اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اعترافات مدخن (03) علب السجائر
بعد استحكام عادة التدخين في حياة محمود رغم صغر سنه، لم تعد تكفيه أعقاب السجائر التي كان يخلفها المدخنون من أصحاب أبيه في مجلسه.
ولم تعد تروي نهمه سيجارة واحدة كان يشتريها من دكان الحي، والتي كان يخترع لها مختلف القصص والأعذار، ليقنع بها صاحبه ليبيعه إياها.
لم يعد يستطع التراجع عن التدخين، وهو يرى أمثلة حية أمامه من أصحاب أبيه، ممن لا يراعي وجود طفل صغير حوله، قد يتأثر بما يقوم به من عادة سيئة غير صحية.
جرته هذه العادة السيئة لشراء علبة سجائر كاملة، رغم تأثير ثمنها على مصروفه القليل، وجعله يلجأ للاحتيال على والدته - وهي الطرف الضعيف والقلب الحنون - ليعوض هذا النقص.
أمي الحبيبة تعلمين أنني كبرت ولم اعد صغيرا والمصروف لم يعد يكفيني، أرجوك .. أرجوك أمي احتاج لبعض النقود؟
وتمكن من التغلب على الرائحة الكراهية التي كانت تنبعث من ملابسه، بعد تغلغلها في مسامات جسمه، تغلغل الغبار والتراب من الفتحات الصغيرة إلى داخل البيوت، برش بعض العطور عليها، أو التعذر لمن يشمها بوجوده بين مدخنين.
كما تمكن من تغلب على الروائح التي كانت تتطاير مع رذاذ فمه، تطاير الضباب وهروبه بعيدا مع خروج أشعة الشمس، باستعمال معاجين الأسنان، أو مضغ بعض اللبان المعطرة.
لكن كيف تخبئ علبة سجائر بين يدي طفل صغير!؟
هداه عقله الشيطاني الصغير بعد تفكير طويل وبحث مرير، وبعد تجربة مواقع مختلفة داخل دارهم، بعيدا عن العيون المتلصصة، الجوء للمزارع القريبة، والاختباء بين أشجارها الكثيفة ليخفي علبته بينها والعودة لأهله!!
بقلم: حسين نوح مشامع