اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين .
رسالة ومقال في المعاد الجسماني
من المعلوم لدى اهل العلم والعرفان , ان للانسان جسمين و جسدين و الجسد الثاني مركب من العناصر الاربعة الموجودة في عالم الطبيعة المحسوسة و في المعاد بعد الموت لاتعود الروح الي هذا البدن العنصري الطبيعي المركب من الاخلاط الاربعة اذ لا حس له و لا شعور . وهذا ما هو الا رأي الائمة عليهم السلام و من يعترض انما يعترض علي الائمة (ع) لانه ماعرف المقصود و لاعلم ايضا انه من كلام ائمته (ع) فلذا قال ما قال مع اني لماقل من هذا شيئا و لكنه مافهم مرادي و معني كلامي و مرادي هو ان الانسان له جسدان و جسمان الجسد الاول مركب من العناصر الاربعة المحسوسة و هو الان في هذه الدنيا عبارة عن الكثافة العارضة و في الحقيقة هو الجسد الصوري و مثاله الخاتم من الفضة مثلا فانه اذا كان عندك خاتم من فضة فان صورته هي استدارة حلقته و تركيب موضع الفص المركب منه مثلا فاذا كسرته و اذبته و جعلته سبيكة او سحلته بالمبرد و جعلته سحالة ثم بعد ذلك صغت تلك الفضة اعني السبيكة او السحالة خاتما علي هيئته الاولي فان الصورة الاولي التي هي الجسد الصوري لاتعود و لكن صغته علي صورة كالاولي فهذا الخاتم في الحقيقة هو ذلك الخاتم الاول بعينه من حيث مادته و هو غيره من حيث صورته و نعني بالجسد العنصري الذي هو الكثافة البشرية هذه الصورة التي هي الجسم الصوري لان اعتقادنا الذي ندين الله به و نعتقد ان من لميقل به ليس بمسلم هو ان هذا الجسد الذي هو الان موجود محسوس بعينه هو الذي يعاد يوم القيامة و هو الذي يدخل الجنة او النار و هو الخالد الذي خلق للبقاء و هو الذي نزل الي هذه الدنيا من الف الف عالم حتي وصل الي التراب ثم اخذ ليصعد من النطفة و العلقة و المضغة و العظام و هكذا صاعدا في مقابلة تلك العوالم الف الف رتبة من الترقي اخرها لا انتهاء له فهي باقية ببقاء الله سبحانه بلا نهاية فهذا الجسد المحسوس هو بعينه المعاد و هو بعينه متعلق الثواب والعقاب لايشك في ذلك الا من يشك في اسلامه لان هذا من اصول الاسلام و لكن اصله مادة نورية كلما نزلت جمدت مثل الحجر الاسود الذي كان في الاصل ملكا فلما نزل كان حجرا و مثل جبرئيل (ع) الذي هو جوهر مجرد عن المادة العنصرية و المدة الزمانية فاذا نزل لبس صورة دحية الكلبي او غيره فكذلك هذا الجسم كان نوريا مجردا عن المادة العنصرية و المدة الزمانية فاخذ يتنزل الي ان وصل الي الزمان و العناصر فلبس هيئتها و كثافتها اعني الصورة المعبر عنها بالمادة العنصرية و الكثافة البشرية مثل الماء الذي هو لطيف فاذا جمد لبس الصورة الثلجية فاذا ذاب عاد الي اصله من غير ان يختلف الا محض الصورة المعبر عنها بالجسد العنصري فاذا جمد ذلك الماء مرة ثانية لميعد اليه الجمود الاول و ليس جمودا ثانيا مع انه بعينه هو ذلك الماء لميتغير مع انه قد تغير جموده و هذا هو مرادنا بذهاب جسد الاول الذي لايعود فالموجود في الدنيا بعينه و هو المرئي بالبصر هو جسد الاخرة بعينه لكنه كسر في ارض الجرز و ارض القابليات و صيغ في العقول معني ثم صيغ ذلك المعني في رتبة الارواح رقيقة ثم صيغت في النفوس نفسا ثم كسرت في الطبيعة طبيعة و حصصت حصصا في جوهر الهباء و تعلقت بها الصور في المثال ثم كسرت في محدد الجهات و منه الي الرياح و منه الي السحاب و منه الي المطر و الارض و النبات ثم صيغت نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسي لحما و انشأ خلقا اخر فكان انسانا في هذه الدنيا ثم يكسر في القبور ثم يصفي في الارض بمعني ان الارض تأكل جميع ما فيه من الغرائب و الاعراض و الكثافات المعبر عنها بالجسد العنصري و يخرج يوم القيمة هذا الجسد بعينه اعني الموجود في الدنيا بعينه هو الذي يخرج يوم القيمة بعد ان يصفي و معني قولنا بعد ان يصفي هو ان يذهب عنه الجسد العنصري و معني قولنا هو ان يذهب عنه الجسد العنصري يعني يذهب عنه الكثافات الغريبة و هي الصورة الاولي لانه اذا صيغ ثانيا لاتعود الصورة الاولي فافهم فهذا مرادي و ابرء الي الله تعالي من غير هذا و هذا مذهب ائمة الهدي عليهم السلام ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون و روي الطبرسي في الاحتجاج :
في تفسير قوله تعالي كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب بسنده الي حفص بن غياث قال شهدت المسجد الحرام و ابن ابيالعوجاء يسأل اباعبدالله عليه السلم عن هذه الاية فقال ما ذنب الغير فقال عليه السلم ويحك هي هي و هي غيرها قال فمثل لي في ذلك شيئا من امر الدنيا قال نعم ارأيت لو ان رجلا اخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها فهي هي و هي غيرها و في تفسير علي بن ابراهيم قيل لابيعبدالله عليه السلم كيف تبدل جلودهم غيرها قال ارأيت لو اخذت لبنة فكسرتها ثم صيرتها ترابا ثم ضربتها في القالب اهي كانت غيرها انما هي ذلك و حدث تغيرا اخر و الاصل واحد ه ، وبهذا المعني كثير في الاخبار مع ان الله تعالي قال بدلناهم جلودا غيرها و هو يريد انها اذا احترقت اعادها بعينها الا ان صورتها الاولي ذهبت و احدث صورة غيرها مثل الاولي بحيث صدق بها التغاير مثل ما مثلنا لك في الخاتم مع انه هو بعينه حقيقة مع صدق التغاير فافهم و اما قوله و الجسد الثاني مركب من العناصر الاربعة الموجودة في عالم الطبيعة المحسوسة فهو غلط و معاذ الله ان اقول ذلك و لكن المعترض غفل عن قولي فليراجع و انما قلت ان الجسد الثاني هو الباقي في القبر مستديرا الي ان يخلق منه ثانيا كما خلق اول مرة مثل ما مثلت بالخاتم فانه صيغ من الفضة و بعد ان كسر ذهبت الصورة و الهيئة التي هي بمنزلة الجسد الاول اعني العنصري و هو الكثافة الغريبة التي ليست في الحقيقة من الانسان الاتري ان زيدا يمرض و يضعف حتي لايبقي منه قدر من اللحم و هو زيد لمينقص و لميتغير و يصح و يسمن حتي يكون عشرين منا و هو زيد ثم يمرض و يذهب كل ذلك اللحم و هو زيد فهذا الزايد و الناقص بحكم الثوب تلبسه و تخلعه و لايتعلق به شعور و لا احساس و في الحقيقة هو الصورة و الكثافة و هو الجسد الاول الفاني لانه انما لحقه في هذه الدنيا و اما الجسد الثاني فهو مركب من عناصر اربعة لكنها ليست من هذه العناصر الزمانية المعروفة الفانية بل هي من عناصر باقية جوهرية و هي من عناصر هورقليا في الاقليم الثامن الذي فيه الجنتان المدهامتان و جنان الدنيا و اليها تأوي ارواح السعداء من الانبياء و الاوصياء و المؤمنين و هذا هو الجسد الثاني و هو الباقي و هو الذي نزل الي الدنيا و لبس الكثافة البشرية العنصرية و هو بعينه هذا الجسد الموجود في هذه الدنيا الا انه عليه غبار و وسخ يعبر عنه بالفارسية بالچرك و هو البشرية و هو من العناصر المحسوسة و يوم القيمة يعود كل شئ الي اصله و هذه الكثافة ليست من الجنة حتي تعود اليها و انما هي من هذه الدنيا فاذا انتقل و عاد كل شئ الي اصله كما قال اميرالمؤمنين (ع) في حديث الاعرابي للاعرابي عند سؤاله عن النفس فقال يا مولاي ما النباتية قال قوة اصلها الطبايع الاربع بدؤ ايجادها عند مسقط النطفة مقرها الكبد مادتها من لطائف الاغذية فعلها النمو و الزيادة و سبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت الي ما منه بدئت عود ممازجة لا عود مجاورة الحديث ، فافهم قوله عليه السلم عود ممازجة لا عود مجاورة حيث دل كلامه عليه السلم علي ان كل شئ يعود الي اصله و اصرح منه ما رواه في اصول الكافي بسنده عن الكلبي النسابة قال قلت لجعفر بن محمد عليهما السلم ما تقول في المسح علي الخفين فتبسم ثم قال اذا كان يوم القيمة و رد الله كل شئ الي نبته او بنيته و رد الجلد الي الغنم فتري اصحاب المسح اين يذهب وضوؤهم الحديث ، و الحاصل ان عود كل شئ الي اصله مما لا خلاف فيه فاذا ثبت ان الكثافة من هذه العناصر و ان الانسان انما تعلقت به في هذه الدنيا و انه اذا عاد الي اصله كل شئ لمتصحبه الكثافة الي الجنة فمن يشك في هذا من المسلمين فنسأل الله ان يصلح وجدانه و لاتظن انا انما نقول بأن هذا الجسم لايعود لان هذا قول منكري البعث من الكفار و غيرهم و انما نريد بالجسد الثاني غير العنصري الذي هو الكثافة فالعبارة الحق ان هذا الجسد الموجود في الدنيا هو بعينه جسد الاخرة فمن قال غير ذلك فليس بمسلم لكنا نسمي هذا الجسد و نقسمه علي اربعة اقسام فنقول هذا الانسان له جسدان و جسمان فالجسد الاول من العناصر المحسوسة و نريد به هذه الصورة و التركيب في الدنيا لانه اذا مات و كان ترابا ذهبت هذه الصورة فاذا اعيد علي هذه الصورة بعينها ليست هي الاولي مثل ما مثلنا لك في الخاتم و مثل ما مثل الامام عليه السلم باللبنة و هذه الصورة الاولي هي الجسد الاول الذي لايعود و هو مخلوق من العناصر المحسوسة و هو الكثافة و الجسد الثاني هو الباقي و هو الذي يعود و هو مخلوق من عناصر هورقليا اعني العالم الذي قبل هذا العالم و فيه جنان الدنيا و الجنتان المدهامتان و اليه تأوي ارواح المؤمنين و هورقليا معناه ملك اخر و هذا اسم لتلك الافلاك و في ارضها بلدان جابرسا و جابلقا و الجسم الاول هو الذي يلبسه الروح في البرزخ ما بين الموت الي نفخة الصور الاولي فاذا نفخ في الصور و بطل كل روح و كل متحرك اربعمائة سنة طهر ذلك الجسم عن اوساخ البرزخ و كثافاته بالنسبة الي عالم الاخرة و هذه الكثافات هي مرادنا بالجسم الاول الذي لايعود و يبقي الجسم الثاني الجوهري الصافي حتي تحله الروح و تمضي معه الي الجسد الثاني بين اطباق الثري فتدخل بجسمها فيه فيخرج في النشور من القبور و الحساب بجسمه و جسده الصافيين و هما هذا الجسم و الجسد الموجود في الدنيا بعينه و انما يطهر لعن الله من قال بغير هذا فافهم فان من لايفهم المراد الحق من هذه العبارات المكررة المرددة لاينتفع بغيرها . قال سلمه الله و الاعتراض الذي اورد عليه ان الضرورة قائمة علي ان المعاد الجسماني او الجسداني يكون في هذا البدن العنصري و ظواهر الاثار و الاخبار كلها ناطقة بذلك و كيف التوفيق مع ان مسلك جنابكم امساك الظاهر و السلوك منه الي البواطن بحيث لاينافي الظواهر و الاستدعا من جنابكم ان تبينوا تلك المسئلة علي نحو يجمع بين الظاهر و الباطن بحيث يحصل الاطمينان للفريقين و ان كان هذا لايمكن الا لذي العينين . اقول قوله ان الضرورة قائمة علي ان المعاد الجسماني او الجسداني انما يكون في هذا البدن العنصري ، اعلم ان الضرورة عند ائمة الهدي عليهم السلم قاضية بذلك و لكن الناس يسمعون كلاما و لايعرفون معناه مثل ما قال الشاعر
: قد يطرب القمري اسماعنا ** * ** و نحن لانفهم الحانه
لانهم يسمعون ان المعاد في هذا الجسد و يأخذون بظاهره و هو حق كما قلنا و لكن هذا الجسد العنصري هل يدخل الجنة بهذه الكثافة او يصفي عن الاعراض الغريبة التي ليست منه فان قلت يدخل الجنة بهذه الكثافة علي هذه الحالة فقد خالفت العقل و النقل الدالين علي ان صفاء ابدان اهل الجنة و مطاعمهم بحيث يأكلون ياكلون و يشربون
و لايتغوطون و لايبولون لان طعامهم و شرابهم صاف لا ثفل فيه و ابدانهم كذلك حتي ان الحورية لتلبس سبعين حلة و يري مخ ساقها من وراء ذلك كله لشدة نوريتها و صفائها و ان المؤمن اذا اخذ في جماعها يري صورة وجهه في صدرها و تري صورة وجهها في صدره و ذلك الجسد هو هذا بعينه الا انه يصفي و لو لميصف لبقيت فيه الاعراض و الغرائب فلايبقي في الجنة بل يموت و يزول لان علة الموت و الزوال انما هي ممازجة تلك الاعراض و الكثافات الاجنبية الغريبة مثل الذهب فانك اذا اخذت مثقالا من الذهب و مزجته بمثقالين من النحاس و الحديد و دفنت ذلك الممزوج في الارض فانه يتفتت و تأكل الارض جميع ما فيه من الحديد و النحاس و تبقي اجزاء الذهب متخللة متفتتة متفرقة و لو انك صفيت مثقال الذهب و سبكته وحده و دفنته الي ان ينفخ اسرافيل عليه السلم في الصور ماتغير لانك صفيته عن اسباب الفناء بخلاف الحال الاولي , فان اسباب الفناء فيها فلو دخلت اجسام الاناسي الجنة علي هذه الحالة لفنيت لان فيها اسباب الفناء هذا علي ظاهر الدليل و اما علي حقيقة الامر فكما اشرنا سابقا اليه من ان كل شئ يرجع الي مبدئه و اصله و اصل الانسان لطيف و انما لحقته هذه الكثافات الغريبة في هذه الدنيا لان هذه الدنيا دار تكليف لمتخلق للبقاء فلما خلق الخلق رحمة بهم انزلهم في دار التكليف و المشقة ليتزودوا منها لدار مقامهم و الزمهم مقتضي هذه الدار من لزوم الاعراض و الغرائب و الكثافات التي هي اسباب الانتقال و دواعي الزوال لئلايبقوا في دار المشقة دائما فلايصلوا الي دار الجزاء و الحال انه سبحانه خلقهم و برءهم رحمة بهم ليوصلهم الي النعيم الدائم الذي لاينفد و البقاء الدائم المخلد فاذا قلت انهم يعودون في هذا البدن العنصري و تريد به انه يعود مع ما هو عليه من الكثافة و الغرائب التي يعني لها الجسد العنصري المحسوس البشري لزمك القول انهم لايبقون في الجنة و لا في النار لان العلة الموجبة للانتقال من هذه الدار هي تلوث ذلك الجسد اللطيف اعني الثاني و الجسم النوراني اعني الجسم الثاني بما ذكر من الكثافة و الغرائب الدنيوية و هما حقيقة الجسم الذي هو الانسان و ما سوي هذين فهي اعراض و كثافات حقيقة و الامر فيها مثل ما مثلت لك في الخاتم و تبدل الصور عليه مع عدم تغير الفضة و تبدلها و لانعني بالبشرية و بالعنصرية و بالكثافة و الاعراض و غيرها الا هذه الصور العارضة له في هذا المقام اعني دار التكليف و اناردت به ان هذا الجسد الموجود يكسر و يصاغ صيغة ليس فيها من مقتضيات الفناء شئ فذلك الذي اشرنا اليه و ما ذكرنا في الاجوبة السلطانية من تمثيل الجسد الاول بكثافة الحجر و الجسد الثاني بالشيش المصفي منه فلانعني غير هذا فانظر ما هنا و ما هناك فانك تري المعني واحدا و الله سبحانه قادر على كل شئ
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اهلا وسهلا بك غاليتى وحياك الله
مشكورة على مروركم الكريم
همدان اختى كما تفضلتى هى من اول القبائل الموالية
واول قبيلة عُذبت ونكًل بها وبنسائها بعد استلام اللعين معاوية للحكم
تحياتى غاليتى واهلا ومرحبا بك
توقيع نقطة الباء
الفاتحة لروح المرحومة نور علي ( نقطة الباء )
آخر تعديل بواسطة نقطة الباء ، 26-Jul-2007 الساعة 02:19 PM.