بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين ..
** احتجاجه
على معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وغيرهم ....**
************************************************** ***
أعزاءنا في هذه الفقرة سنعرّج على محطة من المحطات المهمة في حياة المولى الإمام الحسن المجتبى
لنلقي الضوء عليها ولنعرف تفاصيلها معا ......
ذكر العلامة الطبرسي في الاحتجاج، ما نصّه:
قالوا:
لم يكن في الإسلام يوم في مشاجرة قوم اجتمعوا في محفل، أكثر ضجيجا ولا أعلى كلاما ولا أشد مبالغة في قول، من يوم اجتمع فيه عند معاوية بن أبي سفيان عمرو بن عثمان بن عفان، وعمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، والمغيرة بن أبي شعبة، وقد تواطؤا على أمر واحد.
فقال عمرو بن العاص:
لمعاوية ألا تبعث إلى الحسن بن عليّ فتحضره، فقد أحيى سنة أبيه، وخفقت النعال خلفه، امر فاطيع، وقال فصدق، وهذان يرفعان به إلى ما هو اعظم منهما، فلو بعثت إليه فقصرنا به وبأبيه، وسببناه وسببنا أباه، وصغرنا بقدره وقدر أبيه، وقعدنا لذلك حتى صدق لك فيه، فقال لهم معاوية:
اني أخاف ان يقلدكم قلايد يبقى عليكم عارها، حتى يدخلكم قبوركم، والله ما رأيته قط الا كرهت جنابه، وهبت عتابه، واني ان بعثت إليه لانصفنه منكم.
قال عمرو بن العاص:
أتخاف ان يتسامى باطله على حقنا، ومرضه على صحتنا قال: لاقال: فابعث إذا إليه. فقال عتبة: هذا رأي لاأعرفه، والله ما تستطيعون ان تلقوه بأكثر ولا أعظم مما في أنفسكم عليه، ولا يلقاكم بأعظم مما في نفسه عليكم، وانه لاهل بيت خصم جدل، فبعثوا إلى الحسن فلما أتاه الرسول قال له:
يدعوك معاوية. قال: ومن عنده؟
قال الرسول: عنده فلان وفلان، وسمى كلا منهم باسمه.
فقال الحسن
: مالهم خر عليهم السقف من فوقهم، وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون.
ثمّ قال: يا جارية ابلغيني ثيابي.
ثمّ قال: " اللهم اني ادرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم، وأستعين بك عليهم، فاكفنيهم بما شئت، وانى شئت، من حولك وقوتك، يا ارحم الراحمين ".
وقال للرسول: هذا كلام الفرج، فلما أتى معاوية رحب به، وحياه وصافحه.
فقال الحسن
: ان الذي حييت به سلامة، والمصافحة أمن.
فقال معاوية: أجل ان هؤلاء بعثوا اليك وعصوني ليقروك: ان عثمان قتل مظلوما، وان أباك قتله، فاسمع منهم، ثمّ اجبهم بمثل ما يكلمونك، فلا يمنعك مكاني من جوابهم.
فقال الحسن: فسبحان الله البيت بيتك والاذن فيه اليك ! والله لئن أجبتهم إلى ما ارادوا اني لأستحيى لك من الفحش، وان كانوا غلبوك على ما تريد، اني لاستحيى لك من الضعف، فبأيهما تقر، ومن ايهما تعتذر، واما اني لو علمت بمكانهم واجتماعهم، لجئت بعدتهم من بني هاشم مع اني مع وحدتي هم أوحش مني من جمعهم، فان الله عزوجل لوليي اليوم وفيما بعد اليوم، فمرهم فليقولوا فأسمع، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
فتكلم عمرو بن عثمان بن عفان فقال:
ما سمعت كاليوم ان بقي من بني عبد المطلب على وجه الأرض من أحد بعد قتل الخليفة عثمان بن عفان، وكان ابن اختهم، والفاضل في الإسلام منزلة، والخاص برسول الله اثره، فبئس كرامة الله حتى سفكوا دمه اعتداء، وطلبا للفتنة، وحسدا، ونفاسة، وطلب ما ليسوا باهلين لذلك، مع سوابقه ومنزلته من الله، ومن رسوله، ومن الإسلام، فياذلاه ان يكون حسن وساير بني عبد المطلب قتلة عثمان، احياء يمشون على مناكب الأرض وعثمان بدمه مضرج، مع ان لنا فيكم تسعة عشر دما بقتلى بني امية ببدر ثمّ تكلم عمرو بن العاص: فحمد الله واثنى عليه،
ثمّ قال:
اي ابن أبي تراب بعثنا اليك لنقررك ان أباك سم أبا بكر الصديق، واشترك في قتل عمر الفاروق وقتل عثمان ذي النورين مظلوما، وادعى ما ليس له حق، ووقع فيه، وذكر الفتنة، وعيره بشأنها؟
ثمّ قال: انكم يا بني عبد المطلب لم يكن الله ليطيعكم الملك فتركبون فيه مالا يحل لكم، ثمّ انت يا حسن تحدث نفسك بانك كائن امير المؤمنين وليس عندك عقل ذلك، ولا رأيه، وكيف وقد سلبته، وتركت أحمق في قريش، وذلك لسوء عمل أبيك، وانما دعوناك لنسبك وأباك ثمّ انك لا تستطيع ان تعيب علينا، ولا ان تكذبنا به، فان كنت ترى أنا كذبناك في شئ، وتقولنا عليك بالباطل، وادعينا عليك خلاف الحق فتكلم، والا فاعلم انك وأباك من شر خلق الله، فاما أبوك فقد كفانا الله قتله وتفرد به، واما أنت فانك في ايدينا نتخير فيك، والله ان لو قتلناك ماكان في قتلك اثم عند الله، ولا عيب عند الناس ثمّ تكلم عتبة بن أبي سفيان، فكان اول ما ابتدأ به ان قال:
يا حسن ان أباك كان شر قريش لقريش، أقطعه لأرحامها، وأسفكه لدمائها وانك لمن قتلة عثمان، وان في الحق ان نقتلك به، وان عليك القود في كتاب الله عزوجل، وانا قاتلوك به، واما أبوك فقد تفرد الله بقتله فكفانا امره، واما رجاؤك الخلافة فلست فيها، لا في قدحة زندك، ولا في رجحة ميزانك.
ثمّ تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط بنحو من كلام أصحابه فقال:
يا معشر بني هاشم كنتم أول من دب بعيب عثمان وجمع الناس عليه، حتى قتلتموه حرصا على الملك، وقطيعة للرحم، واستهلاك الامة، وسفك دمائها؛ حرصا على الملك، وطلبا للدنيا الخبيثة، وحبا لها، وكان عثمان خالكم، فنعم الخال كان لكم، وكان صهركم، فكان نعم الصهر لكم، قد كنتم اول من حسده وطعن عليه، ثمّ وليتم قتله، فكيف رأيتم صنع الله بكم.
ثمّ تكلم المغيرة بن شعبة:
فكان كلامه وقوله كله وقوعا في عليّ
ثمّ قال:
يا حسن ان عثمان قتل مظلوما فلن لم يكن لأبيك في دلك عذر برئ، ولا اعتذر مذنب، غير أنا يا حسن قد ظننا لأبيك في ضمه قتلة عثمان، وايوائه لهم، وذبه عنهم، انه بقتله راض، وكان والله طويل السيف واللسان، يقتل الحي ويعيب الميت، وبنو امية خير لبني هاشم من بني هاشم لبني امية، ومعاوية خير لك يا حسن منك لمعاوية، وقد كان ابوك ناصب رسول الله صلى الله عليه واله في حياته وأجلب عليه قبل موته، واراد؟؟ قتله، فعلم ذلك من أمره رسول الله صلى الله عليه واله ثمّ كره ان يبايع أبا بكر حتى اتي به قودا، ثمّ دس عليه فسقاه سما فقتله، ثمّ نازع عمر حتى هم ان يضرب رقبته، فعمد في قتله، ثمّ طعن على عثمان حتى قتله، كل هؤلاء قد شرك في دمهم فأي منزلة له من الله يا حسن:
وقد جعل الله السلطان لولي المقتول في كتابه المنزل فمعاوية ولي المقتول بغير حق، فكان من الحق لو قتلناك وأخاك، والله مادم عليّ بأخطر من دم عثمان، وما كان الله ليجمع فيكم فيكم يا بني عبد المطلب الملك والنبوة. ثمّ سكت فتكلم أبو مُحمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال:
الحمد لله الذي هُدى أولكم بأولنا، وآخركم بآخرنا، وصلى الله على جدي مُحمّد النبي وآله وسلم.
اسمعوا مني مقالتي وأعيروني فهمكم وبك ابدء يا معاوية:
انه لعمر الله يا ازرق ما شتمني غيرك وما هؤلاء شتموني، ولا سبني غيرك وما هؤلاء سبوني ولكن شتمتني، وسببتني، فحشا منك، وسوء رأي، وبغيا، وعدوانا، وحسدا علينا، وعدواة لمحمد صلى الله عليه واله، قديما وحديثا، وانه والله لو كنت أنا وهؤلاء يا أزرق مشاورين في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وحولنا المهاجرون والأنصار ما قدروا ان يتكلموا به، ولا استقبلوني بما استقبلوني به.
فاسمعوا مني أيها الملأ المجتمعون المتعاونون عليّ، ولا تكتموا حقا علمتوه، ولا تصدقوا بباطل ان نطقت به، وسأبدء بك يا معاوية ولا أقول فيك الا دون ما فيك.
أنشدكم بالله هل تعلمون ان الرجل الذي شتمتموه صلى القبلتين كلتيهما وأنت تراهما جميعا وأنت في ضلالة تعبد اللات والعزى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت يا معاوية بالاولى كافر، وبالاخرى ناكث.
ثمّ قال:
انشدكم بالله هل تعلمون ان ما أقول حقا، انه لقيكم مع رسول الله صلى الله عليه واله يوم بدر ومعه راية النبي صلى الله عليه واله والمؤمنين، ومعك يا معاوية راية المشركين وانت تعبد اللات والعزى، وترى حرب رسول الله صلى الله عليه واله فرضا واجبا، ولقيكم يوم احد ومعه راية النبي، ومعك يا معاوية راية المشركين، ولقيكم يوم الأحزاب ومعه راية رسول الله صلى الله عليه واله، ومعك يا معاوية راية المشركين، كل ذلك يفلج الله حجته، ويحق دعوته، ويصدق احدوثته، وينصر رايته، وكل ذلك رسول الله يرى عنه راضيا في المواطن كلها ساخطا عليك. ثمّ انشدكم بالله هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله حاصر بني قريضة وبني النظير، ثمّ بعث عمر بن الخطاب ومعه راية المهاجرين، وسعد بن معاذ ومعه راية الأنصار....
فاما سعد بن معاذ فجرح وحمل جريحا، واما عمر فرجع هاربا وهو يجبن ويجبن أصحابه ويجبنه اصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، ثمّ لا يرجع حتى يفتح الله عليه يديه "..
فتعرض لها أبو بكر وعمر، وغيرهما من المهاجرين والأنصار وعلي يومئد أرمد شديد الرمد، فدعاه رسول الله صلى الله عليه واله فتفل في عينيه فبرأ من رمده، وأعطاه الراية فمضى ولم يثن حتى فتح الله عليه بمنه وطوله، وانت يومئذ بمكة عدو لله ولرسوله.
فهل يستوي بين رجل نصح لله ولرسوله، ورجل عادى الله ورسوله ثمّ اقسم بالله ما اسلم قلبك بعد، ولكن اللسان خائف فهو يتكلم بما ليس في القلب.
انشدكم بالله أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله استخلفه على المدينة في غزاة تبوك ولا سخط ذلك ولا كراهة، وتكلم فيه المنافقون فقال: لا تخلفني يارسول الله فاني لم اتخلف عنك في غزوة قط، فقال رسول الله صلى الله عليه واله:
أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى ثمّ أخذ بيد عليّ
فقال: أيها الناس من تولاني فقد تولى الله، ومن تولى عليا فقد تولاني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع عليا فقد أطاعني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب عليا فقد احبني، ثمّ قال:
انشدكم بالله أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله قال في حجة الوداع:
أيها الناس اني قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فاحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا بما أنزل الله من الكتاب، واحبوا أهل بيتي وعترتي، ووالوا من والاهم، وانصروهم على من عاداهم، وانهما لن يزالا فيكم حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة. ثمّ دعا وهو على المنبر عليا فاجتذبه بيده فقال:
اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، اللهم من عادى عليا فلا تجعل له في الأرض مقعدا، ولا في السماء مصعدا، واجعله في اسفل درك من النار؟ وانشدكم بالله أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله قال له:
انت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه كما يذود أحدكم الغريبة من وسط ابله؟
انشدكم بالله أتعلمون انه دخل على رسول الله صلى الله عليه واله في مرضه الذي توفي فيه فبكى رسول الله صلى الله عليه واله فقال عليّ:
ما يبكيك يارسول الله؟
فقال: يبكيني اني اعلم: ان لك في قلوب رجال من امتي ضغائن، لا يبدونها لك حتى اتولى عنك؟
انشدكم بالله أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله حين حضرته الوفاة واجتمع عليه أهل بيته قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتى وعترتي، اللهم وال من ولاهم وعاد من عاداهم " وقال:
" انما مثل أهل بيتى فيكم كسفينة نوح، من دخل فيها نجى، ومن تخلف عنها غرق؟ وانشدكم بالله أتعلمون: ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله قد سلموا عليه بالولاية في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وحياته؟
انشدكم بالله أتعلمون أن عليا أول من حرم الشهوات كلها على نفسه من اصحاب رسول الله، فانزل الله عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين * وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " وكان عندهم علم المنايا، وعلم القضايا، وفصل الكتاب، ورسوخ العلم، ومنزل القرآن، وكان رهط لا نعلمهم يتممون عشرة، نبأهم الله انهم مؤمنون، وأنتم في رهط قريب من عدة اولئك لعنوا على لسان رسول الله صلى الله عليه واله، فاشهد لكم واشهد عليكم: انكم لعناء الله على لسان نبيه كلكم.
وانشدكم بالله هل تعلمون: ان رسول الله صلى الله عليه واله بعث اليك لتكتب له لبني خزيمة حين أصابهم خالد بن الوليد فانصرف إليه الرسول فقال: " هو يأكل " فأعاد الرسول اليك ثلاث مرات كل ذلك ينصرف الرسول إليه ويقول " هو يأكل " فقال رسول الله " اللهم لا تشبع بطنه " فهي والله في نهمتك، واكلك إلى يوم القيامة ثمّ قال:
انشدكم بالله هل تعلمون ان ما أقول حقا انك يا معاوية كنت تسوق بأبيك على جمل احمر يقوده أخوك هذا القاعد، وهذا: يوم الأحزاب، فلعن رسول الله القائد والراكب والسائق، فكان: أبوك الراكب، وأنت يا أزرق السائق، وأخوك هذا القاعد القائد؟
يتبع,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
لبيك ياحسين