اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الامام الحسين «» في تخليد الاسلام
والمتتبع لحياة الحسين (ع) يدرك أن دوره في الحياة الاسلامية بدأ مبكرا فقد كان دوره جليا في امامة أبيه أمير المؤمنين (ع) اذ شارك في حروبه الثلاث: الجمل وصفين والنهروان.
أما في امامة أخيه الحسن (ع) فقد عاش جنديا مطيعا لأخيه، فعايش معه حوادث امامته بما فيها وثيقة الصلح. ثم رحل الى المدينة مع أخيه وبقية أهل البيت (ع) ليمارسوا دورهم الرسالي في حفظ الرسالة من تيار التحريف المتعاظم.
على أن دور الامام الحسين بعد رحيل أخيه الحسن (ع)، دخل مرحلة جديدة، وفقا للملابسات التي استجدت في مسيرة الأمة، وحيث أن كل امام يتحدد دوره وفقا لطبيعة الظروف الاجتماعية والفكرية والسياسية، فان الحسين (ع) اختط طريقا جديدا في تحديد مسار الحركة الاسلامية الأصيلة التي اضطلع بقيادتها بعد وفاة أخيه.
لقد واجه الامام الحسين (ع) المخطط الأموي المنحرف في الحياة الاسلامية، وعايش حوادثه بعد توقيع الوثيقة. كما ان معاوية استكمل مخططه في نقض كل بند من بنود الوثيقة التي عقدها مع الامام الحسن (ع) وارتكب خطأ تجاوز فيه حدود المفهوم الاسلامي في الحكم، من خلال اتخاذ الوراثة ذات الطابع الدكتاتوري أطروحة للحكم. الأمر الذي عرض المبدأ الاسلامي والأمة الاسلامية الى أعنف كارثة في تاريخها حيث بدأ مسار حركتها يأخذ طريقه باتجاه مغاير للخط الاسلامي الأصيل. ومنح يزيد السلطة ليقود الأمة الاسلامية، ويخطط لمستقبلها ويحدد مسارها، معناه الانهاء العملي للوجود الاسلامي وعودة الجاهلية، ولكن بثوب جديد.
ولقد كان الحسين (ع) يدرك ذلك الخطر وتمشيا مع متطلبات الرسالة الاسلامية والشروط الموضوعية التي يشترط توفرها في الحاكم المسلم، انطلق الحسين (ع) لبلورة هذه المسألة في ذهنية الجماهير المسلمة، عن طريق الخطب والبيانات في كل فرصة يجدها مناسبة للبيان. كما أن وفاءه بالتزاماته نحو شريعة الله تعالى كان يفرض عليه سلوك منهج الثورة ولا سبيل سواه فبدون الثورة لايرتجى أي اصلاح، وبيان ثورته (ع) الأول يجسد هذه الحقيقة بكل مدلولاتها الايجابية: (واني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب).
هذه هي المبررات الأساسية التي منحت الحسين (ع) وأصحابه حق اعلان الثورة ضد الحكم الاموي.
وفي الثامن من ذي الحجة سنة (60) للهجرة، سار ركب الحسين (ع) الى العراق وهو واثق من قتله، ولكنه كان واثقا من أن النصر الحقيقي لرسالة الله تعالى سيكون باستشهاده، ومن أجل هذا سلك درب الشهادة والتضحية. وكان واثقا من أن الأمة لا تستيقظ الا بهزة كبرى، ولتكن الهزة استشهاده ومن معه من ذرية رسول الله ، وفي العاشر من محرم الحرام من سنة61 للهجرة استشهد الحسين (ع) وانصاره. وعانق الحسين (ع) صعيد الطفوف، واسترسل جسده ممتدا على بطاح كربلاء لينتصب من حوله مشعل الحرية والكفاح.