اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا إثارة الضجيج حول التطبير؟!!ا
====================
للشيخ أحمد الدر العاملي
* كلُّ عام ـ وعلى أبواب شهر المحرم ـ تعملُ يدٌ في الخفاء على زرع الاضطراب والتوتُّر بين الموالين، عبر إثارة موضوع التطبير ذمَّاً أو مدحاً، تحريماً أو تحليلاً بطرقٍ ملتويةٍ، وأساليب مريبة!!ا
* ومع اعتقاد كل شيعيٍ وشيعيةٍ بالتقليد، وأنَّ القضايا الدينية لا رأي فيها لغير المرجع الفقيه، بسبب إحاطته بمصادر التشريع إحاطةً تخوِّلُهُ استنباط الحكم الشرعي من أدلَّته؛ إلا أنَّنا نرى الناس ـ في مسألة التطبير ـ كلَّاً يدلي برأيه، ويحكمُ في المسألة، وكأنَّه واحدٌ من فقهاء عصره ومجتهدي زمانه!! غافلين أو متغافلين عن قوله (): "من أفتى الناس بغير علمٍ لعَنَتْه ملائكةُ السماوات والأرض". كتاب المحاسن ج1 ص205 ح59
* إنَّ أمرَ التطبيرِ واضحٌ جليٌّ، فالمكلَّف يعملُ بفتوى مرجعه، فإن كان يفتي بالاستحباب أو الجواز فله أن يطبِّرَ ويكونُ مأجوراً بحسب نيَّته ولا شأنَ له بمن لا يُطبِّر؛ وإن كان مرجعه يفتي بالحرمة فليترك التطبير ولا شأنَ له بالمطبِّرين!!ا
* إنَّ نسبةَ الفتاوى والآراء إلى المراجع بلا علمٍ ولا هدى حالها حال من يُفتي الناس بغير علم!! وعليه، فلا يجوزُ لأيٍّ كان أن ينسب إلى مرجع من المراجع رأياً معتمداً في ذلك على الواتسأب أو الفيسبوك أو التويتر أو نحوها من طُرُق التواصل المجهولة المصدر
بل لا بدَّ له من العلم بصدور الفتوى من المرجع ليكون بريء الذمَّة أمام الله سبحانه وتعالى، وليسلمَ من لعن الملائكة له
* إنَّ آراء معظم المراجع صريحةٌ في جواز التطبير شرط أمن الضرر، وهي آراءٌ معروفة مشهورة، وكذلك من يقولُ بحرمة التطبير معروفٌ مشهورٌ؛ فلا وجهَ للدخول في نزاعٍ جدليٍّ حول التطبير من قِبَلِ المقلِّدين، فضلاً عن التقاذف والترامي بالسباب والشتائم عصمنا الله وإياكم من الزلل
* إنَّ المرجع الوحيد الذي لم يُبرز رأيه في التطبير هو سماحة المرجع الكبير السيد علي السيستاني (سدَّد الله خطاه)، وهو يرى المصلحة في عدم إبداء رأيه تحليلاً أو تحريماً؛ وعليه، فمن ينسب إلى سماحته القول بالحرمة أو القول بالجواز فهو كاذبٌ أو مشتبهٌ
* توضيح: بعض البسطاء من المؤمنين يقول: لماذا نرى بعض المطبرين لا يصلُّون؟! أو لا يجاهدون العدو الإسرائيلي؟! أو غير ذلك؟ا
وهذه التساؤلات تبعث على الضحك والتأسف!! فمن قال أن المطبر يجب أن يكون معصوماً؟! بل المطبِّرُ حاله حال الممارس لأي وظيفة دينية أخرى
لماذا لا نراهم يعترضون على المتبرعين بالأموال للأعمال الخيرية؟! مع أنَّ بعض المتبرعين لا يصلون!! ولا يقاتلون العدو الإسرائيلي!! وغير ذلك!!ا
المسألة بكل بساطة: {ولا تزرُ وازرةٌ وِزرَ أخرى} فمن يصلي ولا يصوم لا ننهاه عن الصلاة، ومن ينفق في سبيل الله ولا يقاتل إسرائيل لا ننهاه عن الإنفاق، ومن تلبس السواد في عاشوراء وهي غير محجَّبة لا ننهاها عن لبس السواد، والمطبِّر الذي يستمع الغناء لا ننهاه عن التطبير؛ نعم نحاول أن نهديهم للجمع بين الأمرين وهذا شيء آخر
***استفسارات هامشية***
--------------------------------
_______________________
1ـ بغضِّ النظرِ عن الحكم الشرعي للتطبير، ألا ترونَ أنَّه يتنافى مع الحضارة؟!ا
الجواب: إذا كانت الحضارة هي مواكبة العصر فكثير من أحكام الإسلام تتنافى مع مواكبة العصر، لا لعلَّةٍ فيها، بل لأنَّ مواكبة العصر في الكثير من أوبِئة الإنحطاط المغلَّفة بغلاف الرُّقي؛ وأبسطُ مثالٍ على ذلك الحجاب، حيث يراه العصريُّون كبتاً وقيداً وسجناً للمرأة!! مع كونه عينَ الرُّقيِّ عند العقلاء لحفاظهِ على عفَّة المرأة وصيانة الرجل
2ـ الحجاب وغيره من الواجبات، والتطبير ليس كذلك!!ا
الجواب: مفروض السؤال هو التطبير بغض النظر عن الحكم الشرعي!! هذا أولاً
ثانياً: كونُ الأمرِ حضاريَّاً أو غير حضاريٍّ لا دخالة له بحكمه الشرعي، لأنَّ الحضارة بمعنى: مواكبة العصر والتطوُّر لا تنظر إلى منشأ المسألة بل تحكم على وجودها في الخارج؛ ومثال الحجاب شاهد واضح على ذلك
3 حتى لو سلَّمنا باستحباب التطبير، أليس التبرُّع بالدم أفضل من التطبير؟!ا
الجواب: التبرُّع بالدم قد يكونُ واجباً وقد يكونُ مستحباً وقد يكونُ محرَّماً وقد يكونُ مكروهاً؛ ولا يكونُ التبرُّعُ بالدم أفضل من التطبير إلا إذا وجَبَ، كما لو كان هناكَ مؤمنٌ سيموتُ لو لم نتبرع له بالدم، هنا يكونُ التبرعُ بالدم واجباً وهو أفضل من التطبير بلا ريب
لكن في بقية الحالات فالتطبير يوم العاشر ـ بناءً على استحبابه ـ هو أفضل من التبرع بالدم في ذلك اليوم بلا أدنى ارتياب؛ لأنَّه يكونُ من الشعائر الحسينية، وإحياء الشعيرة أفضل بكثير من التبرع بالدم حتى لو كان مستحباً
4 هل تشجعوننا على التبرع بالدم يوم العاشر؟!ا
الجواب: إذا كان التبرع بالدم يوم العاشر نكاية بالمطبِّرين، ومحاربةً للتطبير، فلا خير فيه، بل لا يخلو من إشكال!! لأنَّه يحاربُ فعلاً يراهُ الكثير من فقهاء المذهب الأعلام أمراً راجحاً ومحبوباً
وإن لم يكن نكايةً بهم ولا محاربةً لهم فلماذا اختيار يوم العاشر من المحرم للتبرع بالدم؟! فلا الإمام الحسين () تبرَّع بالدم، ولا ورد أمرٌ بذلك في الروايات!! نعم إذا كان المراد هو فعل خيرٍ مع الشيعة وتقديم ثوابه للإمام الحسين () يوم استشهاده فلا بأس به، لكنه لا يكون من الشعائر الحسينية قطعاً
5ـ سؤالٌ أخير وأختم به شيخنا العزيز: هل يوجد في رواياتنا ذِكرٌ للتطبير؟!ا
الجواب: لقد حاول بعض الجهلة المخادعين ـ تبعاً للوهابية ـ إيهام الناس أنَّ ما لا وجود له في عصر المعصوم فهو حرام!!ا
ومع أنَّ هذا البحث ليس من شأن المكلَّفين بل من شأن الفقهاء لكن من باب التوضيح نقول: لا يُشترط في الحكم الشرعي أن يكون موضوعه موجوداً في زمن المعصوم ()!! بل ولا يُشترط أيضاً أن ترد فيه رواية بخصوصه!! بل يكفي ورود حديث عام يستفاد منه الحكم لموضوع خاص
كالروايات الدالة على استحباب كراهة الجزع إلا على الحسين ()، فالحكم باستحباب لطم الصدور ـ وإنْ لم ترد فيه روايةٌ بخصوصه ـ لدخوله تحت عنوان الجزع على الحسين ()، أو لدخوله تحت عنوان الشعائر وهي مستحبةٌ بشكل عام.
والتطبير كذلك، فإنَّه وإن لم يكن موجوداً في زمنهم ()، وليس فيه رواية خاصة، لكن هناك دليلٌ عام، وهو استحباب الجزع على الحسين ()، ولا ريب عند العقلاء في الكون التطبير من أبرز عناوين الجزع على مصاب أبي عبد الله ()، وكذلك يمكنُ للفقيه إدخاله تحت عنوان الشعائر إذا اجتمعت الشروط لديه
تنبيه: التبرع بالدم لا وجود له في الروايات ولا كان على عهد الأئمة ، فيمكن أن يكون الجواب هنا جواباً هناك، وأمثلة ذلك كثيرةٌ جداً
________________________
وكتب عبدُ ساداته الدرُّ العــاملي
الخميس 7/ 11/ 2013 ميلادي
ســـــــاحل العاج ـ منطقة البلاتو