هتك حرمة دار الزهراء(عليها السلام) بعد رحيل والدها الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)
بتاريخ : 09-Jul-2008 الساعة : 08:44 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ـأجل، بعد الوصايا العديدة والمؤكّدة، نرى - ومع الأسف - أن البعض قد تجرأ على هتك حرمة هذه الدار، وليست هذه المسألة بالتي يمكن انكارها اطلاقاً.
ونحن نورد نصوصاً في هذه المسألة من كتب ومصادر أهل السنّة ليتّضح أنّ مسألة هتك حرمة بيت الزهراء()
[ 8 ]
والاحداث التي تعقبت هذا الحادث إنّما هي حقيقة تاريخيّة مسلّمة وليست بالاسطورة بحال!! وبالرغم من أن عصر الخلفاء شهد رقابة شديدة بالنسبة للفضائل والمناقب، ولكن بما أن (حقيقة الشيء هي المحافظة له) هذه الحقيقة التاريخيّة حُفظت بصورة حيّة في طيات الكتب التاريخ والمصادر الحديثية، وعلى هذا فنحن نأخذ بنظر الاعتبار في نقلنا التاريخي من الوثائق والمصادر المعتبرة ترتيبها الزماني منذ القرون الاولى، وحتى المؤرخون والكتاب في العصر الحاضر:
1 ـ ابن أبي شيبة وكتابه «المنصّف»
نقل أبو بكر بن ابي شيبة (159 ـ 235) مؤلف كتاب «المصنّف» بسنده الصحيح:
«إنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله6 كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله6، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم.
فلما بلغ عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال:
[ 9 ]
يا بنت رسول الله 6 والله ما أحد أحبَّ إلينا من أبيك وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت!
قال: فلما خرج عمر جاؤوها، فقالت: تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليُحرقنّ عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف عليه!».(1)
2 ـ البلاذري في كتابه «انساب الاشراف»
نقل احمد بن يحيى جابر البغدادي البلاذري (المتوفي 270) ـ الكاتب الشهير وصاحب التاريخ الكبير ـ هذه الواقعة التاريخية في كتابه «انساب الاشراف»:
«إن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة! فتلقته فاطمة على الباب.
1 . المصنّف ابن أبي شبية، ج 8، ص 572.
2 . انساب الاشراف، ج1، ص586 مطبعة دار المعارف، القاهرة.
[ 10 ]
3 ـ ابن قتيبة في كتابه «الإمامة والسياسة»
الغارة على بيت الوحى
كتب المؤرّخ الشهير عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (212 ـ 276) ـ من اساطين الادب في حوزة التاريخ الاسلامي، ومؤلف كتاب «تأويل مختلف الحديث» و«ادب الكاتب» و... ـ في كتاب «الامامة والسياسة»:
«إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لاحرقنّها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فها فاطمة فقال: وإن!!».(1)
ثم كتب ابن قتيبة بعد هذه القضيّة المؤلمة يقول:
«ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتّى أتوا فاطمة فدقّوا الباب فلّما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها يا أبتاه يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة فلما سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا.
وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليّاً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له بايع: فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟
1 . الإمامة والسياسة، ص12، طبعة المكتبة التجارية الكبرى، بمصر.
[ 11 ]
فقالوا: إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك...!».(1)
لا ريب أن هذا الجانب من التاريخ يصعب على كثير من الناس قبوله والتصديق به، ولذا تردد بعض في نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة، والحال أنّ استاذ التاريخ ابن أبي الحيد اعتبر الكتاب المزبور من آثار ابن قتيبة، وقد تكرر نقله لهذه المطالب منه، ولكن مع الأسف اصيبت عاقبة هذا الكتاب بالتحريف وحذف قسماً منه عند الطبع والحال أن نفس هذه المطالب قد وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
وهذا «الزركلي» في «الاعلام» وقد عدّ هذا الكتاب من آثار ابن قتيبة ثم أضاف: أنّ لبعض العلماء نظراً في نسبة هذا الكتاب، أي أنّهم نسبوا الشك والتريد إلى الآخرين لا إلى أنفسهم،(2) وكذلك اعتبر اليان سركيس(3) هذا الكتاب من آثار ابن قتيبة.
4 ـ الطبري وتاريخه
يروي محمّد ابن جرير الطبري (المتوفي 310) في
1 . الامامة والسياسة، ص13.
2 . الاعلام، ج 4، ص 137.
3 . معجم المطبوعات العربية، ج1، ص212.
[ 12 ]
تاريخه قضيّة هتك حرمة دار الوحي بهذه الصورة:
«أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لاحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه».(1)
يحكي لنا هذا الجانب من التاريخ أن البيعة أيضاً اُخذت من الناس بالقهر والقوة والتهديد، فما قيمة مثل هذه البيعة؟، على القارىء أن يحكم بنفسه.
5 ـ ابن عبد ربه في كتابه «العقد الفريد»
كتب شهاب الدين احمد المعروف بـ «ابن عبد ربه الاندلسي» مؤلف كتاب «العقد الفريد» (المتوفي 463 هـ) في كتابه بحثاً مفصّلاً حول تاريخ السقيفة أورده تحت عنوان «الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر وقال»:
«فأمّا على والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر، عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم، فاقبل بقبس من نار أن يُضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا!!