اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأمن الاجتماعي -5
رغم مرور أكثر من ألف وأربعمائة عام على الجاهلية الأولى، لا يزال البعض يحمل شعارها علما فوق رأسه كتب عليه
ألا لا يجهلن احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ويتناسوا قول الله تعالى"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"107 الأنبياء.
يبدأ النزاع عادة بسبب اختلاف على أمر جانبي ليس بذي بال، ولكن حماقة أطراف النازع، وتمسك كل طرف برئيه، وعدم السماح للعقل بالتدخل أو لطرف ثالث بالتوسط، يعمق الخلاف ويزيد من اتساع الهوة.
وباستمرار الخلاف ولرداءة النفوس وضعف الوازع الديني، يتوسع الخلاف ليشمل أفراد من خارج هذه الدائرة. فينضوي تحت أجنحة المختلفين أصناف مختلفة من الناس، فأما أن يكونوا من المقربين والمتعاطفين، يحاولون تخفيف وطئ الصدمة. أو أصحاب مصالح يرتزقون من هكذا نزاع وفصال، ممن يأكل لحم أخيه ميتا. فينقلون بين الأطراف المتنازعة ما نتن وخبث من الأخبار السيئة والكلام البذيء، ويضيفون وينمقون لهم الإساءة دون رادع من ضمير، أو خوف من عقاب، كالجوارح من الوحوش البرية التي تعيش على الجيف النتنة.
ومع غياب التفكير المتزن، والممانعة في المصالحة ورئب الصدع، ووجود هذا الكم من الأشخاص المستعدون لتأجيج الصراع، يبدأ الخصام في الاتساع والدخول في متاهة مظلمة. فيضاف إليه مع الوقت أفكار ورؤى لم تكن قد بدأت بها، فتشوه سمعة الأطراف الأخرى، باختلاق كلام ليس له أساس من الصحة. فيحرم الآخرون من مصاحبتهم، بدعوى كيدية مغرضة.
يقول الأستاذ والمفكر محمد المحفوظ إن القرآن الكريم يقول لنا وبشكل مباشر "ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى"8 المائدة. فلا يحق لنا تشويه سمعة الطرف الآخر أو استنقاصه أو اختلاق الأكاذيب عليه، لمجرد الاختلاف معه في وجهة النظر. بل يجب علينا معاملته، كما نعامل من نحب ونتفق معه ومع أفكاره.
بقلم: حسين نوح مشامع - عضو مركز آفاق للدراسات والبحوث.