اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ...
يتضمن القرآن الكريم مجموعة من الحوارات الراقية بين الآباء والأولاد، وبين الأولاد والآباء، تحمل في طياتها حكماً عظيمة وأساليب مؤثرة في تربية الأولاد تربية صحيحة متوازنة، ومن هذه الحوارات والوصايا:
وصايا لقمان الحكيم لابنه حيث تتضمن الوسائل الصحيحة المؤثرة المفيدة في تربية الأولاد التي نحاول عرضها في هذه المقالة بصورة موجزة ....
أولاً: ان الله تعالى أراد أن يبين أنه قد أعطى الحكمة للقمان، ومن هنا فكل ما يقوله في هذا الصدد حكمة ولذلك سجل الله تعالى تلك الوصايا وخلدها في القرآن الكريم،
فالحكمة هي....
العقل والفطنة والعلم مع الاصابة في القول .
وقال بعض العلماء:
هي وضع الشيء المناسب في المكان المناسب .
ولا يختلف هذا التفسير عن التفسير السابق، فالحكمة هي العلوم النافعة، والتجارب الناجحة التي ترتب عليها الخير الكثير للإنسانية. ولقمان كما في كتب التفاسير هو...
لقمان بن ياعور ابن اخت ايوب، أو ابن خالته، كان من سودان مصر من النوبة، وعاش، حتى أدرك نبي الله داود فأخذ منه العلم وآتاه الله الحكمة، ولم يكن نبياً عند الجمهور وقال النبي ـ وسلم ـ :
(لم يكن لقمان نبياً، ولكن كان عبداً كثير التفكير، وحسن اليقين، أحب الله فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة، وخيره في ان يجعله خليفة يحكم بالحق، فقال: رب إن خيرتني قبلت العافية وتركت البلاء، وإن عزمت علي فسمعاً وطاعة فإنك ستعصمني)،
قال رسول الله ـ وسلم ـ:
(إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة. نودي بالخلافة قبل داود ، فقيل له يا لقمان، هل لك ان يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان:
إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فقالت الملائكة:
يا لقمان لِمَ؟ قال:
لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها).
وكان لقمان قاضيا في بني إسرائيل، نوبيا أسود مشقق الرجلين ذا مشافر، قاله سعيد ابن المسيب، ومجاهد، وابن عباس، وقال له رجل كان قد رعى معه الغنم: ما بلغك يا لقمان ما أرى؟
قال: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني .
وقال ابن المسيب: كان من سودان مصر، من النوبة، وقال خالد بن الربيع: كان نجاراً، وقيل: كان خياطاً، وقيل: كان راعياً. وحكم لقمان كثيرة مأثورة، قيل له: أي الناس شر؟
قال: الذي لا يبالي إذا رآه الناس مسيئاً. .
والحكمة في أن الله تعالى قال قبل ذكر سرد الوصايا:
(ولقد آتينا لقمان الحكمة) هي بيان أن هذه الوصايا مزكاة من قبل الله تعالى وأنها ترجع إلى مشكاة نور الله تعالى. ويستفاد من هذه الآية من الجانب التربوي ما يأتي:
أ ـ ضرورة التعريف بالمربي قبل أن يبدأ بالتربية، وأن يكون مزكى حتى تكون التربية مؤثرة، وحتى يكون المتربون على علم بمرتبة مربيهم ومعلمهم، لأن لذلك دوراً نفسياً كبيراً في نفوسهم.
ب ـ ضرورة اختيار الشخص المزكى للتربية، وليس أي شخص، فالمهمة صعبة وخطيرة وكبيرة، وهنا تلقى مسؤولية عظيمة على الآباء وأولياء الأمور ولجان وزارات التربية في اختيار المربين والمعلمين حيث يتحملون مسؤولية عظيمة أمام الله تعالى وأمام هؤلاء الأطفال والتلاميذ إذا لم يبذلوا جهوداً عظيمة للاختيار والانتقاء، بل لا ينبغي لهم الاختيار إلا بعد البحث والتزكية من قبل الثقات.
ج ـ ضرورة تعظيم المربي في نفوس المتربين، والنظرة إليهم نظرة تقدير واحترام من خلال تقديمه من قبل الوالد، أو ولي الأمر، أو مسؤولي وزارة التربية والتعليم، وذلك بأن يقدم المربي إلى المتربين بشكل يستشعر فيه المتربون والمتعلمون بأن مربيهم له مكانة عظيمة وأنه كذا وكذا.
وهذه النظرة من المتربي أو المتعلم إلى المربي لها دور كبير في قبول وصاياه وتقبل نصائحه، واحترام أقواله وآرائه، وهي تقتضي أن تعطي للمربين والمدرسين والمعلمين مكانة لائقة بهم أدبياً ومعنوياً ومادياً، وأن لا ينظر الى الجانب الاقتصادي في اختيار المربين بحيث لا تكون النظرة قاصرة على التوفير، بل ينظر إلى أن المربي أو المعلم الذي أعطيت له مكانته اللائقة يكون له التأثير على المتربين أكثر من غيره.
مع الاسف في هذه الايام اصبح المعلم عملة نادرة .. فمسألة التربية والتعليم أصبحت تجارة مربحة فأصبحت المادة هي أساس التعليم .. والكلام ليس مطلق لانها لو خُليت ....خُربت ...