اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ضريبة الأمومة
كانت أمام أحد المشاغل، تنظر وتنتظر لأخذ ثوبا اشترته لحضور حفلة زفاف أحد قريباتها.
استخرجت من حقيبتها شيئا، وأخذت تمزقه في حنق، كأنما تنتقم منه شر انتقام. تؤهت وهي تقول: كان يتوجب أن يكون هذا المشغل ملكي، وهذا الفستان من تصميمي وخياطتي. فلقد كانت هذه هوايتي، وتشربت في دمي، بعد دخولي دورة تدريبية امتدت سنتان.
عندها أخذت أمني نفسي وأخطط، لما يأتي من الأيام. - سوف أستغل شهادتي، في فتح مشغلا... واثنان... وثلاثة. تدر علينا الكثير من الأموال. نحقق من دخلها الكثير، مما كنا نطمح إليه، ونؤجله بسبب قلة ذات اليد.
أما بعد هذا، فلا داعي لذلك. فمشاغل الملابس النسائية، والتي تدار من قبل النساء، قليلة في المنطقة، وعليها إقبال شديد.
الكل سوف يتدرب، نساء ورجالا، فسنكون بحاجة ماسة حينها لكل يد، وفي مختلف التخصصات. من تصميم وخياطة، إلى محاسبة وخدمات عملاء. ولن يحتاج أي منا للبحث عن عمل خارج البيت.
لم يبقى إلا سنوات قليلة ويتزوج الكبير، ويشب الصغير. عندها أتفرغ لهوايتي وتجارتي، ولن يشغل بالي شئ آخر.
مرت السنوات وقرب الفرج، ودنى تحقيق المؤمل. فأخذت أعد العدة، وأجهز نفسي للحدث الكبير.
خاب ظني في من حولي، إذ لم يعينوني في تحقيق أمنيتي، كما أعنتهم في تحقيق أحلامهم. وبدل من أن يتحملوا مسئولياتهم اتجاه أنفسهم وأبنائهم، حملت أنا مسئولية الجميع.
تبخرت أحلامي، وذهبت أدراج الرياح، ولم تأتي بما تشتهي السفن. وتقدمت في العمر، وهاجمت الأمراض والأوجاع جسمي. الذي أخذ يذوي ويذبل، يوما بعد يوم.
استلمت الفستان، ورمت قصاصات الورق في صندوق القمامة. وتمتمت تقول: لم يبقى من داع لشهادتي، أمام ضريبة الأمومة.
بقلم: حسين نوح مشامع- القطيف- السعودية