول الله.
وبالجملة ربما يتصل ولي الأمر بالملأ الأعلى والأقلام العالية والألواح المجردة فتحصل له المكاشفة التامة لجميع الموجودات أزلا وأبدا، وربما يتصل بالألواح السافلة فيكتشف مدة مقدرة. وتمام صفحة الكون حاضرة في محضرة الولوي وكل أمر يقع يكون منظورا لهم وقد ورد في روايات عرض الأعمال على ولي الأمر أنه كان في كل خميس وأثنين تعرض الأعمال على رسول الله وأئمة الهدى .
وفي بعض الروايات أنها تعرض في صبيحة كل يوم. وفي بعضها تعرض عليهم أعمال العباد صباحا ومساء وهذه كلها أيضا على حسب الإجمال والتفصيل والجمع والتفريق، وقد وردت في هذه الأبواب روايات شريفة عن أهل بيت العصمة والطهارة مذكورة في كتب التفاسير كتفسير البرهان والصافي.
قوله تعالى: سلام هي حتى مطلع الفجر:
هذه الليلة المباركة هي السلامة من الشرور والبليات والآفات الشيطانية حتى مطلع الفجر أو أنها سلام على أولياء الله وأهل الطاعة، أو أن ملائكة الله التي تلاقيهم لتسلم عليهم من الله تعالى إلى طلوع الفجر.
تنبيه عرفاني
كما ذكر سابقا في بيان حقيقة ليلة القدر أنها تعبّر عن مراتب الوجود وتعينات الغيب والشهود بالليل باعتبار احتجاب شمس الحقيقة في أفقهم وبناء عليه فليلة القدر هي ليلة احتجب فيها الحق تعالى بجميع الشؤون وأحدية جمع الأسماء والصفات التي هي حقيقة الاسم الأعظم وهي التعين والبنية للولي الكامل وهو في زمان رسول الله نفسه المقدسة وبعده أئمة الهدى واحدا بعد واحد، فبناء على هذا ففجر ليلة القدر هو وقت ظهور آثار شمس الحقيقة من خلف حجب التعينات، وطلوع الشمس من أفق التعينات فجر يوم القيامة أيضا وحيث أنه من مدة الغروب واحتجاب شمس الحقيقة في أفق تعينات هؤلاء الأولياء الكمل إلى وقت طلوع الفجر وهو مدّة ليلة القدر تلك الليلة صاحبة الشرف سالمة من التصرفات الشيطانية مطلقا، وكما احتجبت الشمس من دون كدورة وبلا تصرفات شيطانية تطلع بهذه الصفة فقال تعالى: " سلام هي حتى مطلع الفجر " وأما سائر الليالي فهي: فإما أن السلامة ليست فيها أصلا وهي ليالي بني أميّة وأمثالهم أو أنها فاقدة للسلامة بمجموع معانيها وهي ليالي سائر الناس.
خاتمة:
قد علم من البيانات العرفانية والمكاشفات الإيمانية التي ظهرت بتأييد من الأولياء العظام على القلوب المنيرة لأهل المعرفة إن السورة المباركة التوحيد كما أنها نسبة الذات المقدسة للحق جل وعلا كذلك السورة الشريفة القدر نسبة أهل بيت العظام ، كما ورد في روايات المعراج مثل ما رواه محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي عبد الله في صلاة النبي في السماء في حديث الإسراء قال " ثم أوحى الله عز وجل إليه اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وهذا في الركعة الأولى ثم أوحى الله عز وجل إليه اقرأ بالحمد لله فقرأها مثلما قرأ أولا ثم أوحى الله إليه: اقرأ: إنّا أنزلناه فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة ".
والروايات الشريفة في فضل السورة المباركة القدر كثيرة منها ما في الكافي الشريف عن أبي جعفر قال " من قرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر يجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل الله ومن قرأها سرّا كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله، ومن قرأها عشر مرات غفرت له على نحو ألف ذنب من ذنوبه ". وفي خواص القرآن روي عن رسول الله " من قرأ هذه السورة كان له أجر من قاتل في سبيل الله " والحمد لله أولا وآخرا.
اعتذار:
مع أنه كان في نية الكاتب في هذه الرسالة أن يكفّ عن المطالب العرفانية غير مأنوسة النوع، ويكتفي بالآداب القلبية فقط للصلاة.. والآن أرى أن القلم قد طغى وفي خصوص تفسير السورة الشريفة قد تجاوزت عن الموضوع المقرّر عندي فلا بدّ لي من أن أعتذر للأخوة الإيمانيين والاخلاّء الروحانيين، وفي ضمن الاعتذار أقول:
إذا رأيتم في هذه الرسالة مطلبا غير مطابق لذوقكم فلا ترموه بالباطل بلا تأمّل لأن كل علم له أهل ولكل طريق سالك رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعدّ طوره.. ويمكن أن يغفل بعض عن حقيقة الحال ولعدم اطّلاعهم على المعارف القرآنية ودقائق السنن الإلهية يظنّون أن بعض مطالب هذه الرسالة تفسير بالرأي وهذا الظنّ خطأ محض وافتراء فاحش لأنه:
أولا: أن هذه المعارف واللطائف كلها مستفادة من القرآن الشريف والأحاديث الشريفة ولها شواهد سمعية كما ذكر بعضها في خلال المباحث ولم يذكر أكثرها رعاية للاختصار.
وثانيا: جميع تلك المعارف أو أكثرها موافقة للبراهين العقلية أو العرفانية، والأمر بهذه الصفة لا يكون تفسيرا بالرأي.
وثالثا: أن ما ذكرنا من المطالب أم نذكره في بيان الآيات الشريفة فهو من قبيل بيان مصاديق المفاهيم غالبا وبيان المصداق ومراتب الحقائق ليس بتفسير أصلا حتى يكون تفسيراً بالرأي.
ورابعا: بعد جميع المراحل ذكرنا المطالب في الموارد غير الضرورية على سبيل الاحتمال وبيان أحد المحتملات رعاية لغاية الاحتياط في الدين مع أنه ليس هنا محل للاحتياط، ومن المعلوم أن باب الاحتمال ليس مسدودا على أحد وليس مربوطا بالتفسير بالرأي وهنا مطالب أخرى كففنا عنها رعاية للاختصار.
نسألكم الدعاء لنا لوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.54 يوميا
النقاط : 322
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-Jul-2013 الساعة : 11:30 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الهدى2
انالنا الله واياكم وامة محمد واله عليهم السﻻم شرف احياء ليالي القدر
عسى ان نحظى بنظرة من سيدي وموﻻي صاحب العصر والزمان حتى نرتقي ﻻعلى الدرجات
وفقك الله لمرضاته

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لإحياء ليالي القدر وأن يجعلنا من عتقائه من جهنم وطلقائه من النار

نسألكم الدعاء في ليالي القدر الشريفة

أشكرك غاليتي بنت الهدى2 على تواجدك النير

نسألكم الدعاء لنا ولوالديك

توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc