اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المسترجلة
حليمة فتاة في مقتبل العمر، ومن عائلة مستورة وميسورة.
كانت ومازالت بعيدة اﻻفق، واسعة المعرفة، تتطلع للمزيد من العلم، والكثير من الثقافة، كوردة تتفتح متطلعة للماء لتسقي منه عطشها، وللهواء لتنعش به أعضائها، وللضياء وللحرارة لتقوي بها جذورها.
قبل إنهاء دراستها الجامعية أتاها عدلها، فترددت مخافة تعارضه مع إكمال دراستها، كوردة صدمت بقوة الهواء والضياء، خائفة من منعه أسباب الحياة عنها.
أقنعها أهلها متعللين أن ستر المرأة في بيت زوجها، وتكرر رفضها قد يؤدي لعدم تقدم خاطب آخر لها، وبعدها يتأخر زواجها، وتصبح عانسا ﻻ يقربها الرجال. خاصة وان خاطبها من عائلة ميسورة، وعلى رأس عمله، وقد وافق على جميع شروطها.
وافقت تلبية لنداء فطرة الأمومة الذي بداخلها، من فتح بيت وتربيت أجيال، مع أن خطيبها لم يكن بمستواها العلمي وﻻ طموحها الثقافي، ولكن أرضاء لذويها.
تزوجت فتوجه هدفها لتكون الدراسة وسيلة للوقوف لجانب زوجها، ومساعدته ليقوم بواجباته الأسرية. فعاد اﻻمل من جديد ليضفي على وردتنا البهجة والسرور، فيشرق بهائها ويطيب ريحها.
مع نهاية دراستها كانت تتوق للعمل، ولتحقيق هدفها، الذي من اجله قطعت مشوار حياتها السابقة.
تفاجأت بزوجها يرفض اﻻعمال التي كانت تتقدم إليها، بحجة قلة الدخل الذي ﻻ يوازي تعبها، وغيابها الطويل عن طفلتهما التي بحاجة لرعاية مستمرة. لكنها كانت ترى في تلك اﻻعمال - مع قلة رواتبها - الحصول على الخبرة ألازمة حتى يحين دور وظيفتها الحكومية. فكانت تنصاع مطيعة ﻻمره، محاولة عدم مخالفته، مقدرة كلامه، ترى فيه مقدار غير قليل من الصحة.
مع حصولها على خطاب تعيينها وذهابها لإنهاء إجراءاتها، بدأ التغير على أخلاقه وتصرفاته. عندها اهتزت أوراق وردتنا خوفا وفرقا.
وظهرت بوادر ذلك التعجرف والانزعاج عليه جلية بعد اتفاقهما على الانتقال لبيت منفصل عن أهله.
وعندما اضطرت للقيام ببعض اﻻعمال التي كان من المفروض قيامه بها، لكن تفريطه وتسويفه وتكاسله كانت تمنعنه من أدائها.
فأخذ يصمها بصفات تنم عن احتقاره وازدراءه لها، كالمسترجلة أكثر من الرجال، والمتدخلة في غير شؤونها.
عندها ظهر على وردتنا الكآبة والضيق والحزن، وكادت أوراقها أن تذبل وتسقط من جذورها، وهي تتساءل مستعرضة أسباب انزعاجه، هل هو مستواها العلمي، أم ما ستحصل عليه من عملها، أم هو جدها ومثابرتها، أم شيء آخر داخل نفسه؟
بقلم: حسين نوح مشامع