اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
نخاس الرمان
نودي من فوق المآذن لصلاة الجمعة، فسعى المؤمنون في وقار وسكينة. متوجهون إلى ذكر الله جل جلاله، تاركين ورائهم البيع والشراء. ومع إعلان إمام الجماعة نهاية الصلاة بتلاوة السلام، انتشر المصلون في الأرض، يبتغون من فضل الله. أخذ التجار يهيئون متاجرهم - ويعرضون بضائعهم ويرتبونها، استعدادا لاستقبالهم. محولين تلك الأرض القاحلة القرعاء أمام المسجد إلى حديقة غناء، نابضة بالحياة والعطاء. تعج بأنواع مختلفة من الخضر والفواكه.
خرج مع المصلين يسعى خلال السوق، طلبا لهدية شهية يحملها إلى أطفاله. فبهرته وجذبته مناظر المعروضات، فصار ينتقل من كشك إلى آخر. متطلعا إلى ما يحرك شهيته - ويسيل له لعابه.
استوقفه منظر الرمان، وهو يمر بجانبه. وبلونه الأحمر القاني، يعكس على الشمس أشعتها في تلك الظهيرة. يباهيها متغلبا عليها بحسنه جماله - وينعان عوده. مع شعارات التاجر يطلقها، يصف فيها محاسنه وفوائده. كشاعر موهوب - ونحوي مفوه، يصف ملذات الحياة. جاعله أفضل ما يؤكل، وأحسن ما يستطاب. قائلا في نفس واحد وبأعلى صوته: يا عسل يا احمر الخدين - العسل منك يأخذ حلاوته. ولم ينسى تقديم وعوده ومواثيقه، بضمان استرجاع بضاعته إذا لم تكن بمستوى كلامه.
اشترى مثل غيره، وخرج يتأبطه فرحا جذلا، متوجها إلى بيته. وضعه أمام أعين أطفاله، وهم يتطلعون إليه تلهفا. ويسيل لعابهم من بين شفاههم، شوقا وتلذذا. فلق واحدة بعد أخرى، حتى أتى على آخره. كبحار يبحث بين أكوام محاره، عن لؤلؤة ثمينة. تعوضه عن كل ما قاساه من صعاب - وما تكبده من شقاء. وعلامات الاستغراب تنتشر، على صفحات وجوهم البريئة. مما يقوم به والدهم، وهم لا يستطيعون الكلام خوفا وانبهارا.
وضعهن في صندوقهن، ولفهن في كيسهن، وعاد وهو يتمتم غضبا وحنقا: غشاش . . . غشاش ألحرامي، سوف انتقم منه. وراح يسابق الريح محاولا الوصول، قبل أقفال السوق.
وضع الصندوق أمام البائع، وهو يصرخ من قمة رأسه، محاولا جمع اكبر عدد من الناس. ليفضحه ويشهر غشه وخداعه، على رؤوس الأشهاد. كنخاس في سوق العبيد. ينادي: لقد سرق مالي وغشني، يا ناس انصفوني.
اجتمع الناس حولهما، محاولين فك الحصار، وإصلاح ذات البين. ولكن تمسك كلا منهما برأيه، حال دون ذلك. فأشاروا عليهما اللجوء إلى شيخ السوق إن وجد.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية