اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
النفوس الضعيفة
كان ولعدة سنوات يعمل، دون كلل - ودون ملل. معروف بالجد والاجتهاد والهدوء، والبعد عن المشاكل والمشاغبات. هذا ما اشتهر به بين زملائه، وعند رؤساءه.
شخصيته الضعيفة المهزوزة، جعلت البعض من ضعاف النفوس، يتطاولون عليه ضربا وإهانة. وهو صابر على الضيم والظلم، لا يتكلم - ولا يتذمر، مخافة اللوم والتأنيب. ولاعتقاده أن ذلك، قد يؤدي إلى قطع مصدر رزقه. وكلما طفح به الكيل، نفس عن ضيق روحه، إلى صغار رؤساءه. لكن لم يجدي ذلك نفعا، ولم يوقف زملاءه عن المضي في غيهم. بل زادهم عنادا، وشدة في إيذاءه.
بعد زواجه استقر نفسيا، ووجد من تستمع إليه، ويجد لديها الصدر الحنون. يبثها همومه، وتشاركه ضيق نفسه. أخذت تغذيه بالحب والحنان، حتى استطاعت فتح مغاليق عقله - ومضايق قلبه. عندها أخذت توجهه وتديره، إلى ما يتوجب عليه فعله. قالت له حازمة قاطعة، تريه بقسمات وجهها، كيف ينبغي عليه أن يكون أمام من يهينه: حان الوقت لرد الاهانة لمن آذوك.
ذهب إلى عمله وهو عازم، على المضي في تنفيذ ما اتفقا عليه. دخل وهو على استعداد، لرد كيد المعتدين إلى نحورهم. دخل وهو يرد: من اعتدى عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدى عليكم.
لم يمضي نصف نهار ذلك اليوم، حتى حدث ما كان يرجو أن يتحاشاه ولو بقلبه. اخذ احدهم بتوجيه الأوامر إليه، بعنف وشدة. كأنه أحد عبيده - أو خادم من خدمه. مع انه لا يعمل تحت إدارته، ولم يكن احد رؤسائه. لم يرد عليه الاهانة، وتابع عمله. مما جعل الطرف الأخر، يعتبرها اهانة له شخصيا. فأخذ يدفعه في صدره، ويكيل إليه السباب والشتائم.
اسودت الدنيا في عينيه، بغيوم منذرة بالخراب والدمار. وأخذت شياطين الدنيا تتقافز في رأسه، ولم يقبل بالصمت هذه المرة. يسمع كلام زوجته يدوي بين أذنيه كالمعاول. فأخذ يكيل للمعتدي الصاع صاعين، ولم يتوقف عن هيجانه، حتى تدخل من كان حولهما لفك الاشتباك، وسحبا للتحقيق.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف - السعودية