اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مرة أخرى تكشف ممارسات السلطة السعودية الفاشية انعدام شرعية تمثيلها للطائفة الشيعية في شرق الجزيرة العربية، فمجريات أحداث البقيع الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك عمق الانحياز الطائفي للدولة ضد الشعب الشيعي في القطيف وموقفها المناوئ للمذهب الشيعي عموماً، فحين تتمترس الأجهزة الأمنية لأي دولة في خندق عصبوي ، قبلي ، طائفي ، ومناطقي ينحاز لطرف من مواطنيها ضد طرف آخر فإنما هي تعلن صراحة بأنها دولة جزء من الشعب وإن استثمرت واستغلت خيرات أراضي الغير بدعوى بسط السلطة والنفوذ.
تاريخياً لا شيء يبرر أو يسند ارتباط إقليم الأحساء والقطيف بالسلطة السعودية، فليس لدينا مقومات تدعم هذه الوحدة المدعاة كذباً وزوراً، والسلطة تدرك ذلك تماماً ولهذا لجأت ومنذ اليوم الأول لسيطرة ابن سعود على الأراضي الشيعية إلى الارتكاز على منطق السيف والقمع لضمان استمرار فرض سيطرتها على شؤون ومقدرات المنطقة.
أحداث البقيع الدامية التي عاشها أهلنا في المدينة المنورة تفرض علينا الانتقال كطائفة تتعرض للاضطهاد والتنكيل اليومي على يد أجهزة الدولة الرسمية، والذي تم تنفيذه بقرار غير معلن من السلطة العليا في ظل تشجيع وإمضاء صريحين لممارسات القمع والإرهاب وهتك الأعراض وترويع النساء والأطفال.. الذي تعرضت له المجاميع الشيعية سواء السكان الأصليين في المدينة المنورة أو الزوار الوافدين لأداء مناسك الزيارة والتعبد.
هذا الحدث الدامي يفرض علينا الانتقال إلى موقع متقدم من التفكير والتخطيط الاستراتيجي نحو إقامة دولتنا المستقلة، وكما عاش آباؤنا وأجدادنا في ظل دول خارج إطار السيطرة والاحتلال السعودي الغاشم.
بعد اليوم لن يجدي أن نطالب بالمشاركة السياسية ولا بالمساواة الاقتصادية ولا بالحريات الدينية، حيث كل هذه الحقوق لا يمكن أن تتوفر في ظل هيمنة آل سعود والسلطة الوهابية على مقدراتنا.. فما حدث في مدينة رسول الله وسلم إعلان صريح وواضح بأن هذه الدولة لن تحمي وجودنا ولا كرامتنا ولا حقوقنا ولا أعراضنا من تعدي أية فئة متطرفة وباغية تسعى بفتاواها وتنظيراتها الفكرية والثقافية وممارساتها اليومية إلى شحن الرأي العام المحلي لشن حرب إبادة ضد كل ما هو شيعي بدءا من أبسط مظاهر الشعائر الدينية وانتهاء بما تطورت إليه الأوضاع في المدينة بالتعدي السافر على حرمة الحياة والأعراض والدماء.
هذه المرة ما عاد يجدي الاكتفاء بمعالجة ذيول وإفرازات الأزمة، فمجرد إطلاق سراح المعتقلين، أو تأمين الطريق الآمن لعودة الزوار لا يكفي لتناسي ما حدث وطي ملف الأزمة الحقيقية، نعلم أن اجتماعات ولقاءات واتصالات ماراثونية تمت بين أقطاب من الشيعة في القطيف والأحساء والمدينة المنورة وبين مسؤولية في المحافظات والأجهزة المعنية، ولكن جميع ما رشح عن تلك اللقاءات لم يتجاوز استماتة النظام لتهدئة الخواطر من أجل إسكات الشارع الشيعي وإطفاء جذوة التفاعل المتقدة في أرواح القوى الشبابية في عامة المناطق الشيعية.. فعلى هذا الصعيد نطالب بالقصاص فالعين بالعين والسن بالسن تطبيقاً لشريعة الله سبحانه وتعالى.. كما نطالب بمعاقبة الفاعل والداعم والمتستر على أطراف الجريمة النكراء بكل ألوانها ومنذ الجمعة السوداء وحتى اليوم.
كما أننا لن نثق ولن نقبل بالاحتكام إلى أية جهة في السلطة السعودية للتحقيق في الجريمة البشعة، فالنظام والدولة وبكل أجهزتها الأمنية والقضائية والعدلية متهمة بالانحياز والتورط في هذه الجريمة أو جرائم أخرى سابقة، فذاكرتنا لا تزال حية وحاضرة وتنضح بالألم والوجع، لن ننسى شهداءنا وجرحانا ولن نقبل المساومة على أعراضنا وآلام أبنائنا وأخوتنا ونسائنا، وأقل ما يمكن المطالبة به مشاركة جهات حقوقية وقانونية دولية محايدة للإشراف والمشاركة في سير عمليات التحقيق.
لقد فتحت أحداث البقيع أعيننا على ضرورة البحث الجاد عن مسارات للعمل بجدية أكبر لتحقيق الانفصال الفعلي وإقامة الدولة المستقلة عن سيطرة الطغمة السعودية التي ما فتأت ومنذ نشأتها في الإيغال ظلماً وتعدياً وهتكاً لحقوقنا وحرماتنا ومقدساتنا.. فدماء أبنائنا وأعراض نسائنا وآلام شبابنا وآهات سجنائنا يجب أن تتحول إلى غرس مثمر وإلى لبنات في تشييد كيان مستقل يوفر لنا ولأهلنا العيش الكريم والحرية والأمان والرفاه..
وأخيراً.. عذراً لجميع زعماء ومشايخ ووجهاء ومتصدري الساحة الشيعية في الداخل والخارج فنحن عامة الجمهور الشيعي الذين نقاسي الألم والعذاب ونكتوي بنار الطائفية الوهابية على استعداد تام لدفع ثمن استقلالنا بل دفعنا ولم نزل بعض الثمن، فإن لم يكن لديكم الاستعداد والقدرة على قيادة عجلة العمل وحركة تحريرنا من قيد آل سعود فلتنسحبوا مشكورين، فلن تفرغ الساحة وستنجب أمهاتنا الكريمات ألف رجل ممن يحمل على عاتقه عبئ المسؤولية.. للأسف أن بعضكم اليوم يقف حجر عثرة من حيث يشعر أو لا يشعر، ويعيق بتنظيرات ورؤى فاسدة تبلور الإرادة الجماعية الطامحة للانعتاق النهائي من المعاناة تحت سلطات الطغيان والخزي والذل السعودي.
نعلم أنكم عدتم تثقون بنا كقوة جماهيرية، ونحن ندعوكم للمرة الألف أن تجربوا إرادتنا في الميدان مباشرة، اقتحموا بنا معركة التحرر بصدق وبعمل جاد وبتجرد ونزاهة وببوصلة واضحة المعالم والاتجاه نحو الهدف المجمع عليه.. كثير منكم تفاجأ من مقاومتنا للاعتداءات في البقيع الغرقد ومن إصرارنا على ممارسة شعائرنا ومن إصرارنا على إتمام فروض الزيارة رغم الأخطار المحدقة بنا.. أليس في ذلك دليل على قبولنا بالتضحية وتقديم الثمن اللازم للتحرر من هذه السلطة المحتلة؟!.
نحن قوى الشارع الشيعي وعموم الناس العاديين نستصرخكم ونستحلفكم بالله أن تختاروا أحد أمرين إما أن تأخذوا بأيدينا إلى فسطاط عمل ممنهج يفضي بنا إلى مخرج الخلاص، أو تدعونا وشأننا ولن يخذل الله سبحانه دعوة المظلوم ولن يخيب سعي الطالب .