اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
العزة الذلة العزيز الذليل العزة الممدوحة العزة المذمومة عز المؤمن من عز الله العز الموهوم أسباب العز
قال تعالى : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(8) المنافقون
يوجد هناك أربعة مفردات ينبغي الحديث عنها :
1-العزة . 2-الذلة . 3-العزيز . 4-الذليل .
العزة
مفهوم العزة تختلف باختلاف الأيدلوجية التي يحملها الشخص فيوجد هناك المفهوم الخاطئ للعزة والمفهوم الصحيح لها :
1-المفهوم الخاطئ :
هو المفهوم الذي تحدثت عنه الآية المباركة حكاية عن المنافقين في صدر الإسلام والذي يحمله كثير من الناس وحتى في زماننا الحالي وهو أن العزة : تتمثل في كثرة الأموال والأولاد والعشيرة ، والجاه والسيطرة على الآخرين والقوة والبطش بهم والاستيلاء عليهم وقهرهم حتى ولو كان ظلماً وعدواناً .
2-المفهوم الصحيح :
إن العزة في المفهوم الصحيح هو المفهوم الذي يتحدث عنه القرآن والسنة النبوية .
العزة: مأخوذة من القوة والصلابة . قال الراغب : ( العزة : حالة مانعة للإنسان من أن يُغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة ، قال تعالى : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا(139) [1]
وهكذا بقية الآيات التي تذكر العزة لله سبحانه كما سوف يأتي . وما دامت العزة لله فلا تجتمع مع الظلم والعدوان .
الذلة
الذلة تقابل العزة .
والذل : ما كان عن قهر مع التخلف العقائدي والأخلاقي ولذا يصح أن يقسم الذل إلى قسمين :
1-الذل الممدوح كما في قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ ) الإسراء : 24 .
وقوله تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) المائدة 54 .
فالتذلل والانقهار والتواضع للوالدين وللمؤمنين والزوجة لزوجها ، هذه ذلة ممدوحة ومرغوب فيها من قبل الله ، بل هي في الواقع تنعكس إلى عزة وكرامة للقائم بها فباطنها عزة وكرامة ورحمة ، وإن كان ظاهرها ذلة وعذاب .
2-الذل المذموم : كما في قوله تعالى : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) يونس : 27 .
وقال : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) البقرة : 61 .
وقوله : (سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ ) الأعراف : 152 .
وهذه الذلة المذمومة : لا تتنافى مع مظاهر القوة والظلم والعدوان فهو ذليل وإن كان يملك الأموال الطائلة والجاه العريض وحتى لو كان يملك شرق الأرض وغربها بل هذه المظاهر هي سبب ذلته وهوانه .
العزيز
هو الذي يُقْهِرُ ولا يُقْهَرُ . قال تعالى : (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(26) العنكبوت .
والعزيز هو أسم من أسماء الله القاهرية مع القوة والحكمة والرحمة لذا قد ورد في القرآن هذا الاسم في عشرات الآيات ، فبعضها جاء معه حكيم ، وبعضها الرحيم وبعضها ذو انتقام ، وبعضها الكريم والعليم .
بمعنى أن هذا القهر لعباده مبني على الحكمة والرحمة والعلم والكرم وفي نفس الوقت الكرم والتفضل على عباده .
الذليل
في مقابل العزيز وهو الذي يفقد روح القهر والقوة مع التخلف العقائدي والأخلاقي ، وهذا ما أكدت عليه بعض الآيات والروايات . قال تعالى : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ) آل عمران : 26 .
بسبب الالتزام بالجانب العقائدي والأخلاقي والامتثال العبادي وعدم الالتزام بذلك .
العزة : تنقسم إلى :
1-العزة الممدوحة . 2-العزة المذمومة .
1-العزة الممدوحة
العزة لله جميعاً :
أكثر من آية حصرت العزة لله وحده وأن هو الذي يملك العزة وهو ربها (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر : 10 .
(وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(65) يونس .
(فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا(139) النساء .
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) الصافات .
فإننا نرى الآيات القرآنية تحصر العزة بالله سبحانه وتعالى ، ولا يحق لأحد أن يدعيها من دونه . والعزة ما دامت مأخوذة من الصلابة والقوة والقهر ، وهذه أمور ترجع إلى المولى فالعزة كذلك .
ولما كانت العزة لله جميعا وصفة من صفاته فمن المستحيل حينئذ أن تجتمع العزة مع الظلم والاستبداد والاعتداء على الآخرين وهضم حقوقهم بغير حق فكل ما ينافي العدالة والرحمة ومكارم الأخلاق فهو يتنافى مع العزة الممدوحة .
2-العزة المذمومة
كالعزة التي يتخذها الكافرون . قال تعالى : (بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ(2) ص .
وهذا وإن كان ظاهره العزة ولكن في باطنه الذلة والعذاب ويرجع الأمر في حقيقته إلى الذلة المذمومة . وقال حكاية عن حال الكافرين أيضاً : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا(81) مريم
العزة للرسول وللمؤمنين :
السؤال الذي يطرح نفسه إذا كانت العزة لله جميعاً وهو مالكها وربها – كما تقدم- فكيف حينئذ تكون للرسول وللمؤمنين ؟ كما في الآية المباركة التالية :
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(8) ) المنافقون .
فهذه الآية كما تعطي العزة لله كذلك تعطي العزة للرسول وللمؤمنين ، بينما الآيات المتقدمة تجعلها لله وحده .
والجواب :
1- أن هذا الحق له وهو مالكه ومتصرف فيه كيف شاء فله أن يعطيه من يشاء من خلقه .
قال الطباطبائي :
( ثم إن العزة بمعنى كون الشيء قاهراً غير مقهور أو غالباً غير مغلوب تختص بحقيقة معناها بالله عز وجل إذ غيره تعالى فقير في ذاته ذليل في نفسه لا يملك لنفسه شيئاً إلا أن يرحمه الله ويؤتيه شيئاً من العزة كما فعل ذلك بالمؤمنين به قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) المنافقون : 8 .
2- إن صفة العزة ليست صفة مستحيل أن يتصف بها العبد إذا كان برضى من الله ومنة منه .
قال الطباطبائي :
( وبذلك يظهر أن قوله : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) ليس بمسوق لبيان اختصاص العزة بالله بحيث لا ينالها غيره وأن من أرادها فقد طلب محالاً وأراد ما لا يكون ، بل المعنى من كان يريد العزة فليطلبها منه تعالى لان العزة له جميعاً لا توجد عند غيره بالذات )[2]
فلا بد حينئذ للذي يريد العزة أن يطلبه من الله فقط لانه له ومالكه ، ولا يصح أن يطلبه من أحد غيره وإلا خسر .
عز المؤمن من عز الله
في دعاء عرفة للإمام الحسين :
( يا من خص نفسه بالسمو والرفعة وأولياؤه بعزة يعتزون ، يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم فهم من سطوته خائفون )[3] .
العز الموهوم
(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)النساء .
كثير من الناس يطلب العزة من مظاهر القوة والتكنولوجيا الحديث الموجودة عند الكافر ، وقد يتخذ ولياً يواليه ويمالئه سواء كان على مستوى أفراد أو دول أو شعوب ، وإنما يعمل بعض المسلمين طمعا في العز والنصر من عند الكافرين وهذا ليس إلا الذل والهوان إن عاجلاً أم آجلا فيترك العز من الله ويطلب العز من أعداء الله .
فعن أمير المؤمنين : ( من اعترف بغير اهلكه العز )[4]
( العزيز بغير الله ذليل )[5]
أسباب العز
كثيرة أسباب العز وإليك بعضها :
1-طاعة الله :
عن الإمام الصادق () : ( من أراد عزاً بلا عشيرة ، وغنى بلا مال ، وهيبة بلا سلطان فلينقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته )[6] .
وعن أمير المؤمنين () : ( إذا طلبت العز فاطلبه بالطاعة )[7] .
2-اليأس عما في أيدي الناس :
عن الإمام الباقر () : ( اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه ، أو ما سمعت قول حاتم :
إذا ما عزمت اليأس ألفيته الغنى إذا عرفته النفس والطمع الفقير [8]
3-إنصاف الناس :
عن الإمام علي () : ( ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزاً )[9] .
4-العمل بالحق :
عن الإمام العسكري () : ( ما ترك الحق عزيزاً إلا ذل ، ولا أخذ به ذليل إلا عز )[10].
5-العفو عن ظلمه :
عن النبي () : ( من عفا من مظلمة أبدله الله بها عزاً في الدنيا والآخرة )[11] .
وعن الإمام الباقر ( ) : ( ثلاث لا يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزاً : الصفح عن ظلمه ، وإعطاء من حرمه ، والصلة لمن قطعه )[12] .
6-التواضع :
عن النبي () : ( ثلاث لا يزيد الله بهن إلا خيراً : التواضع لا يزيد الله به إلا ارتفاعا ، وذل النفس لا يزيد الله به إلا عزاً ، والتعفف لا يزيد الله به إلا غنى )[13] .
7-حفظ اللسان :
عن الإمام الكاظم ( ) : ( احفظ لسانك تعز ، ولا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك )[14] .
8-كظم الغيظ :
عن الإمام الصادق () : ( ما من عبد كظم غيظاً إلا زاده الله عز وجل عزاً في الدنيا والآخرة )[15] .
9-الجهاد :
عن الإمام علي ( ) من كلام له : ( ...... والجهاد عزاً للإسلام )[16] .
10-القناعة :
عن الإمام علي () : ( القناعة تؤدي إلى العز )[17]