اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
وقود الاصلاح الحسيني (39) الشهيد يزيد بن ثبيط العبدي
قال الله تعالى: ((الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)) (67) الزخرف. وسئل الإمام علي بن موسى الرضا عن قول النبي(ص) ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) فقال : "هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل". عيون أخبار الرضا(ع)- الشيخ الصدوق -ج01 - الصفحة93.
لا يخفى أن شهداء كربلاء كانوا نماذج بشرية، أصبحت شوكة في عيون الجائرين والمعتدين، نماذج أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيون الجبابرة والمتكبرين، نماذج قد أظهرت هوية إنسانية جديدة، قدمها الإمام الحسين(ع) درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين.
وبين أيدينا الجوهرة التاسعة والثلاثين، جوهرة التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكانت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، ومن جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة وهي:
الاســم: يزيد بن ثبيط العبدي
الشباك: ضريح شهداء كربلاء
الوفــاة: عاشوراء عام 61 هـ.
سبب الشهرة: شجاعته ومبارزته في عاشوراء ومن الشهداء الأوائل. (01)
الاسم والنسب:
ورد أن اسمه هو: يزيد بن ثبيت، أو يزيد بن نبيط، أو بدر بن رقيد، أو بدر بن رقيط، أو زيد بن ثبيت. وكان من قبيلة عبدالقيس البصرية. وقيل إنه يزيد بن ثبيط العبدي البصري، ومن أشراف قبيلة عبدالقيس، وله عشرة بنون. (01)
التعريف بالشهيد:
كان يزيد بن ثبيط من الشيعة، ومن أصحاب أبي الأسود، من شهداء كربلاء، خرج من البصرة، والتحق مع ولديه عبدالله وعبيدالله وعدة من الشيعة بالركب الحسيني(ع)، واستشهدوا يوم عاشوراء. (01)
نبذة تاريخية عن بني عبدالقيس:
بنو عبدالقيس من قبائل ربيعة بن نزار الكبيرة، وتعود في نسبها إلى عبدالقيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وكان الموطن الأصلي لهذه القبيلة بتهامة، ثمّ خرجوا منها إلى البحرين (الإحساء حالياً) فاستوطنوها، ولا زال الكثير من أبناء الإحساء والقطيف ينتسبون لهذه القبيلة. (02)
ومع بدء الفتوحات الإسلاميّة وإنشاء البصرة والكوفة هاجرت الكثير من القبائل العربيّة إلى هاتين المدينتين، وكانت عبدالقيس من جملة مَن هاجر بعضها إليها، فقد بنيت البصرة على أربع خطط: والخطة الثانية: كانت لعبدالقيس، وقد ضمّت بطوناً، منهم: بنو محارب بن عمرو، وبنو عصر بن عوف، والعمور بنو عامر بن الحارث، وبنو الصباح بن لكيز، وبطوناً اُخرى. (02)
أمّا النظام الإداري في الكوفة فكان يختلف عما هو عليه الحال في البصرة؛ فقد قُسّمت الكوفة إلى سبعة أقسام عُرفت بالأسباع، وكان السبع الثالث: لقبيلتا قيس عيلان وعبدالقيس، وعليهم سعد بن مسعود الثقفي عمّ المختار بن أبي عبيد الثقفي. (02)
وهكذا استقرَّت بطون كثيرة من هذه القبيلة العربيّة في الكوفة والبصرة، ومنذ العصور الإسلاميّة الاُولى. وقد عرفت هذه القبيلة بالولاء المطلق لآل البيت(عليهم السّلام)، وبذلت الغالي والنفيس في سبيل إعادة الحق في الخلافة إليهم. وقد جاهدوا بين يدي أمير المؤمنين(عليه السّلام) في معركة الجمل وصفين، بل قامت معركة الجمل على رؤوسهم، وقد استشهد منهم في هذه المعركة وحدها أكثر من سبعمئة رجل. كما تعرضوا لأشد أنواع الأذى والاضطهاد من قبل حكّام الجور، بسبب تمسكهم بولاية ال البيت(عليهم السّلام). وقد استشهد من العبديِّين مع الحسين(عليه السّلام) يوم عاشوراء ستة رجال.
كما كان لبعض نسائهم دور في معركة الطفِّ، ومن تلك النسوة مارية بنت منقذ، أو سعيد العبدية، وهي إحدى نساء عبدالقيس المجاهدات، أخلصت الولاء لال البيت النبوي(عليهم السّلام)، وكان بيتها مألفاً للشيعة في البصرة يجتمعون فيه، ويتذاكرون فضل آل محمّد(صلّى الله عليه واله)، ويفكّرون في كيفية إعادة حقهم المغصوب إليهم. ولمّا أتت كتب الإمام الحسين(عليه السّلام) أهلَ البصرة يدعوهم فيها لنصرته، اجتمع عندها وجوه الناس، وكان من بينهم يزيد بن ثبيط، شهيد حلقتنا هذه. (02)
لحوقه بالإمام الحسين(ع):
عندما بلغ يزيد بن ثبيط استنصار الإمام الحسين(ع) أهل العراق ومكاتبته إياهم، اجتمع مع عدة من الشيعة في بيت مارية ابنة منقذ العبدية. ولما أمر ابن زياد واليه في البصرة أن يضع العيون عليهم، دعا يزيد بن ثبيط أصحابه إلى الخروج معه، فانتدب له اثنان من ابنائه وهو عبدالله وعبيدالله، ولكن أصحابه قالوا: إنا نخاف من أصحاب ابن زياد. فخرج هو وابناه، وصحبه. وقوى في الطريق حتى انتهى إلى الحسين() وهو بالأبطح من مكة، فاستراح في رحله، ثم خرج إلى منزل الإمام(ع)، ولما بلغ الإمام(ع) مجيئه جعل يطلبه حتى جاء إلى رحله، فلما رأى الإمام(ع) قال: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، السلام عليك يا بن رسول الله، وأخبره بالذي جاء له، فدعا له الإمام الحسين() بخير. (01)
استشهاده رضي الله عنه:
استشهد يزيد بن ثبيط يوم عاشوراء مبارزةً، وقُتل ابنيه في الحملة الأولى. (01)
رثاؤه:
وفي رثاؤه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد :
يا فرو قومي فاندبي خيــر البــرية في القبــور
وابكي الشهيد بعبــرة من فيض دمع ذي درور
وارثي الحسين مع التفجع والتـــــأوه والــزفيــر
قتلوا الحــرام مــن الأئمة في الحرام من الشهور
وأبكى يزيد مجدلا وابنيه في حر الهجير
متـزمليــن دماؤهــم تجري على لبب النحور
يا لهف نفسي لم تفز معهم بجنات وحور (01)
زيارته مع الشهداء:
ورد اسمه واسم ولدية في زيارة الشهداء: "السلام على زيد بن ثبيت القيسي، السلام على عبدالله وعبيدالله ابني يزيد بن ثبت القيسي". (01) وخير من رثاءه ورود سلام مقدّس بعثه الإمام المهديّ المنتظر «ارواحنا فِداه» إلى شهداء كربلاء، يزورهم يوم عاشوراء، فيقول في ضمن زيارته الشريفة هذه: ((السلامُ على يزيدَ بنِ ثُبَيتٍ القيسيّ، السلامُ على عبدِاللهِ وعبيدِاللهِ ابنَيْ يَزيدَ بنِ ثُبَيتٍ القيسيّ)) (03)
وباستشهاد "يزيد بن ثبيط العبدي وابنائه" مناصرون لأبي الضيم وابي الأحرار(ع)، ومدافعون عن الحق الالهي، فارون من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته، تنتهي حلقتنا هذه.
بقلم: حسين نوح المشامع
المصادر: (01)(شبكة ويكي شيعة) – (02)(معهد الامامين الحسنين) – (03)(شبكة الامام الرضا)