اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مسند الإمام الرضا (ع) - الشيخ عزيز الله عطاردي - ج 1 - ص من حياة الإمام الرضا 181 - من حياة الإمام الرضا 187
حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن عبد السلم بن صالح الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي ( ره ) على علي بن موسى الرضا عليهما السلام بمرو ، فقال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك : قال هاتها فأنشده :
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحى مقفر العرصات
فلما بلغ إلى قوله : أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات
بكى أبو الحسن الرضا ، وقال له : صدقت يا خزاعي ، فلما بلغ إلى قوله :
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم * أكفا عن الأوتار منقبضات
جعل أبو الحسن يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات ، فلما بلغ إلى قوله :
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
قال الرضا : آمنك الله يوم الفزع الأكبر ، فلما انتهى إلى قوله :
وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا : أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك ؟ فقال : بلى يا ابن رسول الله ، فقال :
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * توقد في الأحشاء بالحرقات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات
فقال دعبل : يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟ فقال الرضا : قبري ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيمة مغفورا له ، ثم نهض الرضا بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار . فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية ، فقال له ، يقول لك مولاي إجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة وسأل ثوبا من ثياب الرضا ليتبرك ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا جبة خز مع الصرة . وقال للخادم : قل له : خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها ، فأخذ دعبل الصرة والجبة وانصرف وسار من مرو في قافلة ، فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات
فسمعه دعبل فقال له : لمن هذا البيت ؟ فقال : لرجل من خزاعة يقال له : دعبل ابن علي ، قال : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت ، فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل وكان من الشيعة ، فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل ، وقال له : أنت دعبل ؟ فقال نعم ، فقال له أنشدني القصيدة : فأنشدها فحل كتافه وكتاف جميع أهل القافلة ورد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة ، فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع ، فلما اجتمعوا صعد المنبر ، فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير واتصل بهم خبر الجبة ، فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار . فامتنع من ذلك فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم وسار عن قم ، فلما خرج من رستاق البلد ، لحق به قوم من أحداث العرب وأخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة فامتنع الأحداث من ذلك ، وعصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل : لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار ، فأبى عليهم ، فلما يئس من ردهم الجبة سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها ، فأجابوه إلى ذلك وأعطوه بعضها ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار ، وانصرف دعبل إلى وطنه . فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله ، فباع المأة الدينار التي كان الرضا وصله بها ، فباع من الشيعة كل دينار بمأة درهم ، فحصل في يده عشرة ألف درهم فذكر قول الرضا : إنك ستحتاج إلى الدنانير ، وكانت له جارية لها من قلبة محل فرمدت عنها رمدا عظيما ، فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها . فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت ، وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجوا أن تسلم ، فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما ، ثم إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما كانتا قبل ، ببركة أبي الحسن الرضا . قال الإربلي : ومنها قصة دعبل بن علي الخزاعي الشاعر ، قال دعبل : لما قلت مدارس آيات ، قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا وهو بخراسان ولي عهد المأمون في الخلافة ، فوصلت المدينة وحضرت عنده وأنشدته إياها فاستحسنها وقال لي : لا تنشدها أحدا حتى آمرك . واتصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني وسائلني عن خبري . ثم قال يا دعبل : أنشدني ( مدارس آيات خلت من تلاوة ) فقلت : ما أعرفها يا أمير المؤمنين فقال : يا غلام أحضرنا أبا الحسن علي بن موسى الرضا ، قال : فلم تكن إلاع ساعة حتى حضر ، فقال له : يا أبا الحسن سألت دعبلا عن ( مدارس آيات ) فذكر أنه لا يعرفها : فقال لي : أبو الحسن : يا دعبل أنشد أمير المؤمنين فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها وأمر لي بخمسين ألف درهم وأمر لي أبو الحسن علي بن موسى الرضا بقريب من ذلك . فقلت يا سيدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني ، فقال : نعم ، ثم دفع إلي قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة وقال لي : احفظ هذا تحرس به . ثم دفع إلي ذو الرياستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة وحملني على برذون أصفر خراساني وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس منه ، فأمر لي به ودعا بغيره جديد فلبسه ، وقال : إنما آثرتك للبس لأنه خير الممطرين قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه ، ثم كررت راجعا إلى العراق .فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا ، وكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص وضر شديد وأنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة ، ومتفكر في قول سيدي الرضا إذا مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع عليه أصحابه وهو ينشد : ( مدارس آيات خلت من تلاوة ) ويبكي . فلما رأيت ذلك منه عجبت من لص من الأكراد يتشيع ، ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت يا سيدي لمن هذه القصيدة ؟ فقال وما أنت وذاك فقلت : لي فيه سبب أخبرك به ، فقال : هي أشهر بصاحبها أن تجهل ، فقلت : من هو ؟ قال : دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا ، فقلت له : والله يا سيدي أنا دعبل وهذه قصيدتي فقال : ويلك ما تقول : قلت : الأمر أشهر من ذلك ، فأرسل إلى أهل القافلة ، فاستحضر منهم جماعة وسألهم عني . فقالوا بأسرهم : هذا دعبل بن علي الخزاعي فقال : قد أطلقت كلما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك ، ثم نادى في أصحابه : من أخذ شيئا فليرده ، فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم ورجع إلى جميع ما كان معي ثم بدرقنا إلى المأمن فحرست أنا والقافلة ببركة القميص والمنشفة .
وقال أيضا : وقد أورد الطبرسي رحمه الله قصة دعبل بن علي على زيادة عما ذكرناه فذكرتها عن أبي الصلت الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي على الرضا بمرو قال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي ألا أنشدها أحدا قبلك ، فقال الرضا هاتها يا دعبل فأنشد وهو :
تجاوبن بالأرنان والزفرات * نوائح عجم اللفظ والنطقات
يخبرن بالأنفاس عن سر أنفس * أسارى هوى ماض وآخر آت
فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت * صفوف الدجى بالفجر منهزمات
على العرصات الخاليات من المها * سلام شج صب على العرصات
فعهدي بها خضر المعاهد مألفا * من العطرات البيض والخفرات
ليالي يعدين الوصال على القلى * ويعدى تدانينا على الغبرات
وإذ هن يلحظن العيون سوافرا * ويسترن بالأيدي على الوجنات
وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة * يبيت بها قلبي على نشوات
فكم حسرات هاجها بمحسر * وقوفي يوم الجمع من عرفات
ألم تر للأيام ماجر جورها * على الناس من نقص وطول شتات
ومن دول المستهزئين ومن غدا * بهم طالبا للنور في الظلمات
فكيف ومن اني بطالب زلفة * إلى الله بعد الصوم والصلوات
سوى حب أبناء النبي ورهطه * وبغض بني الزرقاء والعبلات
وهند وما أدت سمية وابنها * أولوا الكفر في الإسلام والفجرات
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه * ومحكمه بالزور والشبهات
ولم تك إلا محنة كشفتهم * بدعوى ضلال من هن وهنات
تراث بلا قربى وملك بلا هدى * وحكم بلا شورى بغير هدات
رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة * وردت أجاجا طعم كل فرات
وما سهلت تلك المذاهب فيهم * على الناس إلا بيعة الفلتات
وما قيل أصحاب السقيفة جهرة * بدعوى تراث في الضلال ثبات
ولو قلدوا الموصى إليه زمامها * لزمت بمأمون من العثرات
أخي خاتم الرسل الصفي من القذى * ومفترس الأبطال في الغمرات
فإن جحدوا كان الغدير شهيده * وبدر وأحد شامخ الهضبات
وآي من القرآن يتلى بفضله * وإيثاره بالقوت في اللزبات
وغر خلال أدركته بسبقها * مناقب كانت فيه مؤتنقات
مناقب لم تدرك بخير ولم تنل * بشئ سوى حد القنا الذربات
نجى لجبرئيل الأمين وأنتم * عكوف على العزى معا ومنات
بكيت لرسم الدار من عرفات * وأجريت دمع العين بالعبرات
وفك عرى صبري وهاج صبابتي * رسوم ديار قد عفت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحى مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار لعبد الله بالخيف من منى * وللسيد الداعي إلى الصلوات
ديار علي والحسين وجعفر * وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبد الله والفضل صنوه * نجي رسول الله في الخلوات
وسبطي رسول الله وابني وصيه * ووارث علم الله والحسنات
منازل وحي الله ينزل بينها * على أحمد المذكور في السورات
منازل قوم يهتدي بهداهم * وتؤمن منهم زلة العثرات
منازل كانت للصلاة وللتقى * وللصوم والتطهير والحسنات
منازل يتم لا يحل بربعها * ولابن صهاك فاتك الحرمات
ديار عفاها جور كل منابذ * ولم تعف للأيام والسنوات
قفا نسأل الدار التي خف أهلها * متى عهدها بالصوم والصلوات
وأين الألى شطت بهم غربة النوى * أفانين في الأطراف مفترقات
هم أهل ميراث النبي إذ اعتزوا * وهم خيرة سادات وخير حمات
إذا لم نناج الله في صلواتنا * بأسمائهم لم يقبل الصلوات
مطاعيم في الأعسار في كل مشهد * لقد شرفوا بالفضل والبركات
وما الناس الا غاصب ومكذب * ومضطعن ذو إحنة وترات
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر * ويوم حنين أسبلوا العبرات
فكيف يحبون النبي ورهطه * هم تركوا أحشاءهم وعزات
لقد لاينوه في المقال وأضمروا * قلوبا على الأحقاد منطويات
فإن لم تكن إلا بقربي محمد * فهاشم أولى من هن وهنات
سقى الله قبرا بالمدينة غيثه * فقد حل فيه الأمن بالبركات
نبي الهدى صلى عليه مليكه * وبلغ عنا روحه التحفات
وصلى عليه الله ما ذر شارق * ولاحت نجوم الليل مبتدرات
أفاطم لو خلت الحسين مجد لا * وقد مات عطشانا بشط فرات
إذا للطمت الخد فاطم عنده * وأجريت دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي * نجوم سماوات بأرض فلات
قبور بكوفان وأخرى بطيبة * وأخرى بفخ نالها صلوات
وأخرى بأرض الجوزجان محلها * وقبر بباخمرى لدى العزبات
وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * ألحت على الأحشاء بالزفرات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الغم والكربات
علي بن موسى أرشد الله أمره * وصلى عليه أفضل الصلوات
فأما الممضات التي لست بالغا * مبالغها معني بكنه صفات
قبور ببطن النهر من جنب كربلا * معرسهم منها بشط فرات
توفوا عطاشا بالفرات فليتني * توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم * سقتني بكأس الثكل والنظعات
أخاف بأن أزر دارهم فتشوقني * مصارعهم بالجزع فالنخلات
تغشاهم ريب المنون فما ترى * لهم عقرة مغشية الحجرات
خلا أن منهم بالمدينة عصبة * مدينين أنضاء من اللزبات
قليلة زوار سوى أن زورا * من الضبع والعقبات والرخمات
لهم كل يوم تربة بمضاجع * ثوت في نواحي الأرض مفترقات
تنكبت لأواء السنين جوارهم * ولا تصطليهم جمرة الجمرات
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها * مغاوير تجارون في الأزمات
حمى لم تزره المذبنات وأوجه * تضئ لدى الأستار والظلمات
إذا وردوا خيلا بسمو من القنا * مساعير حرب أقحموا الغمرات
فإن فخروا يوما أتوا بمحمد * وجبريل والفرقان والسورات
وعدوا عليا ذا المناقب والعلى * وفاطمة الزهراء خير بنات
وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى * وجعفرا الطيار في الحجبات
أولئك لا ملقوح هند وحزبها * سمية من نوكى ومن قذرات
ستسأل تيم عنهم وعديها * وبيعتهم من أعجز العجزات
هم منعوا الاباء عن أخذ حقهم * وهم تركوا الأبناء رهن شتات
وهم عدلوها عن وصي محمد * فبيعتهم جاءت عن الغدرات
وليهم صنو النبي محمد * أبو الحسن الفراج للغمرات
ملامك في آل النبي فإنهم * أحباي ما داموا وأهل ثقات
تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم * على كل حال خيرة الخيرات
نبذت إليهم بالمودة صادقا * وسلمت نفسي طائعا لولاتي
فيا رب زدني في هواي بصيرته * وزد حبهم يا رب في حسناتي
سأبكيهم ما حج لله راكب * وما ناح قمري على الشجرات
وإني مولاهم وقال عدوهم * وإني لمحزون بطول حياتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية * لفك عتاة أو لحمل ديات
وللخيل لما قيد الموت خطوها * فأطلقتم منهن بالذربات
أحب قصي الرحم من أجل حبكم * وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبيكم مخافة كاشح * عنيد لأهل الحق غير موات
فيا عين بكيهم وجودي بعبرة * فقد آن للتسكاب والهملات
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
ألم تر أني مذ ثلاثون حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات
وكيف أداوي من جوى بي والجوى * أمية أهل الكفر واللعنات
وآل زياد في الحرير مصونة * وآل رسول الله منهتكات
سأبكيهم ما ذر في الأفق شارق * ونادى منادي الخير بالصلوات
وما طلعت شمس وحان غروبها * وبالليل أبكيهم وبالغدوات
ديار رسول الله أصبحن بلقعا * وآل زياد تسكن الحجرات
وآل رسول الله تدمى نحورهم * وآل زياد ربة الحجلات
وآل رسول الله يسبى حريمهم * وآل زياد آمنوا السربات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم * أكفا عن الأوتار منقبضات
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أوغد * تقطع نفسي إثرهم حسرات
خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي علي النعماء والنقمات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس فأبشري * فغير بعيد كل ما هو آت
ولا تجزعي من مدة الجور إنني * أرى قوتي قد آذنت بثبات
فيا رب عجل ما أومل فيهم * لأشفي نفسي من أسى المحنات
فان قرب الرحمان من تلك مدتي * وأخر من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي غصة * ورويت منهم منصلي وقناتي
فإني من الرحمان أرجو بحبهم * حياة لدى الفردوس غير تباتي
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه * إلى كل قوم دائم اللحظات
فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر * وغطوا على التحقيق بالشبهات
تقاصر نفسي دائما عن جدالهم * كفاني ما ألقى من العبرات
أحاول نقل الصم عن مستقرها * وإسماع أحجار من الصلدات
فحسبي منهم أن أبوء بغصة * تردد في صدري وفي لهواتي
فمن عارف لم ينتفع ومعاند * تميل به الأهواء للشهوات
كأنك بالأضلاع قد ضاق ذرعها * لما حملت من شدة الزفرات