الحلقة الثانية
(من فكر السيد القحطاني)
إن وراثة الأئمة التسعة المعصومين من ذرية الحسين (ع) كانت من القسم الثاني من الوراثة ، فهي وراثة روحية ومعنوية ووراثة لأمر الله تبارك وتعالى ، وليست وراثة جسمانية ، فتجد الأئمة (ع) يختلف بعضهم عن بعض من ناحية الشكل ولكنهم نفس المضمون ، وبذلك يتبين بأن أهل البيت () ذرية بعضها من بعض وقد شملت الطهارة والأئمة الذين لم يكونوا حينها تحت الكساء ، وقد ذكرت الروايات الشريفة شمولهم بهذه المنزلة عبر الجينات الوراثية ، ومن هذه الروايات ما جاء عن سليم عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : (أيها الناس تعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فجمعني وفاطمة وابني حسناً وحسيناً ثم ألقى علينا الكساء ، وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم ، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً . فقالت أم سلمة : وأنا يا رسول الله (ص) ؟ فقال : أنت على خير ، إنما نزلت فيّ وفي أخي علي وابنيّ وفي تسعة من ولد الحسين خاصة وليس معنا أحد غيرنا) بحار الأنوار ج31 ص413.
وبذلك فإن أهل البيت المشمولين بآية التطهير هم الأربعة عشر المعصومين () خمسة منهم أهل الكساء بحسب التنزيل وتسعة منهم من ولد الحسين (ع) بحسب قانون الوراثة والجينات . ومن هذا نفهم معنى قول رسول الله (ص) : (الحسين خازن وحيي والحسن معدن علمي) . فالحسين (ع) هو خازن الجينات الوراثية التي من خلالها تم التواصل لأبنائه المعصومين (ع) من خلال عامل الوراثة .
لقد فرق كتاب الله عز وجل بين الشجرة الملعونة والشجرة المباركة ، فالشجرة الملعونة التي تمثل بني أمية والشجرة الطيبة التي تمثل محمد وآله الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) فالشجرة الملعونة تحمل الجينات الوراثية ذات المواصفات المتدنية ، أما الشجرة الطيبة فهي تحمل الجينات الوراثية الراقية.
وعليه فإن الإمام المهدي (ع) يقتل ذراري قتلة الحسين الذين انتقلت لهم جينات أجدادهم قتلة الحسين (ع) فيكونون كأجدادهم الذين وقفوا بوجه الحسين ، وسيقفون بوجه الإمام المهدي (مكن) وإلا فلا تزر وازرة وزر أخرى ، والإمام المهدي (ع) سيكون حاملاً لكافة الجينات الجسمانية والروحية والمعنوية ، فهو وارث الأنبياء والمرسلين وهو الذي يصفه رسول الله (ص) بأنه أشبه الناس به خلقاً وخلقاً . فقد ورد عن جابر الأنصاري ، قال : (قال رسول الله (ص) : المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة تضل فيه الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب ويملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) بحار الأنوار ج50 ص231.
وينطبق هذا الأمر من وراثة الجينات الجسمانية والروحية والمعنوية على اليماني الموعود أيضاً فهو أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً بعيسى ابن مريم (ع) ، فقد ورد في غيبة النعماني عن عبد الرحمن بن حمزة عن كعب الأحبار أنه قال : ( ...إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيس بن مريم خَلقاً وخُلقاً وسيماء وهيئة يعطيه الله عز وجل ما أعطى الأنبياء ويزيده ويفضله ...) بحار الأنوار ج52 ص225. وبذلك تنطبق الاية الكريمة في قوله تعالى : {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }آل عمران33. فمن آل عمران عيسى ومن آل ابراهيم الامام المهدي (ع) وهنا اصبحت ذرية بعضها من بعض والله واسع عليم .
من فكر السيد ابو عبد الله الحسين القحطاني نقلا عن منتديات مهدي المحمد