اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
عند الله وعند الرسول ( وسلم )
الأحاديث في هذا الباب كثيرة ، حتى أن عدة من علماء الفريقين دونوها في كتب
مفردة ، وقد انتخبت من تلك الأحاديث هذه الأحاديث التي سأقرؤها ، وسترون أن
مصادرها من أقدم المصادر وأهمها :
الحديث الأول :
" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " ، أو " سيدة نساء هذه الأمة " ، أو " سيدة نساء
المؤمنين " ، أو " سيدة نساء العالمين " .
هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في : صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق ،
وفي مسند أحمد ، وفي الخصائص للنسائي ، وفي مسند أبي داود الطيالسي ، وفي صحيح
مسلم في باب فضائل الزهراء ، وفي المستدرك وصحيح الترمذي ، وفي صحيح ابن
ماجة ، وغيرها من الكتب .
ففاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .
الحديث الثاني :
في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي :
" فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني " .
هذا الحديث بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، وعدة من المصادر
" فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها " .
بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، ومسند أحمد ، وصحيح أبي داود ، وصحيح
مسلم ، وغيرها من المصادر
" إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها " .
بهذا اللفظ في : صحيح مسلم .
" إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها " .
بهذا اللفظ في : مسند أحمد وفي المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ،
وفي صحيح الترمذي .
" فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها " .
بهذا اللفظ في : المسند ، وفي المستدرك وقال : صحيح الإسناد ، وفي مصادر
أخرى .
الحديث الثالث :
" إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها " .
هذا الحديث تجدونه في : المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال
عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم .
الحديث الرابع :
في أن النبي أسر إليها أنها أول أهل بيته لحوقا به .
هذا كان عند وفاته ( وسلم ) ، فإنه دعاها فسارها فبكت ، ثم دعاها فسارها فضحكت
[ في بعض الألفاظ : فشق ذلك على عائشة أن يكون سارها دونها ] فلما قبض رسول
الله ( وسلم ) حلفتها عائشة أن تخبرها ، فقالت : سارني رسول الله أو سارني النبي ، فأخبرني
أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت .
هذا الحديث في : الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ، وغيرهما .
الحديث الخامس :
عن عائشة قالت : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها غير أبيها .
هذا الحديث تجدونه في : المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وأقره
الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الأولياء .
الحديث السادس :
عن عائشة أيضا : كانت إذا دخلت عليه - على رسول الله ( وسلم ) - قام إليها فقبلها
ورحب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه .
قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي أيضا .
الحديث السابع :
أخرج الطبراني أنه ( وسلم ) قال لعلي : " فاطمة أحب إلي منك وأنت أعز علي منها " .
قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
هذه هي الأحاديث - كما رأيتم - في
المصادر المهمة بأسانيد صحيحة ، ودلالاتها أيضا لا تقبل أي مناقشة .
ومن دلالات هذه الأحاديث : إن فاطمة سلام الله عليها معصومة ، بالإضافة إلى
دلالة آية التطهير وغيرها من الأدلة .
مضافا إلى أن غير واحد من حفاظ القوم وكبار علمائهم قالوا بأفضلية الزهراء سلام
الله عليها من الشيخين ، بسبب هذه الأحاديث وحديث " فاطمة بضعة مني "
بالخصوص ، بل قال بعضهم بأفضليتها من الخلفاء الأربعة كلهم ، ولا مستند لهم إلا
الأحاديث التي ذكرتها .
وسنذكر عبارة المناوي وكلامه المشتمل على بعض الأقوال من كبار علماء
القوم ، ففي فيض القدير في شرح حديث " فاطمة بضعة مني " قال : استدل به السهيلي
[ وهو حافظ كبير من علمائهم ، وهو صاحب شرح سيرة ابن هشام وغيره من الكتب ]
على أن من سبها كفر [ ولماذا ؟ لاحظوا ] لأنه يغضبه [ أي لأن سبها يغضب رسول
الله ( وسلم ) ! استدل به السهيلي على أن من سبها كفر لأنه يغضبه ] وأنها أفضل من الشيخين .
قال المناوي : قال ابن حجر : وفيه - أي في هذا الحديث - تحريم أذى من يتأذى
المصطفى بأذيته ، فكل من وقع منه في حق فاطمة شئ فتأذت به فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يتأذى به
بشهادة هذا الخبر ، ولا شئ أعظم من إدخال الأذى عليها في ولدها ، ولهذا عرف
بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة بالدنيا ولعذاب الآخرة أشد .
ففي هذا الحديث تحريم أذى فاطمة ، وتحريم أذى فاطمة لأنها بضعة من رسول
الله ( وسلم ) ، بل هو موجب للكفر كما تقدم .
وقال المناوي : قال السبكي : الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل من خديجة
ثم عائشة .
قال المناوي : قال شهاب الدين ابن حجر : ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه
المحققون .
قال المناوي : وذكر العلم العراقي : إن فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء
الأربعة باتفاق
إذن ، لا يبقى خلاف بيننا وبينهم في أفضلية الزهراء من الشيخين ، وأن أذاها موجب
للدخول في النار .
ثم إن هذه الأحاديث - كما قرأنا وسمعتم وترون - أحاديث مطلقة ليس فيها أي
قيد ، عندما يقول رسول الله ( وسلم ) : " إن الله يغضب لغضب فاطمة " لا يقول إن كانت
القضية كذا ، لا يقول بشرط أن يكون كذا ، لا يقول إن كان غضبها بسبب كذا ، ليس في
الحديث أي تقييد ، إن الله يغضب لغضب فاطمة ، هذا الغضب بأي سبب كان ، ومن أي
أحد كان ، وفي أي زمان ، أو أي وقت كان . وعندما يقول : " يؤذيني ما آذاها " ، لا يقول
رسول الله : يؤذيني ما آذاها إن كان كذا ، إن كان المؤذي فلانا ، إن كان في وقت كذا ، ليس
فيه أي قيد ، بل الحديث مطلق " يؤذيني ما آذاها " .
ودلت الأحاديث هذه على وجوب قبول قولها ، وحرمة تكذيبها ، وقد شهدت
عائشة بأنها سلام الله عليها أصدق الناس لهجة ما عدا والدها رسول الله ( وسلم )