بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها صلاة لا يقوى على عدها وإحصائها أحد غيرك
ياااااااالله
لم تبق الزهراء (
) بعد أبيها سوى شهور معدودة قضتها بالبكاء والنحيب والأنين حتى عُدّت من البكّائين ، ولم تر ضاحكةً قطّ .
وكان لبكائها أسباب ودوافع كثيرة ، أهمّها انحراف المسلمين عن الطريق المستقيم وإنزلاقهم في مهاو تؤدي إلى الاختلاف والفرقة وانهيار الاُمّة الاسلامية بالتدريج .
والزهراء (
) التي عاشت انتشار الدعوة الإسلامية أيام أبيها (
) وضحّت من أجلها بكل نفيس كانت تتوقّع انتصار الإسلام وتشييد صرح العدل في ربوع الدنيا كلّها، ولكن غصب الخلافة والأحداث التي تلتها هدم صرح آمالها وأدخل الحزن على قلبها وروحها الطاهرة، فقد تحمّلت همّاً ثقيلاً فوق همّها وحزنها على أبيها النبيّ الأكرم (
) .
دخلت عليها السيدة اُمّ سلمة يوما فقالت لها : كيف أصبحتِ عن ليلتكِ يا بنت رسول الله (
) ؟
قالت (
) : « أصبحت بين كمد وكرب ، فقد النبيّ (
) وظلم الوصيّ (
) ، هتك والله حجاب من أصبحت إمامته مقبضة على غير ما شرع الله في التنزيل أو سنّها النبيّ (
) في التأويل ، ولكنّها أحقاد بدرية وترات اُحدية» .
وعن عليّ (
) قال :
« غسلتُ النبيّ () في قميصه ، فكانت فاطمة تقول: أرني القميص ، فإذا شمّته غشي عليها ، فلمّا رأيت ذلك غيّبته ».
وروي أنّه لمّا قبض النبيّ (
) امتنع بلال من الأذان قال : لا اُؤذّن لأحد بعد رسول الله (
)، وإنّ فاطمة (
) قالت ذات يوم : «إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي (
) بلال »
فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان، فلمّا قال: الله أكبر الله أكبر ، ذكرت أباها وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلمّا بلغ إلى قوله : أشهد أنّ محمداً رسول الله (
) شهقت فاطمة (
) وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال :
امسك يا بلال ، فقد فارقت ابنة رسول الله (
) الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت ، فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة (
) وسألته أن يتمّ الأذان فلم يفعل، وقال لها : يا سيّدة النسوان ، إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان ، فأعفته عن ذلك .
وأخذت فاطمة (
) بالبكاء والعويل ليلها ونهارها ، ولم ترقأ لها دمعة حتى جزع لذلك جيرانها ، فاجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (
) وقالوا : يا أبا الحسن! إنّ فاطمة تبكي الليل والنهار فلا أحد منّا يتهنّأ بالنوم في الليل على فراشنا ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا ، وإنّا نخبرك أن تسألها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً .
فأقبل أمير المؤمنين (
) حتّى دخل على فاطمة (
) فقال لها : « يا بنت رسول الله (
) إنّ شيوخ المدينة يسألونني أن أسألك إمّا أن تبكي أباكِ ليلاً أو نهاراً »، فقالت :
« يا أبا الحسن ، ما أقلّ مكثي بينهم ، وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم » ، فاضطرّ أمير المؤمنين (
) إلى بناء بيت خلف البقيع خارج المدينة وسمّاه « بيت الأحزان » وكانت إذا أصبحت قدّمت الحسن والحسين(عليهما السلام) أمامها وخرجت إليه وهي تمرّ على البقيع باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (
) اليها ورافقها إلى منزلها .
وعن أنس ، قال : لمّا فرغنا من دفن النبيّ (
) أتيت إلى فاطمة (
) فقالت : « كيف طاوعتكم أنفسكم على أن تهيلوا التراب على وجه رسول الله (
) ؟ » ثم بكت .
وقال الصادق (
) : «وحزنت فاطمة (
) حزناً شديداً أثّر على صحتها ، والمرّة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة أبيها (
) عندما نظرت إلى أسماء بنت عميس وهي على فراش الموت وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت ونظرت إلى نعشها الذي عُمل لها قبل وفاتها وقالت : سترتموني ستركم الله».
فسلام عليكِ ياسيدتي ومولاتي ياابنة رسول الله , السلام عليكِ يا مكسورة الضلع , السلام عليكِ يامعصورةً بين الحائط والباب , السلام عليكِ يا مخفية القـبر ..
لعن الله ظالميكِ ومُسقطِي جنينكِ , ولعن الله الأول والثاني ولعن الله أتباعهم وشيعهم جميعاً ..
لأبكين عليكِ مولاتي يــافاطمة, ولأهتف وأنادي بعالي صوتي
يــا زهـــــراء ..
ونسـأل المولى عز وجل شفاعتكِ لنـا في يوم الورود ..
عظم الله أجورنـا وأجوركم يا شيعة أمير المؤمنين باستشهاد أم الحسن والحسين ..
.. يَحِقُ لِمُقلَتِي أَن تُهمِي الدُمُوعَا .. عَلَى مَنْ رَضَضُوا مِنْهَا الضُلُوعَا ..
اللهم رب الزهراء بحق الزهراء وضلعها المكسور.. اشف صدر الزهراء وقلبها المغموم.. بظهور وليك الآخذ بثأرها وثأر بنيها الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آباه الطاهرين