بسم الله الرحمن لرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين ...
نتابع معا ..
سيرته في حياته عليه السّلام
*******************
سيرته عليه السّلام في بيته :-
*******************
كان الإمام زين العابدين عليه السّلام من أرأف النّاس وأبرهم وأرحمهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، وأثر عنه أنّه قال:
لأن أدخل السّوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا أحبّ إلي من أن أعتق نسمة وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرّزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟
فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنّه من الله عزّ وجل صدقة عليهم. وكان يعين أهله في حوائجهم البيتية، ولا يأمر أحداً منهم فيما يرجع إلى أي شأن من شؤونه الخاصّة، كما كان يتولى بنفسه خدمة نفسه خصوصاً فيما يرجع إلى شؤون عبادته فإنّه لم يك يستعين بها أو يعهد إلى أحد في قضائها.
لقد سار الإمام في بيته سيرة لم ير النّاس مثلها فقد تمثلت فيها الرّحمة والتّعاون والرّأفة، ونكران الذّات.
سيرته مع أبويه عليهما السّلام:-
**********************
كان الإمام زين العابدين عليه السّلام من أبر النّاس بأبيه ومربيته، فقد خفض لهما جناح المودّة والرّحمة، ولم تبق مبرة ولا خدمة إلا قدّمها لهما، وبلغ من عظيم بره لأبيه أنّه طلب من عمته زينب بطلة كربلاء في يوم الطف أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسّيف ليذب به عن أبيه، في حين أنّ المرض قد فتك به، فلم يتمكن أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمّته صدّته عن ذلك؛ لئلا تنقطع ذرّية النّبيّ صلّى الله عليه وآله فأي مبرة مثل هذه المبرة؟
ومن خدماته لأبيه أنّه قام بعد شهادته بتسديد ما عليه من الدّيون الضخمة، التي كان قد أنفقها على البؤساء والمحرومين... ومن مبراته لأبويه دعاؤه لهما.
سيرته مع أبنائه عليهما السّلام:-
**********************
أمّا سلوك الإمام زين العابدين عليه السّلام مع أبنائه فقد تميّز بالتّربية الإسلاميّة الرّفيعة لهم، فغرس في نفوسهم نزعاته الخيرة، واتجاهاته الإصلاحيّة العظيمة وقد صاروا بحُكم تربيته لهم من ألمع رجال الفكر والعلم والنّضال في الإسلام، فكان ولده الإمام مُحمّد الباقر عليه السّلام من أشهر أئمة المُسلمين، ومن أكثرهم عطاءً للعلم، وهو صاحب المدرسة الفقهية الكُبرى التي تخرج منها كبار الفُقهاء والعُلماء أمثال أبان بن تغلب وزرارة بن أعين، وغيرهما ممن أضاءوا الحياة الفكريّة في الإسلام، .. وأمّا ولده عبد الله الباهر فقد كان من أبرز عُلماء المُسلمين في فضله، وسمو منزلته العلميّة، وقد روى عن أبيه عُلوماً شتى، وكتب النّاس عنه. ذلك أمّا ولده زيد فقد كان من أجل عُلماء المُسلمين وقد تخصص في عُلوم كثيرة كعلم الفقه والحديث والتّفسير وعلم الكلام وغيرها وهو الذي تبنى حقوق المظلومين والمُضطهدين، وقاد سيرتهم النّضاليّة، في ثورته الخالدة التي نشرت الوعي السّياسي في المُجتمع الإسلامي، وساهمت مُساهمة إيجابية وفعالة في الإطاحة بالحكم الأموي.
سيرته عليه السّلام مع جيرانه:-
********************
و كان الإمام زين العابدين عليه السّلام من أبر النّاس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، و كان يعول ضعفاءهم و فقراءهم، و يعود مرضاهم، و يشيع موتاهم، و لم يترك لوناً من ألوان البر إلا أسداه إليهم، و كان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل البهيم كما روى ذلك الزّهري وليس في تاريخ الإنسانية مثل هذا اللون من المعروف والبر.
سيرته عليه السّلام مع جلسائه:-
**********************
أمّا سلوك الإمام عليه السّلام مع جلسائه يتميّز بالآداب الرّفيعة و الخلق الإسلامي العظيم، فكان يحترم، و يكرم كُلّ من جلس معه، و قد قال عليه السّلام:
ما جلس إلي أحد قط إلا عرفت له فضله و كان يوقر جلساءه، و يقابلهم بالمزيد من ألطافه، و معالي أخلاقه، و قد دخل عليه نصر بن أوس الطّائي، فرحب به الإمام، و قال له:
_ ممن أنت؟.
_ من طي...
_ حياك الله، و حياً قوماً عُزِيْتَ إليهم، نعم الحي حيك....
والتفت الطّائي إلى الإمام فقال له:
_ من أنت؟...
_ عليّ بن الحُسين...
_ أولم يقتل بالعراق مع أبيه؟...
فقابله الإمام ببسمات فياضة بالبشر قائلة:
- لو قتل يا بني لم تره...
و يقول المؤرخون: إنّه كان لا يسمح لأحد من جلسائه أن يعتدي على من أساء إليه، فقد دخل عليه أحد أعدائه، فقال له:
هل تعرف الصّلاة؟...
فانبرى أبو حازم و هو من أصحاب الإمام فأراد الوقيعة به، فزجره الإمام، و قال لهك مهلاً يا أبا حازم إن العُلماء هم الحُلماء الرّحماء، ثمّ التفت إلى الرّجل بلطف و قال له:
نعم أعرفها..
سأله الرّجل عن بعض خصوصيّات الصّلاة فأجابه الإمام عنها، فخجل الرّجل، و راح يعتذر للإمام و يقول له: ما تركت لأحد حجّة. لقد كان شأن الإمام في المعالي أخلاقه مع جلسائه وغيرهم شأن جده الرّسول الأعظم الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.
بكاؤه على أبيه الحسين عليهما السلام:_
***************************
روى الشّيخ الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:
البكاؤون خمسة:
آدم ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت مُحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلي بن الحُسين عليهم السّلام. فأمّا آدم فبكى على الجنّة حتّى صار في خديه أمثال الأودية، وأمّا يعقوب فبكى على يوسف حتّى ذهب بصره، وحتى قيل له:
تالله تفتؤا تذكر يوسف، حتّى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين. وأمّا يوسف فبكى على يعقوب حتّى تأذى به أهل السّجن فقالوا له:
أما أن تبكي الليل وتسكت بالنّهار وأمّا أن تبكي النّهار وتسكت بالليل، فصالحهم على واحدة منهما.
وأمّا فاطمة فبكت على رسول الله حتّى تأذى بها أهل المدينة، فقالوا لها:
قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج إلى مقابر الشّهداء فتبكي حتّى تنقضي حاجتها ثمّ تنصرف.
وأمّا عليّ بن الحُسين فبكى على الحُسين عليه السّلام فما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى حتّى قال له مولى له:
جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين،
قال: إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إنّي ما أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة
كرمه
:-
*************
عن الزّمخشري في ربيع الأبرار:
لما أرسل يزيدُ ين معاوية مُسلمَ بن عقبة، لقتال أهل المدينة، واستباحتها، كفل زين العابدين عليه السّلام أربعمِئة امرأة، مع أولادِهن، وحَشَمَهُنَّ، وضَمَّهُنَّ إلى عياله، وقام بِنفقتهن، وإحكامِهِن، إلى أن خرج جيش ابن عقبة من المدينة.
فأقسمت واحدة منهن أنّها ما رأت في دار أبيها وأمِّها من الرّاحة، والعيش الهَنِي، ما رأته في دار عليّ بن الحُسين عليهما السّلام.
وفي تذكرة الخواص: عن سفيان الثّوري،
قال: لمّا أراد عليّ بن الحُسين عليهما السّلام الخروج إلى الحج والعمرة، اتَّخذَتْ له أختُه سُكَينة بنت الحُسين سُفرة، أنفقَتْ عليها ألف درهم، وأرسلت بها إليه، فلمّا كان عليه السّلام بِظهر الحرَّة أمر بها، فَفُرِّقت في الفقراء والمساكين.
تصدّقه
على الفقراء:-
*********************
كان الإمام زين العابدين عليه السّلام كثير التصدُّق على فقراء المدينة، لا سِيَّما التصدُّق في السِّر.
وجاء في كتاب الحلية:
إنّ الإمام عليه السّلام كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل، فيتصدَّق به، ويقول:
إنَّ صَدَقة السِّرِّ تُطفِئُ غَضَب الرَّبِّ عَزَّ وَجلَّ.
فلما توفي الإمام عليه السّلام تَبيَّن أنه كان يُعيلُ مِئة عائلة من عوائل المدينة، وكان أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صَدقَةَ السر حتّى مات عليّ بن الحُسين عليهما السّلام.
السلام على عليّ ابن الحسين
يتبع ,,,,,,,,,,
لبيك ياحسين ياااغريب