اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
إن الدين الإسلامي حث الناس على الإنفاق حثا لا زيد عليه، ولو عملوا به لسادة الطمأنينة في العلم ولما وجد على وجه الأرض فقير .
وقد حث الدين الإسلامي على الاهتمام بأمر الفقراء والمساكين وندب إلى التعطف على الضعفاء والأيتام بإعطاء زكاة واجبة ونفقات مندوبة وصلة الرحم وصدقات مستحبة .
1-قال أبو عبد الله ( ) : ( لا يكمل إيمان عبد حتى يكون فيه أربعة خصال : يحسن خلقه ، وتسمو نفسه ، ويمسك الفضل من قوله ، ويخرج الفضل من ماله ) .
2- في وصية رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) لأمير المؤمنين ( ) : أوصيك في نفسك خصال احفظها عني ، ثم قال : اللهم اعنه ... إلى أن قال .. وأما الصدقة فجهدك جهدك ، حتى تقول قد أسرفت ولم تسرف .
لذلك يبيع علي ( ) بستان له فيعلم بذلك فقراء المدينة فيرجع إلى بيته وليس معه شيء، ويستأجر دارا للسكنى في الكوفة و هو خلي المسلمين . ويحمل الطعام إلى فقراء الكوفة جوف الليل ، حتى إن الحسن ( ) بعد رجوعه ليلا من دفن والده سمع أنين مسكين عاجز في إحدى خرائب الكوفة فجاءه يسأله عن حاله ، فقال .. كان لي رجل يأتيني كل ليلة بما احتاجه من طعام وشراب وقد مضت ثلاث ليال لا أراه ،فقال الحسن ( ) ذاك أبي قد قتل في محرابه .
وقد جعل الدين الإسلامي التصدق في الليل أفضل من التصدق في النهار لأن صدقة السر تطفئ غضب الرب ، كما جاء في الحديث .
كان أبو عبد الله الصادق ( ) إذا اعتم وذهب من الليل اخذ جرابا فيه خبز ولحم ودراهم فحمله على عنقه ثم طاف به على أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسمه فيهم وهم لا يعرفونه .
فلما مضي جعفر الصادق ( ) فقدوا ذلك فعلموا انه كان أبا عبد الله الصادق .
- هذا دين يقول ( اصنع المعروف إلى من هو أهله والى من ليس هو من أهله فأن لم يكن هو من أهله فكن أنت من أهله ) .
- هذا دين يقول ( إن الصدقة بالليل تدفع ميتة السوء ، وتدفع سبعين نوعا من البلاء وإنها تطفئ غضب الرب )
- هذا دين يقول ( داووا مرضاكم بالصدقة ) .
- هذا دين يقول ( إذا املقتم فتاجروا الله بالصدقة ) .
لذلك يقول الصادق ( ) لابنه محمد : ( يا بني كم فضل معك من تلك النفقة ، قال : أربعون دينارا ، قال : اخرج فتصدق بها ، قال : انه لم يبق معي غيرها ، قال : تصدق بها فأن الله يخلفها ، أما علمت إن لكل شيء مفتاحا ومفتاح الرزق الصدقة ، فتصدق بها ، ففعل .
فما لبث أبو عبد الله ( ) إلا عشرة أيام حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار .
قال : يا بني أعطينا الله أربعين دينارا فأعطانا أربعة آلاف دينار .
فكل عمل صالح يقوم به الإنسان لوجه الله تعالى له اثر فعال في معتقده وسيره التكاملي وكل عمل سيء يأتي به الإنسان له اثر فعال في تسافله وولوج الشكوك والريب في نفسه .
إن الأعمال الصالحة لها الأثر الكلي في اتجاه الإنسان الديني فمن أعطى الحقوق المترتبة على أمواله يرى إن نفسه تميل إلى العبادة ومعرفة الخالق جل جلاله ومجالس الوعظ والإرشاد ، ذلك لأنه بإعطائه الحقوق يجعل ما يدخل في جوفه طاهرا لا شبهه فيه وان هذا المأكل الطاهر له أثره الفعال في توجيه النفس ، فقد جاء في الحديث : ( إن الحجر المغصوب في الدار رهن على خرابها ) وفي حديث آخر عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) : من أراد يستجاب دعاءه فليطب مطعمه ومكسبه ) .
لو كان بعض ما يتجر به الشخص شيئا محرما فأن الأموال التي تجنى بهذه الوسيلة تكون مخلوطة بالحرام فتؤثر في سير الإنسان الديني التكاملي .
فعندما يتجر الشخص بما احل الله ، يوافق ما جاء في الشرع المحمدي كان هذا الشخص مصليا صائما يذهب إلى دور العبادة والى { بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال } وبعد أن يدخل في تجارة ما حرم الله أخذت نفسه تتسافل شيئا فشيئا فصار يصلي عند الصباح ولا يصلي عند الظهر ، أو يصلي عند الظهر ولا يصلي صلاة الصبح ، ولكن إذا اعترته حاجة شديدة نذر نذرا وسافر لأداء نذره ويصلي في اليوم الذي يفي بنذره فقط ، ثم يترك صلاته غير مبال بما سيصيبه من جراء هذا العصيان معه تقادم عمره .
فإذا جاءت ليلة القدر هرع إلى محللا العبادة لانطباع سابق فإذا ذهبت ليالي القدر ترك صلاته وهكذا ... الخ .
وقد يكون السير سرا تكامليا بحيث يأتي الإنسان بعمل صالح هام في محله فيؤثر هذا العمل الطيب في نفسه ومعتقده ، فيحثه على القيام بعمل صالح آخر فأخر فتمحو هذه الأعمال الصالحات بعض السيئات { إن الحسنات يذهبن السيئات } فيتنور قلبه شيئا فشيئا فتنبذ عنه غياهب الشكوك ويسير في طريق الهداية . { والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم } فيدخل في عالم من الصلاح والفلاح الحقيقي سائرا نحو تزكية النفس فمعرفة الخالق وهي غاية الغايات من تكامل هذا الإنسان على وجه الأرض .