اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
معاجزه وكراماته ()
ذكر أصحاب السير والتأريخ من العامة والخاصة في كتبهم وموسوعاتهم التأريخية الكثير من معاجز الإمام الرضا () وبراهينه وآياته الساطعة في شتى الموضوعات سواء كانت في حياته () أو بعد شهادته على مدى الدهور والعصور.
ونحن إذ نذكر شذرات منها على سبيل المثال لا الحصر للدلالة على ما يتمتع به () من القداسة، والقرب، والكرامة عند الله سبحانه وتعالى.
1 - في ظهور آياته في الاستسقاء:
عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي النقي ()، قال: إن الرضا () لما جعله المأمون ولي عهده، جعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا () يقولون: انظروا إلى الذي جاءنا من علي بن موسى الرضا ولي عهدنا، فحبس الله عز وجل علينا المطر.
واتصل ذلك بالمأمون فاشتد عليه، فقال للرضا (): لو دعوت الله عز وجل أن يمطر للناس.
فقال: نعم.
ومتى تفعل ذلك ؟ وكان ذلك يوم الجمعة، فقال: يوم الاثنين، فإن رسول الله () أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين () وقال: يا بني، انتظر يوم الاثنين، وابرز إلى الصحراء واستسق، فإن الله عز وجل يسقيهم، وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون كي يزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عز وجل.
فلما كان يوم الاثنين عمد إلى الصحراء، وخرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهم يا رب، إنك عظمت حقنا أهل البيت، وتوسلوا بنا كما أمرت، وأملوا فضلك ورحمتك، وتوقعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رائث ولا ضائر.
وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى مستقرهم ومنازلهم.
قال: فوالذي بعث محمدا () بالحق نبيا، لقد هبت الرياح والغيوم، وأرعدت وأبرقت، وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر.
فقال الرضا (): على رسلكم أيها الناس، فليس هذا الغيم لكم، إنما هي لبلد كذا، فمضت السحابة وعبرت.
فجاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق، فتحرك الناس، فقال: على رسلكم، فما هذه لكم إنما هي لبلد كذا.
فمضت، فما زال كذلك حتى جاءت عشر سحائب وعبرت، وهو يقول: إنما هي لكذا.
ثم أقبلت سحابة جارية، فقال: أيها الناس، هذه بعثها الله لكم، فاشكروا الله على فضله عليكم، وقوموا إلى منازلكم ومقاركم، فإنها مسامتة لرؤوسكم، ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقاركم، ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله وجلاله.
ونزل عن المنبر وانصرف الناس، فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم، ثم جاءت بوابل مطر، فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات، وجعل الناس يقولون: هنيئا لولد رسول الله () كنز آيات الله .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
2-في علمه () بالمنايا والبلايا:
1 - من ذلك ما أورده الحاكم ورواه بإسناده، عن سعد بن سعد، عن الرضا ()، أنه نظر إلى رجل، فقال له: يا عبد الله، أوص بما تريد، واستعد لما لا بد منه، فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيام .
2 - وعن يحيى بن محمد بن جعفر، قال: مرض أبي مرضا شديدا، فأتاه الرضا () يعوده، وعمي إسحاق جالس يبكي، فالتفت إلي وقال: ما يبكي عمك ؟ قلت: يخاف عليه ما ترى.
قال: فقال لي: لا تغتمن، فإن إسحاق سيموت قبله.
قال: فبرئ أبي محمد، ومات إسحاق .
3 - وعن الحسين بن بشار، قال: قال لي الرضا (): إن عبد الله يقتل محمدا، فقلت: عبد الله بن هارون يقتل محمد بن هارون! فقال لي: نعم، عبد الله الذي بخراسان يقتل محمد بن زبيدة الذي هو ببغداد، فقتله .
4 - وبإسناده عن موسى بن مهران، قال: رأيت الرضا () وقد نظر إلى هرثمة بالمدينة، فقال: كأني به وقد حمل إلى مرو، فضرب عنقه، فكان كما قال .
5 - وعن جعفر بن محمد النوفلي، قال: أتيت الرضا () وهو بقنطرة أربق، فسلمت عليه، ثم جلست وقلت: جعلت فداك، إن أناسا يزعمون أن أباك حي، فقال: كذبوا لعنهم الله، لو كان حيا ما قسم ميراثه، ولا نكح نساؤه، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب ().
قال: فقلت له: فما تأمرني ؟ قال: عليك بابني محمد من بعدي، وأما أنا فإني ذاهب في وجه لا أرجع منه، بورك قبر بطوس، وقبران ببغداد.
قلت: جعلت فداك، وقد عرفنا واحدا، فما الثاني ؟ قال: ستعرفونه.
ثم قال: قبري وقبر هارون هكذا، وضم بإصبعيه .
6 - وعن حمزة بن جعفر الأرجاني، قال: خرج هارون من المسجد الحرام مرتين، وخرج الرضا () مرتين، ويقول: ما أبعد الدار، وأقرب اللقاء يا طوس يا طوس يا طوس! ستجمعني وإياه .
7 - وعن الحسن بن علي الوشاء، قال: قال لي الرضا (): إني حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي، وأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت: إني لا أرجع إلى عيالي أبدا .
8 - وعن الحسن الوشاء أيضا، عن مسافر، قال: كنت مع الرضا () بمنى، فمر به يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك، فغطى وجهه من الغبار، فقال الرضا (): مساكين هؤلاء، لا يدرون ما يحل في هذه السنة! ثم قال: وأعجب من هذا هارون وأنا كهاتين - وضم بين إصبعيه -.
قال مسافر: فما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه .
9 - وعن علي بن إبراهيم، عن ياسر، قال: لما عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى بغداد، خرج وخرج معه الفضل بن سهل ذو الرئاستين، وخرجنا مع أبي الحسن الرضا ()، فورد على الفضل بن سهل كتاب من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل: إني نظرت في تحويل السنة فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار، وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا الحمام في هذا اليوم، وتحتجم فيه، وتصب على بدنك الدم ليزول عنك نحسه.
فكتب ذو الرئاستين إلى المأمون بذلك، فسأله أن يسأل أبا الحسن () ذلك، فكتب المأمون إلى أبي الحسن () يسأله فيه، فأجابه أبو الحسن: لست بداخل الحمام غدا، فأعاد عليه الرقعة مرتين، فكتب إليه أبو الحسن (): لست داخلا الحمام غدا، فإني رأيت رسول الله () في هذه الليلة، فقال لي: يا علي، لا تدخل الحمام غدا، فلا أرى لك - يا أمير المؤمنين - ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا.
فكتب إليه المأمون: صدقت - يا أبا الحسن - وصدق رسول الله ()، لست بداخل الحمام غدا، والفضل أعلم.
قال: فقال ياسر: فلما أمسينا وغابت الشمس، قال لنا الرضا (): قولوا: نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة.
فلم نزل نقول ذلك، فلما صلى الرضا () الصبح قال لي: إصعد السطح، استمع هل تجد شيئا ؟ فلما صعدت سمعت الضجة، وكثرت وزادت، فلم نشعر بشئ فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان من داره إلى دار أبي الحسن () وهو يقول: يا سيدي، يا أبا الحسن، آجرك الله في الفضل، فإنه دخل الحمام ودخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه، وأخذ ممن دخل عليه ثلاثة نفر، أحدهم ابن خاله الفضل بن ذي القلمين.
قال: واجتمع الجند والقواد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون، فقالوا: هو اغتاله، وشغبوا عليه وطلبوا بدمه، وجاؤوا بالنيران ليحرقوا الباب، فقال المأمون لأبي الحسن (): يا سيدي، نرى أن تخرج إليهم وترفق بهم حتى يتفرقوا.
قال: نعم، وركب أبو الحسن () وقال لي: يا ياسر اركب، فركبت، فلما خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس، وقد ازدحموا عليه، فقال لهم بيده: تفرقوا.
قال ياسر: فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض، وما أشار إلى أحد إلا ركض ومضى لوجهه .
10 - وعن معلى بن محمد، عن مسافر، قال: لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمد بن جعفر، قال لي أبو الحسن الرضا (): إذهب إليه وقل له: لا تخرج غدا، فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك، فإن قال لك: من أين علمت هذا ؟ فقل: رأيت في النوم.
قال: فأتيته فقلت له: جعلت فداك، لا تخرج غدا، فإنك إن خرجت هزمت وقتل أصحابك.
فقال لي: من أين علمت ؟ قلت: في النوم.
قال: نام العبد ولم يغسل استه.
ثم خرج فانهزم وقتل أصحابه .
11 - وعن محمد بن الوليد، عن أبي محمد الكوفي، قال: دخلت على أبي الحسن الرضا () قال: فأقبل يحدثني ويسألني، إذ قال: يا أبا محمد، ما ابتلى الله عبدا مؤمنا ببلية فصبر عليها إلا كان له مثل أجر ألف شهيد.
قال: ولم يكن ذلك في ذكر شئ من العلل، فأنكرت ذلك من قوله، أن حدثني بالوجع في غير موضعه.
قال: فسلمت عليه وودعته، ثم خرجت من عنده، فلحقت أصحابي، وقد رحلوا، فاشتكيت رجلي من ليلتي.
قال: فقلت: هذا لما تعبت، فلما كان من الغد تورمت.
قال: ثم أصبحت وقد اشتد الورم، وضرب علي في الليل، فذكرت قوله، فلما وصلت إلى المدينة جرى منه القيح، وصار جرحا عظيما، لا أنام ولا أقيم، فعلمت أنه حدثني لهذا المعنى، فبقي بضعة عشر شهرا صاحب فراش، ثم أفاق، ثم نكس منها فمات .
12 - وعن محمد بن محمد بن مسعود الربعي السمرقندي، قال: حدثني عبد الله بن الحسن، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: وجه إلي أبو الحسن علي بن موسى الرضا () ونحن بخراسان ذات يوم بعد صلاة العصر، فلما دخلت إليه قال لي: يا حسن، توفي علي بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم، وأدخل قبره في هذه الساعة، فأتاه ملكا القبر، فقالا له: من ربك ؟ فقال: الله ربي.
قالا: فمن نبيك ؟ قال: محمد.
قالا: فما دينك ؟ قال: الإسلام.
قالا: فما كتابك ؟ قال: القرآن.
قالا: فمن وليك ؟ قال: علي.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم الحسن.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم الحسين.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم علي بن الحسين.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم محمد بن علي.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم جعفر بن محمد.
قالا: ثم من ؟ قال: ثم موسى بن جعفر.
قالا: ثم من ؟ فتلجلج لسانه، فأعادا عليه، فسكت.
قالا له: أفموسى بن جعفر أمرك بهذا ؟ ثم ضرباه بمرزبة ، فألقياه على قبره، فهو يلهب إلى يوم القيامة.
قال الحسن بن علي: فلما خرجت كتبت اليوم ومنزلته في الشهر، فما مضت الأيام حتى وردت علينا كتب الكوفيين بأن علي بن أبي حمزة توفي في ذلك اليوم، وأدخل قبره في الساعة التي قال أبو الحسن ()
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
3- في علمه بحديث النفس:
1 - عن الحسن بن علي بن فضال، قال: قال عبد الله بن المغيرة: كنت واقفيا، فحججت على تلك الحالة، فلما صرت بمكة اختلج في صدري شئ، فتعلقت بالملتزم، ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي، فأرشدني إلى خير الأديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا ()، فأتيت المدينة، فوقفت ببابه، وقلت للغلام: قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب.
فسمعت النداء: أدخل يا عبد الله بن المغيرة.
فدخلت، فلما نظر إلي قال لي: قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينه.
فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه .
2 - وعن أبان، عن معمر بن خلاد، قال: قال لي الريان بن الصلت: أردت أن تستأذن لي على أبي الحسن الرضا () فأسلم عليه، وأحب أن يكسوني من ثيابه، وأن يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه.
فدخلت على الرضا () فقال مبتدئا: إن الريان بن الصلت يريد الدخول علينا، والكسوة من ثيابنا، والعطية من دراهمنا، فأذن له، فدخل وسلم، فأعطاه ثوبين وثلاثين من الدراهم التي ضربت باسمه .
3 - وعن علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني الريان بن الصلت، قال: لما أردت الخروج إلى العراق، عزمت على توديع الرضا () وقلت في نفسي: إذا ودعته سألته قميصا من ثياب جسده الشريف، لأكفن فيه، ودراهم من ماله الحلال الطيب، لأصوغ لبناتي منه خواتيم.
فلما ودعته شغلني البكاء والأسى على مفارقته عن مسألته، فلما خرجت من بين يديه صاح بي: يا ريان، ارجع.
فرجعت، فقال لي: أما تحب أن أدفع إليك قميصا من ثياب جسدي تكفن فيه إذا فني أجلك، أو ما تحب أن أدفع إليك دراهم تصوغ منها لبناتك خواتيم ؟ فقلت: يا سيدي، قد كان في نفسي أن أسألك ذلك، فمنعني الغم لفراقك.
فرفع () الوسادة، وأخرج قميصا، فدفعه إلي، ورفع جانب المصلى فأخرج دراهم، فدفعها إلي، وكانت ثلاثين درهما .
4 - وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: كنت شاكا في أبي الحسن الرضا ()، وكتبت إليه كتابا أسأله فيه الإذن عليه، وقد أضمرت في نفسي أن أسأله إذا دخلت عليه عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها.
قال: فأتاني جواب ما كتبت به إليه: عافانا الله وإياك، أما ما طلبت من الإذن علي فإن الدخول علي صعب، وهؤلاء قد ضيقوا علي في ذلك الوقت، فلست تقدر عليه الآن، وسيكون إن شاء الله.
وكتب () بجواب ما أردت أن أسأله من الآيات الثلاث في الكتاب، ولا والله ما ذكرت له منهن شيئا، ولقد بقيت متعجبا بما ذكر هو في الكتاب، ولم أدر أنه جوابي إلا بعد ذلك، فوقفت على معنى ما كتب به .
5 - وعن ابن أبي كثير، قال: لما توفي أبو الحسن موسى () وقفت فحججت تلك السنة، فإذا أنا بعلي بن موسى الرضا ()، فأضمرت في نفسي أمرا فقلت: * (أبشرا منا واحدا نتبعه) * فمر كالبرق الخاطف علي فقال: أنا البشر الذي يجب عليك أن تتبعني.
فقلت: يا مولاي معذرة إلى الله تعالى وإليك.
فقال: مغفور لك إن شاء الله تعالى .
6 - وروى مالك بن نوبخت، عن جده أبي محمد الغفاري، قال: لزمني دين ثقيل، فقلت: ما لقضاء ديني غير سيدي ومولاي أبي الحسن الرضا ().
فلما أصبحت أتيت منزله، واستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فقال لي ابتداء: يا أبا محمد، قد عرفنا حاجتك، وعلينا قضاء دينك.
فلما أمسينا أتى بطعام الإفطار، فأكلنا.
فقال: يا أبا محمد، تبيت أو تنصرف ؟ فقلت: يا سيدي، إن قضيت حاجتي فالانصراف أحب إلي.
قال: فتناول () من تحت البساط قبضة ودفعها إلي، فخرجت ودنوت من السراج، فإذا هي دنانير حمر وصفر، فأول دينار وقع في يدي رأيت نقشه كان عليه: يا أبا محمد، الدنانير خمسون، ستة وعشرون منها لقضاء دينك، وأربعة وعشرون لنفقة بيتك.
فلما أصبحت فتشت الدنانير، فلم أجد ذلك الدينار، وإذا هي لم تنقص شيئا .
7 - عن محمد بن عيسى اليقطيني، قال: سمعت هشاما العباسي يقول: دخلت على أبي الحسن الرضا () يوما، أريد أن أسأله يعوذني من صداع أصابني، وأن يهب لي ثوبين من ثيابه أحرم فيهما.
فلما دخلت سألته عن مسائل فأجابني، ونسيت حوائجي، فلما قمت لأخرج، وأردت أن أودعه، قال لي: إجلس.
فجلست بين يديه، فوضع يده على رأسي وعوذني، ثم دعا بثوبين سعيديين على عمل الوشي الذي كنت أطلبه، فدفعهما إلي .
8 - عن أبي حبيب النباجي، قال: رأيت رسول الله () في المنام وقد وافى النباج، ونزل في المسجد الذي ينزل فيه الحجاج في كل سنة، وكأني مضيت إليه وسلمت عليه، ووقفت بين يديه، فوجدت عنده طبقا من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحاني، وكأنه قبض قبضة من ذلك التمر، فناولني، فعددته فكان ثماني عشرة، فتأولت أني أعيش بعدد كل تمرة سنة.
فلما كان بعد عشرين يوما، كنت في أرض تعمر بين يدي للزراعة، إذا جاءني من أخبر بقدوم أبي الحسن الرضا () من المدينة، ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه، فمضيت نحوه، فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي ()، وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق من خوص فيه تمر صيحاني، فسلمت عليه، فرد علي السلام، واستدعاني، فناولني قبضة من
ذلك التمر، فعددته فإذا عدده مثل ذلك العدد الذي ناولني رسول الله () فقلت له: زدني منه يا بن رسول الله، فقال: لو زادك رسول الله () لزدناك .
9 - وعن أحمد بن عبيد الله، عن الغفاري، قال: كان لرجل من آل أبي رافع - مولى رسول الله () - يقال له: فلان، علي حق فتقاضاني، وألح علي، فلما رأيت ذلك، صليت الصبح في مسجد رسول الله ()، ثم توجهت نحو الرضا () - وهو يومئذ بالعريض - فلما قربت من بابه، إذا هو قد طلع على حمار، وعليه قميص ورداء، فلما نظرت إليه استحييت منه، فلما لحقني وقف ونظر إلي، فسلمت عليه - وكان شهر رمضان - فقلت: جعلت فداك، إن لمولاك فلان علي حقا، وقد والله شهرني، وأنا أظن في نفسي أنه يأمره بالكف عني، ووالله ما قلت له كم له علي، ولا سميت له شيئا، فأمرني بالجلوس إلى رجوعه.
فلم أزل حتى صليت المغرب وأنا صائم، فضاق صدري، وأردت أن أنصرف، فإذا هو قد طلع علي وحوله الناس، وقد قعد له السؤال، وهو يتصدق عليهم، فمضى فدخل بينه ثم خرج، ودعاني فقمت إليه، ودخلت معه، فجلس وجلست معه، فجعلت أحدثه عن ابن المسيب - وكان كثيرا ما أحدثه عنه - فلما فرغت قال: ما أظنك أفطرت بعد ؟ قلت: لا، فدعا لي بطعام فوضع بين يدي، وأمر الغلام أن يأكل معي، فأصبت والغلام من الطعام، فلما فرغنا قال: ارفع الوسادة وخذ ما تحتها، فرفعتها فإذا دنانير، فأخذتها ووضعتها في كمي.
وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوا بي منزلي، فقلت: جعلت فداك، إن طائف ابن المسيب يقعد، وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك، فقال لي: أصبت، أصاب الله بك الرشاد.
وأمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم.
فلما قربت من منزلي وأنست رددتهم، وصرت إلى منزلي، ودعوت السراج، ونظرت إلى الدنانير، فإذا هي ثمانية وأربعون دينارا، وكان حق الرجل علي ثمانية وعشرين دينارا، وكان فيها دينار يلوح، فأعجبني حسنه، فأخذته وقربته من السراج، فإذا عليه نقش واضح: حق الرجل ثمانية وعشرون دينارا، وما بقي فهو لك، لا والله ما كنت عرفت ما له علي في التحديد.
وعظم الله أجرك يا مولاي يا صاحب الزمان في مصابي ضامن الجنان
وعظم الله أجوركم في مصاب علي ابن موسى الرضا